قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    شرطي يطلق النار في بن سليمان    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    المؤتمر الاستثنائي "للهيئة المغربية للمقاولات الصغرى" يجدد الثقة في رشيد الورديغي    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    تجار سوق بني مكادة يحتجون بعد حصر خسائرهم إثر الحريق الذي أتى على عشرات المحلات    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    انتخاب خالد الأجباري ضمن المكتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سُلْطَانُ بَالِيمَا وَبُوجْمِيع فِي سَبْعِ مَوْجَات
نشر في العلم يوم 23 - 09 - 2012


( 0 ) البحر :
وَلَدِي .. يَا وَلَدِي .. أُوصِيكَ إِذَا أَنْتَ وَقَفْتَ أَمَامَ الْبَحْرِ الْهَادِئِ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ انْشُرْ خَدَّيْكَ عَلَى الشَّاطِئِ ، صَلِّ صَلاَةَ الْبَحْرِ الْجِنُّ السَّاكِنُ فِيكَ يَخَافُ الْمَوْجَاتِ السَّبْعَ اشْرَبْ مِنْ هَذِي الْمَوْجَاتِ بِهَذَا الْبَحْرِ فَبَحْرُ رِبَاطِ الْفَتْحِ هُوَ الْبَحْرُ وَلاَ بَحْرٌ سَيُبَلِّلُ قَلْبَكَ إِلاَّهُ .
( 1 ) الموجة الأولى :
فِي مَلاَّحِ1 رِبَاطِ الْفَتْحِ الشَّابُّ يُجَالِسُ بَعْضَ مَجَانِينِ الْحَيِّ اللاَّتِينِيِّ2 .. عَلَيْهِمْ يَقْرَأُ مَا خَطَّتْ يُمْنَاهُ مِنَ الشِّعْرِ الْمَرْشُوشِ بِأَنْدَاءِ الْحُزْنِ الرَّائِعِ .. أَزْهَارُ الشَّرِّ3 تُعَلِّمُهُ أَنْ يَخْتَارَ طَرِيقاً غَيْرَ طَرِيقِ الطَّائِي . كَانَ الْمَلاَّحُ يَشُمُّ عَبِيرَ الْبَحْرِ الْمَرْشُوشِ بِزَخَّاتِ الْخَبَبِ الْغَاضِبِ . كَانَ أَبُو رَقْرَاقَ4 يُسَافِرُ بِالشَّابِّ إِلَى أَدْغَالٍ تَمْلأُهَا شَالَّةُ5 بِالْبَهْجَةِ .. كَانَ الْمَسْرَحُ6 يَهْتَزُّ بِهَجْهُوجِ7 الْغِيوَانِ8 ، وَكَانَتْ شُرُفَاتُ الْمَسْرَحِ تَنْقُلُ هَذِي الْهَزَّاتِ إِلَى جَوْفِ الشَّابِّ الْقَابِعِ بِالْمَلاَّحِ ، فَيَأْخُذُهُ الْحَالُ إِلَى جُزُرِ الْوَقْوَاقِ ، وَيَرْمِيهِ قَرِيباً مِنْ أَلْوَانِ الشَّرْقَاوِيِّ9 . يُزَلْزِلُهُ عَالَمُهُ الْقُزَحِيُّ . تَدَاخَلُ فِي قَلْبَيْهِ النَّغْمَةُ وَالأَلْوَانُ فَيَقْتَرِبُ الشَّابُّ مِنَ الْمَاءِ الْأَزْرَقِ .. يَدْخُلُهُ .. مَا ابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ .. آهٍ .. مَا ابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ .
( 2 ) الموجة الثانية :
......................................................................
