قدمت حكومة السيد بنكيران في يناير 2012 برنامج تعاقديا يقوم على ثلاث مرتكزات أساسية: العمل المندمج والمتكامل، المقاربة التشاركية و مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. و يحدد في نفس الوقت خمسة توجهات رئيسية للسياسة الحكومية في مختلف مجالات التدبير الحكومي ( سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا و حقوقيا...). وترسيخا لممارسة الحكامة الجيدة في تدبير الشأن السياسي المغربي الذي يضمنها الدستور الجديد للمملكة، والتي من مبادئها ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل آليات التقييم و الرصد و المتابعة، يحق لنا كمتتبعين ومهتمين بالشأن السياسي الوطني أن نتساءل: انطلاقا من مرتكزات و توجهات برنامجها التعاقدي، إلى أي مدى التزمت الحكومة، بعد مرور سنة من عملها (خمس الزمن الحكومي) بما وعدت به في تصريحها الحكومي ؟ هل الحكومة مستعدة لتقديم الحساب السنوي للمواطنين، من خلال إبراز الإنجازات وتبرير التعثرات، وتقديم البدائل و الحلول الممكنة للإشكاليات المرتبطة تنفيذها بما تبقى من الزمن الحكومي؟ وهل يمكن اعتبار الحصيلة السنوية للحكومة الحالية إيجابية بالنظر لصعوبة الظرفية الراهنة، ومحدودية الإمكانيات و هامش الاشتغال ، أم أن هذه الحصيلة لا ترقى إلى مستوى سقف انتظارات وتطلعات الشعب المغربي، الذي يهفو إلى مزيد من الحرية و الديمقراطية ويطالب بمحاربة الفساد و الاستبداد؟ إن أي تقييم موضوعي و منصف للتدبير الحكومي السنوي ( 20% من فترة التعاقد الحكومي)، يتطلب منا عرض ما تحقق على أرض الواقع من نتائج و إنجازات ، ثم رصد الإخفاقات و المعوقات انطلاقا من الالتزامات الكبرى و الوعود التي قدمتها الحكومة في برنامجها التعاقدي ، ومن تم تقديم بعض الاقتراحات لصناع القرار الحكومي، في أفق رفع التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المنشودة. 1 - انجازات حكومية في وضعية اقتصادية و اجتماعية صعبة: كل تقييم محايد ومتوازن للعمل الحكومي السنوي لابد أن يقر و يعترف بمجموعة من الإنجازات التي حققتها الحكومة الحالية و التي لا يمكن ينكرها إلا جاحد أو متحامل، فرغم الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي أتت فيها الحكومة (ظروف تشكيل الحكومة، تداعيات الأزمة الاقتصادية، مخلفات الربيع العربي، الإرث الاجتماعي الثقيل التي ورثته عن الحكومة السابقة...)، فقد استطاعت إلا حد ما، تحريك المياه الراكدة و تسجيل مجموعة من النقاط الإيجابية في مجموعة من القطاعات الحساسة. و في هذا الصدد، سنعرض لأهم الإنجازات الحكومية السنوية في المجال السياسي والاقتصادي و الاجتماعي و مجال ممارسة الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد. المجال السياسي : خيار الإصلاح في ظل الاستقرار. تعتبر الحكومة الحالية أول حكومة تنتج عن عملية انتخابية نزيهة و شفافية مقارنة مع الاستحقاقات الانتخابية السابقة٬ وقد تم تنصيبها بعد المصادقة على دستور 2011، الذي جاء نتيجة الخطاب الملكي ل 9 مارس، و الذي شكل محطة نوعية في مسار الانتقال الديمقراطي بالمغرب. كما أتت الحكومة الحالية في سياق سياسي و اقتصادي و اجتماعي استثنائي ودقيق تميز، من جهة، بحراك الربيع العربي وما واكبه من تغيرات و تحولات عرفتها المجتمعات العربية على جميع الأصعدة ، و من جهة أخرى، بالتداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على اقتصاديات دول العالم بأسره. فكان من اللازم على الحكومة آن تتفاعل مع كل هذه التحولات والمستجدات و تتعاطى بإيجابية مع رهانات و تحديات المرحلة الراهنة، خصوصا و أن بلادنا تمر بمرحلة الانتقال الديمقراطي