لم تكن الخمس ساعات التي قضاها عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بالقاعة رقم خمسة بمقر مجلس النواب يوم الجمعة 10/11/2017، في تفاعل إيجابي مع أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، حول مشروع الميزانية الفرعية للوزارة المكلفة بمغاربة العالم وشؤون الهجرة، لم تكن خاضعة لمنطق تقني محاسباتي، بل كانت لحظة نقاش عميق حول سياسة الهجرة واللجوء التي تعد منظومة وشأنا وطنيا استراتيجيا يواجه فيه المغرب كافة التحديات بسياسة حكيمة وممنهجة وهادفة إلى جعل المغرب أرضا لإنجاز الفعل من منظور دينامي ومنتج لرؤى بديلة ومتطورة لمفهوم الهجرة واللجوء وبأبعاد إنسانية ومتكافئة. ولأن محطة العرض التي تقدم به الوزير أمام اللجنة المذكورة، تموقعت في مختلف هذه الرؤى، فإن كافة الأعضاء من الأغلبية والمعارضة نوهوا بمستوى تدبير عبد الكريم بنعتيق وفريقه للقطاع الذي يشرف عليه، مسجلين بذلك لحظة نادرة في تاريخ مناقشة الميزانيات القطاعية. وأكد الأعضاء دعمهم لميزانية الوزارة المكلفة بمغاربة العالم وشؤون الهجرة، مطالبين بتطويرها مستقبلا كي تكون في مستوى مواجهة كافة التحديات ومطبقة لما بسطه الوزير من تعقيدات ينبغي مناقشتها مع نواب الأمة بأسلوب تشاركي ينحت معالمه الدستورية في المقترحات التي خرجت بها الخمس ساعات، ومنها اللقاءات المستمرة بين الوزير والنواب في أيام دراسية وملتقيات تهم التفكير في طرح مختلف التصورات وتدارسها والعمل على وجود مساطر لتطبيقها. يذكر أن عبد الكريم بنعتيق وفريقه في الوزارة قد مد النواب قبلا، وعن طريق إدارة اللجنة المذكورة، بمشروع الميزانية الفرعية للقطاع المعني، مما شكل استحسانا لدى النواب الذين اعتبروا هذا المنحى جديدا وهاما من أجل نقاش هادئ وعميق بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وإن تميز عرض بنعتيق بالعمق في رصد رؤية المغرب وتدبيره للهجرة واللجوء، أمام مختلف التحديات الإقليمية والجهوية والدولية، فإن انشغاله بالأرقام وسياقاتها شكل توجها صريحا نحو بند الشفافية والوضوح، سواء تعلق الأمر بالحصيلة أو الأفاق . وقال بنعتيق في تصريحه لوسائل الإعلام بعيد الساعات الخمس التي سجل فيها الوزير إلمامه بقطاعه في إطار بعده الاستراتيجي الذي يهم حكومة بأكملها، إن لميزانية قطاعه خصوصية لأنها تطور استراتيجية التفاعل مع مغاربة العالم وشؤون الهجرة واللجوء من المنظور الذي سيعطيها دفعة ودينامية، من منطلق أن لمغاربة العالم حضورا قويا في السياسة العامة كما أن لهم حضورا قويا في الاختيارات الكبرى، مؤكدا أن وزارته تسعى إلى تطوير مجموعة من الإجراءات، ومعالجة بعض التعقيدات، لكي يظل مغاربة العالم وطالبي اللجوء، فاعلين ومشاركين أساسيين في البناء والتنمية . وفي ما يخص الهجرة واللجوء، قال بنعتيق إن المغرب يترأس المنتدى الدولي للهجرة والذي سينعقد بمراكش تحت إشراف الأممالمتحدة، والذي سيكون محطة أساسية في التفاعل بين صناع القرار وبين المجتمع المدني، وسيخرج هذا المنتدى بمرجعية كونية من أجل هجرة منظمة ومنتظمة، مضيفا أن المغرب وبقيادة جلالة الملك محمد السادس ومنذ2013 له سياسة جديدة لتدبير موضوع الهجرة، والتي أصبحت اليوم نموذجية لمجموعة من الدول، وخاصة إفريقيا، هذه الأخيرة التي ترغب في تقديم وثيقة موحدة ومشتركة للمنتدى الدولي، والمغرب مطلوب منه أن يساهم في هذه الوثيقة كي يعطيها عمقها واختياراتها الكبرى. وأشار بنعتيق إلى أن هناك 32 مليون مهاجر إفريقي في العالم فيهم 16 مليون إفريقي داخل القارة الإفريقية، بمعنى أن إمكانيات إفريقيا ومؤهلاتها موجودة، ويجب أن تكون هناك سياسة افريقية، مضيفا أن المغرب طالب في 2013 بما يسمى هيئة افريقية لتدبير الهجرة، كي يكون الأفارقة قادرين على صياغة أجوبة لأسئلتهم من داخل القارة، انطلاقا من خصوصيات هذه الأخيرة. وختم بنعتيق تصريحه بالقول إن هناك رؤية في التعاطي مع مغاربة العالم كما أن هناك رؤية في التعاطي مع قضايا الهجرة واللجوء، وبالتالي فنحن اليوم نجد المناسبة، داخل لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، لنتفاعل بشكل إيجابي، وختم قائلا :»لقد استفدنا من مجموعة من المقترحات ومن التحليل داخل اللجنة واعتبرنا هذا التفاعل ايجابيا و سيعطي التكامل بين المؤسسة التشريعية وبين الحكومة».