............ رَاسِي يَا رَاسِي .. مَرَّتْ بِكَ أَهْوَالٌ فِي حَجْمِ الآهِ وَمَا زَالَ الزَّمَنُ الْقَاسِي يَحْمِلُ أَهْوَالاً سَتَهُبُّ عَلَيْكَ وَأَنْتَ بِهَذَا الْعُمْرِ الْغَمَّةِ غُصْنٌ مَقْطُوعٌ مِنْ دَالِيَةٍ لاَ يَأْتِيهِ الطَّيْرُ وَلاَ الْبَحْرُ يُصَلِّي بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ ( ... ) يَا رَاسِي هَا أَنْتَ الْيَوْمَ تَعُودُ إِلَيَّ وَقَدْ فَازَ عَلَيْكَ الزَّمَنُ الْقَاسِي .. آهٍ مَا أَقْسَاهُ
( 3 ) الموجة الرابعة :
فِي مَلاَّحِ رِبَاطِ الْفَتْحِ الشَّيْخُ يُفَتِّشُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْحَيِّ اللاَّتِينِيِّ، فَلاَ يَلْقَى شَجَراً .. لاَ يَلْقَى حَجَراً .. يَسْأَلُ عَنْ سُلْطَانٍ10 كَانَ يُزَيِّنُ قَامَتَهُ جِلْبَابٌ أَبْيَضُ كَالْحُبِّ ، وَسِلْهَامٌ أَبْيَضُ كَالْحُلْمِ السَّاكِنِ فِي قَلْبِي الْمَجْرُوحِ وَكَانَ عَلَى الرَّأْسِ الأَزْرَقِ طَرْبُوشٌ مَلَكِيٌّ .. فَإِذَا السُّلْطَانُ الْمَرْشُوشُ بِأَوْرَاقِ الْوَرْدِ الأَبْيَضِ يَخْرُجُ مِنْ فُنْدُقِ بَالِيمَا يَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَصَاهُ ، يَتَقَدَّمُ سِرْبَ شَبَابٍ يَنْشُرُ فِي الشَّارِعِ هَذَا الشَّاسِعِ كُلَّ شَوَاهِدِهِ ، يَطْلُبُ كِسْرَةَ شُغْلٍ بِقَصَائِدَ لَيْسَ بِهَا وَتِدٌ .. كُلُّ الأَوْتَادِ انْسَحَبَتْ مِنْ هَذَا الشِّعْرِ انْغَرَسَتْ فِي أَعْيُنِ نُوَّابِ الأُمَّةِ .. تَأْتِي النَّارُ تَصُبُّ الْغَضَبَ الْفَاحِشَ فِي جُمَّارِ نَخِيلٍ مَسْكُونٍ بِالْحُلْمِ الْحَارِقِ .. يَأْخُذُ هَجْهُوجَ الْغِيوَانِ السُّلْطَانُ ، يُسَوِّي الأَضْلاَعَ عَلَى النَّهَوَنْدِ11 فَتَنْتَشِرُ الثَّوْرَةُ بَيْنَ الأَشْجَارِ تَطِيرُ عَصَافِيرُ الْفَجْرِ إِلَى أَعْمَاقِ الْبَحْرِ لِتُعْلِنَ غَضْبَتَهَا قُدَّامَ الْمَبْنَى حَيْثُ يَنَامُ مَعَ الصَّيْهَدِ نُوَّابُ الشَّعْبِ الْغَاضِبِ .. وَحْدَكَ مَسْكُونٌ بِالْحُزْنِ الْقَاِرسِ يَا كَأْسِي .. وَحْدَكَ تَبْكِي .. وَحْدَكَ تَنْدُبُ حَظَّكَ ... يَا وَعْدَكَ .. يَا نَكْدَكَ .. وَحْدَكَ تَبْقَى فِي الصِّينِيَّةِ12 هَذَا اللَّيْلَ تَدُورُ وَلَيْسَ يَدُقُّ الْبَابَ الأَحْبَابُ ، فَيَا هَذَا الْمَجْذُوبُ تَقَدَّمْ هَذَا كَأْسُكَ يَشْكُو ظَمَأً قَتَّالاً ... يَأْتِي الْمَجْذُوبُ عَلَى خَدَّيْهِ جُرُوحٌ وَيَقُولُ : رِبَاطُ الْفَتْحِ رَمَتْ هَذَا الْقَلْبَ بِسَهْمِ الْغَدْرِ عَرَفْتُ شَوَارِعَهَا .. الشَّجَرُ الْبَاسِقُ مَا عَادَ يُظَلِّلُنِي .. يَجْلِدُنِي بِعِصِيٍّ كَانَتْ أَغْصَاناً تَنْتَشِرُ الطَّيْرُ بِهَا فَلِمَاذَا الْكَأْسُ يَدُورُ وَلاَ تَلْتَفُّ حَوَالَيْهِ يَدٌ بَلَّلَهَا الْحُبُّ ؟ فَيَا بُوجْمِيعُ13 السَّاكِنُ فِي جَوْفِ الدَّعْدُوعِ14 أَلاَ بِاللَّهِ عَلَيْكَ تَرَحَّمْ أَنْتَ عَلَيَّ فَبَحْرُ الْغِيوَانِ يُطَوِّقُنِي مِنْ كُلِّ جِهَاتِي السَّبْعِ أَنَا مَا اخْتَرْتُ دُخُولَ مَجَاهِلِهِ فَلِمَاذَا الْهَوْلُ رَمَانِي وَرِبَاطُ الْفَتْحِ أَمَامِي قَدَّتْ مِنْ دُبُرٍ أَذْيَالَ زَمَانِي فَانْكَسَرَتْ فِي الْمَلاَّحِ زُجَاجَةُ ذَاتِي ، يَا لَيْتَكَ تَجْمَعُ قَبْلَ رَحِيلِكَ بَعْضَ شَظَايَا الذَّاتِ تُسَوِّي مِنْهَا قَمَراً يَغْسِلُ أَحْزَانَ شَبَابٍ يَلْتَفُّ قَرِيباً مِنْ بَالِيمَا كَالأَشْجَارِ أَمَامَ بَلاَطٍ يَرْتَعُ نُوَّابُ الأُمَّةِ فِي مَرْعَاهُ .. آهٍ فِي مَرْعَاهُ .
( 4 ) الموجة الخامسة :
فِي هَذَا اللَّيْلِ رَأَيْتُ السُّلْطَانَ يُغَادِرُ بَالِيمَا ، وَرَأَيْتُ غَزَالاً يَمْشِي بِالْمِهْمَازِ15 ، رَأَيْتُ النَّخْلَ تَدَلَّى مِنْهُ عُيُونٌ فِي حَجْمِ الرُّمَّانِ ، رَأَيْتُ أَنَا بُوجْمِيعَ الْهَائِجَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرٍ كَانَ وَمَا زَالَ يُخَبِّئُ أَعْظُمَ صَاحِبِهِ بَاطْمَا16 الْمَسْكُونِ بِأَقْوَالِ الْمَلْحُونِ ، رَأَيْتُ الْبَحْرَ بِمُرَّاكُشَ يَتْرُكُ زُرْقَتَهُ فِي جَسَدِي الْمَحْرُوقِ وَيَرْحَلُ كَالْحُلْمِ إِلَى جُزُرِ الْوَقْوَاقِ. رَأَيْتُ أَنَا رَجُلاً أَعْمَى يَجْلِسُ فِي مَقْهَى السُّفَرَاءِ17 بِغَلْيُونٍ ذَهَبِيٍّ ... تَتَسَلَّقُ عَيْنَاهُ قَامَةَ بَنْكِ الْمَغْرِبِ ، يَقْطِفُ مِنْ كُلِّ حَدَائِقِهِ مَا لَذَّ وَطَابَ مِنَ التُّفَّاحِ الأَزْرَقِ . تَأْتِيهِ حَقَائِبُهُ .. تَفْتَحُ أَذْرُعَهَا لِلْفَاكِهَةِ الْمَمْنُوعَةِ .. تَقْطَعُ بَحْرَ الرُّومِ ، فَتَحْمَرُّ مَعَ الْفَجْرِ خُدُودُ الأَطْفَالِ هُنَالِكَ ، يَبْقَى الطِّفْلُ هُنَا ، فِي مَقْهَى السُّفَرَاءِ ، بِصُنْدُوقٍ خَشَبِيٍّ فِي حَجْمِ اللُّعْبَةِ ، يَبْحَثُ عَنْ قَدَمَيْ رَجُلٍ أَعْمَى .. يَتَقَدَّمُ هَذَا الطِّفْلُ الأَسْمَرُ .. يَمْشِي بَيْنَ كَرَاسِي الْمَقْهَى لاَ يَلْقَى إِلاَّ قَدَمَيَّ الْحَافِيَتَيْنِ ، فَأَبْكِي ، يَمْسَحُ دَمْعِي الطِّفْلُ . يَقُومُ الشَّيْخُ يُحَدِّقُ فِي الْمِرْآةِ يُفَتِّشُ عَنْ زَمَنٍ أَزْرَقَ كَانَ كَحُلْمٍ يَتَهَادَى بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ ، الشَّيْخُ قُبَيْلَ الصُّبْحِ يُغَادِرُ مَلاَّحَ رِبَاطِ الْفَتْحِ الْمُتَوَتِّرِ .. طَارَ مَعَ الْغِزْلاَنِ إِلَى الصَّحْرَاءِ الْعَطْشَى لاَ زَادَ بِزَوَّادَتِهِ فَإِذَا فِي الرَّمْلَةِ سَبْعُ فَرَاشَاتٍ تَسْبَحُ فِي نَهْرٍ هُوَ مِنْ أَنْهَارِ الضَّوْءِ الرَّقْرَاقِ. رَمَى فِي الأَرْضِ ثِيَاباً كَانَتْ تَحْجُبُهُ عَنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ الأَحْمَرِ ، أَلْقَى جَسَداً هَشًّا فِي النَّهْرِ الْمُتَجَمِّدِ فَابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ بِزُرْقَةِ هَذِي النَّارِ .. رَأَى .. حِينَ رَأَى اِهْتَزَّ الْمِصْبَاحُ بِدَاخِلِهِ الرَّحْبِ فَبَشَّرَهُ الْخَوْفُ ، تَفَقَّدَهُ الْبَحْرُ فَسَاخَتْ فِي الْوَاحَةِ عَيْنَاهُ آهٍ سَاخَتْ عَيْنَاهُ .
( 5 ) الموجة السادسة :
فِي هَذَ الصُّبْحِ الشَّارِدِ بَيْنَ دُرُوبِ رِبَاطِ الْفَتْحِ السُّلْطَانُ إِلَى مَقْهَاهُ يَعُودُ . يَعُودُ إِلَى شَالَّةَ بُوجْمِيعُ عَلَى فَرَسٍ شَهْبَاءَ بِأَجْنِحَةٍ بَيْضَاءَ يُفَتِّشُ عَنْ شَابٍّ كَانَ . وَعَنْ شَيْخٍ غَابَ وَ مَا آبَ . يُفَتِّشُ بُوجْمِيعُ ، يَمُرُّ بِمَجْلِسِ نُوَّابِ الشَّعْبِ الْمَسْرُوقِ ، عَصَا الشُّرْطَةِ تَتْبَعُ بُلْغَتَهُ18 الذَّهَبِيَّةَ دَرْباً دَرْباً قَلْباً قَلْباً لِتَصُبُّ الْغَضَبَ الْفَاحِشَ فِي قَدَمَيْهِ الْمُتَوَرِّمَتَيْنِ فَيَسْقُطُ فِي أَحْضَانِ الْقَمَرِ الأَحْمَرِ وَهُوَ يُسَبِّحُ لِلْمَاءِ الأَزْرَقِ فِي عَيْنَيْهِ الْمُمْطِرَتَيْنِ . تَلَقَّى جُثَّتَهُ شَيْخٌ آبَ وَمَا غَابَ ، الشَّيْخُ بِأَكْدَالِ19 غِبَاطِ20 الْفَتْحِ يَدُورُ بِجُثَّةِ بُوجْميعَ وَبُوجْمِيعُ بِدُوَّارِ الدُّومِ21 يَدُورُ بِهَذِي الصِّينِيَّةِ يَسْقِي النَّاسَ .. أَخَذْنَا الْكَاسَ ،شَرِبْنَا ...كَانَ دَماً .. نَحْنُ .. شَرِبْنَاهُ . آهٍ نَحْنُ شَرِبْنَاهُ .
( 6 ) الموجة السابعة :
................................................................
...... يَا مَوْجَةُ غَنِّي .. غَنِّي أَنْتِ عَلَى جُرْحٍ رَحْبٍ يَتَسَكَّعُ فِي جَسَدِي الْهَشِّ . وأَنْتِ ، رِبَاطَ الْفَتْحِ ، أَلاَ غَنَّيْتِ عَلَى22 بَحْرٍ نَحْنُ فَقَدْنَاهُ..آهِ فَقَدْنَاهُ .
يَا هُوْ ..
يَا هُوْ ..
