يعتبر قطاع النقل العمومي كما وصفه أملال عزيز ناشط جمعوي وفاعل نقابي بالرشيدية ، قطاعا فوضويا بامتياز تتحكم فيه شراهة بعض أرباب النقل والعاملين والمستفيدين منه، ليبقى المواطن وخصوصا الطبقات الدنيا على الخصوص سلعة سمحت لجميع السلطات بأن يتم التلاعب بها وبمصالحها، ودون أي تدخل يحميها من بطش وابتزاز أصحاب النقل العمومي بتبريرات متعددة ( ضغوطات التنظيمات النقابية، والحفاظ على الأمن و مصالح العاملين بالقطاع وأرباب النقل العمومي... الخ) الى ذلك ، يتجلى ضرب حق المواطنين في نقل يضمن كرامتهم، بالسماح لوسائل مهترئة لنقلهم ، والتي تشكل خطرا دائما على حياة مستعمليها، مسجلين غياب مراقبة حقيقية للدولة والمصالح المختصة وهو ما تسبب ويتسبب في حوادث السير اليومية والتي تشكل وسائل النقل العمومية نسبة مهمة منها؛ وضعف أو غياب النظافة ووسائل الأمن بالمركبات، وللتأكد من ذلك يمكن التجول بين عدد من الحافلات وسيارات النقل العمومي للوقوف على أن بعضها أصبح مزابل عمومية وليس وسائل نقل تحترم كرامة الإنسان، ويمكن ملاحظة ومعاينة حالة المقاعد التي أصبحت وسخة بشكل فظيع وكذا أسفل تلك المقاعد وكل ما يوجد داخل المركبات من ستائر وزجاج وغيرها، ناهيك عن الروائح المزكمة. وهو نفس الوضع بالمرافق الصحية بعدد من المحطات الطرقية التي تفتقد لشروط الراحة والنظافة واحترام كرامة المسافرين، إضافة إلى ساحات المحطات والتي أصبح جلها فضاء واسعا لرمي الأوساخ والفضلات (من بقايا المأكولات ...الخ). أسعار النقل العمومي أما بخصوص أثمنه النقل العمومي فقد ارتفعت بشكل صاروخي خلال العشرية الأخيرة ، بل أصبحت المناسبات المختلفة من عطل مدرسية وفصل الصيف والأعياد مناسبة للابتزاز بامتياز،حيث تعرف فيه الأسعار ارتفاعا مهولا يضرب القدرة الشرائية للمواطنين، ويجعلهم بضاعة يتقاذفها جشع المشتغلين في هذا القطاع، واستغلال ظروف قلة الأسطول المتوجه إلى مناطق معينة ومن بينها المتوجهة من الشمال والغرب إلى بعض المناطق كالجنوب الشرقي (الرشيدية ، ورزازات وزاكورة ...الخ) لتفرض أثمنة مسار الحافلة، من الانطلاق إلى آخر نقطة الوصول، حتى ولو كان المسافر يرغب في التنقل فقط إلى نصف الطريق، في الوقت الذي يفترض فيه تخصيص حافلات ومركبات أخرى لاحترام الأثمنة المحددة والتي يجب أن تراعي ظروف المسافرين، وهو ما يعني غياب تدخلات حقيقية للدولة ، بل تتعداها إلى استفزازات وتحرشات بالمواطنين من طرف المنتسبين لقطاع النقل العمومي (الوسطاء والسائقون ومساعدوهم وأرباب النقل)، من خلال تعاملات تفتقد لأصول التعامل الحضاري والإنساني ولا تكترث لأي ظرف من ظروف المسافرين (ظروف عائلية قاهرة: وفيات أو أمراض، مباريات، العودة إلى الأهل، والظروف المادية المجحفة...) لتصبح وسائل النقل العمومي كابوسا مضجرا للأسر المغربية ذات الدخل المحدود خصوصا. المعاملة بالمحطات الطرقية إن السمة الغالبة بالمحطات الطرقية للحافلات والطاكسيات هي سياسة فرض الأمر الواقع على المسافرين، حيث أصبحت وسائل الاستقبال والخدمات المقدمة في غاية التردي والاستفزاز، وتفتقد لأدنى شروط احترام كرامة المواطنين المغاربة، حيث يستقبلك بشكل دائم صراخ الوسطاء «الكورتيا» وصراعاتهم الأبدية وألفاظهم البذيئة واستفزازاتهم المتكررة وتحويل المسافرين إلى مجرد غنائم يتنافسون على الظفر بها، دون أي اعتبار سواء لشخوص