توطئة: إذا كانت القصة القصيرة جدا قد انتعشت بالمغرب إبداعا وكتابة ونقدا ونشرا مع سنوات الألفية الثالثة ، فقد عرف هذا الجنس الأدبي الجديد أيضا تنظيرات نقدية متميزة متنوعة ومختلفة. ومن ثم، فهناك من النقاد المغاربة من يتبنى شعرية السرد في قراءة القصة القصيرة جدا كما عند سعاد مسكين في كتابها:( القصة القصيرة جدا في المغرب : تصورات ومقاربات (1. وهناك من يختار المقاربة الميكروسردية كما هو شأن جميل حمداوي في كتابه: )من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا (المقاربة الميكروسردية)(2 . وهناك من يختار النظرية المنفتحة أو النسبية كما هو حال الدارسين: حميد لحمداني في كتابه: (نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا)3، و محمد اشويكة في كتابه: (المفارقة القصصية)4. وهناك من يرتكز على المقاربة الفنية كما هو حال عبد العاطي الزياني في كتابه: (الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب)5. وهناك من يستند إلى المقاربة التاريخية ، مثل: نور الدين الفيلالي في كتابه: ( القصة القصيرة جدا بالمغرب)6. وهناك من يتبنى نظرية القراءة في قراءته للقصة القصيرة جدا، كما نجد ذلك جليا عند محمد يوب في كتابه:(مضمرات القصة القصيرة جدا)7.إذاً، ماهي المضامين والقضايا الدلالية والمنهجية التي يطرحها كتاب:(مضمرات القصة القصيرة جدا ) لمحمد يوب؟ هذا ماسوف نرصده في مقالنا هذا. D مضامين الكتاب: يتكون كتاب (مضمرات القصة القصيرة جدا) لمحمد يوب من تقديم وثمانية مباحث، كما يترواح بين الإطار النظري والجانب التطبيقي. ومن ثم، فقد تناول الدارس في هذا الكتاب ظاهرة المضمر الخفي والمشترك الثقافي في القصة القصيرة جدا. وقد أثبت محمد يوب بأن القصة القصيرة جدا تنقل هموم الواقع، وترصد تناقضاته الجدلية، ولكنها لاتكفي بعملية النقل فقط، بل تقدم الحلول الناجعة لتغيير هذا الواقع المحبط، مع تجاوزه في الحاضر والمستقبل، وذلك باستعمال التخييل واللغة الإبداعية:” إن المتتبع للقصة القصيرة جدا يلاحظ بأنها إبداع فني يسير بالموازاة مع الواقع ومع البنية الخارجية بشكل عام، لكن لا يعني هذا أنها تنقل الواقع نقلا حرفيا، وإنما تهدف إلى البحث عن حلول لهموم هذا الواقع، فهي بذلك تنتقل من تفسير العالم إلى علاج قضايا وهموم هذا العالم، فالواقع هو همها ومشكلتها،لكنها لا تكتفي بنقل الواقع بسذاجة، وإنما تنقله بموازاة مع التخييل، وجمال اللغة، و حسن انتقاء المشاهد الصادمة و المدهشة التي تعطي للمنجز القصصي القصير جدا عمقه الفكري، وبعده الدلالي و الفني…..”8 وبعد ذلك، يستعرض الكاتب مجموعة من المضمرات التي تتضمنها القصة القصيرة جدا، منها ماهو متعلق بالنص والتناص ، ومنها ما هو متعلق بالمرجع النفسي والواقعي والإيديولوجي. ويعني هذا أن الكاتب يشتغل على آلية الحذف والإضمار أو المسكوت عنه داخل النص. وبالتالي، يقسم المضمر إلى أنواع عدة، مثل: المضمرات النصية، والمضمرات التناصية، والمضمرات البصرية، والمضمرات التخاطبية، والمضمرات الدلالية. هذا، وترتبط المضمرات النصية باللغة والرؤية السردية والتفضية الزمانية والمكانية، علاوة على كون اللغة تحمل في طياتها تعددية صوتية وإيديولوجية، وأنها وسيلة فنية وجمالية تكشف لنا مختلف وجهات النظر إلى العالم، وتعبر لنا عن جدلية الاختلاف والتناقض والتعددية السياسية والإيديولوجية:” وعندما ننظر إلى القصة القصيرة جدا كلغة في حالتها الحركية و الديناميكية، فيجب أن ننظر إلى كيفية تشكلها في إطار بنية فنية تعطي للقصة القصيرة جدا قيمتها الفنية و الجمالية، و هي التي تجعل منها عملا أدبيا متميزا؛ لأن غيابها يجعلنا نتهمها بأنها ( قول سياسي أو وعظي أو خطابي) ،وما يميزها كخطاب أدبي هي أدبيتها. أي: ما يجعلها نصا أدبيا . و نتساءل هنا ما هي هذه البنية الفنية التي تجمع بين الملقي و المتلقي . إنها بنية فنية متناقضة تتسم بصيغة ديالوغية صراعية ينتفي فيها الانسجام و التوحد. وهذا يعني فسح المجال للأصوات المتعددة داخل القصة القصيرة جدا للتعبير عن ذاتها بكل نزاهة و صراحة،وهي بذلك ترفض الصوت الواحد المنسجم الذي يعبر عن الإيديولوجية المهيمنة على المؤسسات الأخرى، ويجعلها تنظر إلى الواقع الاجتماعي من خلال منظورها ومن خلال رؤيتها إلى العالم. وهذه البنية الفنية تتميز بعدة أدوات تعتبر شيئا ضروريا في كل عمل قصصي قصير جدا من بينها الأسلوب الأدبي.