تشير المعطيات المتداولة، حول تطورات الوضع في سوريا، أن الاستعدادات لِما بعد «داعش»، قد بدأت، وقد تكون أشد وأخطر مما يحدث الآن، خاصة وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية، مُصِرّةٌ على تنفيذ مخططها، في تقسيم هذا البلد، ولو أدى ذلك إلى مواجهة مع روسيا. تؤكد التطورات الحاصلة في الميدان أن نهاية «داعش» وشيكة، غير أن هذا لا يعني نهاية الكابوس في سوريا، إذ تسعى القوات الأمريكية إلى تسليم المناطق التي تنتهي فيها سيطرة هذا التنظيم الإرهابي، إلى حلفائها، من مختلف المجموعات المسلحة، سواء ما تسميه بالقوى الديمقراطية أو جماعة النصرة، التي هي في الحقيقية، «القاعدة»، وغيرها من التنظيمات المسلحة من طرف أمريكا وحلفائها، والتي تناهض نظام بشار، وستشكل كيانات أخرى، خارج سلطة دمشق. وإدراكاً بهذا المخطط من طرف النظام السوري وروسياوإيران، هناك سباق مع الزمن من أجل استرجاع الأراضي، بتكثيف القتال ضد «داعش» والتموقع في مناطق استراتيجية، لإضعاف الكيانات التي تشرف واشنطن على إقامتها. وتتمحور المواجهة في المنطقة الصحراوية، شرق سوريا، التي تعتبر استراتيجية بالنسبة للحدود مع العراق وتفتح الطريق لإيران، بالإضافة إلى منطقة دير الزُّور، بآبار النفط التي تحتويها، أما المنطقة المحيطة بالجولان المحتل من طرف إسرائيل، فرغم أنها استراتيجية، إلا أن المعركة حولها مازالت مؤجلة، بعد أن طردت تل أبيب القوات الأممية، منها، وأسندت حمايتها لتنظيم القاعدة. وأمام تقدم مايسمى بجبهة المقاومة، المشكلة من النظام السوري وروسياوإيران، فقد لجأت الولاياتالمتحدة لأساليبها المعهودة، حيث أسقطت طائرة سورية، وأخذت تتوعد النظام، حتى يوقف تقدم قواته، متهمة إياه بالاستعداد لقصف المدنيين بالأسلحة الكيماوية. غير أن هذا التصعيد، يمكن أن يدفع في اتجاه مواجهة إمريكية-روسية، بعد أن هددت موسكو بأنها لن تسمح لأي طائرات أجنبية، باختراق حدود المناطق التي تسيطر عليها قوات بشار، وعززت قواتها في سوريا، ونفس الأمر لجأت إليه إيران. و تشير كل الدلائل إلى أن واشنطن لن تتنازل عن مخطط التقسيم في سوريا، غير أن صورته النهائية، سترسم على ضوء موازين القوى، التي ستتداخل فيها المصالح، ليس بين واشنطنوموسكو وطهران، بل أيضا مابين تركيا وإسرائيل.