كشف تقرير «الأطلس المجالي الترابي للفوارق في التربية» للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن متوسط سنوات تمدرس البالغين من العمر 15 سنة فأكثر لم يتجاوز في سنة 2014 خمس سنوات وستة أشهر على الصعيد الوطني، أي أقل من السنوات الست التي تستغرقها الدراسة في السلك الابتدائي. وأوضح المجلس، الذي نظم أول أمس الأربعاء بالرباط إحاطة إعلامية لتقديم نتائج هذا التقرير، أن المغرب احتل بذلك الرتبة 136 من بين 175 بلدا عبر العالم، عازيا هذا الأداء أساسا إلى تأثير ظاهرة الأمية على الرأسمال البشري، رغم تقلص نسبتها خلال العشرية الأخيرة، وعدم الارتقاء بالتعليم الثانوي التأهيلي والعالي. وأبرز التقرير، الذي قدمته مديرة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس رحمة بورقية، أن نسبة الساكنة البالغة 15 سنة فما أكثر، والبالغة مستوى التعليم العالي بقيت ضعيفة نسبيا، حيث ناهزت نسبتها سنة 2014، 8.5 في المئة ، مقارنة مع القيمة المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويقارب التقرير التفاوت في المجال التربوي من خلال مؤشرين يتجاوزان المؤشرات النسقية المعتادة، يتمثل الأول في متوسط سنوات التمدرس، والثاني في مؤشر «جيني» للتربية، الذي يقيم مستوى اللامساواة في توزيع الساكنة المعنية من حيث المستوى التعليمي الأعلى المحصل عليه، مع الإشارة إلى أن القيمة القريبة من 1 لهذا المؤشر تحيل على أقصى مستوى اللامساواة. في سياق ذلك، أفاد التقرير بأن هذين المؤشرين عرفا تحسنا نسبيا منذ سنة 1982، إذ انتقل مؤشر «جيني» من 0.80 سنة 1982 إلى 0.55في المئة سنة 2014، مسجلا بذلك انخفاضا قدره 31 في المئة، فيما تضاعف متوسط سنوات التمدرس ثلاث مرات خلال نفس الفترة لينتقل من 1.94 إلى 5.64 سنة 2014، مشيرا إلى أن ترتيب المغرب على الصعيد الدولي حسب معيار عدد سنوات التمدرس أفضل نسبيا من ترتيبه حسب مؤشر «جيني» للتربية. وحسب التقرير، فإنه إذا تم تصنيف الجهات الإثني عشر ضمن الترتيب الدولي لسنة 2014، فإن جهة العيون-الساقية الحمراء (وهي الأولى وطنيا) ستحتل المرتبة 117 في الترتيب العالمي حسب متوسط سنوات التمدرس، والمرتبة 134 حسب مؤشر «جيني» للتربية، كما ستحتل جهة مراكشآسفي، وهي آخر جهة في الترتيب الوطني، المرتبة 151 على الصعيد الدولي حسب متوسط سنوات التمدرس، والمرتبة 153 حسب مؤشر «جيني» للتربية. وبخصوص مؤشر «جيني» للتربية، سجلت جهتا مراكش-آسفي وبني ملال-خنيفرة معدلا أعلى من المعدل الوطني، حيث وصلت النسبة بهما على التوالي إلى 0.58في المئة و 0.57 في المئة. كما أن هاتين الجهتين هما الوحيدتان اللتان عرفتا تسجيل متوسط سنوات التمدرس يقل عن خمس سنوات. في مقابل ذلك، يضيف التقرير، سجلت جهات العيون-الساقية الحمراء، والداخلة -وادي الذهب، والدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، على التوالي، أدنى مستويات اللامساواة (أقل من 0.50 في المئة) وأعلى مستويات سنوات التمدرس (أكثر من 6 سنوات). وسجل التقرير أنه على عكس التقطيع الترابي السابق، فإنه يبدو أن التقطيع الجديد يساهم في تقليص الفوارق بين الجهات، ذلك أن الانحراف المعياري لمعدل سنوات التمدرس انتقل من 1.14في الجهات الست عشرة القديمة، إلى 0.73في المئة في الجهات الإثني عشرة الجديدة، مضيفا أن هذا التقارب بين الجهات يتأكد أيضا في التقطيع من حيث اللامساواة في التربية. كما يبين تحليل التفاوتات الإقليمية داخل كل جهة وجود جهات تتألف من أقاليم ذات مستويات جد متباينة، بينما تتميز جهات أخرى بضآلة الفوارق بين أقاليمها، موضحا أن مستوى التباين بين الأقاليم يبقى ضعيفا نسبيا في جهات، من قبيل درعة-تافيلالت وجهات الجنوب، على خلاف جهات مراكش-أسفي، والرباط-سلا-القنيطرة، والدار البيضاء-سطات، حيث توجد تفاوتات كبيرة بين الأقاليم التابعة لهذه الجهات. أما على صعيد الجماعات الترابية، يضيف التقرير، فإن الوسط يشكل عاملا حاسما في تحديد مستوى التربية، لافتا إلى أن متوسط سنوات التمدرس في 69 في المئة من الجماعات الحضرية (أي 176 جماعة) يفوق ست سنوات. غير أن هذا المتوسط لايتجاوز 4.1سنة في 1043 جماعة جاءت في مؤخرة الترتيب، كلها جماعات قروية. وأكدت بورقية أن هذا التقرير، الذي أعدته الهيئة السالفة الذكر يعد من آليات تتبع مؤشرات الإنصاف في الولوج إلى التربية في أفق 2030، موضحة أن هذه الوثيقة ستساهم في توجيه السياسات التربوية للحد من الفوارق في مجال التربية، حيث تضمنت معطيات ذات الصلة بالمستوى الوطني والإقليمي والجماعات المحلية، مع إجراء مقارنات على الصعيد الدولي. وأضافت أن سنة 2014 هي السنة الأخيرة الوحيدة التي تمكن من الحصول على مؤشرات حول مستوى اللامساواة حول التربية على صعيد الجماعات المحلية، لكونها تطابق آخر إحصاء عام للسكان، فضلا عن كونها تعتبر سنة مرجعية بالنسبة للرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي وبرنامج التنمية المستدامة 2015-2030.