سلوى الزرهوني: مستقبل الإسلام السياسي غامض.. والسلطوية تتغذى على دعم خارجي    الرباط.. إطلاق النسخة الأولى من "هاكاثون" القدس 2024 للمقاولات الناشئة في مجال الصحة الرقمية    توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    السلطات الإسبانية تنشر آلاف الجنود الإضافيين في فالنسيا بعد الفيضانات    نهضة بركان يحتفظ بالصدارة ويعمق أزمة المغرب التطواني    مطار الناظور يستقبل أزيد من 815 ألف مسافر عند متم شتنبر    2 مليار لتأهيل أربعة أسواق أسبوعية بإقليم الحسيمة        التامك: عدد السجناء بلغ 105 ألف وقانون العقوبات البديلة سيُقلّص من أعداد الوافدين    الجديدة تحتضن الدورة الاولى لأيام التراث والبيئة    وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية    ممارسات خطيرة في سوق المحروقات ... جامعة أرباب محطات البنزين تدق ناقوس الخطر    مقتل مغربيين في فيضانات إسبانيا    وسط منافسة كبار الأندية الأوروبية… باريس سان جيرمان يتحرك لتأمين بقاء حكيمي    إسبانيا تعلن المناطق الأكثر تضررا بالفيضانات بمناطق "منكوبة"    "أبحث عن أبي" عمل فني جديد لفرقة نادي الحسيمة للمسرح    فيضانات إسبانيا.. الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة "مناطق منكوبة"    مصرع شاب جراء انقلاب سيارته بضواحي الحسيمة    خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    زنيبر يقدم التقرير الحقوقي الأممي    رويترز: قوات إسرائيلية تنزل في بلدة ساحلية لبنانية وتعتقل شخصا    رئيس منتدى تشويسول إفريقيا للأعمال: المغرب فاعل رئيسي في تطوير الاستثمارات بإفريقيا    المغرب يحبط 49 ألف محاولة للهجرة غير النظامية في ظرف 9 شهور    أسعار السردين ترتفع من جديد بالأسواق المغربية    تكريم بسيدي قاسم يُسعد نجاة الوافي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    هيئة: 110 مظاهرة ب 56 مدينة مغربية في جمعة "طوفان الأقصى" ال 56    بسبب غرامات الضمان الاجتماعي.. أرباب المقاهي والمطاعم يخرجون للاحتجاج    نقابة إصلاح الإدارة تنضم لرافضي "مشروع قانون الإضراب"    مطار الناظور العروي: أزيد من 815 ألف مسافر عند متم شتنبر    الأمم المتحدة: الوضع بشمال غزة "كارثي" والجميع معرض لخطر الموت الوشيك    بهذه الطريقة سيتم القضاء على شغب الجماهير … حتى اللفظي منه    أنيس بلافريج يكتب: فلسطين.. الخط الفاصل بين النظامين العالميين القديم والجديد    الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان الحسيمة تحصد 6 ميداليات في الجمنزياد العالمي المدرسي    فليك يضع شرطا لبيع أراوخو … فما رأي مسؤولي البارصا … !    نظرة على قوة هجوم برشلونة هذا الموسم    هذه مستجدات إصلاح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية الوطنية    الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات تعلق إضرابها.. وتعبر عن شكرها للتضامن الكبير للنقابات والجمعيات المهنية وتدخلات عامل إقليم الفحص أنجرة    "الشجرة التي تخفي الغابة..إلياس سلفاتي يعود لطنجة بمعرض يحاكي الطبيعة والحلم    بدون دبلوم .. الحكومة تعترف بمهارات غير المتعلمين وتقرر إدماجهم بسوق الشغل    قمة متكافئة بين سطاد المغربي ويوسفية برشيد المنبعث    الفيضانات تتسبب في إلغاء جائزة فالنسيا الكبرى للموتو جي بي    الحكومة تقترح 14 مليار درهم لتنزيل خارطة التشغيل ضمن مشروع قانون المالية    "تسريب وثائق حماس".. الكشف عن مشتبه به و"تورط" محتمل لنتيناهو    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية يناقش حصيلة بنكيران:

صراحة، توقعنا أن يكون خطابكم مختلفا عن المألوف والمكرور، لأن تقديم حصيلة الحكومة خلال سنتين ونصف يختلف عن اللقاءات الشهرية، التي ضيعتم الهدف منها بتوريط النقاش في الجدل العقيم. توقعنا كذلك أن تتحلوا بما يكفي من الجرأة لوضع البرلمانيين في صورة الوضعية الحقيقية للبلاد حالا وما ينتظر المغرب والمغاربة استقبالا، وأن تحرصوا على تقديم عرض يصلح لأن يكون قاعدة لنقاش عمومي من مستوى رفيع تستفيد منه البلاد، لكن توقعنا كان خاطئا.
