قاطعت مجموعة من الجمعيات المحلية بالقباب، إقليمخنيفرة، مهرجان هذه السنة، وأعلنت للرأي العام عدم مشاركتها فيه، وقد تم تنظيمه هذه السنة باسم جمعية محلية تفاديا لأي اصطدام مع أجواء الاحتقان والتوتر الذي تعرفه البلدة، غير أن مجموعة من مكونات المجتمع المدني وقفت للأمر بالمرصاد على اعتبار الجماعة فقيرة "ولا تتوفر على موارد مهمة تمكنها من معالجة الكم الهائل من المشاكل التي تتخبط فيها بلدة القباب، لكنها فضلت تسخير جهودها لأنشطة ثانوية كهذا المهرجان الذي هو في الأصل فكرة المسؤولين بالجماعة الذين حرصوا على توفير الدعم المادي لها (ميزانية تقدر بأزيد من 20 مليون سنتيم)، دونما إشراك أو استشارة مختلف فعاليات المجتمع المدني، "سواء التي لها تجارب سابقة في تنظيم مهرجانات أو الجمعيات النشيطة"، حسب بيان الجمعيات المقاطعة، حصلت "الاتحاد الاشتراكي" على نسخة منه. وقد نفت هذه الجمعيات أي موقف سلبي لها مع الجمعية المنظمة. وسبق للجماعة القروية بالقباب، يضيف البيان، استدعاء عدد كبير من الجمعيات لأجل المشاركة والمساهمة في المهرجان المذكور، غير أن أغلب هذه الجمعيات، من بينها الموقعة على البيان، رفضت المشاركة في ما وصفته ب "المهزلة" (وليس ما زعمه أحد أعضاء الجمعية المنظمة للمهرجان في قوله إن المهرجان من تنظيم كل جمعيات المجتمع المدني)، حيث لم يفت الجمعيات، صاحبة البيان، تكذيب هذا الادعاء بقوة، انطلاقا من وضعية القباب وساكنتها الغريقة في المشاكل والمعاناة. وإذا كانت الجماعة -التي تدعي الفقر والعجز- قادرة على بذل مجهود لتوفير دعم كبير للمهرجان، يقول نص البيان، فلماذا لم تبذل نفس المجهود لتوفير ميزانيات مشابهة للتخفيف على الأقل من معاناة السكان على مستوى المشاكل القائمة، والتي منها، على سبيل المثال لا الحصر، حالة الشارع الرئيسي، بطول حوالي 3 كيلومترات، والذي لم تتم تهيئته منذ نهاية القرن الماضي، إلى أن أضحى بحفره ومطباته أشبه بطريق جبلية، بالأحرى وصف ضيقه وانعدام أرصفة به للراجلين الذين يتشاركون الشارع مع السيارات تحت رحمة الحوادث، إلى جانب وضعية شبكتي الصرف الصحي والماء الصالح للشرب اللتين ليستا أفضل حالا بالتأكيد، فجل أنابيب الصرف الصحي الإسمنتية تفتتت بفعل التقادم، فغدت المياه تتسرب خارجها وتحت المنازل التي تقع في مستوى منخفض، ولعل هذا ما كان سببا، قبل خمس سنوات، في انجراف أحياء بأكملها وظهور شروخ مهولة في عدد كبير من المنازل، ما أجبر بعض السكان على إفراغها، باعتبارها آيلة للسقوط. أما عن قنطرة وادي دونة، فحدث ولا حرج، يضيف البيان، إذ أضحت نقطة سوداء بين القباب وخنيفرة، على بعد 8 كيلومترات من هذه الأخيرة، حيث تمت تهيئة المقطع الطرقي الرابط بينها وبين القباب، وبقيت القنطرة على حالها رغم انخفاض علوها إلى مستوى جريان الوادي ما جعلها تغمر بالمياه والأوحال والأحجار التي يجرفها هذا الوادي كلما ارتفع منسوب مياهه بفعل التساقطات المطرية، ويحدث انقطاع طرقي في وجه العربات ووسائل النقل في الاتجاهين، ما يساهم جليا في شلل وعزل المنطقة. كما لم يفت أصحاب البيان التطرق لواقع المركز الصحي بالقباب، وحالته من خلال توفره إلا على طبيب عام واحد و10 ممرضين لأزيد من 28000 نسمة، ومساحته الضيقة وتجهيزاته المثيرة للشفقة، بينما قاعة الولادة تفتقر هي الأخرى لأدني الشروط الصحية لولادة سليمة، على حد مضمون البيان. المتمردون على المهرجان لم يفتهم ضمن بيانهم الاحتجاجي التوقف أيضا عند حالة إعدادية اسيغيدن أيضا، والتي لا تزال عبارة عن بناية مهجورة غير مكتملة، منذ أزيد من 25 سنة، والتي تجمدت في المراحل الأخيرة من بنائها وبقيت على حالها تتآكلها العوامل الطبيعية، دون أن تستفيد منها الأجيال المتعاقبة من تلاميذ حي ايسيغيدن والأحياء المجاورة الذين يقطعون الكيلومترات نحو ثانوية تازيزاوت الواقعة في الطرف الآخر للبلدة. من جهة أخرى أشار موقعو البيان إلى مشكل الانقطاع المستمر والمتكرر للماء الصالح للشرب بالقباب، وتساءلوا بمرارة حول معنى استمرار هذا الوضع ببلدة كالقباب زاخرة بأزيد من 10 عيون مائية دائمة الجريان، وعدد لا متناه من المنابع في المناطق المجاورة له، ما يدل، حسب البيان، على فشل المجلس الجماعي في تدبير ملف الماء الصالح للشرب، ورفضه العنيد تفويض القطاع لشركة متخصصة، فيما لم يفت أصحاب البيان التطرق بالتالي لمشاكل أخرى، ومنها أساسا مشكل السوق الأسبوعي الذي لا يحتوي على سور أو مسالك أو إضاءة أو ماء شروب أو تشجير، ومشكل الملعب الرياضي لكرة القدم الذي يعاني من نفس ما يعاني منه السوق الأسبوعي، ومشكل تدبير النظافة وجمع الأزبال، ثم عزلة الدواوير المجاورة. وتساءل أصحاب البيان بشدة: هل من المعقول أن تترك الجماعة كل هذه الأولويات الملحة وتنكب على تنظيم مهرجان؟ كما لو يتعلق الأمر بحفل بإنجازات ومشاريع مكنت القباب من الالتحاق بركب التنمية، علما بأن الجماعة حرمت جميع الجمعيات (التي ليست لها شراكات مع إحدى الجهات في إطار مشاريع) من منحتها السنوية لتضخها في ميزانية المهرجان دون أدنى استشارة مع هذه الجمعيات التي تعتمد في أنشطتها على ما تتسلمه من منح على هزالتها، معتبرة تنظيم مهرجان بالقباب في ظل هذه الظروف المزرية "ضحكا على ذقون المواطنين وتسفيها لأحلامهم وتطلعاتهم البسيطة"، يقول البيان. ويذكر أن بلدة القباب تعيش على صفيح ساخن منذ مدة، ولم يكن غريبا في هذه الأجواء أن "تعلق" دورة يوليوز بالجماعة القروية لمرتين متتاليتين، مرة لعدم اكتمال النصاب القانوني، ومرة بسبب اقتحام مواطنين لقاعة الاجتماعات لأجل المطالبة بالماء الصالح للشرب، كما أن البلدة كانت قد خرجت، خلال ماي الماضي، في مسيرة نسائية حاشدة للاحتجاج على مظاهر الإقصاء والتهميش والخصاص وتدني الخدمات.