حملت اللهجة الإنكليزية للشخص الذي قام بقطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي في الشريط الفيديو الذي بثه تنظيم «الدولة الإسلامية»، بريطانيا على التساؤل عن الأسباب التي تدفع رعاياها إلى الانضمام إلى المقاتلين في سوريا والعراق. ترى ارين ماري سالتمان, الباحثة المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب في مؤسسة كويليام أن جيل الشباب البريطانيين «يواجه صعوبات في صنع هوية خصوصا في مجتمع يخضع للعولمة، حيث تتشابك الهويات». وأضافت أن «بعض الأشخاص يشعرون بارتياح أكبر في بيئة محددة وبالتالي هم أكثر عرضة للانجذاب إلى هذه المجموعات التي تعد بالموت كشهيد وحيث يصبح الفرد بطلا ينقذ العالم». وهناك عدة نماذج بين الشباب الذين تجذبهم هذه المجموعات المتطرفة. وقال أفضل أشرف، الخبير في الفكر الإرهابي لدى معهد «رويال يونايتد سورفيسز انستيتيوت» للأبحاث في لندن، «نجد عددا كبيرا من المجرمين واللصوص الذين أصبحوا متشددين في السجن» وأيضا ?»مسلمين تأثروا بالأحداث التي تدور في العالم». وأضاف «خلال الحرب الأهلية الأسبانية شعر كتاب شباب مثل لوري لي وارنست همنغواي وغيرهما بالاضطهاد»، مشبها هؤلاء «بالمسلمين الذين تضطهدهم الحكومات الغربية». وقال شيراز ماهر، من المركز الدولي للدراسات حول التشدد في كينغز كوليدج في لندن، إن البريطانيين الذين قرروا الانخراط في صفوف المتطرفين لديهم فكرة واحدة هي «أن يكونوا في الخطوط الأمامية لأي نزاع وليس أن يكون لديهم دور ثانوي». لكن برأي أشرف، الحقيقة تكون مختلفة تماما عندما يلتحقون بصفوف مقاتلي الدولة الإسلامية وتعهد إليهم الأدوار الثانوية «كالانتحاريين أو الحراس» مشددا على أن الدولة الإسلامية «لا تثق بهم كما أنهم لا يتكلمون العربية». وإذا تم التأكد من أن الرجل الذي قتل الصحفي الأميركي، والذي كان يتحدث بلكنة بريطانية واضحة، مواطن بريطاني فهذا خيار لا يفاجئ ارين ماري سالتمان التي قالت «إنه قرار متعمد 100 بالمئة (...) عندما نرى شخصا نشأ في ما نعتبره مجتمعا ديموقراطيا فهذا يؤثر فينا أكثر». وظهرت مخاوف التهديد الإسلامي على الأراضي البريطانية في مايو 2013 عندما قتل الجندي لي ريغبي بوحشية في وضح النهار في أحد شوارع لندن على يد بريطانيين من أصول نيجيرية اعتنقا الإسلام. ومنذ عامين توجه بين 400 و500 بريطاني إلى سوريا والعراق، وفي الآونة الأخيرة ينشر البعض «إنجازاتهم» على شبكات التواصل الاجتماعي. وحتى إذا كانت عملية التجنيد تتم أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي، تنجح المجموعات المتطرفة أيضا في جذب بريطانيين في «العالم الحقيقي». وعمدت الشرطة البريطانية هذا العام إلى توقيف عدد كبير من الأشخاص (69) يشتبه بأنهم توجهوا للقتال في سوريا وفقا لأرقام نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مقابل 24 في 2013. صراع حضارات يمتدّ تهديد الجماعات الجهادية ليشمل كامل البلاد الأوروبية، التي باتت المصدّر الرئيسي للمقاتلين إلى سوريا، بالخصوص. وتأتي تصريحات المسؤولين، شبه اليومية، لتعكس القلق الدولي من هذا الخطر القادم من الشرق. وفي أحدث تعليق، دعت وزيرة الخارجية الإيطالية فيدريكا موغيريني إلى تحرك أوروبي عربي مشترك لمواجهة تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي وصفته بأنه «يعمل على إشعال صدام الحضارات مع الإسلام الذي لا يمت له بصلة». وقالت موغيريني إنه «لا يوجد بلد في مأمن عن خطر تنظيم داعش الذي تمكن من تجنيد أتباع له في البلاد الغربية»، موضحة أن «إيطاليا حثت على وضع إطار توصيف أوروبي لما يحدث في الشرق الأوسط والذي يمس أمن أوروبا». وأضافت أن «داعش منظمة إرهابية تستخدم الدين لتحقيق مخططها الدموي» مؤكدة أن «الإسلام لا يمت بصلة لكل ما يقع باسمه لاسيما وأن العالم العربي اجتمع ضد أولئك الذين يريدون إبادة الأقليات من الإيزيديين والمسيحيين ويستهدف المسلمين أيضا» . دول أوروبية عدة قلقة من توجه مواطنين منها إلى سوريا للقتال في صفوف «الدولة الإسلامية» وأشارت إلى أن التنظيم الجهادي ثيريد العودة إلى حالة الصدام الحضاري بين الإسلام والغرب مما يدعو إلى تنامي القلق إزاء التهديدات التي لن تستثني أحدا في الغربث، مستدلة على ذلك ثبتنامي عدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق. ويبدو أن قاتل الصحفي الأميركي جيمس فولي بريطاني الجنسية. في مواجهة هذا الوضع الخطير، تعمل الدبلوماسية الإيطالية ثمع القوى الرئيسية في المنطقة من إيران وحتى تركيا مرورا بدول الخليج بهدف بلوغ منظور أوسعث، وفق وزيرة الخارجية الإيطالية التي أكّدت ثأهمية بناء توازن إقليمي جديد في الشرق الأوسط ورسم مشروع لكامل المنطقة بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة في كل مسارح الأزمات لكونها عميقة ومتصلة في ما بينهاث. وشددت موغيريني، المرشحة الرئيسية لتولي منصب الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، على أن ثالوقت قد حان لدور أوروبي قيادي .