أي: إن لكل قصة قصيرة جدا كيفما كان نوعها أسلوبا خاصا بها. ولذلك، فإن القصة القصيرة جدا ينبغي أن تتوفر على أسلوب مشحون بالمحسنات الجمالية و البلاغية و الموسيقية،وتنويع الأزمنة بتنوع الأفعال،فقد يكون زمنا ماضيا حدثت فيه وقائع هذا العمل القصصي، و هو ما يسمى بزمن الوقائع. وهناك زمن حاضر، وهو الذي يكتب فيه الأديب عمله القصصي، وهو الذي يسمى بزمن الكتابة،وبين هذين الزمنين تتم العملية الأدبية، وتتشكل المضمرات النصية والمضمرات التخاطبية. وعندما نتحدث عن الزمن فلابد من ذكر المكان؛ لأنه لا يمكننا أن نفصل بينهما، حيث لابد لكل حدث من زمان ومكان، وهو ما يسمى بالفضاء القصصي،و حضورهما في العمل القصصي القصير جدا يدفع بعض النقاد إلى جمعهما في كلمة واحدة وهي الزمكان. وهناك أيضا رؤية القاص التي تحدد موقفه من العالم و الإنسان داخل المجتمع،فبدون رؤية لا يمكن للعمل القصصي أن يتخذ قيمته الأدبية والفكرية؛ لأنها هي التي تحدد زاوية الرؤية عند القاص ومقصديته،وتجعله يسير أحداث العمل القصصي من خلال هذه الزاوية،التي يسميها جريماس ب”زاوية الرؤية”. ويستحسن أن تكون هذه الزاوية من الخلف؛لأن القاص فيها تكون له كامل الحرية في تسيير الشخصيات، والغوص في ذهنيتها، بل أحيانا يتدخل لتوجيهها حسب زاوية الرؤية التي يريد. وهذه الأدوات الفنية هي التي تعطي للعمل الأدبي أدبيته،وهي أيضا التي تخلق ما يسمى بفضاء النص المتخيل،وهي أيضا التي توهمنا بحقيقة هذا الفضاء،وتجعلنا نشارك القاص فيما يسجل ويتمثل ويضمر من أحداث. إن هذه العملية توهم القارئ بحقيقة ما يكتبه القاص وبواقعيته، و تجعله ينظر إلى هذا الواقع المتخيل كأنه حقيقة ثابتة و ملموسة.”9 ومن جهة أخرى، يرى محمد يوب أن القصة القصيرة جدا لاتكتسب قيمتها الدلالية والقرائية إلا عن طريق التناص. بمعنى أنها قصة التناص بامتياز؛ لأنها تثير فضول القارىء، وتدفعه إلى ممارسة التخييل والتحليل والتأويل، وملء الفراغات البيضاء:” تعتمد القصة القصيرة جدا على إثارة فضول المتلقي بواسطة طبيعتها المفارقة التي تتضمن مستويين من المعنى:المستوى القريب الذي نفهمه من خلال القراءة السطحية،والمستوى المضمر و الخفي الذي يكمن في ثنايا القصة وبين سطورها،وهو الذي يثير فضول المتلقي ويستفزه. وبالتالي، يجد نفسه طرفا مشاركا في تأثيث فضاء القصة، بالرغم من تكثيفها وضيق حجمها.حيث تزداد المفارقة اتساعا كلما ضاق المبنى، وتعددت معاني الألفاظ المشكلة للقصة القصيرة جدا،وهنا تظهر أهمية الانزياحات البلاغية و اللغوية بشكل واضح في القصة القصيرة جدا. والقصة القصيرة جدا لا يمكن أن تنتج نفسها بنفسها، وإنما تنمو وتنهض في علاقتها بنصوص أخرى تتناص معها سانكرونيا(وصفيا) ودياكرونيا(مرجعيات النص). وهذا التناص هو الذي يحيي ويولد الإيحاءات و المضمرات الخفية في ذهن المتلقي،حيث تكون الاستجابة مع هذه النصوص إما إيجابا أو سلبا،إيجابا عند تقبلها و التجاوب مع محتوياتها،وسلبا عندما تتعارض مع ما تنطوي عليه من دلالات وحمولات فكرية وأيديولوجية مضمرة. فتناص القصة القصيرة جدا مع المخزون الجمعي و الجماعي و الموروث الثقافي للمتلقي يولد لديه نصا جديدا من إنتاجه،نصا ذهنيا يماثل ما أفرزته ذاكرته عند تقبل القصة، وما أنتجته مفردات القصة القصيرة جدا من دلالات تداولية، تختلف سياقاتها ودلالاتها من متلق لآخر،حسب مستويات التلقي و التأويل. فذهن المتلقي ليس صفحة بيضاء تتقبل كل ما ينتجه القاص من مواد قصصية،إنه شبكة من التقاطعات الفكرية و الإيديولوجية و التجارب الحياتية، فالمتلقي الواعي يتقبل النصوص القصيرة جدا بوعي،وبالوعي تتم عملية الاسترجاع و الفهم و التأويل، وبالوعي يقلب المتلقي معلوماته القديمة التي تتناص و تتقاطع مع مضامين