وزيرة الاقتصاد تكشف آليات استفادة الخواص من صندوق المقاصة    تساؤلات حول تصريحات عمدة الرباط بشأن هدم مباني حي المحيط    وزارة الانتقال الطاقي: ميزانية الاستثمار الحالي في الطاقات المتجددة تبلغ 20 مليار درهم    المغرب يلزم شركات الاتصالات بتقاسم شبكات الألياف البصرية.. وتوقعات بانخفاض الأسعار    وزير الداخلية الفرنسي: النظام الجزائري لا يحترم شعبه ويتجاهل معاناته    أعاصير "مدمرة" تضرب ولايات أميركية    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. فريق الجيش الملكي يفوز على ضيفه المغرب الفاسي (3-1)    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    تصفيات مونديال 2026: نيمار يغادر معسكر المنتخب البرازيلي بسبب الإصابة    دوري الأمم الأوروبية: كورتوا يعود لتشكيلة المنتخب البلجيكي    صحيفة 'إل كونفيدينسيال' تبرز دور المغرب في نشر إسلام معتدل ووسطي    إدارة السجون: "الشباكية" سليمة عكس ما يروج له    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    الاستثمارات الإشهارية تناهز 452 مليون درهم خلال الأيام العشرة الأولى من رمضان    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب ابتداء من السبت    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    المغرب والعراق يعززان التعاون الدبلوماسي بإعفاء متبادل من التأشيرات    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    كيوسك السبت | نداء لعودة الأطفال المحتجزين لدى الجماعات المسلحة لأوطانهم    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    انهيار جزئي لمنزل بالقصر الكبير يخلف إصابتين    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    صهيوني مجرم "بيدوفيلي" .. هارب من العدالة الإسرائيلية يعيش بحرية في أكادير منذ عام 2006    أندية إنجليزية تخطب ود بوعدي    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    ندوة بمكناس تحتفي بمسار بودالي    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    مركز يستنكر توقيف عملية جراحية    استياء عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة    الركراكي : المواجهتان القادمتان لن تكونا سهلتين … ويعطي إشارات للاعب سيكون المميز عالميا … !    مستشفى القرب بميضار يعاني شللاً شبه كامل بسبب تسرب مياه الأمطار    أزمة في المستشفى الجديد بتنغير    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع "قفة رمضان" بالمدينة المقدسة    بيكيه ينهمر في البكاء أمام المحكمة … !    توقيف شخص بطنجة تورط في حادثة سير عمدية والفرار من موقع الحادث    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    قراءة في مشروع قانون المسطرة الجنائية من داخل مجلس النواب    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    بالصدى .. الثقة والزئبق    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    الرفع من قيمة إعانات "دعم الفقراء" في 2025 ينتظر قرارا حكوميا    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التربية الثقافية في مجموعة قصص الأطفال « ثعلوب و الغيلم» للكاتب مصطفى البعليش

إذا كانت قصة الأطفال هي « جنس أدبي نثري قصصي» ، كما يعرفها الدرس النقدي، فإن خصوصية متلقيها، حددتها كذلك، بمجموعة من الحدود والشروط، حتى تكتمل هويتها، ووجودها الفني / الجمالي، والحكائي/ الموضوعاتي، وهي كلها عناصر تركيبية، يسخرها الكاتب الملم بسيكولوجية الطفل، الحامل لروح البيداغوجية، والمشبع بأبعاد المسؤولية التربوية. وهذه طبعا عناصر تجعل من «قصة الطفل»، سواء الكلاسيكية التي تعتمد فقط على الحكي باللغة عن طريق راو خفي، يوظف الوصف المعتدل، والفضاءات المناسبة، والحوار بين شخوصها.. أو الحديثة بتوظيف الصورة إلى جانب اللغة أداة تربوية فنية، تجذب المتلقي/الطفل، و يعجب بها، و تصله جوانبها المعرفية، وإن بنسب متفاوتة حسب قدرة الاستيعاب لدى كل طفل قارئ، وحسب نسبة حضور الحس الطفولي لدى كل كاتب. وبها أيضا تتمكن « قصة الطفل»، من التغلغل في كل ما اكتسبه الطفل من قيم ومشاعر، فتنميها وتصقلها، وتوجهها نحو الأجمل والأرقى.