خطابكم، السيد رئيس الحكومة، جاء مفككا ومضطربا وفاقدا لخيط ناظم، فهل عجزتم عن مجرد إعداد خطاب حصيلة مرحلية يليق بحكومة المغرب؟
الأرجح أن السبب في هذا اضطراب ناتج عن ارتباك في الجمع بين عرض حصيلة البرنامج الحكومي كما صوت عليه مجلس النواب وبين إرسال رسائل التزام إلى المنظمات المالية الدولية، بين جعل اللقاء مع البرلمانيين ذريعة وبين التوجه بالدرجة الأولى إلى من تحتكم إليهم الحكومة وتنتظر أحكامهم، أي صندوق النقد الدولي ووكالات التنقيط الدولية التي صرتم تتحدثون عنها حتى في لقاءات مع فئات شعبية لا تعرف لا فيتش (fitch) ولا ستندار أند بور (Standard and Poor).
هذا الارتباك بالضبط يجعلنا نسألكم : هل جئتم إلى البرلمان بغرض عرض حصيلة البرنامج الحكومي الذي تعاقدتم في شأنه مع أغلبيتكم السابقة؟ أم لعرض حصيلة تعاقدكم مع صندوق النقد الدولي منذ سنتين؟
هل جئتم للتباهي بخط الائتمان الأول والذي كلف المغرب 20 مليار سنتيم والتبشير بخط الائتمان الثاني بكلفة 17 مليار سنتيم كعمولة فقط؟ أي 37 مليار سنتيم، هل ما ورد في نص عرضكم، وما نطقتم به خارج النص، بشأن الفترة المقبلة نتاج تعاقد مع أغلبيتكم الجديدة أم تصريح بالتزام اتجاه المؤسسات الدولية المالية بالنسبة للسنتين المقبلتين؟
صراحة، السيد رئيس الحكومة، ارتباككم هذا مربك لنا، لأنه يُشْعرنا أننا استدعينا لنكون شهودا فقط على زواجكم مع صندوق النقد الدولي وليس لممارسة دورنا الدستوري في مراقبة العمل الحكومي على ضوء الالتزامات المعبر عنها في البرنامج الحكومي، الذي استعضتم عنه ببرنامج جديد بأربع أولويات، فضلتم أن يتم تمريره ضمن الحصيلة المرحلية عوض أن يكون موضوع تصريح حكومي جديد بعد تشكيل حكومتكم الثانية.
السيد رئيس الحكومة،
كان التعقل وتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام يقتضي منكم البحث عن الوسائل والآليات لإنجاح التشاور والحوار مع القوى السياسية الأخرى، والمركزيات النقابية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وجمعيات المجتمع المدني ذات الخبرة والشخصيات الوطنية من أجل الوصول إلى توافق حول سبل معالجة مشاكل البلاد في هذا الظرف الدقيق، لكن حسابكم الضيق وحملتكم الانتخابية الدائمة يحرمانكم من القدرة على الإنصات والمبادرة، وحالا بالتالي دون وضع برنامج يلائم المرحلة وما يعتمل فيها وتحقيق توافق شامل حول الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد وإطلاق دينامية الإصلاح وتمثين الصرح الدستوري والإرتقاء بالممارسة السياسية خطابا وأداء.
التوافق السيد رئيس الحكومة، يتطلب التحرر من الغرور والتحلي بفضائل الإنصات والتواضع، وهذا ما افتقدتموه، إذ اغتررتم بعدد المقاعد التي حصلتم عليها في انتخابات جرت في ظروف استثنائية نَتَجت عن الحراك الشعبي والشبابي. حراك عارضتموه صراحة كما يعرف الجميع منذ الوهلة الأولى. وبدلا من التفكير انطلاقا من أرض المغرب التي تقفون عليها بمجتمعها وثقافتها اخترتم العيش مع وهم. هذا الوهم جعلكم تنسون أن للمغرب تاريخ، وأن الدولة المغربية لم تنشأ بعد نهاية الاستعمار، وليست فيه طائفية، كما أن له من الحصانات ما يجنبه المشاريع الظلامية التي نرى اليوم كيف تسئ إلى صورة ديننا الإسلامي السمح ولصورة العرب والمسلمين في العالم.
هذا الوهم جعلكم السيد رئيس الحكومة كذلك، تنسون أو تتناسون أن عدد مقاعدكم في مجلس النواب لا يخول لكم الحق في ممارسات الحزب الأغلبي. فأنتم لستم أغلبية كما تعلمون، وإذا كنتم تعتبرون تصويت مليون ناخب ونصف عليكم في انتخابات سابقة لأوانها قاطعها 55% من المغاربة المسجلين باللوائح، بالإضافة إلى 15 مليون شابة وشاب غير مسجلين أصلا بهذه اللوائح، فأنتم أغلبية الأقلية الانتخابية، فهنيئا لكم بهذه الشعبية! إن أكبر تحد يواجه المغرب اليوم دولة وأحزابا ومؤسسات، هو كيف نعيد الثقة للمغاربة في مؤسساتهم الانتخابية؟ فالخوف كل الخوف أن نكون غدا أمام انتخابات بدون ناخبين، إذا استمر الأمر على ما هو عليه في التنابز الحزبي وتدني الخطاب والممارسة السياسيين.
