الأكيد أن الإنتاجات التلفزيونية الوطنية الخالصة حققت بعضا من «الاكتفاء الذاتي» في هذا الموسم الرمضاني، وبخاصة في مجال الدراما بكل تلاوينها ومشاربها «الإبداعية» بعد أيام وأشهر عجاف، عشنا معها تجربة الإعادات وإعادة الإعادات إلى حد الملل لبرامج وسلسلات ومسلسلات في مختلف القنوات المنتمية للقطب العمومي - الشمالي و الجنوبي سواء! - لكن هل هذا «الاكتفاء» توفرت فيه شروط تقديم الخدمة العمومية التي يتوخاها المشاهدون و المتتبعون للشأن التلفزيوني الوطني، خدمة تحترم الذوق العام وتستجيب لرغبات التثقيف والإخبار و الترفيه.. طبقا لما يقول به دفتر التحملات الذي « بني» على مقاييس وقواعد تفرض الجودة واحترام انتظارات المشاهدين لا استبلادهم و«اللعب» على حبل أحزانهم ومصدر بلائهم، مثلما تتبعنا ذلك، في شهر الرأفة والرحمة هذا، في بعض الأعمال الفكاهية السخيفة بهدف التنكيت والإضحاك.. لكنه ضحك معكوس على أصحابه بسبب الابتذال الذي طبع مسار بثه منذ البدايات. فقد صدمنا، ونحن نتتبع حلقات من هذه النوعية من الإنتاجات بمشاهد مؤلمة، وبحوارت ذات مضامين تافهة، وبإيحاءات تمثل بآلام ومعاناة وأعطاب مواطنين مرضى.. كشفت بالواضح لا المرموز، عن ثقوب كبيرة ونقط ضعف كثيرة تنخر مجال الكتابة التلفزيونية على مستوى الإنتاجات الكوميدية، دون أن تجد الأذان الصاغية والعين الفاحصة القبلية من المشرفين على الشأن التلفزيوني ببلادنا لمداوتها .. فعندما نتابع - على سبيل المثال لا الحصر- مشهدا يستهزيء ويمثل بأحزان وآلام ذوي الأشخاص المختفين وهم يوجهون «نداء الا ختفاء» [برنامج مختفون]، وعندما نشاهد ونسمع «عناوين» من قبيل دوار 360 الذي يحيل مباشرة ، في الذاكرة الجماعية المغربية و البيضاوية على الخصوص، إلى رقم 36 الذي يوميء إلى «الحمق و الجنون»، وهو للإشارة رمز لجناح الأمراض العقلية والنفسية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، وكأن مرتاديه من «حثالة» المجتمع و«بلهاؤه».. أبعد هذا يمكن أن نقول إن تلفزيوننا يقدم لنا خدمة / منفعة عمومية، لا، وألف لا ، إنه ضرر عمومي. ولا حول ولا قوة إلا بالله..