حين عبر رامبو الصحراء حافيا وترك فيها قدمه .. في حياة يسكنها الألم ألم الأزهار التي كان بودلير يعانيها.. وهو يقبل فم الأفيون و يتخيل العالم قطا أسود تلمع عينيه في ليل إدجار ألان بو.. إدجار الولد الشقي الذي أحب الأسرار ورواها بلغة طفل عجوز…. العجوز الذي كان منهكا يجر هيكل الحوت الى الشاطيء في رواية همنجواي. … همنجواي الذي انتحر لأنه رفض أن يكون شيخا هزمته الحياة عاجزا عن التسكع في حانات باريس .. باريس الباردة التي كان هنري ميللر يهيم في ليل أزقتها يفتش عن قليل من الدفء بين أحضان العاهرات أو وجبة طعام ساخنة يلتهمها باستمتاع … ويستمع لمعزوفات باخ التى توقعها أصابع اناييس نينن على البيانو الفخم الذي أهداه لها زوجها في آخر عيد ميلاد .. ميلاد المسيح الذي صلب لأنه عوض أن يرد الصفعة صفعتين اختار أن يقدم خده لينال صفعة ثانية… كل ذلك حدث في زمن غير هذا الزمن الشائخ في ملاجيء اللغة حيث لا أفق أخر غير انتظار غودو.. الذي لم يأت بعد، في الفصل الأخير من مسرحية بيكيت .. المسرحية التي ما زلنا نقرأها تحت شجرة الحياة.. ونحاول أن نكتب لها نهاية تليق بعشاءأخير…