لم تنعم الضحية بفترات اللعب الطفولي كما هو حال قريناتها من صبية الدوار، إذ ولجت سوق الشغل مبكرا فلبست جلباب الخادمات و راحت تتنقل من بيت إلى آخر حتى إذا ما اشتد عودها تحولت إلى نادلة مقهى تخدم الزبناء و تتحمل سخافة بعضهم حين يشرعوا في التحرش بها دون أن تجرؤ على معاتبتهم خشية أن تفقد عملها الذي تعيل من خلاله أفراد أسرتها الصغيرة، مادام دخل والدها من رعي أغنام كبار الفلاحين لا يكفي حتى لتسديد مصاريف ضروريات العيش. تأرجحت بين العديد من المقاهي بحثا عن مدخول أفضل يساعدها على تلبية طلبات إخوتها المتزايدة باستمرار، قبل أن تسافر ذات يوم من فصل الصيف الماضي إلى مركز قريب من المدينةفي رحلة بحث عن فرصة عمل مواتية، إلا أن سوء حظها جعلها تتعب من فرط التجول بين المقاهي دون أن تظفر بها، لتقرر العودة إلى الدوار و قد دنت الشمس من مغيبها. توجهت بخطى متثاقلة من شدة التعب نحو محطة سيارات الأجرة الكبيرة لتستقل المقعد الخلفي للسيارة التي أتى عليها دور نقل المسافرين، و قد ازدادت رغبتها في الظفر بجلسة وثيرة تساعدها على نفض غبار العياء عن جسدها المنهك. شدت السيارة رحالها صوب مركز قريتها بعدما آوى جميع الركاب إلى مقاعدهم و قد لاذوا بصمت رهيب سرعان ما كسرته صيحات متعالية ملأت الفضاء الضيق جراء خلاف نشب بينها و أحد الشبان حول فتح نافذة السيارة، ما حذا بالسائق و بقية المسافرين إلى التدخل لتهدئة النفوس قبل أن تغلي الدماء في عروقها فيحدث ما لا يحمد عقباه. عادت الأمور إلى طبيعتها الأولى المتسمة بالهدوء و استمرت عجلات السيارة في قطع الكيلومترات تلو الأخرى و بال الطرف الآخر لم يتوقف عن التفكير في طريقة ينتقم بها من الفتاة التي صرخت في وجهه أمام باقي الركاب و هو الأمر الذي لم يستسغه بتاتا. الحكاية.... انتهت رحلة المشتبه فيه بوصول الطاكسي إلى المركز ، فنزل و قد استل سكينه من بين تلابيبه قبل أن يفتح الباب الخلفي ليشرع في سحب الضحية من ذراعها، ظلت تتمسك بملابس النسوة اللواتي يجلسن إلى جانبها و هن يحضنها إليهن خشية أن يصيبها أي مكروه، إلا أن قوة الفتى جعلته يسقطها أرضا إذ أصيبت بعدة جروح دون أن يلين قلبه لتوسلاتها و دموعها التي فاضت حارة على خذيها. اجتمع المارة لصرخاتها و غادر السائق و باقي الركاب الطاكسي و هم يتوسلون إليه كي يطلق سراح سراحها، بل و حاولوا تخليصها من قبضته الخشنة إلا أنه شرع يلوح في وجوههم بسكينه الحادة قبل أن يلجأ إلى رميهم بالحجارة و هو يسحبها نحو مصير مجهول. سادت موجة من الرعب بين الحاضرين الذين أخفقوا أمام بطشه في إنقاذ الضحية، ما جعل سائق السيارة يعود أدراجه لإشعار مصالح الدرك الملكي بالواقعة حيث تشكلت على الفور دورية من عناصر الضابطة القضائية، امتطت سيارة «الجيب» و أسرعت صوب المكان مسرح الجريمة إذ شنت حملة تمشيطية داخل الحقول و الغابات أملا منها في الوصول إلى الجاني قبل أن يبطش بفريسته لكن دون جدوى. و بينما الدركيون يتحركون في كل الاتجاهات بحثا عن المتهم، كان هذا الأخير قد أرغم ضحيته على السير إلى جانبه صوب قنطرة الطريق السيار دون أن تثير انتباه أحد و كأنها خليلة ألف الحب بينهما. سارت جنبه و فرائصها ترتعد من شدة الخوف تحت ظلمة حالكة قبل أن يلوح له ضوء سيارة قادمة من بعيد، استوقفها فإذا هي للنقل السري، انضم و إياها إلى جيش من الركاب تكدسوا داخلها، دون أن يكتشف أحد سر العلاقة التي تجمعهما. انطلقت السيارة من جديد بين الحقول، و كانت كلما اهتزت عجلاتها من السير فوق الحجارة المتناثرة إلا و اهتز معها