لم نعد نتذكر كم مر من الوقت،من المواسم الرياضية ومن المباريات والبطولات والكؤوس، والوداد والرجاء يخضعان لعقوبة النفي ويعيشان «المنفى» بدون عنوان، وبدون ملعب يأويهما. قدرهما معا، أن يعيشا الغربة كما قدرهما «استجداء» مكان يحتضن مبارياتهما ويفتح ذراعه لاحتضان جمهورهما. كل سنة،كل موسم،تطالعنا الأخبار عن ضرورة إخضاع المركب الرياضي محمد الخامس ، بيت الوداد والرجاء، لأشغال الإصلاح. وفي كل مرة ترتفع الفاتورة بالملايين من الدراهم، تنطلق فعلا الإصلاحات مبتلعة الملايير، يسعد الوداديون والرجاويون ويستعدون للعودة لدفء الدار، ثم ما يلبثان حتى يصطدمان بخيبة الأمل، ويبدأ الفريقان يستجديان من جديد ملعبا يحتضنهما ويفتح ذراعه لجمهورهما، وتنطلق رحلة البحث عن المدينة والملعب الذين يقبل بهما وبطلب لجوئهما..الرياضي. لست خبيرا في المعمار ولست مهندسا في البناء، ولا خبيرا ماليا، ولا ضليعا في فن زراعة العشب ولا «امعلم» في النجارة ولا متخصصا في الدراسات الاستراتيجية التحليلية الخاصة بالبنايات الكبرى والمركبات الضخمة، لكنني وكأيها الشعب البسيط، أصاب بالصداع وأنا أحاول استيعاب كيف استعصى هذا المركب الرياضي على كل الجهات وعلى كل الخبراء وعلى كل ملايير أشغال الإصلاح. لا أستوعب ولا أفهم ولا « يدخل في راسي» كيف تفشل كل المقاربات وتضيع كل الأموال والميزانيات، أمام مشروع ما أن ينطلق وسط بهرجة إعلامية حتى يعود نفس المشروع للصفر أمام صمت مريب بدون أي توضيح أو تعليل ولا تبرير. قالوا أن الحل في بناء ملعب جديد بمواصفات عالية تليق بمدينة توصف بالعاصمة الاقتصادية وتنعث بكونها أبرز قطب كروي في البلاد،فيهرول بالفعل الخبراء والمفكرون الاستراتيجيون في وضع «الماكيط» تلو «الماكيط» موزعين البشرى حول صدور قرار إنجاز الملعب الكبير لمدينة الوداد والرجاء. ويتضح بعد ذلك، أي بعد أن توضع الرسومات والماكيطات،وتنجز الدراسات والخبرات، وتنتقى المقاولات وتوضع الأغلفة المالية والميزانيات،وتقام الحفلات والندوات التقديمية وتنشر الأخبار متصدرة الصفحات الورقية والإلكترونية وشاشات التلفزة وأثير كل المحطات الإذاعية ووكلات الأنباء،أن هناك صعوبات في الإنجاز وسيتم بالتالي التفكير في وعاء عقاري آخر يستجيب لمواصفات الملعب «الحلم». إنهم يكذبون علينا، القضية فيها إن، شخصيا « كأيها الشعب البسيط» هذا ما أستنتجه أمام هذا التعثر المتواصل المستمر والمتكرر الذي يواجه إنجاز ملعب كبير للدارالبيضاء وقبله إنجاز الإصلاحات الموعودة في مركب محمد الخامس. هذا ما أعتقده على الأقل منذ أن انخرطنا بسعادة في الترويج لخبر كنا نظن أنه « صادق» خصوصا أنه ارتبط بمشروع بناء ملعب أقيم له حفل تقديم أمام أنظار جلالة الملك محمد السادس، حدث ذلك سنة 2008،حينها، بعد سنتين عن حفل توقيع الاتفاقيات وتقديم الماكيطات أمام جلال الملك،نشرنا وتحديدا سنة 2010، مقالا صحفيا جاء في مضمونه: «أكد مصدر مطلع، أن أشغال إنجاز الملعب الرياضي الكبير «سيدي مومن» بالدارالبيضاء، ستنطلق في غضون الأيام القليلة القادمة. وأوضح نفس المصدر، أن التأخر الذي عرفته انطلاقة الأشغال منذ سنة 2008، كان نتيجة انهماك مكتب دراسة عهد إليه بوضع تصور واقعي لتجاوز كل الاكراهات البيئية والطبيعية المحيطة بفضاء الملعب، وباختيار شركة للهندسة لمنحها مهمة إنجاز الأشغال… وحسب مصدرنا، فبمجرد إنهاء بعض الترتيبات الادارية التي لن يتجاوز تنفيذها أسبوعا من الأيام، ستنطلق الأشغال التي ستأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجالين البيئي والطبيعي والديمغرافي لمنطقة سيدي مومن.. وكان الإعلان عن إنجاز الملعب الرياضي الكبير لسيدي مومن، قد تم يوم الإثنين 7 يناير من سنة 2008، ورصدت له تكلفة إجمالية تقدر ب 1.8 مليار درهم، بمساهمة وزارة الشباب والرياضة ب 900 مليون درهم، وصندوق الحسن الثاني للتنمية ب 600 مليون درهم، ومجلس المدينة ب 300 مليون درهم. ويشيد على مساحة 60 هكتارا. وكان من المقرر أن تنتهي أشغال إنجاز الملعب الرياضي الكبير لسيدي مومن في سنة 2013، فهل يتسع الوقت حاليا للوفاء بنفس الموعد، أم أن الانتظار سيطول ويمتد لأكثر من التاريخ المتفق عليه؟». من 2008، و2010 تاريخ المقال أعلاه،أكيد طال الانتظار، بل ونفذ الانتظار والمشروع لم ينجز ولم ير النور.. وانتقل المشروع من سيدي مومن للهراويين، ثم لبوسكورة، قبل أن يحط الرحال مؤخرا كما قيل،في منطقة بين الدارالبيضاء وبنسليمان حيث تشير الأخبار إلى «أن إنشاء هذه (المعلمة) سيكلف أكثر من 350 مليارا سنتيم حيث سيتم بناء مدينة رياضية تضم الملعب الكبير لمدينة الدارالبيضاء والذي سيكون على مسافة 20 دقيقة تقريبا من المدينة» نفس الأخبار تقول «أن الملعب الكبير للدار البيضاء سيكون بمواصفات عصرية تستجيب لدفتر تحملات الإتحاد الدولي «فيفا»، وسيتسع ل 120 ألف متفرج». ما بين مشروع وآخر، ووسط كل الملايير التي تحيط به، نصاب بالاندهاش وب «الدوخة».. وبين هذا وذاك، يواصل الوداد والرجاء طلب اللجوء..الرياضي.