المنجز القصصي القصير جدا.”10 وهذا التناص هو الذي يجعل القصة القصيرة جدا بنية منفتحة، وليست بنية منغلقة، بله عن تعدد القراءات باختلاف الزمان والمكان:” هناك عوامل متعددة تساعد على توليد المعاني في القصة القصيرة جدا من بينها عملية التناص، وما يولده في ذهن المتلقي من تداعيات،فالنص القصصي القصير جدا ليس بنية مغلقة، وإنما هو بنية مفتوحة دوما على نصوص أخرى تتقاطع معها شكلا ومضمونا،مما يساعد على قراءتها قراءات متعددة؛ لأنها تحتمل نهايات يقترحها المتلقي. فالقصة القصيرة جدا بشكلها المختزل و المضمر تسترجع الزمن المستعاد المفقود الذي يملك قوة استعادة الأحداث المشتركة و المضمرة بين الملقي و المتلقين،الأحداث الماضية التي اختزنت في اللاشعور وتراكمت، فأصبحت مصدرا وموردا للملقي في إنتاج القصة القصيرة جدا. وفي الشعور الباطني أو اللاشعور يتجاور الملقي و المتلقي، وتتداخل الأزمنة والأمكنة، حيث يدخل المكان خلسة في الزمن من أجل توحيد حالاتنا الشعورية؛ مما يساعد على صراع الشخصيات المؤدية للأدوار. وفي فضاء القصة القصيرة جدا يبرز المعنى ويختفي مع حالات المتلقي الشعورية و اللاشعورية،تثير فيه ما مضى من الزمن، وما عرفه من أحداث متجانسة وأخرى غير متجانسة تمكنه من الاقتراب من حالة العالم الخارجي،فلا توجد معرفة بدون مسبقات تثري ذهن المتلقي،فأنواع الفهم تفترض سلفا إدراكا قبليا،لأن المفاهيم المسبقة تتحكم في معارفنا، وتساعد على تحريكها وتجديدها أثناء عملية القراءة. فالأعوام في القصة القصيرة جدا تختزل وتصبح يوما واحدا،بل لحظة حاسمة في حياة الشخصيات التي تحرك الأحداث بالرغم من تكثيفها،وهذه اللحظة تعطي للعمل القصصي صفة الديمومة عندما تحرك متخيل المتلقي وتستدرجه لاستعادة كل الأعوام السابقة. و اللحظة في القصة القصيرة جدا هي التي تجعلنا نشعر بحقيقة الزمن الماضي و الحاضر و المستقبل،وهي التي يمكن تسميتها باللحظة الأبدية التي تفجر مضمرات ومخزونات كل من الملقي و المتلقي. وهكذا، تكون القصة القصيرة جدا نصا مفتوحا قابلا للتلقي و التأويل، بل أحيانا يصل إلى مرحلة الإنتاج وتوليد المعاني و الدلالات. وانفتاح القصة القصيرة جدا راجع إلى تواجد عناصر القص وهي الملقي-المتلقي- القصة،ففكرة موت المؤلف في الدراسات البنيوية لا نقصد بها الموت الفيزيونومي ،وإنما نقصد بها الموت الفاعلي،الموت النحوي،فالقاص يبقى حيا يحرك شخصياته يعيش فيها وينمو ويتحرك بها/معها يتحرك من الشخصية الفاعلة إلى الشخصية العاملة التي تقدم أدوارها في فضاء القصة القصيرة جدا،فعندما نسقط عنصرا من هذه العناصر الثلاثة يقع النص القصصي القصير جدا في فخ الانغلاق. والقصة القصيرة جدا لا تمنح نفسها للمتلقي دفعة واحدة، وإنما تنفتح أمامه بالتدريج ،وفي كل مرة يشعر المتلقي وكأنه يقرؤها للمرة الأولى. كما أن القراءة تتعدد بتعدد القراءات، وتتحول من القراءة الفردية إلى القراءة الجماعية، ونقصد بالقراءة الجماعية قراءات متعددة لقارئ واحد أو قراءة لجماعة من القراء. فالقارئ الواحد الذي يقرأ النص عدة قراءات يتوصل إلى معاني ودلالات مختلفة،كما أن جماعة من القراء تصل إلى قناعات ودلالات متعددة ومختلفة. غير أن القصة القصيرة جدا تصبح مغلقة إذا لم تجد المتلقي المناسب والمؤهل لفتح مغاليقه،وتقع في فخ الانغلاق عندما تقرأ في جانبها السانكروني. أي: عندما يفهم النص من الداخل دون ربطه بعالمه الخارجي الذي يساعد على تعدد المعنى11.” وقد تتجاز القصة القصيرة جدا الدلالات النصية والتناصية إلى الدلالات السيميائية ، من خلال التركيز على العتبات، والعلامات السيميائية، والأيقونات البصرية. بمعنى أن المتلقي مطالب بتفكيك جميع المؤشرات البصرية؛ لاستنطاق المعنى الظاهري، بحثا عن الدلالات العميقة الثاوية في العمق:” إن النص القصصي القصير جدا ليس عالما مغلقا، ولا علامات بدون ذات،إنه نص قصصي مرتبط بشروطه المادية والموضوعية المنتجة للمعنى. وهكذا، تكون علامات القصة الظاهرة لها مضمراتها البصرية التي تقوم بعملية التواصل،و المضمرات البصرية هي ما يشترك فيها الملقي