بوليميك
ومثلما أشعلتم فتائل نزاعات مع حلفائكم، فإنكم فتحتم جبهات نزاع مع الجميع، مع المعارضة في البرلمان التي حاولتم تقزيم دورها في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، ومع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية التي تهربتم طويلا من الحوار الجدي معها، بل وسعيتم إلى تحجيم دورها، والاستهزاء من معاركها النضالية، ومع الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي عملتم على الطعن في تمثيليته، ومع المجتمع المدني، الذي أفسدتم الحوار معه بتعاملكم غير السليم الذي أدى إلى انسحاب الجمعيات الديمقراطية الوازنة منه وتنظيمها لحوار أغنى وأفيد من حواركم.
إن لجوءكم المستمر للجدال (polémique) زاد الطين بلة. فالطريقة الجدالية التي اعتمدتموها في مواجهة الجميع ومازلتم، تعني أنكم تشعرون بامتياز، وترغبون في استعماله للقضاء المبرم على كل من يخالفكم الرأي والموقف ومن لا يقبل مشروعكم ومنهجيتكم في تدبير شؤون العباد والبلاد.
السيد رئيس الحكومة،
إن شعوركم الذي تعبرون عنه دائما بكونكم ضمانة لاستقرار البلاد، وتوجيهكم الشكر مرتين في خطابكم للمغاربة الذين تقبلوا قراراتكم اللاشعبية كامتداد لذلك الشعور، إنما يؤكد أنكم ترفضون رؤية الحقيقة وسماعها، فالمغاربة إذ يحرصون على استقرار بلادهم كرأسمال ثمين، بعدما ظهرت نتائج مغامرات الجماعات الإسلامية في الشرق، فإنهم لا يربطونه بوجود حكومتكم، وهم لا يخشون أي تهديد بالمساس بهذا الاستقرار بعد أن تصالح المغرب مع ماضيه وذاته، ويتطلع إلى تفعيل وأجرأة كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وبعد أن اختار العدالة الانتقالية وعدم تكرار ما حصل.فللمغرب حصاناته ضد المغامرات العمياء وله القدرة على إحباط هذه المغامرات في المهد، وللبيت رب يحميه.
إن حرص المغاربة على استقرار بلادهم كذلك لا يعني، بأي حال من الأحوال، أنهم لا يشعرون بالغضب اتجاه قرارات حكومتكم، التي تتجه نحو تقليص قدرتهم الشرائية، والمساس بالحقوق المكتسبة في ميدان التقاعد، وتقليص المرتبات ومناصب الشغل، والزيادة في الضرائب، والمساس بالحريات والمكتسبات، وغير ذلك مما قمتم به أو تعتزمون القيام به في إطار التزاماتكم مع المؤسسات المالية الدولية.
هذا الغضب تم التعبير عنه بأساليب سلمية وحضارية من طرف المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والحركات الاحتجاجية السلمية في مختلف المدن والقرى المغربية، وسيستمر التعبير عنه مادام استمرار الفساد والاستبداد والتحكم. وإن إشارتكم إلى المركزيات النقابية و مطالبها، و خصوصا ما يتعلق بتحسين الدخل، ? تعدو أن تكون استفزازا مجانيا وتحقيرا للنقابات والنضال النقابي. وهو ما يفسر تهربكم من مأسسة الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف وضمان انتظامه. ولتتصوروا أن اللجوء إلى أساليب لي العنق، من قبيل إخضاع أجور ومرتبات المضربين للاقتطاع دون سند قانوني أو دستوري، يمكن أن يثني المواطنين عن التعبير عن غضبهم في مواجهة سياسة التفقير والتضييق على الحريات التي تنهجونها، وإن غدا لناظره لقريب.
إننا نستغرب مما ورد في مداخلتكم حول رصد 50 مليار درهم برسم الفترة 2012 ? 2014 لتنفيذ الالتزامات العامة والخاصة باتفاق 26 أبريل، فلعلمكم السيد رئيس الحكومة، أن هذا الغلاف المالي هو مجموع الزيادات والتعويضات الناتجة عن الحوار الاجتماعي منذ سنة 2003 إلى سنة 2014، فكيف لكم أن تُنسبوا لأنفسكم ضمن الحصيلة المرحلية مجهودات الحكومات السابقة؟ وتجدر الإشارة إلى أن سنتي 2012 ? 2013 كانتا سنتين بيضاء بخصوص الحوار الاجتماعي. وما رصدته حكومتكم، لم يتجاوز 160 مليون درهم للرفع من الحد الأدنى للأجر لفائدة 53.000 موظفة وموظف، ودون أن يشمل هذا الإجراء العاملين بالجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية وشبه العمومية، والذي كان الهدف منه تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية بالدرجة الأولى.
وحتى تكونوا على دراية من أمركم وعلى بينة من ما تم رصده من نفقات خاصة بالحوار الاجتماعي ومن أجل تحيين معطياتكم، نسلمكم السيد رئيس الحكومة وثيقة تفصيلية لمختلف الالتزامات المالية الناتجة عن الحوار الاجتماعي منذ انطلاقاته سنة 1996.
