مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية بفرنسا والتي سوف تتم الأسبوع المقبل، بدأ التساؤل يطرح حول قدرة الرئيس الجديد ايمانييل ماكرون على الحصول على الأغلبية داخل الجمعية الوطنية من أجل تطبيق برنامجه الانتخابي والذي روج له أثناء الحملة من أجل الدخول الى قصر الاليزيه.. مختلف الاستطلاعات التي تم إنجازها حتى الآن، أجمعت على أن الحركة الجديدة للرئيس « الجمهورية «الى الامام» سوف تحصل على الأغلبية أمام عائلة اليمين التي دخل جزء من وزرائها في الحكومة الجديدة. لكن الفضائح السياسية التي مست بعض أعضاء الحكومة الجديدة يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية على هذه الحركة، خاصة أن الرئيس الجديد جعل من تخليق وتجديد الحياة السياسية أحد أهم أهدافه في هذه الولاية، ورأينا كيف ان هذه الفضيحة تمس أحد أهم أعمدة حركته ورئيس حملته الانتخابية ووزير التخطيط الاقليمي ريشار فيران والذي تتشبث به الحكومة حتى الآن. ويبدو أن سلسلة المفاجآت التي طبعت الانتخابات الرئاسية بفرنسا لم تنته بعد، حزب الرئيس ايمانييل ماكرون «الجمهورية الى الأمام» الذي أسس في أقل من سنة، وتمكن من الفوز على مرشحي الأحزاب الأساسية بالمشهد السياسي الفرنسي وتمكن من وضع اليمين واليسار في وضعية صعبة من خلال الفوز عليهم في الانتخابات الرئاسية، ومن خلال تشكيل حكومة تضم سياسيين بارزين من اليمين واليسار والوسط. ورغم حداثته كحزب، سوف يفوز بالأغلبية بالجمعية الوطنية الفرنسية حسب مختلف استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا، وهي سابقة بفرنسا حسب محجوبة كرم إعلامية ومحللة سياسية ب»فرانس ميديا موند «. مختلف الاستطلاعات التي أنجزت مؤخرا تبين أن حركة الجمهورية الى الامام أي حزب الرئيس سوف تفوز بهذه الانتخابات التشريعية، بنسبة مهمة وهي 31 في المائة من نوايا التصويت،في حين يحتل حزب الجمهوريين اليميني المحافظ مكان أول كتلة معارضة في البرلمان الفرنسي. ولعل ما يعطي زخما لحركة الجمهورية الى الامام هو إصرار الرئيس الجديد ايمانييل ماكرون عل تجديد وإعادة تجديد الحياة السياسية والاختيارات الجديدة في السياسة الخارجية، ولقاؤه مع كبار زعماء العالم في قمة الناتو وقمة السبعة الكبار. ورغم ذلك يجب ألا ننسى ان ثلث الفرنسيين لم يحسموا بعد لمن سوف يصوتون بالإضافة الى قضية وزير التماسك الإقليمي الذي فتح القضاء تحقيقا أوليا معه لأنه قام باستغلال لنفوذه عندما تحمل مسؤولية إحدى شركات التأمين الخاصة سنة 2011.»وهو ما يعني أن هذه القضية يمكن أن يكون لها انعكاس سلبي على نتائج الانتخابات التشريعية التي يبدو أنها في متناول الرئيس الجديد وحلفائه. التساؤل الكبير هو كيف يمكن الحصول على هذه الأغلبية للرئيس الجديد مع توالي سلسلة الفضائح السياسية بحكومة ادوارد فيليب، والتي يمكن أن تؤثثر بشكل سلبي على قرار الناخب الفرنسي كما يقول حسن بنطسيل العلوي وهو أستاذ بجامعة باريس نونتير متخصص في الشؤون الفرنسية «نعرف ان الانتخابات التشريعية في الأسبوع المقبل هي جد هامة بالنسبة للرئيس الجديد الذي يبحث عن اغلبية بالجمعية الوطنية من أجل تنفيذ برنامجه الانتخابي، وإلا فإنه سوف يجبر على التعايش مع أغلبية لا تنتمي لعائلته السياسية. لكن الفضائح التي تمس عددا من الوزراء في الحكومة الانتقالية، سواء ريشار فيران وزير التماسك الاقليمي او ماريال دوسارنيز وزيرة الشؤون الاوربية المتهمة بتشغيل مساعدين بالبرلمان الأوربي من دون وجه حق، هذه التحقيقات القضائية يمكن أن يكون لها تأثير على الناخبين وعلى اختياراتهم، لكنها لن تغير النتيجة النهائية التي سوف تكون في اعتقادي لصالح الرئيس الجديد» يقول حسن بنطسيل المتخصص في الشؤون الفرنسية. هل الفضائح السياسية التي مست بعض أعضاء الحكومة لن يكون لها تأثير على الأجواء الإيجابية التي فتحها الرئيس الجديد ايمانييل ماكرون، خاصة أن الخطوات الأولى للرئيس الجديد في السياسة الخارجية كانت ناجحة سواء في لقائه بنظرائه الاوربيين الذين خصصوا له استقبالا خاصا في أول لقاء بهم، واعتبروا انتصاره على اليمين المتطرف انتصارا لهم جميعا وعلى الحركات السياسية الشعبوية بأوربا، بالإضافة الى لقاءاته بقادة الحلف الأطلسي ولقاءات مجموعة السبعة الكبار ودفاع الرئيس الفرنسي عن اتفاقية المناخ التي تمت بباريس، والتي قرر الرئيس الجديد دونالد ترامب الخروج منها، وتشبث فرنسا بهذه الاتفاقية الأممية وباتفاقية باريس، جعل شعبية الرئيس تتزايد على المستوى الدولي. شعبية الرئيس الجديد على المستوى الدولي والأجواء الإيجابية التي رافقت نجاحه بفرنسا وأوربا، ينتظر الكل أن تنعكس على الانتخابات التشريعية، التي تعطي الرئيس وحركته الجمهورية الى الامام الصدارة، رغم انها حركة أسست في أقل من سنة. هذا السيناريو هو ما سنعرفه الاسبوع المقبل في الدور الأول للانتخابات التشريعية. وقد تم تقديم مشروع قانون من طرف وزير العدل فرنسوا بايرو من أجل تخليق الحياة السياسية ومنع السياسيين من توظيف افراد عائلاتهم الى جانبهم في الجمعية الوطنية، هذه الإصلاحات تصبو الى فتح صفحة جديدة في الحياة السياسية بباريس، وإعادة الثقة بين الناخبين الفرنسيين ونخبتهم السياسية.