يمتزج تاريخ منطقة (منف) الأثرية في محافظة الجيزةجنوبالقاهرة، بتراث وحضارة تمتد جدورهما إلى عهود مضت وتعكسها بنايات فريدة بأشكال هندسية عتيقة تكتنز مجموعة من النماذج الأثرية، ومنها المتحف المكشوف «ميت رهينة» الذي يوثق لتاريخ منطقة أثرية تمتد لخمسة آلاف سنة. ومتحف «ميت رهينة» اسم يحيل على بلدة ميت رهينة التي توجد بها بقايا أقدم عاصمة لمصر القديمة واكتشف فيها تمثال لرمسيس الثاني الذي يعود تاريخه ل 3200 عام، وهي بلدة عبارة عن حديقة أثرية مفتوحة تضم بالإضافة إلى المتحف، معابد فرعونية منتشرة على مساحة شاسعة تخترقها مسالك طرقية تؤدي لعدة دروب سكنية بأشكال وأحجام مختلفة. زائر المتحف، وهو يلج منطقة ميت رهينة الأثرية، يحتار في إطلالته الأولى، بين كثرة ما يعبق به المكان من تفاصيل شاهدة على تاريخ مجيد بالمنطقة التي لا تزال تكتنز بداخلها الكثير من الأسرار والتي أثرت كثيرا في التراث الثقافي والحضاري المصري كمكون أساسي من الحضارات الإفريقية ومهد للحضارة الإنسانية. ويضم متحف «ميت رهينة» عددا من أهم القطع الأثرية القديمة منها تمثالين ضخمين للملك رمسيس الثاني وأبو الهول وتمثال آخر يصور الملك رمسيس الثاني وهو يقف مع الإله «بتاح» والإلهة «سخمت»، إضافة إلى بقايا لتماثيل للملك رمسيس الثانى، ومجموعة قطع أثرية أخرى من توابيت ووحات تذكارية تعود للعصر المتأخر بالمنطقة. بالنظر للقيمة الأثرية والتاريخية لمنطقة (منف) ، وما تعرضت له -بحسب فاعلين ومهتمين بالمجال- من إهمال ونهب وتعديات وخاصة بعد سنة 2011 ، فضلا عن المياه الجوفية التي تغرق وسطها القطع الأثرية، بادر المشرفون على قطاع الآثار المصرية إلى إعادة تأهيل المواقع الأثرية وإنقاذها من الاندثار بالمنطقة ومنها متحف «ميت رهينة». وفي هذا الصدد، أطلقت وزارة الآثار في سنة 2015 «مشروعا لتطوير موقع منف يهم تأهيل ثمانية مواقع أثرية بالمنطقة شملت متحف «ميت رهينة» ومعابد فرعونية قديمة، حيث انتهت الأشغال في أواخر شتنبر الماضي بهذا المشروع الذي أنجز بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (اليوصايد) في إطار اتفاقية شراكة وتعاون بين مصر و الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار بوزارة الآثار المصرية ، في تصريحات صحفية بمناسبة الانتهاء من مشروع تأهيل هذه المواقع الأثرية ، أن الهدف من هذا المشروع هو إعادة إحياء منطقة (منف) الأثرية وتشجيع السياحة بها عبر الارتقاء بإدارة الموقع الأثري وتحسين المرافق وإحداث مسارات للولوج ووضع لوحات إرشادية بالمواقع الأثرية. من جانبه، قال وزير الآثار المصري خالد العناني، فى بيان أصدرته الوزارة، بالمناسبة ذاتها، إن مشروع تطوير وتنمية منطقة منف الأثرية بدأ في غشت عام 2015 في إطار اتفاقية التعاون المشترك الموقعة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية تحت عنوان «الاستثمار المستدام لقطاع السياحة في مصر» بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ورصد له مبلغ 9 ملايين و200 ألف جنيه. وأضاف أن هذا المشروع هو أحد ثمار التعاون المستمر بين وزارة الآثار وهيئة المعونة الأمريكية، والمتمثل في العديد من المشاريع الناجحة في مجموعة من المواقع الأثرية المصرية الهامة في الإسكندرية والأقصر وسوهاج والبحر الأحمر، مشيرا إلى أن مصر تشجع جميع سبل التعاون والاستثمار المشترك في مجال العمل الأثري وذلك للنهوض بالمواقع الأثرية والحفاظ على تراثها الفريد. وأشار إلى أن أعمال الحفريات لا تزال مستمرة في مدينة منف التي أثرت كثيرا في التراث الثقافي المصري ولا تزال تختزن بداخلها الكثير من الأسرار والكنوز الأثرية.