حصيلة
إن حصيلة حكومتكم المؤقتة لم ترق إلى انتظارات الطبقة العاملة، فأين نحن من التزاماتكم بخصوص وضع الآليات الفعالة للرصد والوساطة في سوق الشغل؟
أين نحن من إحداث المرصد الوطني للتشغيل وإنشاء المنظومة المعلوماتية الوطنية الخاصة بسوق الشغل وتقوية قدرات الوساطة؟ أين نحن من توسيع التمثلية في المجلس الإداري للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وتفعيل المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للتشغيل المنصوص عليها في مدونة الشغل.
أين نحن من توسيع التأمين الصحي الإجباري ليشمل المهن الحرة والتجار والصناع التقليديين والطلبة والمشتغلين الذاتيين؟
أين نحن وأنتم في منتصف الولاية من تعزيز الديمقراطية الاجتماعية والحوار الاجتماعي وإنشاء صندوق عمومي للضمان الاجتماعي للمعوزين وضمان المساواة وتكافئ الفرص والقضاء على التمييز في مجال الشغل وحماية المُشَغلين وضمان شروط الصحة والسلامة وتطوير ثقافة الحوار طبقا لمعايير الشغل اللائق؟
إن البطالة السيد رئيس الحكومة، ارتفعت باستمرار منذ ولوجكم إلى المسؤولية الحكومية وخصوصا منها بطالة الشباب الحامل للشهادات العليا وشهادات التكوين المهني والتي تجاوزت 18.1% ، وتصل في صفوف الشباب البالغين ما بين 15 و24 سنة نسبة 36% وفي الوسط الحضري 14%.
السيد رئيس الحكومة،
لقد سرتم في الطريق الخطأ مند البداية، ?نكم وجدتم أنفسكم فجأة في قاطرة لم تتعلموا سياقتها و?تعرفون مساراتها ومواقيتها، ولذلك أخفقتم إلى حد الآن في تحقيق العديد من الأهداف الملتزم بها في برنامجكم الحكومي. و إخفاقاتكم متعددة المستويات.
فقد جعلتموننا نعيش بين دستورين، دستور 2011 ودستور 1996، بسبب التباطؤ غير المبرر في اعتماد والمصادقة على القوانين التنظيمية والعادية المنصوص عليها في الدستور الجديد، وخاصة ما يتعلق بإشراك المجتمع المدني في التشريع والمراقبة والولوج للمعلومة، وما يتعلق بالمناصفة والمساواة ومؤسسات الحكامة وتخليق الإدارة وتقوية المراقبة على المالية العمومية والارتقاء بدور المعارضة البرلمانية وتمكينها من كل الوسائل لمراقبة ومسائلة الحكومة، وكل ما يتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة والديمقراطية التشاركية وغيرها من المقتضيات الخاصة بصون الحريات الفردية والجماعية.
وأيضا بسبب تأويلكم للمواد الدستورية التي يتم إفراغها أحيانا من محتواها، وبسبب تنازلاتكم غير المفهومة. وبذلك فوتم علينا الفرصة للاستفادة من مكاسب تحققت بعد نضالات طويلة وبفضل توافق وطني لتحقيق نقلة ديمقراطية حقيقية، وعطلتم عملية البناء المؤسسي الجديد المترتب عن دستور 2011، بل فرضتم الجمود في الحياة السياسية بدل إطلاق الديناميات المطلوبة، على إثر تصدع الأغلبية الحكومية لمدة قاربت السنة لأنكم بقيتم سجناء حسابات ضيقة في هذه المرحلة المفصلية في البناء الديمقراطي السليم الذي يتطلب الاقتناع به بعمق وبعد النظر والمبادرة المقدامة والحكمة والرزانة.
دستور
ومن غرائب الأمور، أنكم بدل أن تعتبروا توليكم المسؤولية الحكومية في بداية دستور جديد ومتقدم يمنحكم اختصاصات واسعة لممارسة السلطة التنفيذية لم تتوفر لأي وزير أول من قبل، فرصة وامتياز، جعلتم منه مشكلة وصعوبة كما جاء في خطابكم. انه لأمر يثير الاستغراب حقا!!!!!
