ينعقد يومه الثلاثاء، الملتقى الوطني للوظيفة العمومية، كأحد أبرز محطات خارطة الطريق التي اعتمدتها وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، وهي تنكبّ على تنفيذ الالتزامات الواردة بالبرنامج الحكومي. فخلال العشرة أشهر الماضية، كانت هناك دينامية مكثفة بهذه الوزارة، أرست آليات، ووضعت إجراءات، واتخذت مبادرات من أجل تخليق الممارسة الإدارية، وإتاحة الإمكانيات لإشراك المواطنات والمواطنين في ورش الإصلاح. الملتقى، يهدف إلى تعميق النقاش بشأن منظومة الوظيفة العمومية بمختلف مكوناتها،وتشخيص هذه المنظومة، والتفكير في سيناريوهات الإصلاح الممكن، وبالتالي الخروج بتوصيات عملية مبتكرة بشأن إعادة هيكلة منظومة الوظيفة العمومية… لقد آن الأوان اليوم وأكثر من أي وقت مضى، لإصلاح هذه المنظومة، التي أصبحت في وضعها الراهن لاتستجيب للتحولات التي تعرفها الإدارة والتطورات، التي تمس دواليبها والرهانات، التي ترمي إلى أن تكون أكثر نجاعة، مستجيبة لروح العصر. اليوم، هناك إرادة سياسية تتمثل أساسا، في ما تضمنته الخطب الملكية تُجاه أوضاع الإدارة، والتي هي – بحق – مرجعية في نقدها، عميقة في توجهاتها. اليوم، ثمة دستور يؤكد على الحكامة الجيدة، أفرد بابا لذلك، ينص على أنه يتم تنظيم المرافق العمومية بناءً على المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات.و تخضع هذه المرافق العمومية، لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وفي تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور، وأعوان المرافق العمومية، يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون، والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة… وعلى وضع ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية. اليوم، توجد مؤسسات دستورية تم وضعها، من بينها وسيط المملكة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، ومحاربتها وتشريعات جديدة، تم إصدارها مثل قانون الحق في الحصول على المعلومات. لقد أفرزت دينامية وزارة الإصلاح الإداري بعض الخلاصات والتوصيات عشية هذا الملتقى، نذكر من بينها أن تجويد الخدمة العمومية، يتطلب إصلاح واقع الوظيفة العمومية، واتخاذ إجراءات عميقة، والتزاما سياسيا قويا من طرف الحكومة، إلى جانب انخراط مسؤول للموظفين وممثليهم،واعتماد إجراءات عميقة من أجل إعادة الاعتبار لمنظومة القيم داخل المرفق العمومي، وكذا الانخراط في منطق التدبير المبني على الأداء والنتائج، ووضع آليات جدية لمحاربة الممارسات السلبية كالتغيب غير المشروع، والتسويف أو البطء المبالغ فيه عند معالجة الملفات، والاعتراف بالممارسات الجيدة والسلوكات النموذجية وتشجيعها، ووضع آليات لمساءلة الإدارات والموظفين بشأن شكوى المرتفقين. لذلك ولغيره، تبرز أهمية هذا الملتقى، الذي يصادف انعقاده مرور ستة عقود (فبراير 1958) على صدور نظام أساسي للوظيفة العمومية، نظام عرف عدة تعديلات لم تجعله نصا يساير التطورات ويستجيب للتحديات ، ومطلب تغييره وإصلاحه شكل أولوية المطالب النقابية والسياسية، لأنه أصبح عائقا في مضامينه وتناقضاته مع سياسات وبرامج عمومية وإرادة سياسية… فلتكن محطة الملتقى تعزيزا للجهود المبذولة، لإنجاح ورش إصلاح الإدارة، وتصالحها مع المواطنات والمواطنين.