»فقدان الشهية« من بين أهم المشاكل التي أصبحت اليوم تؤرق الآباء والأمهات وحتى المربيين، كما يعاني منها الأطفال خاصة ونحن مقبلون على الدخول المدرسي ما يشكل كابوسا يقلق الآباء. لقد بدأ خوف الأمهات وشكواهن حول هذه المشكلة التي يساهمن في إيجاد حل لها، فقد كثر القيل والقال عن هذه الظاهرة التي تهدد أجسام الأطفال النحيفة، وتزعج الآباء.فبعد مرور العطلة الصيفية، والتي تعتبر فرصة لاستمتاع الأطفال، أصبح هؤلاء مقبلون على بدء موسم دراسي جديد، وهذا ما يجعلهم يفقدون شهية الأكل يوما بعد يوم. تفشي هذه المشكلة بين الأطفال وأمهاتهم اللواتي يظهرن قلقهن المتزايد وشكواهن الدائمة غالبا أمام أطفالهن من أن أكلهم غير كاف، و قد يصبح البيت بجميع من فيه مشغولا بطعام الطفل وشهيته، ويحاول الجميع إقناعه بأن يأكل، ويحاولون ذلك بالترغيب حينا وبالتشديد والتهديد حينا آخر، ولكن دون جدوى. ففي كثير من الأحيان لا يعطي هذا الجهد إلا نتيجة عكسية. من خلال حديثنا مع بعض الأمهات اللواتي يقاسين مع أطفالهم مرارة أيام انعدام الشهية، فقد أخبرتنا »»حنان»« وهي أم لطفل يبلغ من العمر 6 سنوات قائلة: »لا أعرف ماذا يحصل لهذا الجيل الصاعد فبالرغم من شقاوتهم وعدم تقبلهم لنصائح الآخرين فهم أيضا يزيدون هما فوق غم، فانعدام الشهية لديهم تزداد كل يوم، حتى أضحى حديثنا المتداول في البيت، فكل واحد منا يحاول جاهدا من جهته أن يقنع طفلي بالأكل ولكن دون نتيجة، حتى أصبحت أمنيتي الوحيدة هي أن لا ينقطع طفلي عن شرب الماء. وأضافت «أم هبة» البالغة من العمر 8 سنوات: »بالكاد تأتي العطلة المدرسية حتى يرتاح بالي ويطمئن قلبي عند رؤية ابنتي تأكل، فخلال أيام دراستها تكون خائفة ومندهشة، لا أعرف لماذا؟ ولكن في ذلك الوقت تنعدم شهيتها في الأكل بشكل كبير، حتى إنني أصبحت أعاقبها ما لم تأكل شيئا خاصة وجبة الفطور باعتبارها وجبة أساسية لاستقبال يوم بكل طاقة حيوية، »فلا حول ولا قوة لهم«، فعند انعدام شهية الأكل لدى الطفل يكون هذا الأخير يشعر بالارتياح بينما نحن الآباء نشعر بالقهر، ورغم توفير كل حاجياتهم والتفنن في تحضير الأكلات والوجبات بطرق مختلفة وذات أشكال تشتهيها الأعين إلا أنهم يتغاضون عن أكلها، كما أنني جربت كل وسيلة اعتبرها طريقا يحد من انعدام الاكل عند طفلتي ولكن لم أصل لحل أنجع، حتى صرنا أنا وأبوها نخاف من أن يصيبها مرض لا قدر الله يكون من أسبابه الرئيسية النقص في الأكل وعدم إشباع الجسم بالمواد التي تساعد على بناء الجسم وجعله يتصدى لكل مرض«. وكسائر»»حنان« أو »أم هبة»،تظل كثير من الامهات تقاسين جدا في محاولة اقناع أطفالهن،بالترغيب، و»الفشوش» تارة والعتاب او التهديد تارة اخرى. ولمعالجة فقدان الشهية، فقد أكد معظم الأطباء على أن إرغام الطفل على تناول الطعام هو من بين أسباب فقدانه للشهية، وعلى الوالدين أن يدركا أن الأطفال مختلفون قد يكون لديهم قدرة مختلفة على الأكل، بعضهم يأكل كثيرا وبعضهم يأكل قليلا، لذا يجب الامتناع عن إجبار الطفل على أكل أنواع معينة، أو كميات محددة من الطعام، كما يتعين على الأم أن تراعي ميول الطفل فيما يقدم له من أصناف الطعام »ما يحب منها و ما يكره«، كما يفضل ألا يعطى للطفل شيئ يأكله بين الوجبات ، وينصح الأطباء المختصون في التغذية ايضا بعدم تناول الطفل طعامه وحيدا،ففي تحلق الجماعة على طعام واحد يكون ذلك افضل له،إذ يشجعه بطريقة غير مباشرة على الاكل. ومن المعلوم أن الطفل يحتاج إلى تغذية جيدة لمواجهة متطلبات مرحلة الطفولة، إذ يجب عليه استهلاك من 1400 إلى 1800 كلوري يوميا من الطاقة، فنمو العضلات ونمو العظام والجهاز العصبي يحتاج لغذاء، فإذا نقص هذا الغذاء أو كان غير متوازن أدى ذلك الى تأخر النمو الجسمي والمعرفي أيضا. وقد يؤثر سوء التغذية في هذه المرحلة على جوانب كثيرة من الشخصية وقد يكون من الصعب تعويضه في المراحل اللاحقة.