فعدم تنزيل الدستور بشكل سليم فوت كذلك فرصة تطوير الحكامة عبر تطوير البناء المؤسسي وتعميم ثقافة تقديم الحساب. ومن المثير أن أغلب مشاريع القوانين التنظيمية والعادية التي تهم التقنين والحكامة كانت جاهزة تقريبا بالنظر إلى كون الاشتغال عليها تم مند سنوات، لكنكم تلكأتم في المصادقة عليها وعرقلتم دور البرلمان الذي كان بالإمكان أن يساعد في تسريع وتيرة إصدار القوانين التنظيمية والعادية منها. هذا ما شجع على استمرار عدد من الظواهر التي كان مفروضا أن تتقلص من قبيل الفساد والرشوة والزبونية واستغلال النفوذ والريع. فلا يكفي أن تنشروا لوائح منتقاة لتقولوا أنكم شرعتم في تطوير الحكامة، فماذا قمتم به بعد ذلك؟ لا شيء تقريبا غير إطلاق الكلام على عواهنه في ا?جتماعات والتجمعات الهادفة إلى التعمية والتغطية على العجز في تدبير الشأن العام. الحكامة كما لا يخفى عليكم، تتطلب سياسة عمومية شاملة أفقية وليس شعارات دعائية أو عمل ترقيعي أو حملة إشهار فاشلة. وا?صلاح ليس كلاما يقال في خطب وإنما هو عملية متواصلة من التفاعل وا?نضاج والنضال. ويجدر بنا في هذا السياق، التنبيه إلى أن النضال من أجل ا?صلاح ودمقرطة الدولة والمجتمع لم يبدأ اليوم في هذا البلد السعيد وليس اختراعا يحسب لوزرائكم ولحزبكم كما تحاولون الترويج لذلك، وتاريخ هذا البلد ونضالات شعبه دالة على ما قدمته وناضلت وضحت من أجله أجيال من المغاربة رجالا ونساء في ظروف بالغة الصعوبة وطيلة سنوات الرصاص. ومن باب الظلم والتنكر، بل ا?دعاء، القول بأننا نبدأ اليوم من الصفر. فمساحات الحريات المتوفرة للجميع اليوم والتداول على السلطة وانتظام إجراء ا?نتخابات وتقلص ممارسات ا?ستبداد، كلها أمور ? فضل لكم فيها والتاريخ يسجل و يشهد أن اليسار المغربي والحركة النقابية هما من تحملا العبء وأديا الثمن الباهظ دفاعا عن الشعب المغربي وحقوقه وحرياته. ? تستسلموا كثيرا ?غراء لحظة، فبعد العسر يسرا.
إن حديثكم، السيد رئيس الحكومة، عن إصلاح منظومة العدالة، وعن إصلاحات أخرى، يوحي وكأنها إصلاحات قائمة، والحال أن الأمر يتعلق بأوراش مفتوحة حتى قبل مجيئكم إلى الحكومة لكنها مازالت تواجه الفشل أو صعوبة التحقق.
إن إصلاح منظومة العدالة، وهو إصلاح استراتيجي جدا، بدأ منذ سنوات، كما بدأ الشروع في إصلاح عدد من القوانين والمدونات بغرض تجاوز النواقص والملاءمة مع ما هو معمول به لدى الشركاء الأوروبيين، والعمل على امتلاك سياسة جنائية تتناسب والانخراط المتتالي في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان والديمقراطية، لكن ذلك المجهود الذي بذل لم يحقق الإصلاح المنشود ولم يحرر العدالة من صورتها القاتمة لدى عموم المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والشركاء الخارجيين. وإن حجب الاتحاد الأوروبي لمساعدته المخصصة لإصلاح القضاء لدليل من بين أدلة أخرى على تعثر الإصلاح، كما ان ترتيب المغرب في عدد من التقارير الدولية، وبغض النظر عن تحفظاتنا، دليل آخر. فالرشوة لا زالت تنخر وتخترق جل المرافق الإدارية وأجهزة الدولة بما في ذلك الجسم القضائي.
إننا أبعد ما نكون عن تأكيد السلطة القضائية وأبعد ما نكون عن العدالة التي تعمل القانون والقانون وحسب وتضمن المساواة الفعلية بين المواطنين أمام القانون. فلا تدعوا إنجازا في هذا الميدان، الشائك والمعقد من دون شك. ويجب التنبيه في هذا ا لاطار الى أن إصلاح القضاء يهدف فقط إلى تحسين مناخ الاعمال، وإنما اقامة العدالة لفائدة الجميع بدون تمييز. فإصلاح القضاء ومنظومة العدالة لم يعدا مطلبا سياسيا وحسب بل أصبحا مطلبين اقتصاديين واجتماعيين لإرساء دولة الحق والقانون، وجلب وتشجيع الاستثمار. نتمنى صادقين أن تثمر الجهود المبذولة في هذا المجال إقرار اسقلالية ونزاهة القضاء ونجاعة وفعالية منظومة العدالة ببلادنا.
ويمكنكم الزعم السيد رئيس الحكومة أنكم أحرزتم اي تقدم في ميدان الاعلام و الاتصال. فالولوج إلى المعلومات ما يزال مشكلة قائمة، والمعركة التي فتحتموها مع المندوبية السامية للتخطيط كشفت عن رغبة في التحكم في المعلومات الاحصائية والتوقعات وتوجيهها وحجب الحقائق. والقوانين المتعلقة بقطاع الاعلام والاتصال حصل تلكؤ كبير وغير مفهوم في اعتمادها، رغم أن اتفاقا بين كل الاطراف حصل مند سنوات على الاصلاحات الواجب اإدخالها لتستجيب للمعايير الدولية وتستوعب التزامات الدولة المغربية في ميدان الحريات وحقوق الانسان واحترام استقلالية السلطة الرابعة. واليوم يعيش إعلامنا السمعي البصري العمومي حالة من التردي القصوى كامتداد لدفاتر التحملات. فلا ديمقراطية بدون حرية الإعلام والتعبير.