الذي يستلزم أهدافا واضحة و آليات دقيقة ومدة زمنية محددة. كما أن خيار الإصلاح في ظل الاستقرار الذي نهجته بلادنا وتبنته و دافعت عليه الحكومة بقيادة حزب العدالة و التنمية، وبالرغم من كلفته السياسية وتبعاته الاقتصادية و الاجتماعية وصعوبات و إكراهات تنزيله، اعتبر كإجابة مغربية آنية و مستعجلة على المطالب المشروعة لمكونات الربيع المغربي (حركة 20 فبراير). ولعل من حسنات الحكومة الحالية ، الإستراتيجية التواصلية وطريقة "المركوتينغ" السياسي التي تفردت بها ، و التي أنزلت السياسة من النخبة إلى الشعب و من البرج العاجي إلى الساحة العمومية. فرغم ما يعاب علي رئيس الحكومة من شعبويته المفرطة أحيانا، و من خرجاته الإعلامية الغير المحسوبة النتائج أحيانا أخرى ( قفشات ، فلتات لسان ...) ، فقد استطاع السيد بنكيران على الأقل القطع مع لغة الخشب التي كانت سائدة عند النخبة السياسية ونجح في خلق دينامية و حركية في المشهد السياسي المغربي، وتوفق إلى حد كبير في حمل شرائح مهمة من أفراد الشعب على الاهتمام بالشأن العام ، وتتبع المستجدات و التطورات السياسية الوطنية، و بالتالي التصالح مع السياسة و السياسيين . المجال الاقتصادي: إجراءات استعجالية في ظرفية وسياق عالمي مضطرب. في هذا الصدد، أقدمت الحكومة على مجموعة من الإجراءات تهدف منها بالأساس التشغيل والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين وتطوير الطبقة الوسطى في المجتمع ، حيث بلغت الاستثمارات العمومية 188 مليار درهم خلال هذه السنة ثلثها يهم استثمار الإدارة، والثلثان للمؤسسات العمومية، كما أن الاستثمارات الأجنبية ارتفعت ب16 في المائة خلال التسعة الأشهر الأولى من 2012. زيادة على ذلك، قامت الحكومة بترشيد النفقات العمومية، حيث تم توفير 5 مليار درهم نتيجة التقشف في خدمات الفندقة و الاستقبال. كما شددت المراقبة على الأداء الضريبي ( 8 مليار درهم خلال سنة 2012 ). فضلا عن ذلك، تم تخصيص 510 مليون درهم لضمان التنافسية بين المقاولات، و ورفع من كفاءات المقاولة ( مبلغ 400 مليون درهم) مع منح الأفضلية للمقاولة الوطنية فيما يتعلق بالصفقات العمومية ولو تجاوز الفارق 15 في المائة مقارنة مع المقاولة الأجنبية. كل هذه التدابير الاقتصادية المهمة كان لها وقع و تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني، لكنها في مجملها لم تصل بعد إلى تحقيق مجمل ما التزمت به الحكومة في برنامجها الاقتصادي، و التي تعهدت فيه بضرورة " مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية و الجهوية وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل اللائق وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو". المجال الاجتماعي: مبادرات مهمة في ظل وضع اجتماعي هش. استمرارا لما دشنته الحكومة السابقة، فعلت الحكومة الحالية برنامج المساعدة الطبية ( RAMED ) الذي يهدف لتمكين 8 ملايين مغربي من الولوج للخدمات الصحية بالمجان، كما خفضت أسعار أدوية الأمراض المزمنة بمعدل 50 في المائة ( 320 دواء)، ورفعت من منحة الطلبة ومن عدد المستفيدين منها. كما أحدثت الحكومة صندوق التماسك الاجتماعي (التغطية الصحية للفقراء ) واشتغلت على محاربة الهدر المدرسي ( برنامج تسيير) واستمرت في عملية توزيع مليون محفظة (3مليار درهم). كما فرضت رسم على الأراضي الفلاحية التي أدمجتها الحكومة في المدار الحضري. و زيادة على ذلك، تم رفع الحد الأدنى من التقاعد إلى ألف درهم، وحذف رسم الكهرباء المتبث على التلفزة ( استفاد أكثر من 3ملايين من المواطنين). كما تم تخصيص 160مليون درهم لصندوق التكافل العائلي لتغطية حوالي 40 ألف أسرة ، و تخصيص 2مليار درهم لمواجهة الجفاف وإعفاء استيراد القمح من كل الرسوم. لكن السؤال المشروع الذي يبقى مطروحا، إلى أي حد ساهمت هذه الحزمة من الإجراءات الاجتماعية في التنفيس عن الاحتقان الاجتماعي، وبالتالي التقليص من نسب البطالة، و خلق مناصب الشغل للشباب العاطل، و في تحسين الخدمات الاجتماعية من صحة و تعليم و سكن...؟ تدابير حكومية تهدف ترسيخ الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد. وفي هذا الباب عملت الحكومة على فتح حوار وطني لإصلاح العدالة وإحالة ملفات فساد كبيرة على القضاء (إحالة 44 تقرير للمجلس الأعلى للحسابات ). كما اشتغلت على التقليص من الريع السياسي و الاقتصادي و الإعلامي عبر إيقاف منح الرخص واعتماد منطق التعاقد عن طريق دفاتر التحملات، من خلال نشر لوائح المستفيدين من رخص النقل و مقالع الرمال، وإصدار منشور لمحاربة الموظفين الأشباح. فضلا عن فتح المجال للمباريات أمام كل المواطنين، مع الحرص على الموضوعية والشفافية. كما تجدر الإشارة في هذا المجال، إلى المذكرات الوزارية التي تمنع أساتذة التعليم العمومي وأطباء القطاع العام من العمل بالمؤسسات الخاصة، و المنشور الرسمي القاضي بتخليق مرفق الإدارة العمومية. وقبل متم سنة 2012 ، قامت الحكومة بالمصادقة على ثلاثة مشاريع قوانين مهمة، الأول يتعلق بمرسوم الصفقات العمومية، والثاني قانون الحماية التجارية غير الجمركية، والثالث يرتبط بقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص. كل هذه القرارات و الإجراءات الجريئة والمهمة، و التي ثمنتها أغلب مكونات الشعب المغربي، تبقى إشارات أولية وخطوات تمهيدية تحتاج إلى إجراءات أخرى أكثر شجاعة و أكثر عمقا، مما يتطلب من الحكومة بذل مجهود أكبر، استجابة للآمال و انتظارات الشعب المغربي الذي يطالب بإلحاح بممارسة الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد و الاستبداد. 2 - الإخفاقات و التعثرات الحكومية: رغم ما حققته الحكومة من نتائج و انجازات ، فتدبيرها السنوي اتسم بمجموعة من النقائص و أوجه القصور، كما واجهتها مجموعة من الإكراهات و الصعوبات في كافة مجالات التدخل الحكومي. المجال السياسي: غياب الرؤية الإستراتجية. أول ملاحظة يمكن استنتاجها من خلال تقييمنا للتدبير الحكومي السنوي، هي غياب الرؤية الإستراتجية، فرغم أن الفترة المعنية بالتقييم هي السنة الأولى للعمل الحكومي (خمس الزمن الحكومي) ، فإننا لا نلمس تموقع العمل الحكومي في إطار خطة إستراتيجية خماسية ، باعتبار هذه المدة تشكل عمر الزمن الحكومي، فالمشروع الحكومي جاء بالأساس للإجابة على إشكاليات ظرفية و استعجالية، على رأسها مواجهة الأزمة و تداعياتها الاقتصادية و الاجتماعية، كما أتى كإجابة سياسية آنية على تداعيات الربيع العربي. كما أن التدبير الحكومي في مجمله هو تدبير يومي ومناسباتي و تكتيكي، بحيث يفتقد للمنطق و البعد الإستراتيجي. زيادة على ذلك فإن الحكومة مؤخرا فتحت أبواب الصراع السياسي على عدة جبهات ومع مختلف الفاعلين ( الباطرونا، النقابات، الأحزاب...) مما يؤشر على ضعف في استراتيجياتها التواصلية مع مختلف الفرقاء. و في هذا الصدد، نشير إلى التباين و الاختلاف الواضح بين برامج الأحزاب المكونة للحكومة و البرنامج الحكومي من جهة، و ما تحقق من انجازات ونتائج في الميدان من جهة أخرى. كما نسجل على الحكومة عدم الحسم في بعض القرارات الإستراتيجية و الهروب من تحمل المسؤولية السياسية كاملة (الانتخابات الجماعية ، تشغيل المعطلين ، المقاصة، نظام التقاعد...) إضافة إلى عدم استغلال الصلاحيات المخولة من طرف الدستور الجديد للحكومة و لرئيسها، وكذا إلصاق