ليلى ماء العينين من الأصوات الإذاعية التي ميزت أثير الإذاعة الجهوية للأقاليم الجنوبية ,حيث دأب المستمعون طيلة أزيد من 39 سنة على الاستمتاع بجمالية النغمة وحسن الإلقاء وعذوبة الكلمات وروعة اللغة وقوة الإحساس في الخطاب... وإذا كانت الإذاعة الجهوية قد عرفت إشعاعا قبل تواجد حتى الإذاعات الخاصة، فإن الفضل يرجع لجودة البرامج التي قدمتها الإعلامية المتميزة ليلى ماء العينين، التي اقترن اسمها باسم «راديو العيون« وحاولت استقطاب فئات عريضة من الشباب والنساء، لتتبع برامجها التي كانت صلة وصل بين إذاعة الجنوب وباقي المستمعين من جهات المملكة، بل تجاوزت الحدود وجعلت برنامجها الشهير «رسائل مفتوحة» ينافس أقوى البرامج في الوطن العربي آنذاك، من حيث تقاطر الرسائل والاتصالات من بلدان أخرى وهو برنامج متعدد الأهداف، حيث كان فضاء للتعارف يراسله جميع شباب العالم، كما هو وسيلة لإهداء الأغاني المختارة من طرف المراسلين إلى أحبابهم أينما كانوا، ثم تميز بتقديم المساهمات الإبداعية الأدبية لبعض المبدعين في الكتابة، الذين اليوم يحسب بعضهم مع الشعراء والروائيين ، وقد كان من انجح البرامج من حيث التزام متتبعيه ومراسليه،إذ اشتهرت أسماء عربية و وطنية بمواكبته طيلة وجوده ،ماجعل البعض منهم ينظم زيارة لمدينة العيون وللإذاعة خصوصا لمقابلة مقدمته ومنهم من شد الرحال من بلدان بعيدة ... التحقت الإعلامية ليلى ماء العينين يناير 1975 بالإذاعة الجهوية وهي لم تتجاوز 17 سنة عملت فيها وباقي فريق الإذاعة على خدمة القضية الوطنية،من خلال وصلات إعلامية لتعبئة السكان لطرد المستعمر, ثم بعدها ساهموا في تأطير المواطن الصحراوي للاندماج في وطن موحد يتمتع بكامل الاستقلالية، ليجندوا أنفسهم مرة أخرى لمواجهة تيارات الانفصال عبر برامج هادفة، كان لها دور التوعية بخطورة هذا المشروع ،الذي نتجت عنه عدة مأسي أهمها معاناة الشتات العائلي.... ليلى ماء العينين انخرطت في العمل الاجتماعي من خلال الجمعيات المهتمة بالطفولة وذوي الإعاقة والمرأة ،ناضلت إلى جانب العديد من الفاعلين منذ استقلال الأقاليم الصحراوية حيث ترأست جمعية مساندة أطفال اليونسيف، وانخرطت في عدة هيئات نسائية وثقافية، وقد شاركت في عدة محافل وطنية ودولية،مثلت فيهم المرأة المغربية الصحراوية أحسن تمثيل, كما عينت في المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في طبعته الأولى في عهد المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني ،وقد تميزت بالانضباط والعمل الجاد والمسؤول في حياتها الجمعوية ,الشيء الذي جعلتها محط تقدير واحترام الجميع... ساهمت الإعلامية ليلى، في إنتاج العديد من البرامج الإذاعية الناجحة مثل البرنامج المتنوع «صباح الخير» ثم برنامج « البيت السعيد» وبرنامج «تاريخ وتاريخ أشخاص» ثم برنامج «شخصيات إسلامية» وبرنامج « مسابقات رمضان» ثم برنامج «قال مالك..» في حين اشتهرلها برنامجها التاريخي « رسائل مفتوحة» والذي فاز بعدة جوائز أولها عام1982 بجائزة أحسن مذيع/ /أحسن منتج/ /أحسن برنامج/ ضمن مسابقة نظمتها الإذاعة الوطنية ثم بجائزة أقدم برنامج،حيث استمر لمدة تزيد عن 25 سنة عام 1998، وقد أنشئت له جمعية أختير لها اسم « أصدقاء برنامج رسائل مفتوحة» ليغير اسمها بعد ذلك بجمعية « أصدقاء إذاعة العيون»وهي جمعية ساهمت إلى جانب الحركة الجمعوية بالإقليم في تنظيم عدة أنشطة ثقافية وفنية لمدة تزيد عن عقد من الزمن... ليلى ماء العينين خاضت تجربة الإعلام المرئي من خلال أول بث تجربي للتلفزيون الجهوي بالأقاليم الصحراوية سنة 1979ثم بعدها نشطت عدة لقاءات لفائدة التلفزة الوطنية كان من بينها حلقة ناجحة من برنامج «نغمة واتاي « التي صورت بمدينة العيون ،فهي تترأس الآن قسم التحرير بالإذاعة الجهوية كما تشغل منصب نائب رئيس المحطة الجهوية للإذاعة بالعيون, رشحت عضو لجنة التحكيم في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة 2005... تم تكريمها عدة مرات من طرف جمعيات مهتمة بالمرأة وبالإعلام من بينها نادي الصحافة بطانطان وجمعية شمس ثم جمعية الغد المشرق وجمعية جوهرة الصحراء الأوضاع المرأة والطفل وكذا جمعية الأصالة المغربية ثم وكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط.... لقد استطاعت الإعلامية ليلى ماء العينين أن تحافظ على عطائها المتميز، لمدة تزيد عن 39 سنة, أن تدخل قلوب المستمعين، من خلال لكنتها الجميلة وأدائها الراقي و قدرتها على التواصل الأخاذ من خلال برامج فكرية وتنويرية واجتماعية لامست عدة قضايا، كما مست مختلف الفئات من الجنسين، وقد أعطت إضافة نوعية للإعلام الإذاعي المغربي عموما والجهوي خصوصا، حيث اقترن اسمها كما هي أسماءأخرى بالإذاعة الجهوية التي كانت رائدة في إنتاج البرامج المتنوعة الفكرية المميزة بل نافست إذاعات دولية من حيث جودة البرامج... الإعلامية ليلى ماء العينين هي نموذج للمرأة المغربية الصحراوية التي شرفت المرأة العربية عموما في تجربتها الإعلامية المتميزة، وكذا في المحافل الدولية كفاعلة اجتماعية عملت بصمت وعفة وهدوء لخدمة قضايا المرأة والطفولة والوحدة الترابية، فهي قدوة النساء بالجنوب....