و القارئ الذي يسعى إلى ملامسة نصوص مجموعة « ثعلوب والغليم» ، للقاص مصطفى البعليش، بمقاربة استقرائية، يدرك مدى امتلاكه لأدوات كتابة «قصة الطفل»، وقدرته على تسطير خطته المنهجية، في البناء والتركيب، وتقديم الحدث/المتخيل، واختيار شخصيتي المجموعة { بطليها}، لمرجعيتيهما في ذاكرة المحكي المغربي. حيث تعرف السلحفاة { الغيلم } بالحياة المديدة، مما يزودها بحكمة السنين .. والثعلب بالمكر والخداع، مما أكسبه رمزية « الشر». وهي أدوات مكنته من تمرير المعلومة/المعرفة، للقارئ/الطفل بأسلوب غير مباشر.
يصوغ المؤلف أحداث مجموعته، في سياقات يستسيغها الطفل، وتمتعه، ثم تغنيه بالمعلومة.. بالفكرة.. أو بالحكمة.. ومما تجدر الإشارة إليه في عملية استقرائنا هذه مدى اهتمام المؤلف بتفاصيل الشكل، بنحته للغة تسمو بالمتلقي الطفل، دون لبس أو إغراق في التعابير التي قد تشوش ذهنه، وتبعده عن مجريات الأحداث. وبالإضافة إلى الصياغة اللغوية، فهو أعطى للإعراب حقه، بشكل النصوص بالعلامات الإعرابية ، وبهذا يسهم الكاتب في معالجة إشكال لغوي يسقط فيه حتى الكبار، ويربك الخطباء والمحاضرين، وحري بتقديم قصة للطفل مشكولة نحويا، أن يكون لبنة في تنشئة أجيال تحترم لغتها، وتضبط قواعدها.. وهو إجراء تطبيقي، لشروط الكتابة للطفل، عمل المؤلف على إحاطته بما يحتاجه من استراتيجية فنية و جمالية، حين اختار له الحرف المناسب، بالحجم الأنسب. فمن الآليات التي قد تساعد الطفل على القراءة الصحيحة، واستيعاب الدلالة، تلك الحركات الإعرابية التي تتوج أعنة الحروف في النصوص، شكلا وتصويرا.
يقول د. «نجيب الكيلاني»(4): (الحدث لا ينطلق عشوائياً، والشخصيات لا تتصرَّف ارتجالاً أو اعتباطاً، إن وراء كل حركة وسكنة في القصة هدفاً، أو تعبيراً عن معنى.. عن فكرة، عن موضوع، والتوازن الفني بين الشكل والموضوع «الفكرة»، هو المعادلة الحسّاسة لكاتب القصة).
اعتمد الكاتب على ثنائيات متناقضة إن جاز لنا التعبير يمكن أن نلمسها في:
ثنائية « ثعلوب» و» الغيلم»، ثنائية لها حمولة وحضور في الذاكرة البشرية، بتضادها، العاكس لثنائية الخير والشر.. والحكمة التي تنتصر على المكر.. وكونهما شخصيتان تنتميان إلى عالم الحيوان، تثيران شغف الطفل، وتحفزان خياله، ويمتص دون أمر مباشر الرسالة الموجهة إليه عبر الأقصوصة.
ثنائية السن { الثعلب الصغير/ و الغليم العجوز الذي يمشي وهو يتكئ على عكازته}.
ثنائية غياب التجربة عند «ثعلوب « وحضورها عند «الغليم».
ثنائية العزوف عن القراءة لدى « ثعلوب» والإقبال عليها لدى « الغيلم»، وتوظيف « الصندوق الفارغ»، للدلالة على فراغ العقل الذي لا يقرأ صاحبه، مقابل بناء الجسم في غياب القراءة، ثنائية محكمة الحبكة، تخدم الثنائية الأم السالفة الذكر..
ثنائية المكر عند «ثعلوب» والحكمة عند «الغليم».
القصة وسيلة تربوية ناجحة، وهي فنّ.. فنٌ لمّاح ذكي، يعتمد على الترميز والإضاءات الخاطفة وسرعة الالتقاط، ولذلك تفوَّقت القصة في أدب الأطفال على غيرها من الأجناس الأدبية.. والأطفال يتمتَّعون بميزة تذوّق الجمال، إنّ في داخلهم نداءً عميقاً يجذبهم نحو الجميل، كذلك لديهم توقٌ للتسامي والبطولة، وإلى المعرفة والمغامرة والانطلاق.. والقصة تُشبع هذا التوق، وتحقِّق ذلك الذوق.. القصة تجعل الأطفال قادرين على الاتصال بالفن، بفضل بساطة أسلوبها، وسحر أحداثها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.