يشرع مجلس النواب في تطبيق نظامه الداخلي الجديد وذلك على إثر قرار المحكمة الدستورية رقم 65/17 بتاريخ 30 أكتوبر 2017، والذي قضى بأن المواد المعدلة من النظام الداخلي لمجلس النواب في صياغتها المعدلة كما أقرها المجلس في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 16 أكتوبر 2017 مطابقة للدستور. ويعتبر انطلاق العمل بالنظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، والذي يستجيب نصا وروحا لدستور 2011، تتويجا للمجهود الجماعي لمختلف مكونات المجلس، وللتوافق الذي ساد بين الفرق النيابية أغلبية ومعارضة في جميع مراحل الدراسة والتصويت على هذا النظام. ومن أبرز المستجدات التي جاء بها النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، تكريس الديمقراطية التشاركية، طبقا لأحكام الدستور، عبر تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتقديم الملتمسات في مجال التشريع ومقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتقديم العرائض، فضلا عن تنصيصه على مقتضيات جديدة تروم الرفع من الأداء التشريعي، سواء من حيث جودة النصوص المصادق عليها أو من حيث النجاعة في تدبير الزمن التشريعي. وعلى مستوى مراقبة العمل الحكومي، تم تطوير منظومة مراقبة مجلس النواب للعمل الحكومي، وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة عبر تمكين أعضاء المجلس من متابعة ما تلتزم به الحكومة أمام الرأي العام، مع إمكانية تصريف هذا التتبع عبر الاختصاصات الرقابية المتمثلة في الأسئلة ولجان تقصي الحقائق والمهام الاستطلاعية. كما تم تحديد مسطرة مفصلة لتقييم السياسات العمومية طبقا للقواعد الجاري بها العمل دوليا في هذا المجال. وفي ما يخص الدبلوماسية البرلمانية، أقر النظام الداخلي لمجلس النواب قواعد تنظيمية وضوابط تهم تنظيم العمل الديبلوماسي البرلماني لمجلس النواب، كما أحدث مجموعات عمل متخصصة في قضية الوحدة الترابية للمملكة، وأخرى متخصصة في شأن القضية الفلسطينية والمجال الإفريقي وعلاقات المغرب بمختلف القارات، بالإضافة إلى مجموعة عمل تعنى بالقانون الدولي الإنساني تتوخى من بين أهدافها ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ونشر ثقافة حقوق الإنسان. وعلى صعيد آخر، كرس النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب مبدأ التناسق والتكامل بين مجلس النواب ومجلس المستشارين، وحدد طبيعة العلاقة مع المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة، وأكد على انفتاح المؤسسة التشريعية على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، كما نص على إحداث قناة برلمانية بالتعاون بين مجلسي البرلمان والحكومة، ومركز برلماني للأبحاث والدراسات. وبدخول النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب حيز التنفيذ، تدشن المؤسسة التشريعية مرحلة جديدة في تاريخها، تتبوأ فيها مكانة متميزة، في تناغم تام مع دستور 2011، وفي تكريس للخيار الديمقراطي وللإصلاحات العميقة التي انخرطت فيها المملكة تحت قيادة جلالة الملك.