و المتلقي من مضمرات تظهر على صفحات المجموعة القصصية ابتداء من العتبات الموازية لمتن النصوص، ونقصد بها عتبة العنوان و عتبة الغلاف وعتبة الحواشي الجانبية التي تلفت انتباه المتلقي…. فالقاص تبقى عينه دوما خلف كاميرا لاهثة في التقاط الصور تتفاوت فنيتها وجماليتها. وفي الوقت نفسه، يضمر أنساقا معرفية ودلالية من خلال الخطوط حسب الرقة و الغلاظة،فيصبح للخطوط و الكراكتيرات دوران بارزان هما:الدور الجمالي والدورالنفسي،اللذان يؤثرات إيجابا في رغبة واختيار القارئ لخط من الخطوط العربية، كاختيار الخط المغربي الذي يوحي للقارئ بالمصحف الشريف،أو توحي له بالهوية المغربية، وهكذا….. و كذلك حركة الأسطر بشكلها المسترسل أو بشكلها المتساقط الدال على التحرر من سيمترية الكتابة المتداولة،وكذلك من خلال علامات الترقيم التي تساهم بدورها في توجيه المتلقي الوجهة التي يريدها الملقي،وعلامات الوقف و الوصل والفصل،التي تستفز المتلقي وتدفعه إلى التساؤل عن أسباب الوقف وغيرها من العلامات البصرية. كما أن للبياض والسواد أهمية كبيرة في إضمار ما يمكن إضماره في القصة القصيرة جدا،فالفراغات البيضاء على صفحات القصة تشتت نظر القارئ، وتجعله يتلقى مضمون النص من الزاوية التي يريدها القارئ،بل قد يتوجه الوجهة التي يريدها الملقي. كما أن لطريقة كتابة القصة القصيرة جدا بشكلها الأيقوني، وبرموزها المختلفة، لها مقصدية خاصة يحملها الملقي ويتداولها المتلقي حسب ما توحي إليه من دلالات وإيحاءات،تتحول من الفهم العلاماتي إلى الفهم اللغوي،حيث إن أشكال الكتابة الأيقونية تصبح لها دلالات مختلفة تفهم في السياق التداولي.12″ كما ينتقل الكاتب إلى المضمر التخاطبي أو التداولي ليبرز القواسم المشتركة التي تجمع كلا من الملقي والمتلقي، سواء أكان ذلك وحدة اللغة، أم وحدة الخطاب، أم وحدة الثقافة المشتركة، أم وحدة التجربة النفسية والواقعية:”كان الناس قديما يعتقدون أن الإنسان كائن بيولوجي، لكن مع مرور الزمن تأكد العلماء أن الإنسان كائن ثقافي كذلك،فلا يمكن فصله عن التراكمات الثقافية و المخزون المعرفي الذي يحمله كل واحد منا،وهذه التراكمات المعرفية لاشك أنها تراكمات يشترك فيها الكائن البشري في شتى أنحاء المعمور. ولهذا السبب، نشترك فيما هو جميل،فيما هو أدبي ممتع يأخذنا إلى عوالمه الفنية،لأنها قواسم مشتركة ومشاعة يحسها الجميع،وهذا المشترك هو المضمرات الخفية التي تمتعنا جميعا، وتحدث فينا ما سماه رولان بارث ب”لذة القراءة”. و المشترك الثقافي و المضمر الخفي يجمع الملقي و المتلقي،من خلال مجموعة من التقاطعات البنيوية و الدلالية و السميولوجية، التي يلتقي فيها هذان القطبان المشكلان للعملية الإبداعية،باعتبار أن الملقي يحقق ذاته من خلال لذة الكتابة،والمتلقي يجد نفسه ومتعته في لذة القراءة،وفي نقطة التلاقي تلك ينتج الملقي و المتلقي نصا آخر،يشترك فيه الاثنان في تحديد الرؤية، وتقاسم المشترك الثقافي و المعرفي. والملقي الحذق هو الذي يستطيع لفت انتباء المتلقي، ويساعده على إدراك جمالية النصوص القصصية، و الشعور بها مثلما يشعر بها الملقي، وحينها تتماهى شخصية الملقي مع شخصية المتلقي، ويحدثان ما سميناه بالنرفانا القرائية. وللوصول إلى هذه الدرجة من التقاطع الثقافي بين طرفي اللعبة القصصية القصيرة جدا، كان لابد من إجادة الملقي لأنواع التراكيب التي تتوفر عليها اللغة،والاطلاع على التعابير المختلفة باختلاف السياقات وأنواع الخطاب،ومعرفة الطرائق المساعدة على استنباط الدلالات التي يشترك فيها الطرفان،لأن اختيار الألفاظ و التراكيب و التعابير يساعد على التوافق في الفكر و في الإحساس أثناء عملية التلقي. فالقاص يختار الألفاظ التي تحمل معنى لا تحمله ألفاظ أخرى،وكذلك بالنسبة للأساليب المنتقاة ينبغي أن تكون موجهة،تحدد وجهة القارئ وتدفعه إلى تمثل الصور والدلالات التي حددها الملقي إلى درجة اتهام الملقي بصفة المخادع و المخاتل الذي يورط المتلقي في لعبة الكتابة القصصية القصيرة جدا،وفي اختيار النهايات الممكنة،بل في وضع الاحتمالات المتعددة