الفشل الحكومي في معالجة بعض الملفات الحساسة إلى " التماسيح و العفاريت و اللوبيات"... هذا كله أدى إلى تكريس ضبابية المشهد السياسي و عدم الوضوح في قواعد اللعبة السياسية . كما نسجل كذلك، بطئ في وتيرة اشتغال الحكومة و ضعف في أداءها نتيجة غياب الانسجام و التوافق الحكومي، الناجم عن ظروف وطبيعة و سياق تشكيل الحكومة الحالية. المجال الاقتصادي: ضعف التحكم في المؤشرات الاقتصادية و اختلال التوازنات الماكرو اقتصادية. أبان التدبير الحكومي الحالي في المجال الاقتصادي عن اختلالات عميقة وتهديدات ومخاطر هيكلية ، أهمها ضعف التحكم في المؤشرات الاقتصادية و اختلال التوازنات الماكرو اقتصادية نتيجة الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة. كما تميزت الظرفية الاقتصادية بضعف معدل النمو (أقل من % 3) و تفاقم عجز الميزانية الذي تجاوز 6%، وزيادة طلب الاقتصاد الوطني على التمويلات الداخلية والخارجية، مما أثر سلبا على الاقتصاد الوطني الذي أصبح يتسم بضعف القدرة على التنافسية والإنتاجية والتمويل. و فضلا عن ذلك، فإن معدل النمو ( 2.9) % المحقق برسم سنة 2012، يبقى دون معدل النمو المسطر في البرنامج الانتخابي للحزب الذي يقود الحكومة ( 7 % على امتداد 5 سنوات) و كذا دون توقعات النمو في البرنامج الحكومي ( 5.5 % على امتداد الولاية الحكومية ). المجال الاجتماعي: تنامي الاحتقان الاجتماعي. التزمت الحكومة في هذا المجال ب " تطوير وتفعيل البرامج الاجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية خصوصا التعليم والصحة والسكن، ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين الأفراد والفئات والأجيال والجهات" لكن المتتبع للشأن الاجتماعي يصاب بغيبة أمل كبيرة جراء محدودية تأثيرات اٌلإجراءات الحكومية في هذا المجال، فالمغاربة و خوصا الطبقات الفقيرة و المتوسطة لم تشعر إلا حد الآن بتغيير ملموس في حياتها المعيشية اليومية، و لم تلمس بعد الرقي الاجتماعي المنشود الذي وعدت به الحكومة في برنامجها التعاقدي، بل بلغ بالحكومة الأمر إلا حد التراجع عن مجموعة من المكتسبات الاجتماعية، لعل أبرزها الزيادة في المحروقات التي تأثرت منها سلبا الفئات الاجتماعية المحرومة، و كذا عدم احترامها لما يعرف بمحضر 20 يوليوز الذي يهم المعطلين حملي الشهادات . زيادة على ذلك تعثر الحوار الاجتماعي وعدم التعاطي الإيجابي مع مجموعة من المطالب المشروعة للطبقة العامة. و في هذا الصدد، عرفت سنة التدبير الحكومي، ارتفاعا ملحوظا في نسبة الرشوة ، فاستنادا إلى التقرير الأخير لمؤسسة "مشروع العدالة العالمية" احتل المغرب المرتبة 80 من أصل 97 دولة في مجال محاربة الرشوة، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 30 % في صفوف الشباب، الأمر الذي نتج عنه استمرار العجز في القطاعات الاجتماعية و على رأسها : التربية والتكوين ، الصحة ، السكن ، التشغيل والرعاية الاجتماعية. محدودية في مجال ممارسة الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد. لقد وعدت الحكومة في برنامجها ب " ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن والقائمة على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات." لكن واقع الحال يؤكد مقولة "الردة في المجال الحقوقي"، على اعتبار تراجع حقوق الإنسان في عهد الحكومة الحالية، والتضييق على الحريات العامة، من خلال المس بالحريات النقابية ومصادرة حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي ( التعاطي السلبي مع احتجاجات المعطلين و مع احتجاجات مجموعة من النقابات العمالية...). إضافة إلى اقتطاع أيام الإضراب، في غياب إطار قانوني ينظم عملية الإضراب، ورغم أن هذا الحق مكفول بنص الدستور . كما سجلنا ضعف تنزيل القوانين التنظيمية التي ينص عليها الدستور الجديد. حيث قدمت الحكومة خلال السنة التشريعية الحالية للبرلمان حوالي 48 مشروع قانون ومقترح قانون واحد٬ تمت المصادقة عليهم من طرف البرلمان . 