تعليم
كذلك يمكنكم أن تدعوا أنكم أحرزتم تقدما في إصلاح التعليم، فالمدرسة العمومية ماتزال في حالة كارثية رغم حجم الميزانيات التي رصدت ?صلاح التعليم والتي تشكل أكثر من 17.2% من الميزانية العامة الدولة، وارتفاع سنوي بمعدل 7.8% منذ سنة 2001، والجامعة المغربية ما تزال طريقا للفشل والعطالة، ولحد ا?ن يستمر التجريب في أبناء وبنات المغاربة دون ان يتبين الهدف وتظهر الجدوى ودون أن تؤكد النتائج سلامة ا?ختيارات. بالرغم من أن قطاع التعليم يلتهم 44% من كثلة الأجور (التربية الوطنية 38% - التعليم العالي 6%). إن وضعية التعليم العمومي وصمة عار. فالضحايا كما تعرفون هم ابناء الفقراء ومحدودي الدخل الدين يفرض عليهم ان يرثوا الفقر والخصاص عن أبائهم.
ومن المؤكد أن التعليم الأساسي حقق تقدما على المستوى الكمي، إلا أن نسبة الهدر المدرسي لازالت مرتفعة، ومعدلات التمدرس في التعليم الثانوي والجامعي لا تزال متدنية، ومتوسط سنوات الدراسة الذي يعد من المؤشرات الرئيسية في هذا المجال يبلغ 4.4 سنوات في المغرب مقابل 4.7 في دول إفريقيا جنوب الصحراء، و6 سنوات في البلدان العربية. وفي نفس الإطار، وعلى الرغم من تطوره الكمي في السنوات الأخيرة ومواكبته لبعض المخططات القطاعية، فإن نظام التكوين المهني يعرف مستوى مرتفع من البطالة في صفوف خريجيه، مما يطرح إشكالية جودة هذا التكوين ومدى ملائمته لاحتياجات سوق الشغل. أما الأمية فحدث ولا حرج. فالأمية لدى الأطفال البالغين 10 سنوات تصل إلى 30% ولدى النساء 38% مقابل 23.5% لدى الرجال و58% لدى النساء في العالم القروي. إنها حقا أرقام دالة ومفزعة.
إننا نعيش اليوم على إيقاع تدمير المدرسة العمومية وتردي المنظومة التعليمية، فمعركة النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية ومعركة الديمقراطية هي معركة التعليم بامتياز. فلا تقدم اقتصادي ولا تنمية اجتماعية بدون تعليم نافع وعصري وحداثي.
اقتصاديا لا يمكنكم السيد رئيس الحكومة أن تَنكروا إخفاق حكومتكم في وضع السياسة الاقتصادية المناسبة للظرفية والمفتوحة على أفق تحرير المغرب من الدوران في الحلقة المفرغة لأزمة تتعمق باستمرار في الوقت الذي تستعيد فيه الاقتصاديات العالمية عافيتها ويتقوى النمو في إفريقيا. إخفاقكم هذا تشهد عليه كل المؤشرات. فالنتائج المتباينة للغاية للاستراتيجيات القطاعية تثير عدة تساؤلات سواء بشأن درجة انسجامها أو ظروف إعدادها وتنفيذها. فعلاوة على خصوصية كل قطاع، فإن وضع أهداف واقعية وتعبئة الوسائل اللازمة ونهج المقاربة التشاورية وإجراء التقييم لهذه الاستراتيجيات كلها شروط لتحقيق فرص النجاح الاقتصادي. وفي هذا الإطار، فإن إحداث وكالة مستقلة لتقييم الاستراتيجيات القطاعية ومواكبتها ومصاحبتها بات ضروريا ومن شأنه أن يكون سبيلا لتحقيق الحكامة والنجاعة الاقتصادية.
بطالة
إخفاقكم السيد رئيس الحكومة يتجلى كذلك في نمو ضعيف يتراوح ما بين 2،5 و4،2 في المائة، بدل معدل نمو 5،5 في المائة سنويا الملتزم به في البرنامج الحكومي خلال الفترة 2012 ? 2016. هذا التراجع في معدلات النمو يعكس تعثر المحركات الأساسية للاقتصاد الوطني وكذلك توقف دينامية الطلب الداخلي دون أن يعوضها طلب خارجي.
ومن المعلوم أن امتصاص البطالة واليد العاملة الوافدة على سوق الشغل سنويا والتي تقدر بأكثر من 260 ألف شخص لن يتحقق إلا بتحقيق معدل نمو اقتصادي يفوق نسبة 6% سنويا من أجل توفير فرص جديدة واستيعاب مخزون العاطلين والداخلين الجدد إلى سوق العمل، مما يتطلب من الاقتصاد الوطني خلق ما معدله 300.000 فرصة عمل في السنة وهو معدل يفوق ما يتم توفيره حاليا، أي 153.000 منصب شغل.
إخفاقكم يتجلى أيضا في مستوى عجز الميزانية الذي بلغ 7.4 في المائة سنة 2012 و حوالي 5.5 في المائة سنة 2013، وهي مستويات قريبة مما عرفه المغرب في ثمانينات القرن الماضي المظلمة. كما ارتفع التضخم الأساسي الذي يرصد التوجه الرئيسي للأسعار من 0.8% إلى 1.5% سنة 2013.