للنهايات. لأنه لا يوجد في المنجز القصصي القصير جدا نصا بريئا،فالملقي ينتج نصا ماكرا و المتلقي يقرؤه قراءة ماكرة،لأن الكتابة الماكرة تمر بمجموعة من الخطابات ذات الحمولة الأيديولوجية وفي نفس الآن يبحث المتلقي في ما وراء مظهر المنجز القصصي القصير جدا،سواء في مستوياته الواعية أم غير الواعية. غير أنه لا ينبغي أن يقع في فخ الإسقاط الذي يضيع المعنى، وتصبح الدلالة منفلتة،حيث إذا انفصلت القصة القصيرة جدا عن القاص، قد لا يصادف نية المتلقي، وانطلاقا من هذه اللحظة يصبح النص يتيما بتعبير أفلاطون في كتابه “فيدر”، وفاقدا لأبيه الذي كان يدافع عنه مواجها، بذلك، وحده مغامرة التلقي والقراءة.” ويرصد الكاتب أيضا المضمرات الدلالية من خلال الإشارة إلى البنية العاملية، وما تقوم به من دور في تشكيل الدلالة :” القصة القصيرة جدا تقوم على دعامتين أساسيتين، هما: القاص و القارئ، وبينهما القصة القصيرة جدا بحجمها القصير والصغير، والقاص لا يكتفي بالوظيفة التركيبية في الجملة القصصية القصيرة جدا.أي: لا تنحصر مهمته في البنية العاملية، بل يتعدى المستوى التركيبي الثابت إلى تقمص الأدوار وتمثيلها،حيث يصبح القاص/العامل قاصا ممثلا، يرتبط بدلالة الخطاب، ويتصف بمجموعة من الصفات التي تجعل منه ممثلا حيا يتحرك في فضاء القصة القصيرة جدا،وقادرا على إنجاز مجموعة من الأدوار في حيز زمكاني ضيق،وبأقل الكلمات.”13 ولا ينسى الكاتب أن يعرج على القفلة أو خاتمة القصة القصيرة جدا ، تلك النهاية التي تترك بصمات الفراغ، وبيضات التلقي والتثغير. ويعني هذا أن القصة القصيرة جدا توظف نهايات صادمة ومفاجئة ومربكة ومستعصية ؛ بسبب البياض المضمر وبلاغة الحذف:” القصة القصيرة جدا تثير أسئلة مقلقة كثيرة، وتنفتح على عدة قراءات،وهي جنس أدبي منفلت في شكله وفي مضمونه ،لأنه يعتمد لغة دالة و مركزة و جملا قصيرة موجزة،يسهل نفاذها ووصولها إلى أذن وذهن المتلقي،فاللفظة فيها دينامية ومنفلتة تنهض على مبدأ الصراع و التصادم،تنمو وتتحرك في فضاء القصة لتبحث عن التركيب المتحرك الذي يبحث بدوره عن التعبير و عن الدلالات المتعددة بتعدد السياقات. واللغة في القصة القصيرة جدا لا تفهم في شكلها المعجمي و القاموسي الذي يحنطها، وإنما تفهم في السياقات والدلالات السايكوسوسيولوجية،تتقاطع فيها مجموعة من العوامل المساعدة على إنتاج المعنى، منها ما هو نفسي، ومنها ما هو اجتماعي، وما هو علاماتي يفهم من خلال عملية التلقي و التأويل. والقاص يكتب المنجز القصصي، وهو يستحضر القارئ المحتمل،يحاول إشراكه وتوريطه في تأثيث فضاء العمل القصصي،من خلال بلاغة البياض،والقفلة جزء من هذه البلاغة. إن القاص يترك مجموعة من الفراغات البصرية و الدلالية في النص القصصي القصير جدا، التي يكون القارئ مجبرا على ملئها بواسطة ما يحمله من مضمرات نصية ومضمرات تخاطبية يشترك فيها الملقي و المتلقي. وبالتالي، يكون النص القصصي خاضعا لعملية التلقي والتأويل،حيث ينتج القارئ نصا آخر يتلاءم وقناعات وثقافة المتلقي. فالنص القصصي القصير جدا رسالة صادرة من مرسل، وهو القاص يستقبلها المتلقي وهو القارئ، وهذه الرسالة تكون مشحونة بحمولة فكرية وأيديولوجية تخضع لعملية التأويل. كل قارئ يؤولها حسب قناعاته، وحسب ما يحمله من آليات وأدوات تفكيكية وتأويلية.وهنا، يصبح القارئ ناقدا بدوره،و تتعدد القراءات بتعدد القراء وبتعدد التأويلات. فالقصة القصيرة جدا تختزل العالم، تتتبع تفاصيل المجتمع، وتنقل مفرداته من مفردات الواقع إلى مفردات واقع القصة المتخيل،وعندما يختمر في ذهن الكاتب ينقله أدبا، بأن يضيف إليه ما سماه جاكبسون بأدبية العمل الأدبي،وكل إبداع يحمل رؤية، والرؤية تختلف باختلاف الحمولة الفكرية والعمق الفكري للمبدع. ولهذا، تتعدد القراءات للعمل الواحد،لأن القصة فن أدبي يشغل الكاتب والقارئ،يشغل الكاتب أثناء عملية الكتابة،ويشغل القارئ أثناء عملية القراءة و التأويل. و الكلام على العموم لا يستقيم بدون نهاية تؤدي المعنى المطلوب من الخطاب،ونهاية الخطاب القصصي القصير جدا هو القفلة، فبها يتم