مع الدخول من العطلة القضائية يعود ملف سامير لصناعة التكرير بالمحمدية إلى الواجهة. ويتوقع المتتبعون لمسلسل تصفية إحدى جواهر الصناعة الوطنية أن تكون جلسة 11 شتنبر حاسمة، إذ سيتضح خلالها مدى جدية العروض التي تلقتها لجنة الإشراف على التصفية القضائية للشركة والآمال المعقودة عليها من أجل إنقاد الشركة. فخلال آحر جلسة، والتي جرت تهاية الأسبوع الأول من الشهر الحالي، قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى غاية تقديم المستثمرن المهتمين بإعادة شراء الشركة لما يفيذ إيداع ضمانات بنكية، والتي تعادل نحول في المائة من المبلغ المقترح مقابل أصول سامير التي قدرت بقيمة تناهز 25 مليار درهم. وتشتغل الهيئة المكلفة بالإضراف على العملية في سرية وتكتم تنفيذا لتوجيهات القضاء. غير أن تسريبات تشير إلى تلقيها عشرات العروض (نحو 30 على الأقل)، إلا أن غالبيتها غير ملائمة لأهداف التي حددتها المحكمة، وعلى رأسها أن يكون العرض كافيا لتسديد المديونية الضخمة للشركة، ولأن يضمن المشتري استمرار نشاط المنشأة والحفاظ على أداتها الإنتاجية وتطويرها. وفي غضون ذلك عرف قطاع تجارة النفط والمنتجات البترولية في المغرب تحولات عميقة منذ توقف سامير. فعلى مستوى المبادلات الخارجية، اختفى النفط الخام من بين الواردات بشكل نهائي، وأصبح المغرب يستورد المنتجات البترولية المصنعة. ونتيجة لذلك فقد الناتج الوطني القيمة المضافة التي كانت تنتج في قطاع صناعة التكرير، كما فقد كل الأنشطة الصناعية والخدماتية الداخلية المرتبطة بممارسة هذه الصناعة، من ممونين ومناولين. وفي نفس السياق فقدت البلاد فرص العمل المرتبطة بصناعة تكرير النفط. تشير إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط بهذا الصدد إلى انخفاض حاد للقيمة المضافة لقطاع صناعة التكرير لتصبح سلبية مند إغلاق مصفاة النفط في 2015، وذلك بعد أن كانت إيجابية وتناهز 2 مليار درهم في السنة قبل ذلك. وفي هذا السياق أصبحت واردات النفط الخام منعدمة بعد أن كانت تشكل نحو 30 إلى 35 في المائة من فاتورة المنتجات البترولية، فيما ارتفعت حصة الغازوال من هذه الفاتورة من حوالي 25 في المائة قبل إغلاق سامير إلى نحو 48 في المائة بعد إغلاقها. أما البنزين (إصانص) فارتفعت حصته من 1.5 في المائة إلى 7 في المائة. وارتفعت المنتجات البترولية الأخرى من 20 إلى 27 في المائة، فيما بقيت حصة الفيول مستقرة في حوالي 7 في المائة. تضررت دول الخليج، خصوصا العراق الذي كان يستقطب 11.2 في المائة من فاتورة النفط والمنتجات البترولية المغربية قبل إغلاق سامير، وكان يحتل المرتبة الثالثة على قائمة مموني المغرب، غير أنه أصبح خارج هذه القائمة بشكل نهائي بعد إغلاق سامير. أما السعودية فتراجعت من المرتبة الأولى إلى الثالثة، ونزلت حصتها من السوق المغربية للمحروقات النفطيةمن 23.4 في المائة قبل إغلاق سامير إلى 8 في المائة حاليا. وتراجعت مرتبة روسيا أيضا من المرتبة الرابعة إلى الثامنة، ونزلت حصتها من 11 في المائة إلى 5 في المائة. وفي غضون ذلك عززت الولاياتالمتحدة موقعها في المرتبة الثانية، ورفعت حصتها من فاتورة النفط المغربية من 11.5 في المائة قبل إغلاق سامير إلى نحو 13 في المائة حاليا. وتبدو إسبانيا كأكبر مستفيد من هذه الحركية، إذ انتقلت من المرتبة السادسة إلى المرتبة الأولى وأصبحت تستحوذ على حصة 22 في المائة من السوق مقابل 7.6 في المائة قبل إغلاق سامير. كما حسنت البرتغال مكانتها من المرتبة 24 إلى المرتبة الخامسة، لتصل حصتها حاليا نحو 6.4 في المائة. وترجع هذه التحولات في تركيبة مموني المغرب إلى انتقال ثقل استيراد المنتجات البترولية إلى شركات التوزيع، والتي تعتمد في عقودها على علاقات وبنيات الشركات المتعددة الجنسية التي ترتبط بها من جهة، وعلى المنافسة بين مصانع التكرير العالمية والبحث عن المنتوج الأرخص من جهة ثانية.