أثر التنافسية القديمة بين مدينتين متجاورين مكناس و فاس لازالت موازناته التلامسية تحكم العلاقات بين المدينتين رغم توحيدهما ضمن منظومة الجهوية الموسعة تحت مظلة سيادة قطب فاس كحامل لكل مؤسسات التقطيع الجديد لجهة (فاس- مكناس). سوف لن نعود إلى توجيه النقد المباح للتقسيم الجهوي، ولكننا سنقتسم معكم مجموعة من التساؤلات المستفزة للحديث وإبداء الرأي. لما تم إسقاط مدينة مكناس من قيادة الجهة؟ ما هي معايير اختيار قطب الجهة؟ هل تم إسقاط عن مكناس مجموع حمولتها التاريخية ؟ هل عاصمة المولى إسماعيل استوفت أدوارها التاريخية ولم يتبق لها إلا الأسوار والقلاع الإسماعيلية الآيلة للسقوط؟ ما هي نتائج عوائد إدماج مكناس بالتبعية ضمن قطب فاس؟. هي دائما أسئلة ترمي بنا إلى مساءلات أخرى لوضعية مكناسالمدينة و الجهوية والوطنية. ليكن لنا في التاريخ غير البعيد مفتاح رؤية كاشفة عن كل الإحتقانات و الإحتكاكات الخفية بين المدينتين. هي عودة إلى الصراع التاريخي بين أهل مكناسة و فاس، ذلك الصراع الذي كانت تجلياته الايجابية في السبق إلى مراكز العلم الديني، في الثقافة الوازنة، في السبق التجاري وامتلاك قوة الإنتاج. وهو الصراع نفسه الذي امتد إلى الحقل الرياضي فكانت كل نوازل السنة الاحتكاكية والتنافسية تصرف على أرضية الملعب البلدي لكرة القدم بين النادي المكناسي والمغرب الفاسي. إنه صراع على الوجاهة والسلطة والسيطرة المعنوية على الآخر ولو بألغاز التنكيت الشعبي بين المدينتين. بين مكناسوفاس تاريخ موحد في الكفاح الشعبي والنضال ضد المستعمر، بينها تشترك هضاب سايس، بينها روافد أنساب عائلية. هو التاريخ المسكوت عنه بمقابل قيام زوبعة رمال متباعدة مرة بمكناس وأخرى بفاس. سيقول قائل إننا نريد إحياء صراع الماضي، إننا نريد الركوب على إثنية الأصل والفرع والمكونات الاجتماعية والسياسية والفنية والرياضية. لكننا لن نلتحف لحاف النقاب ونسكت عن ما تعانيه مكناس جراء الإلحاق التعسفي بالتبعية المجرورة لقطب فاس. نعم لقد تم إفراغ كل مقرات الجهة القديمة (مكناس تفيلالت) من مواردها البشرية، من أطرها التي كانت سندا وفيا للتنمية بمكناس، من كل مستلزمات العمل الإداري بحكامة القرب. لقد تم تحويل مكناس إلى أعشاش طيور مهاجرة لا تعود إليها إلا في مواسم الهجرة فقط . فما استفادت مكناس من الجهوية الموسعة؟ ممكن أن نجمع القول بالحق، ونقول بدون تردد لا شيء البتة، ولنا في مقررات مجلس الجهة سند حقيقة، و بحث في كيفية توزيع ميزانية الأسد الجهوية للتنمية المجالية، حيث لا يعدو ينال مكناس إلا بقايا ما أكل السبع وأهل به لغير الله. هي ذي الحقيقة الكاشفة التي لن نستطيع السكوت عنها. تسمية الجهة برأس قطبين (فاسمكناس) لا يستفيد منها مكناس إلا ما تبقى لربيب التسمية والدار، في حين يتم نفض عروش المدينة وتركها خاوية. هي مكناس التي كانت مفخرة الساكنة الأصيلة والزائر والملك الإسماعيلي، هي مكناس التي يرفض القيمون عن الشأن الجهوي بإعادة تسمية مطار فاس، بمطار (فاسمكناس) فحتى التسمية لن يستحقها القطب الثاني في الجهة. نرجع إلى مكناس ونلقي اللوم كل اللوم على ناسها الطيبين/ الدراويش، هم من تركوا السياسة ومواقع الضغط، نلقي العتاب الجاف على جل أطرها حين أداروا ظهرهم للمدينة وعاكسوا التنمية بها. نلقي اللوم على ملف التنمية المندمجة الموقوف التنفيذ بحكم انتظارية التمويل من المال العام. فإذا جاز لنا تسمية مكناس بأحد تجلياتها الخفية، فإننا نقول هي تلك " المدينة العملاقة النائمة ". نعم فمكناس بالمقارنة مع فاس أو مراكش تضم مجموعة من المآثر التاريخية، تضم تاريخا وفيا للدولة العلوية إن استحسن استعماله لكانت نهضة مكناس تساوي يقظة العمالقة، وانبعاث حياة طائر الفنيق من رماده. كيف يمكن أن يتم الإحياء المقترحة؟ من خلال تحديد الاختيارات الأولية حتى لا تضيع رؤية التعيين، أية علامة حصرية نريد لمكناس؟ علامة مدينة الفلاحة، علامة مدينة الصناعية، علامة مدينة السياحية،… من خلال الإشتغال على تيمة تنمية للمدينة شمولية وتأثيث مجالها بالمقومات السياحية. من خلال الدفع بأطر السياحة والثقافة والفن بمكناس على تسويق صورة مكناس التاريخية بملمح الأمن السياحي، و المعقولية التعاملية في السياحية. من جانب جلب الندوات والمؤتمرات الدولية. من خلال ترميم المآثر التاريخية بجودة و توطين علامات للتشوير بمجموع المدينة و وضع خرائط سياحية… هي اقتراحات بديلة لتحريك جهد نهضة مكناس بمقابل منافسة مدينة القطب الأول للجهة.