المعنى، وتكتمل الصورة،وبالقفلة تستقيم الدلالة، وتتوضح الصورة،ويصل المغزى إلى المتلقي، ولا ينبغي على القاص أن يجري لاهثا وراء القفلة لكي لا يصبح النص مفضوحا،وإنما ينبغي أن تكون القفلة جزءا لا يتجزأ من نسق القصة القصيرة جدا. ينبغي أن تكون القفلة حرة في تحركها ،عصية على القارئ ويصعب القبض عليها،فهي التي تحرك في المتلقي المخزون المعرفي والموروث الثقافي الجمعي و الجماعي الذي تضمره الذاكرة،وهي التي ترفعه من مستوى القارئ المستهلك إلى مستوى القارئ الإيجابي المنتج للمعنى والمساهم في عملية ما بعد القراءة و التأويل . والقفلة في القصة القصيرة جدا هي نهاية القصة وخاتمتها،تأتي بطريقة مفارقة، و بغير ما يتوقعه القارئ،تخفي مقصدية القاص الظاهرة والمضمرة،وهي التي تحرك فضول المتلقي، و تدفعه إلى التأويل، و البحث عن الحلول المتاحة و الممكنة للمنجز القصصي القصير جدا.14″ ويذهب محمد يوب إلى أن القصة القصيرة جدا تتكىء على مجموعة من الرموز التناصية، مثل: الرمز الأسطوري، والرمز التاريخي، والرمز الأدبي، والرمز الطبيعي، ولكنه ينسى مجموعة من الرموز الأخرى، كالرمز اللغوي، والرمز الفني، والرمز الصوفي، والرمز الديني، والرمز المكاني… ويعني هذا أن القارىء مطالب باستكشاف هذه الرموز ، وقراءتها قراءة عميقة، وتأويلها حسب سياقاتها النصية والمرجعية. كما يؤكد محمد يوب مدى تأرجح القصة القصيرة جدا بين الواقع والمتخيل، ومدى تأرجحها أيضا بين الظاهر والمضمر. وعلى الرغم من أهمية مضامين الكتاب وقيمته المتميزة، فإن الكاتب لم يستجل جيدا مفهوم المضمر، ولم يوضحه بشكل دقيق لمعرفة الدلالات التي يقصدها الكاتب، بل نجد نوعا من الضبابية في فهم الناقد لماهو مضمر؛ لأن المضمر كما نفهمه جيدا هو ما يتعلق بالحذف والبياض والفراغات. وبالتالي، يتناقض مع اللغة التواصلية الواضحة الشفافة.إذاً، ما على الكاتب إلا أن يرصد لنا مجموعة من الآليات التي تساهم في خلق هذا الإضمار والحذف. وقد ذكر الكاتب بعضا منها ، مثل: آلية التناص، والقفلة… وبقيت العناصر الأخرى غامضة تحتاج إلى توضيح وتفصيل منهجي. D منهجية الكتاب: يعتمد محمد يوب في هذا الكتاب القيم على منهجية التلقي (يوس، وإيزر، ورولان بارت، وبول أرمسترونغ، وسوزان روبير سليمان، وإنجي كروسمان…)، مع الانفتاح على مناهج نقدية أخرى كالبنيوية السردية، كما يبدو ذلك جليا عند جيرار جنيت من خلال التركيز على العتبات( الغلاف- العنوان- الإهداء- الاستهلال)، ودراسة الخطاب السردي (الرؤية السردية- الزمن السردي- الأسلوب )، والانفتاح أيضا على السيميائيات السردية عند كريماص( توظيف البنية العاملية مثلا). بيد أن الهيمنة المنهجية لنظرية التلقي التي تنبني على استحضار كل من الملقي والمتلقي في عملية بناء النص وتفكيكه داخليا، وتشريحه فهما وتفسيرا وتأويلا:”حيث لا يمكن فهم المنجز القصصي القصير جدا، دون استحضار عنصري اللعبة الإبداعية بين الملقي و المتلقي،و كأن هناك اتفاقا مسبقا بينهما،وهذا يبين أهمية استحضار الملقي لنوع المتلقي ومستواه الثقافي وقدرته على اقتناص اللحظات الجميلة في المشاهد القصصية،وتمثل الجوانب الفنية و الجمالية و الدلالية التي تسري بين السطور وعبر نتوءات المنجزات القصصية صعودا ونزولا،الشئ الذي يسهل عملية التواصل والاندماج بينهما على المستوى البنيوي و الدلالي والسميائي…. وما يجعلنا نشعر بهذه المتعة هو اللغة،غير أننا لا نتكلم اللغة بمعزل عن الواقع، إننا نتكلمها في الواقع ومن الواقع وداخل الواقع. ولهذا، ينبغي على القاص تتبع المحيط الاجتماعي والبعد النفسي ورصده في العمل القصصي القصير جدا، وتتبع ما تخلفه هذه المعطيات من أثر في نفسية المتلقي، فالمنجز القصصي القصير جدا مساحة صغيرة لإعادة تشكيل الحياة. ولذلك، وجب على القاص توفره على تجربة حياتية وهي مادة الحكي ورؤية للوجود ومهارة في الكتابة،كل هذه المعطيات تمكن القاص من ضبط آليات اشتغاله بشكل فني يتداخل فيه الفني و الجمالي وزاوية الرؤية عند الملقي و المتلقي، حيث يصبحان معا مشاركان في كتابة المنجز القصصي القصير جدا، و