الرباط: 04 / 07 / 2012
1 - من أحياء مدينة الرباط القديمة . وقريبا من السور توجد ثانوية التوحيد ، وعلى أحد حيطانها كانت تعرض عليه الكتب المستعملة للبيع خلال سنوات الستين من القرن الماضي. وأغلب هذه الكتب باللغة الفرنسية ، وهذا كان أهم نبع نهل منه الشاعر .
2 - الحي اللاتيني من أحياء باريس القديمة تجتمع فيه الجامعات الفرنسية الراقية الراقية ، فهو محج المثقفين
3 - هو ديوان الشاعر الفرنسي بودلير Les fleurs du mal زمانئذ كان الشاعر يفضل ترجمة Le mal ب» الشر « ، لكن سيفضل بعد انتقاله من الرباط إلى وجدة سنة 1973 كلمة « الألم « .
4 - النهر الذي يفصل مدينة الرباط عن مدينة سلا.
5 - موقع أثري بالرباط يرجع للقرن السادس قبل الميلاد تقع على نهر أبي رقراق
6 - مسرح محمد الخامس بالرباط
7 - الهجهوج آلة وترية و هو الآلة الرئيسية إذا أمكن القول آلة متكونة من 3 أوتار مركبة على جلد الماعز و مزينة بالأصداف أو ما يسمى في المغرب ب: الوَدَع
8 - ناس الغيوان : فرقة ناس الغيوان هي فرقة موسيقية مغربية، نشأت في ستينيات القرن الماضي بالحي المحمدي أحد أفقر أحياء الدار البيضاء وأكثرها شعبية، والذي استمد شهرته من كونه الحي الذي خرج منه أكثر المقاومين المغاربة ضد الاحتلال الفرنسي آنذاك
9 - أحمد الشرقاوي فنان تشكيلي مغربي بارز ولد بمدينة أبي الجعد يوم 2 / 10 / 1934 وتوفي بالدار البيضاء يوم 17/ 8 / 1967 كان الشاعر معجبا بفنه وبفن الجيلالي الغرباوي ، من خلال لواحاتهما أحب الفنون التشكيلية المغربية خاصة
10 - سلطان باليما : في سنوات الستين والسبعين كان هذا الشخص الذي سماه الناس بسلطان باليما معلمة من معالم شارع محمد الخامس ، يقف بمقهى باليما بلباس ملكي ، من خلاله يصطاد ضحاياه فينصب عليهم . وعلى الرغم من هذا كان رحمه الله محبوبا لهذا كان يسمح للزوار لكي يلتقطوا صورا معه
11 - النهوند مقام موسيقي
12 - الصينية : ماعون يقدم عليه الشاي بالمغرب . ولناس الغيوان أغنية مشهورة تحمل عنوان « الصينية « . وسيلاحظ القارئ أن الشاعر جعل « الكأس « مذكرا وحق الكلمة التأنيث وذلك اعتمادا على العامية المغربية
13 بو جميع هو بوجمعة أحكور غني بدعدوعه ( ألة موسيقية تراثية ) في مسرح الطيب الصديقي ثم أسس فرقة ناس الغيوان سنة 1970 وأول سهرة لهذه المجموعة كانت في السنة نفسها بمسرح محمد الخامس . ولد بوجمعة سنة 1944 م وتوفي 26 أكتوبر 1974
14 - الدعدوع : هي الآلة التي كان يعزف عليها المرحوم بوجميع
15 - استثمار لإحدى أشهر أغاني ناس الغيوان
16 - باطما : العربي باطما أحد أعمدة ناس الغيوان . ولد سنة 1949 . وتوفي يوم 7 فبراير 1997
17 - مقهى السفراء من أشهر مقاهي الرباط خلال سنوات الستين من القرن الماضي ، واجهتها تنظر إلى مبنى بنك المغرب ، وكان روادها من علية القوم : وزراء و مسؤولون كبار في الدولة .
18 - البلغة :نوع من الأحذية يكثر استعماله في المغرب
19 - أكدال : من أحياء الرباط الراقية
20 - غباط : هي الرباط بجعل الراء غينا ولهذا التحول الصوتي دلالته
21 - دوار الدوم : أفقر أحياء الرباط يوجد بحي اليوسفية
22 - غنى على : لحرف الجر دلالتان ، الأولي عربية فصيحة والثانية عامية مغربية ، فالمغربي حين يقول : « غنى على البحر « فإن معناه أن البحر هو موضوع الغناء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.