قلبها من شدة الهلع حول مصيرها الذي أضحى مجهولا في ضيافة المتهم. و ما إن دنت السيارة من غابة الدوار الذي يقطنه الفتى حتى طلب من السائق التوقف و قد سحب سميرة من يدها بطريقة لم تثر شكوك الركاب، لتجد هذه الأخيرة نفسها بين مخالب ذئب بشري وسط أشجار باسقة، انزوت إلى جذع شجرة و تكومت على نفسها كأنها تتابع مشاهد قصة مرعبة حيث شرعت تتوسل إلى المتهم بكلمات تخالجها حشرجة البكاء كي لا يصيبها بأذى، إلا أن قشعريرة عذبة دبت في دواخله جعلته يدنو منها رويدا رويدا و قد سال لعابه لجسدها البض، أخذ يتحسس مفاتنها بأنامله الخشنة قبل أن يطرحها أرضا و ينال من شرفها عنوة على إيقاع دموعها التي انهمرت حارة على وجنتيها الحمراوتين. مسلسل الإعتداء قضى وطره منها و هو يتبسم ضاحكا ظنا منه أنه انتقم لكرامته التي أهينت أثناء الخلاف معها و هما على مثن سيارة الأجرة قبل أن يطلب منها مرافقته مرة أخرى نحو المركز إذ راودتها آمال كبيرة في أن يساعدها على ركوب وسيلة نقل تقلها صوب منزل عائلتها ، إلا أن آمالها تلك سرعان ما تبددت حين أشار إلى سيارة أجرة تشق طريقها نحو المركز. ركبت إلى جانبه و قد انعقد لسانها عن الكلام و الصراخ من شدة الخوف الذي لازمها و هي تتذكر تحذيرات الفتى بسوء العاقبة إن أقدمت على ذلك، ليقودها بعد رحلة قصيرة إلى غرفة يكتريها بإحدى دور المدينة الصغيرة من أجل قضاء الليلة بين أحضانه بعدما تفتحت شهيته لمضاجعة جسدها النحيف. انزوت مرة أخرى إلى الركن القصي من الغرفة و شرعت تذرف من الدموع ما عساه يلين قلب الفتى القاسي، إلا أن ذلك ما زاده إلا طغيانا و جبروتا حيث أخذ يزيل عنها ثياب العفة عنوة قبل أن يمارس عليها رجولته بمنتهى السادية. ظلت تترقب بزوغ الفجر بفارغ الصبر إذ لم يخالجها حنين إلى دفء الليل أو نعومة المنام جوار ذئب بشري عبث بجسدها دون رحمة أو شفقة، و ما إن كسا بياض النهار سماء المدينة حتى رافقها صوب محطة الطاكسيات للسفر إلى قريتها و قد بدت شبه عارية بعدما أضحت ثيابها عاجزة عن ستر جسدها جراء التمزيق الذي طالها على يد المتهم القبض على الذئب البشري ما إن أوشك الفتى على أن يغادر محطة الطاكسيات حتى أحس بأقدام جارية تتعقب خطواته، ليلتفت بحركة سريعة قبل أن يطلق ساقيه للريح، إلا أن إصرار سائقي سيارات الأجرة الذين علموا بأمر اختطافه للفتاة على إيقافه أفشل محاولته، ليتم إشعار مصالح الدرك الملكي حيث حضرت للتو فرقة من الدركيين اقتادته صوب المركز. جلس أمام المحققين و أطلق العنان للسانه يحكي عن مغامرته الطائشة دون مواراة و لا مواربة و كأنه محارب يتحدث بفخر عن انتصار حققه داخل ساحة الوغى، قبل أن يدرك المحققون من فحوى اعترافاته أن الضحية أخذت وجهتها صوب مركز قريتها، ليتم ربط الاتصال بمركز الدرك الملكي هناك قصد إيقافها بمحطة الطاكسيات من أجل الاستماع إليها. انطلق الدركيون مسرعين إذ ألفوها في ضيافة زملائهم و قد زاد من عيائها بعد ليلة سوداء، حركات سريعة ليديها اللتين أضحت تلوذ بهما لستر مفاتنها بعدما مزقت ثيابها، فضلا عن الجروح التي غطت أنحاء متفرقة من جسدها. ساقوها هي الأخرى نحو المركز فأخذت تحكي لهم عن مسلسل الاعتداء عليها منذ أن وطأت قدماها الطاكسي الذي اختطفت منه، ليتم على إيقاع كلامها إقفال محضر البحث التمهيدي و إحالة المتهم على العدالة من أجل الاختطاف مع استعمال ناقلة ذات محرك و التهديد بارتكاب جريمة و الاحتجاز و الاغتصاب و هتك العرض مع استعمال العنف.حيث أذانته المحكمة من أجل المنسوب إليه وحكمت عليه بست سنوات حبسا نافذا.