القاص الحقيقي يعلم أن بداية النص القصصي القصير جدا ونهايته تنتظره في ذهن القارئ.”15 ويعني هذا أن محمد يوب يرى أن قيمة القصة القصيرة جدا تتجسد في التفاعل التداولي الذي يتحقق عبر عملية القراءة التي يقوم بها المتلقي، حينما يقوم بتفكيك الشفرة ذهنيا ، وتأويلها ضمن سياقات لغوية ونفسية واجتماعية وثقافية معينة. وينضاف إلى ذلك ألا وجود ولاحياة للقصة القصيرة جدا بلا متلق يعيد لها الحياة، ويمدها بالنبض الحقيقي:” من بين الإشكاليات العالقة في أذهان المهتمين بالقصة القصيرة جدا هي إشكالية العلاقة بين الملقي و المتلقي.أي: إلى أي حد يتم استيعاب وفهم النص القصصي القصير جدا من طرف القارئ؟وما درجة تأثر المتلقي/القارئ بمضمون هذا النص؟وهل يصل التأثير و التأثر إلى مرحلة الإقناع والاقتناع بالمعطى و الحمولة الدلالية التي يحتويها النص القصصي القصير جدا؟ لأنه في خضم هذا الزخم الهائل من الإبداعات القصصية القصيرة جدا، بدأت تلوح في الأجواء العلاقة التي تربط النص بالملقي من جهة،و علاقة النص بالمتلقي من جهة أخرى،على اعتبار أن النص هو واسطة تربط بين الملقي/القاص و المتلقي/القارئ. إن القاص، وهو يكتب القصة القصيرة جدا، يفترض هذا القارئ الوهمي،يعرف ثقافته،يطلع على محيطه،يتقصى حدود إمكانياته المعرفية،لأن العمل الأدبي لا يمكن أن يرقى إلى درجة الإعجاب والإكبار دون توفره على ثلاث عناصر أساسية ،وهي: القاص/ المبدع، و القارئ/ المتذوق، و المادة الأدبية/ المشوقة و المدهشة... وما نسمع عن موت المؤلف عند بارث، لايفهم منه إقصاء القاص من اللعبة القصصية، بل إبعاده كعامل نحوي داخل الجملة القصصية، والاحتفاظ به كفاعل متحرك ينهض داخل السرد القصصي،ويحرك الأحداث، ويدير الحوارات داخل فضاء القصة القصيرة جدا. وبهذا المعنى، يكون موت المؤلف كعامل نحوي سببا في إعطاء الحياة لمؤلف أخر هو المتلقي،لأنه يصبح كاتبا متورطا في تأثيث فضاء القصة القصيرة جدا،انطلاقا من منظوره الخاص، ومن أيديولوجيته التي تحمل رؤية إلى العالم، رؤية قائمة على مبدأ الصراع و التناقض. والنصوص القصصية القصيرة جدا بهذا المعنى، تنهض على مبدأ الوظيفة التي تؤديها اللغة القصصية المبنية على الوصف المركزوالدقيق، والألفاظ المنتقاة والجمل القصصية المكثفة التي تحمل معاني مضمرة،تفهم في سياق البنية ككل، ولا تفهم في معزل عن البنية الشمولية16.” وعليه، يستند محمد يوب في كتابه النقدي هذا إلى تبني نظرية القراءة أو التلقي من خلال تأرجحه بين الملقي والنص والمتلقي، ولكنه لم يتبن منهجية تلائم هذا الجنس الأدبي الجديد الذي يسمى بالقصة القصيرة جدا، حيث لم يطرح في كتابه منهجية تتناسب مع هذا المعطى الأجناسي الوافد علينا.لذا، تبقى المنهجية التي يقترحها محمد يوب صالحة لقراءة جميع الأجناس الأدبية والفنون البصرية والدرامية. ومن هنا، نقول بأن المقاربة الميكروسردية التي نتبناها أصلح لقراءة القصة البقصيرة جدا تفكيكا وتشريحا، مادامت تدرس القصة القصيرة جدا في ضوء مكوناتها الثابتة وبنياتها الداخلية، دون الاستعانة بمناهج خارجية قد لا تتلاءم مع الجنس الأدبي المعطى. وقد صدق الدكتور حميد لحمداني حينما ذهب إلى أن كتاب محمد يوب :” لم يتمثل بالعمق المطلوب المنطلقات المعرفية التأويلية التي قامت عليها نظرية التلقي، لأنه ظل يحتكم إلى التصور التقليدي للقراءة، والذي يرى أن القارىء لايمكن لتأويلاته أبدا أن تتعدى مقاصد النص التي هي مقاصد المبدع، وأنه إذا ما اجتهد، فإنه لايتعدى كونه انتقل من المعنى إلى معنى المعنى بفضل قدرته على سبر أغوار النص، فالنص وصاحب النص هما المسؤولان وحدهما عن المعنى المقصود سلفا من القول الأدبي…”17 علاوة على ذلك، فقد سقط الكاتب محمد يوب في شرك التعددية المنهجية خلطا وتلفيقا، فهو يجمع بين مناهج متناقضة ومتداخلة ومتناقضة على مستوى التصور المنهجي، كالجمع بين نظرية التلقي والمنهج السيميائي والمقاربة السردية ، والانفتاح على المنهجين: النفسي والواقعي…ويذكرنا هذا بالنقد التكاملي المتعدد المقاربات والمداخل كما عند شوقي ضيف مثلا. تركيب: وخلاصة القول: يعد كتاب (مضمرات القصة القصيرة جدا) لمحمد يوب من أهم الكتب التي تندرج ضمن الكتب النقدية التنظيرية التي حاولت فهم القصة القصيرة جدا وتفسيرها وتأويلها من الداخل والخارج. بيد أن هذا التنظير كان يتم من زاوية القراءة والتلقي، أو في ضوء المعطى الفينومونولوجي الذي يجمع بين الذات والموضوع، أو بين المتلقي والنص. ويعني هذا أن منظور محمد يوب إلى القصة القصيرة جدا يختلف بشكل من الأشكال مع التصور النظري عند سعاد مسكين التي اختارت المقاربة السردية لجيرار جنيت (نظرية الوجوه السبعة) في دراستها للقصة القصيرة جدا. ويختلف أيضا مع تصور عبد العاطي الزياني الذي ينطلق من المقاربة الفنية . و يختلف كذلك مع تصور جميل حمداوي الذي يعتمد على المقاربة الميكروسردية في دراسته لهذا الجنس الأدبي الجديد. ويتباين أيضا مع تصور حميد لحمداني ومحمد اشويكة اللذين يركزان على النظرية النسبية المنفتحة، ويفترق كذلك عن منظور نور الدين الفيلالي الذي يستند إلى المقاربة التاريخية. الهوامش: - د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب : تصورات ومقاربات، مطبعة التنوخي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م. 17 – د.جميل حمداوي: من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية)، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م. 17 – د.حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 17 – محمد اشويكة: المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م. 17 – د.عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، آسفي، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2009م. 17 – نورالدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 17 – محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، منشورات دفاتر الاختلاف، مطبعة سجلماسة، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 17 – محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، ص:37. 17 – محمد يوب: نفسه، صص:41-42. 17 – محمد يوب: نفسه، صص:41-45. 17 – محمد يوب: نفسه، صص:90-93. 17 – محمد يوب: نفسه، صص:45-47. 17 – محمد يوب: نفسه، ص:52-53. 17 – محمد يوب: نفسه، ص:82-84. 17 – محمد يوب: نفسه، ص:56-57. 17 – محمد يوب: نفسه، صص:29-30. 17 – د.حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، ص:68. 1 – د.سعاد مسكين: القصة القصيرة جدا في المغرب : تصورات ومقاربات، مطبعة التنوخي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م. 2 – د.جميل حمداوي: من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية)، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م. 3 – د.حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، مطبعة أنفوبرانت، فاس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 4 – محمد اشويكة: المفارقة القصصية، سعد الورزازي للنشر، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2007م. 5 – د.عبد العاطي الزياني: الماكروتخييل في القصة القصيرة جدا بالمغرب، منشورات مقاربات، آسفي، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2009م. 6 – نورالدين الفيلالي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، شركة مطابع الأنوار المغاربية، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 7 – محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، منشورات دفاتر الاختلاف، مطبعة سجلماسة، مكناس، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2012م. 8 – محمد يوب: مضمرات القصة القصيرة جدا، ص:37. 9 – محمد يوب: نفسه، صص:41-42. 10 – محمد يوب: نفسه، صص:41-45. 11 – محمد يوب: نفسه، صص:90-93. 12 – محمد يوب: نفسه، صص:45-47. 13 – محمد يوب: نفسه، ص:52-53. 14 – محمد يوب: نفسه، ص:82-84. 15 – محمد يوب: نفسه، ص:56-57. 16 – محمد يوب: نفسه، صص:29-30. 17 – د.حميد لحمداني: نحو نظرية منفتحة للقصة القصيرة جدا، ص:68.