المسافرين أو لظروفهم أو لأسرهم، حيث يحاولون فرض خدمات يمكن أن تسدى مجانا أو بشكل مقنن بمقابل مبالغ فيه (حمل الأمتعة ووضعها بالحافلات) أو بالتوسط للحصول على تذكرة سفر، حيث أصبحت تلك الخدمات بصيغة رشاوى أمرا بديهيا ومفروضا في عدة أوقات ودون أن يطلبها المسافر، وبالرغم من أن تلك الخدمات تؤدى بشكل رديء جدا ومستفز. أما الأمن بعدد من المحطات الطرقية ونواحيها فيمكن أن نسمع ما لا يعد ولا يحصى من قصص الرعب والنصب والاحتيال على المسافرين وخصوصا القادمين من مناطق نائية، والذين تستغل طيبوبتهم للاستيلاء على أموالهم ومتاعهم، ويمكن زيارة واحدة من المحطات الطرقية للتأكد أنها أضحت فضاء للنصابين والمتسكعين و«المجانين» والمتسولين الذين لا هم لهم سوى إزعاج راحة المسافرين وتهديد أمنهم، بل تصبح الحافلات سواء بالمجال الحضري أو بين المدن فضاء للصوصية والنشل والجرائم والتحرشات المختلفة... دون أن تتحرك السلطات لسن قوانين ووضع آليات حازمة لحماية المسافرين وضمان أمنهم. الوجبات والمشروبات بالمحطات الطرقية تعتبر الوجبات والمشروبات المقدمة بالمطاعم والمقاهي المتواجدة ببعض المحطات الطرقية ، وبالقرب منها ذات جودة متردية ومرتفعة الثمن، باعتبار أن الزبناء مضطرون لأخذ تلك الوجبات والمشروبات خوفا من خروج الحافلات التي تقلهم والتي لا تحترم الأوقات، أو نظرا لغياب الأمن بالمحطات ونواحيها؛ كما أنه يسمح ببيع مواد غذائية وأدوية ومشروبات مختلفة دون مراقبة، وبطرق جد مزعجة من طرف باعة متجولين داخل الحافلات وفي المحطات الطرقية، مما يعرض حياة المسافرين للخطر. عواقب غياب شروط السلامة لعل كل المغاربة يتذكرون بوجل ورهبة حوادث سير مروعة ذهب ضحيتها مئات المواطنين وتم تشريد عدد كبير من الأسر وإعاقة مواطنين، لا ذنب لهم سوى أنهم أو أفراد من أسرهم اضطروا للسفر في وسائل أغلبها لا يحترم أدنى شروط السلامة والوقاية، وأظن أن غالبية المواطنين المغاربة والذين لا يجدون مفرا من ركوب حافلات مهترئة اضطروا للقبول بواقع ، ملء وتكديس الحافلات بالمسافرين بشكل جنوني بأعداد تضاعف طاقاتها الاستيعابية وتمر أمام أكثر من حاجز أمني ، بل إن بعض الحواجز قد تعرف بأمر تجاوز الطاقة الاستيعابية للحافلة ورغم ذلك «كدير عين ميكة»، ودون أن تتحرك الضمائر الحية والمواطنة، لإيقاف هذه المغامرات غير المحسوبة العواقب، حيث يصبح السائق ومساعده آلة لجمع قطع خمسة دراهم فما فوق، ولا يهتمون أيا كانت العواقب ولو كانت أرواح البشر، وتزداد حدة هذه السلوكيات القاتلة وسط الطريق والتي تصبح فضاء للسباق المحموم والجنوني بين الحافلات ومختلف سيارات النقل العمومي، سباق يغيب عنه احترام قوانين السير ليصبح قانون العاملين بالقطاع والمنتسبين إليه هو السائد، والذي يدفع ثمنه الغالي مواطنون أغلبهم بسطاء، حيث نسجل في كل السفريات تجاوزات خطيرة في الطرق، وعدم احترام للقوانين وتهورا خطيرا قد ينجو منه أصحابه أحيانا لكن نصطدم بين الفينة والأخرى بحوادث مروعة يكون تأثيرها على عدد من العائلات صادما كما هو تأثيره على اقتصادنا الوطني الهش ويتحمل المسؤولية في ذلك السائق ومساعدوه وأصحاب المركبات والمكلفون بمراقبة احترام قانون السير من شرطة ودرك، وغيرهم، إضافة إلى الجهات المسؤولة عن الطرق: من مجالس منتخبة ووزارة التجهيز والنقل المكلفين باستصلاح الطرق وتوفير شروط السلامة الطرقية.