بعد عدة أشهر من المد والجزر، قضت ابتدائية خنيفرة بإدانة مغني الراب ياسين فلات المكنى ب «المنتقم»، بشهرين موقوفي التنفيذ، وغرامة مالية قدرها ألف درهم، وهو الحكم الذي قوبل بتضامن واسع مع المعني بالأمر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار الحكم الصادر في حق هذا الأخير يأتي على خلفية أغنية من أغانيه، ما يعد، في رأي المتضامنين، انتهاكا صريحا لحرية التعبير التي تشمل حرية الإبداع والفن، وفق مجمل التعاليق التضامنية التي شددت على ضرورة إعادة النظر في الموضوع. ويعود ملف القضية إلى صيف عام 2015، حيث ظل، منذ ذلك الحين، يروج بعدة جلسات أمام أنظار ابتدائية خنيفرة التي ظلت تتابع مغني الراب ياسين فلات، في حالة سراح، بعد اعتقاله وتقديمه لها على خلفية تسجيله لفيديو كليب اعتبرته الشرطة «محرضا على العنف وماساً بجهاز الأمن»، بناء على ما تضمنه من كلمات قوية ينتقد فيها ارتفاع الأسعار والفساد المالي ومظاهر البطالة والفقر والهشاشة واتساع الحرمان من العيش الكريم. وكانت شرطة خنيفرة قد اعتقلت الرابور ياسين «المنتقم»، بتعليمات من النيابة العامة، وعرضه على التحقيق قبل إحالته على وكيل الملك، يوم الأحد 16 غشت 2015، حسب المعطيات المتوفرة حينها، وذلك بسبب الشريط الغنائي (فيديو كليب)، الذي يحمل عنوان «كورسيكا»، ويعني به حي «الكورس» الشعبي الذي يسكنه ويمارس فيه مهنة الحلاقة منذ مدة طويلة، ما أثار جدلا واسعا بين مكونات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية لارتباط ملف القضية بشكل من محاكمات حرية الرأي والتعبير التي يضمنها الدستور الجديد والمواثيق الدولية. وكم ظل الرأي العام يتطلع إلى ملامسة حقيقة التهم الموجهة إلى المغني المعني بالأمر، منذ وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية، إلا أن جهات معينة أفادت أن اعتقال المتهم تم بناء على ما تضمنه الشريط من كلمات اعتُبرت «مسيئة ومحرضة على العنف، بالنظر لما تحمله من عبارات القذف والشتم في حقها»، ولم يعثر أحد على أدنى جواب بخصوص خلفية تحريك المتابعة، في حق المغني المذكور، في تلك الظروف الغريبة والمتشابكة. الفيديو الغنائي الذي كان سببا وراء اعتقال مغني الراب، ياسين «المنتقم»، كان قد لقي إقبالا كبيرا من طرف متصفحي الشبكة العنكبوتية، يظهر فيه المغني المذكور وهو بحي شعبي بخنيفرة أو «كورسيكا» التي يصفها بحومته المحصنة، ووسط شبابه التائه بين الفراغ والبطالة و»الحشيش»، ثم صور لسيارات الشرطة تتحرك بين الدروب المهمشة، حيث انتقد السلطة والفقر والواقفين وراء إغراق الشباب في المخدرات و»القرقوبي»، والمعاقبين لكل من يجهر بالحق، إلى غيرها من الكلمات التي كانت كافية لوضع ياسين في خانة المغضوب عليهم من طرف السلطات.