إخفاقكم يتجلى كذلك في وصول عجز الحساب الجاري لميزان الآداءات إلى 10 في المائة سنة 2012 وإلى أكثر من 8 في المائة سنة 2013 وعدم كفاية مختلف التحويلات الخارجية لتمويله، مما يؤثر على موجودات المغرب من العملة الصعبة وهو ما يدفع إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي باستمرار.
إخفاقكم يتجلى في التضخم المتزايد للمديونية العمومية التي وصلت إلى مستويات فاقت 65.3% من الناتج الداخلي الخام، وارتفاع الدين الخارجي للخزينة بنسبة 11.1%، و 14.9% من الناتج الإجمالي، وارتفاع جاري الدين العمومي بنسبة 11.8% ليصل إلى 75.5% من الناتج الداخلي الإجمالي.
إخفاقكم يتجلى في تعقيد مشكلة تمويل الاقتصاد، إذ فضلا عما سبق، عاش النظام البنكي مشكلة سيولة تطلبت تدخلات غير مسبوقة من حيث الحجم لبنك المغرب لدرء خطر ا?زمة البنكية، وتقلص نمو القروض للاقتصاد وللاستهلاك، حيث تباطأت قروض الاستهلاك من 9.8 في المائة إلى 1.7 في المائة، والقروض الموجهة للسكن من 9.8 في المائة إلى 6.8 في المائة، وسجلت القروض العقارية تباطؤا من 6.1 في المائة إلى 4.8 في المائة. كما واصلت القروض الممنوحة للقطاع الخاص تباطؤها لتصل إلى 1.3 في المائة مقابل 4.7 في المائة سنة 2012 و10.1 في المائة سنة 2011. كما ترجعت القروض الممنوحة للقطاع العمومي من 24.4 في المائة إلى 7.6 في المائة. وأصبحت شروط الحصول على القروض تعجيزية بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، كما عاشت بورصة القيم بالدار البيضاء حالة تراجع بالغ الخطورة وصل إلى 42% بسبب إفراغها من سيولتها و تراجع معاملاتها، مع تخفيض تصنيفها الدولي.
وقد مارست خزينة الدولة ضغطا قويا على سيولة ا?بناك وأنتجت فعليا مفعولها ضد تمويل القطاع الخاص (effet d›éviction).
وفي هذه الظروف نمت القروض غير المسترجعة لتصل إلى قرابة 7 في المائة، وارتفع حجم الشيكات والكمبيالات بدون رصيد وصار عدد من المواطنين عرضة للمطاردة وخطر السقوط في الفقر المدقع بعدما راودهم ا?مل في تحسن ا?حوال ومنهم مقاولون شباب وأسر. إن هذه السيد رئيس الحكومة هي حالة الاقتصاد والمقاولات والأسر.
هل نضيف. ممكن، لكننا نكتفي بهذه الأمثلة البارزة للإخفاقات التي راكمتموها وسيؤدي المواطن البسيط ثمنها لامحالة. لماذا هذا الإخفاق؟ هل كان حتميا؟
نحن نعي أثر الظرفية الدولية وأحوال الطقس، لأننا لا نرغب في المزايدة على أحد، لكن المطلوب من الحكومة في مثل هذه الظرفية بالضبط هو أن تضع السياسة الاقتصادية المناسبة لمواجهتها.
فالأصل في كل سياسة اقتصادية حكومية، منذ كانت، هو مواجهة الظرفيات غير الملائمة للرفع من معدل النمو والوصول إلى التشغيل التام ( le plein emploi )، لكن يتبين أن لكم رؤية أخرى تعتبر الشغل للعاطلين، والحفاظ على مناصب الشغل أمورا غير ذات أولوية، هذا ما يقودنا إلى القول بأن خطابكم يؤكد أن مشكلة المغرب اليوم، هي أن حكومته لا تمتلك سياسة اقتصادية جديرة بهذا الاسم. وبدل أن تجتهد وتتشاور وتتحاور لإيجاد حلول لمشكلتها داخليا بما يحفظ للمغرب احترامه، لأنه يتوفر على كفاءات عالية، استكانت إلى توصيات وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية.
استثمار
لقد استثمر المغرب كثيرا خلال العشرية السابقة لوصولكم إلى الحكومة، ورغم ميلكم إلى تخفيض الاستثمار العمومي، فإن المجهود الاستثماري الوطني يبقى مهما. إذ استثمرنا قرابة 35 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو من أعلى المعدلات عالميا، لكننا نعيش على إيقاع نمو ضعيف وتراجع صناعي وتنافسية ضعيفة وحضور لم يتغير حجمه في السوق العالمية، حيث بقي في حدود 0،15 في المائة مند السبعينات رغم الانفتاح والتبادل الحر وما شابه. بل إن اقتصادنا لا يحدث مناصب شغل لساكنة نشيطة ترتفع بنسبة 1.8 في المائة سنويا في ظل التحول الديمغرافي السريع.