3 – بعض الاقتراحات لتطوير والرفع من وثيرة العمل الحكومي: الإسراع بمباشرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى (الجهوية ، الانتخابات الجماعية ، التشغيل ، المقاصة، التقاعد، النظام الجبائي، العدل، التعليم، الصحة، السكن ، الإعلام...)؛ مراجعة طريقة ومنهجية الاشتغال الحكومي: تسريع وثيرة العمل و الحرص على الانسجام و التوافق الحكومى، والعمل على تحمل المسؤولية و الشجاعة السياسية في مباشرة الملفات الشائكة وتحمل تبعاتها السياسية؛ رفع وتيرة وجودة الإنتاج التشريعي: وخصوصا القوانين و التشريعات المتعلقة بالتنزيل الديمقراطي للدستور؛ ترسيخ الحكامة الأمنية و النهوض بالثقافة القانونية والحقوقية : و الحث على ثنائية الحق و الواجب ، لدى المواطنين و المؤسسات على السواء؛ الحرص على ضمان وحماية الحريات النقابية و الاحتجاجات المطلبية، مادامت تمارس بطريقة سلمية و مسؤولة ؛ دمقرطة الإعلام العمومي: من خلال فتح أبواب وسائل الإعلام العمومي لكل الحساسيات و الفعاليات السياسية و الثقافية و الجمعوية على اختلاف انتماءاتهم وإيديولوجياتهم؛ الحرص على التوازنات الماكرو اقتصادية: عن طريق الرجوع إلى التوازنات المالية الكبرى، (عجز الميزانية في حدود 2,5 % ، خفض عجز ميزان الأداءات، خفض نسبة التضخم إلى 2 % ، تشجيع الاستثمارات وإعادة الثقة إلى المستثمرين عبر تأهيل النسيج الاقتصادي وتقوية قدراته التنافسية)؛ ترشيد وعقلنة الإنفاق العمومي: من خلال خفض نفقات التسيير و خصوصا النفقات المرتبطة بأشغال الصيانة وبإعانات التسيير و التدبير. و إجمالا، تبقى الحصيلة السنوية للحكومة على العموم مقبولة، إذا اعتبرنا الظرفية الاقتصادية الصعبة و الإمكانيات المحدودة و اٌلإرث الثقيل الموروث من الحكومات السابقة، ونظرا كذلك لخصوصية السياق العام الذي تشتغل فيه الحكومة الحالية. لكن في المقابل، إذا قارنا ما أنجز من طرف الحكومة على أرض الواقع، مع حجم وعود البرنامج الحكومي و مع السقف المرتفع للإنتظارت، تبقى الحصيلة الحكومية - بالرغم مما تحقق من إنجازات – متواضعة و لا ترقى إلا مستوى تطلعات الشعب المغربي الذي عقد على هذه الحكومة أمالا كبيرة. وتأسيسا على ما سبق، فالحكومة مطالبة فيما تبقى من الزمن الحكومي، و أكثر من أي وقت مضى ، بتصحيح مسارها وتحديد أولوياتها، من خلال تسريع وثيرة الاشتغال و مباشرة الملفات الشائكة و التي على رأسها التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور ومواصلة تفكيك بؤر الفساد و الاستبداد و الإسراع بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الكبرى (الجهوية ،الانتخابات الجماعية ،التشغيل ، المقاصة، التقاعد، النظام الضريبي، العدل، التعليم، الصحة، السكن، الإعلام...). ولن يتأتى لها ذلك إلا بإشراك حقيقي وفعال لكافة الفاعلين و المتدخلين و المعنيين ( أحزاب نقابات، جمعيات، خبراء، متخصصون، مثقفون...)، في بلورة تصوراتها وصناعة قراراتها الإستراتيجية، من خلال فتح المجال للتشاور وللتداول و النقاش العمومي مع كافة أطياف وحساسيات المجتمع، مع الحرص على تغليب المنطق التوافقي في المسائل الخلافية، خصوصا و أن بلادنا تمر بفترة استثنائية حرجة و دقيقة (سياسيا، اجتماعيا و اقتصاديا...) لا يمكن تجاوزها إلا بإشراك وانخراط و تعبئة جميع القوى الحية في البلاد.