تعمد شبكات التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت إلى إغلاق ابوابها بوجه أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض في الولاياتالمتحدة، تحت شعار مكافحة العنصرية بعد أحداث شارلوتسفيل المفجعة. وبعدما اعتاد عمالقة الإنترنت على إيجاد خط وسط يوازن ما بين احترام حرية التعبير وضبط المحتويات غير اللائقة، جاء ردهم على أحداث هذا الأسبوع حادا وسريعا. وأجمعت كل شركات وادي السيليكون التي اتصلت بها وكالة فرانس برس هذا الأسبوع على أن كل ما يروج للعنف والعنصرية ينتهك شروط استخدام مواقعها، ما يترجم عمليا بإقدامها على إغلاق حسابات وحجب محتويات من طرف واحد. وجاء قرار شركات التكنولوجيا والإنترنت عقب الأحداث العنيفة التي وقعت في نهاية الاسبوع الماضي في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا (شرق) خلال تجمع ضخم لليمين المتطرف غير مسبوق منذ ما لا يقل عن عقد. وقتلت امرأة شابة عمرها 32 عاما كانت تشارك في تظاهرة مضادة تنديدا بالعنصرية وأصيب 13 شخصا بجروح حين قام شاب من النازيين الجدد عمره عشرين عاما بمهاجمة الحشد دهسا بسيارته. وقام موقع «غو دادي» لاستضافة الصفحات والحسابات فور اليوم التالي بإلغاء موقع «ديلي ستورمر» للنازيين الجدد الذي شارك في تنظيم التظاهرة في شارلوتسفيل تحت شعار «توحيد اليمين». وموقع «غو دادي» حريص بصورة عامة على تفادي أي رقابة على المحتويات واحترام حرية الرأي والتعبير على الإنترنت. غير أن مدير قسم الجنح الرقمية لدى الموقع بن باتلر برر القرار بالقول «رأينا، وخصوصا على ضوء الأحداث المأساوية في شارلوتسفيل، أن +ديليستورمر.كوم+ مضى بعيدا جدا في تشجيع العنف والترويج له». وتوجه الموقع بعد أغلاقه إلى «غوغل دومينز» لاستضافة الصفحات، لكن تسجيله سرعان ما ألغي أيضا لأنه «ينتهك شروط خدمتنا» على ما أوضحت متحدثة باسم غوغل لفرانس برس. عندها، انكفأ الموقع الذي يقول أنه استهدف من مجموعة «أنونيموس» للقراصنة المعلوماتيين، إلى شبكة «الإنترنت المظلم» (دارك ويب) المغلقة والسرية حيث يفلت من أي شروط ورقابة. كذلك اتخذت شبكة فيسبوك وموقع «ريديت» للدردشة تدابير مماثلة. ألغى موقع «ريديت» منتدى «فيزيكال ريموفال» (الإلغاء الجسدي) الذي يهاجم الديموقراطيين ويدعو إلى «إزالتهم من المجتمع». وكانت بعض الرسائل المنشورة عليه تسخر حتى من هيذر هاير ضحية الهجوم بالسيارة في شارلوتسفيل. وقال متحدث باسم الموقع لفرانس برس «نفعل كل ما بوسعنا حتى نكون منصة مفتوحة ومضيافة للجميع، ونضع ثقتنا في مستخدمينا من أجل الحفاظ على بيئة مؤاتية لنقاش صادق يحترم سياستنا بشأن المحتويات». وأضاف «قمنا بإقصاء +فيزيكال ريموفال+ لمخالفته بنود سياستنا المتعلقة بالمحتويات». ويعمل موقع فيسبوك بشكل متواصل على إزالة أي رسائل تستهدف أشخاصا بسبب عرقهم أو تمجد أعمال عنف أو كراهية. وحجب الموقع صفحة تظاهرة «توحيد اليمين» في نهاية الأسبوع بعدما استخلصت شبكة التواصل الاجتماعي أن الهدف منها لم يكن نشر معلومات عن الحدث بل التحريض على العنف. وقام موقع فيسبوك وفرعه «إنستاغرام» لتقاسم الصور بإغلاق عدة حسابات، من أبرزها حساب كريستوفر كانتويل أحد ابرز وجود أنصار تفوق العرق الأبيض. كذلك أغلق موقع «ديسكورد» لهواة العاب الفيديو عددا من الحسابات التي كانت تستخدم لنشر افكار تمت إلى العنصرية العنيفة. وأوردت صحيفة نيويورك تايمز أن بعض المنتديات كانت تمجد صراحة أدولف هتلر ومحرقة اليهود، وتستخدم من أجل تنظيم تظاهرة شارلوتسفيل أو تظاهرات مماثلة. وإلى شبكات التواصل الاجتماعي، تصدت منصات لتحويل أموال وجمع تبرعات للمبادرات الرامية إلى جمع أموال لجيمس فيلدز، الشاب الذي قتل هيذر هاير في شارلوتسفيل. وأكد موقع «باي بال» الأميركي للدفع على الإنترنت أنه «يعمل لمنع استخدام خدماتنا لقبول مدفوعات وهبات من أجل أنشطة تروج للحقد والعنف والتمييز العرقي». وقال أحد نواب رئيس المجموعة فرانز باشي إن «هذا يشمل منظمات تدافع عن افكار عنصرية مثل جماعة كو كلوكس كلان أو مجموعات أنصار تفوق البيض أو مجموعات نازية».