هذه الاشكالات لا يبدو أنكم طرحتموها على أنفسكم، ولا تنتظروا أن يأتيكم صندوق النقد الدولي أو غيرَهُ بأجوبة عنها تناسب المغرب. الأجوبة الصالحة والقابلة للتطبيق تأتي من المغاربة، من الفاعلين الاقتصاديين والنقابات العمالية والأحزاب السياسية والجمعيات والباحثين، وتستدعي أول ما تستدعي توفر إرادة الحوار والتشاور وامتلاك ملكة الإنصات والثقة في قدرات المغاربة والابتعاد عن الغرور.
ا?جوبة الصالحة تتطلب بناء ديمقراطيا صلبا يرتقي بالمواطن والمواطنة ويوفر شروط المشاركة الفعلية للمواطنين في صنع مستقبلهم بتحررهم من ا?كراهات ومن القيم المكبلة للإرادة. ويقوم على أساس مؤسسات متناسبة مع عصر الديمقراطية والتقدم والبحث العلمي وا?قتصادي، وعلى فصل السلط وتوازنها، وعلى قيم الحرية والحقوق والواجبات، و نبذ العنف، وبطبيعة الحال ا?نتخابات الحرة والنزيهة.
ا?نتخابات السيد رئيس الحكومة مهمة جدا في عملية البناء الديمقراطي. لذلك ? بد من أن يندرج مسارنا ا?نتخابي المقبل في أفق ترسيخ الديمقراطية الحق وليس السباق ا?عمى نحو السلطة ومنافعها وامتيازاتها، و? بد من التقدم في تجسيد مكاسب الدستور الجديد وترسيخها وا?بتعاد عن الديماغوجية والتجييش ا?عمى. والتوجه في ترسيخ الاختيار الديمقراطي وبناء مجتمع الحداثة والتقدم والمساواة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئة، وللحكومة مسؤولية كبرى في هذا المجال.
وفي الأخير، نستغرب السيد رئيس الحكومة، كيف جعلتم مجموعة من القرارات الإدارية الخاصة بالإصلاح الجبائي والضريبي الذي انطلق منذ سنة 2003 مكاسب سياسية ضمن حصيلتكم المؤقتة، فإصلاح الضريبة على القيمة المضافة ومعالجة إشكالية المصدم وتسريع وثيرة الاسترداد وغيرها من الإجراءات الجبائية والضريبية تندرج ضمن البرنامج الإصلاحي لإدارة الضرائب الممول جزء منها من طرف المؤسسات الدولية المالية المانحة والداعمة للإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والجبائي والإداري لبلادنا من قبيل الاتحاد الأوربي، البنكي الدولي، البنك الإفريقي للتنمية وغيرها. فهذه الإصلاحات مرغوبة بل مفروضة منذ زمان من طرف هذه المؤسسات.
مالية
إننا نثمن توجه الحكومة نحو تعبئة 1000 هكتار من الوعاء العقار العمومي لمناطق صناعية مخصصة للكراء وإحداث صندوق عمومي لمواكبة التطوير الصناعي كدعامة للمقاولات والقطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية أو تطور العرض التصديري أو توفر فرصا للشغل، وتحترم التزاماتها الاجتماعية، لأنه بكل بساطة لا يمكن تصور أي تطور أو نمو اقتصادي دائم بدون سياسة صناعية، وخير دليل أن قطاع صناعة السيارات يحتل اليوم المرتبة الأولى على مستوى التصدير بنسبة 34.6% والصناعات الإلكترونية ب 25.9% متجاوزين بذلك القطاعات التقليدية مما ساهم في تخفيف عجز الميزان التجاري.
أما بخصوص مشروع القانون التنظيمي للمالية وبالرغم مما تضمنه من مقتضيات تسعى إلى إضفاء الشفافية في تدبير المالية العمومية، فإنه لازال يكرس في نظرنا تقنيات العقلنة البرلمانية وذلك بهدف تقييد الاختصاصات الموكولة للبرلمان، حتى لا تؤدي حرية عمله إلى عدم استقرار الحكومة خاصة فيما يتعلق بمجال الاختصاص المالي للبرلمان الذي تحيط به مجموعة من القيود العملية، سواء تعلق الأمر بمسطرة المناقشة أو المعلومات التي لا يتوفر عليها البرلمان وتحتكرها الحكومة وتستعملها كموجه ومتحكم، أو تعلق الأمر بسيطرة السلطة التنفيذية على المبادرة التشريعية وأسبقيتها في جدول أعمال البرلمان. وبالتالي، فإن البرلمان يمارس شكليا السلطة المالية. فمنطق العلقنة البرلمانية ينطوي على قيد جوهري لسلطة البرلمان المالية تتضمنه المادتين 48 و49 من مشروع القانون التنظيمي للمالية وكرسته المادة 77 من دستور فاتح يوليوز 2011. ومما يؤكد ذلك أن وزير المالية يمكن له أن يصدر مرسوما لإلغاء اعتمادات لم تستعمل أو لوقف بعض نفقات الاستثمار عندما تقتضي الظروف الاقتصادية والمالية ذلك، والقانون المالي التعديلي هو حق خاص للحكومة وليس لممثلي الأمة. فمشروع القانون التنظيمي للمالية الذي طالبنا بتعديله منذ سنة 2005، والذي يعد نقلة نوعية بالرغم من تكريسه للعقلنة البرلمانية، سيحسب لكم.(...)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.