ليس بغريب أن تغضب الزوجة من زوجها يوماً.. المهم هو كيفية التعامل مع الطرف الغاضب.. وحتماً لا يخلو بيت من مشكلات وهذه طبيعة الحياة، غير أنه ظاهرة أن تترك المرأة بيتها في حالات الغضب وتلتحق ببيت ذويها، بحثاً عن معالجة في إطار الاستناد إلى عزوتها في طرف خفي من هذا السلوك نوع من الاستقواء، السؤال هو ماذا لو غضب الزوج.. ماذا لو «غضب» الزوج من زوجته؟ هل يمكن أن «يسلك مثلها ذات السلوك بحيث يترك البيت ويمضي خارجاً؟». يرى استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة الدكتور حسن السيد فيقول: «إن للزوج أسبابه التي تجعله لا يغضب منها الشعور بأن البيت بيته وهو مالكه وصاحبه ومؤسسه وليس له مكان غيره يلجأ إليه إن تركه، على عكس ما تفعل المرأة للعقاب، كغضب صامت أو هجران نفسي ومعنوي للزوجة، وقد يصل العقاب، أحياناً، إلى درجة غير مقبولة كالضرب، الذي يعد شكلاً من أشكال الاحتجاج السلبي». ويشير إلى أن «الرجل دائماً ما يلعب الدور الإيجابي في العلاقة الزوجية، ولم نعتد منه الهروب أو الانسحاب عن أداء دوره المنوط بعهدته لذا نادرا أن يغضب، ثم إن الرجل يسعى دوماً إلى الاستقرار، والبيت يمثل له هذا الاستقرار، فلا يمكن أن يتنازل عن هذا الشيء، الذي صنعه وأفنى فيه عمره، أضف إلى ذلك أن الغضب، قد ينتقص من مكانته الاجتماعية ويضعه في مصاف درجة النساء، وهو ما لا يتقبله الرجل الشرقي». أما الدكتور إبراهيم الصعيدي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة فيقول: «تلجأ النساء إلى الغضب كسلوك نفسي تنفيسي من فترة إلى أخرى دون أن يلجأن إلى تصعيد الأمر حتى يتجاوز الخطوط الحمراء ويقع الطلاق، منوهاً: ?المرأة التي تحرد عدة مرات في السنة، إنما تقوم في الواقع بعملية تنفيس مقننة لعلاقة زوجية تشوبها الأزمات والاضطرابات». ومفهوم الغضب «يكاد يكون مقتصراً، في ثقافتنا الشرقية والعربية، على النساء لعدة أسباب، أهمها أن مكان السكن «أبوي» مثل السلطة والنسب، فثلاثتها تتبع لملكية الرجل، علماً بأن الأوضاع الاقتصادية قد بدأت تتغير مؤخرا، إلا أن أغلبية البيوت لا تزال ملكاً للرجال، وبالتالي، فإن المتعارف عليه تقليدياً أن المرأة هي التي تغضب وتخرج من بيت زوجها، وتذهب إلى بيت أهلها؛ لأن البيت ليس ملكا لها، وكثيرا ما نسمع أن فلانة، غضبانة عند أهلها، في حين نادراً ما نسمع أن رجلاً غضبان?. ويشير، في هذا الخصوص، إلى أن الزواج في الثقافة العربية، كثيراً ما يكون داخلياً، أي داخل إطار العشيرة والقبيلة أو العائلة الممتدة، وهذه التركيبة الاجتماعية، تمثل قوة رادعة أمام الرجل، كي لا يتمادى في سلوكه الخشن أو العنيف تجاه زوجته، وعندما يدفعها إلى الحرد، فإنه سرعان ما تتكون ?لجان للصلح? من العائلة لتعيدها إلى البيت. ومن الأسباب التي تمنع الرجل من أن «يغضب» كالزوجة، أن «شخصية الرجل الشرقية مؤطرة ضمن صورة نمطية، على أنه صاحب الكلمة والمكانة والقوة في البيت والمجتمع، وهذه الصورة وما يرافقها من إدراك ل«الأنا» الذكورية تحول دون لجوء الرجل إلى وسائل متعارف على أنها أنثوية، لا بل قد تجعله عرضة لسخرية المجتمع من حوله، حيث قد نسمع من حين إلى آخر، الرجال يمازحون بعضهم بعضاً، بأن فلاناً غضبان أو ما شابه ذلك».