عشر سنوات مرت على صعود فريق المغرب التطواني لسدة أندية النخبة ، سنوات من الكفاح والنضال لبقائه في قسم الكبار، لم يكن احد يعتقد انه سيستمر وانه سيفوز بكل تلك الالقاب، بعد أن كانت زياراته خفيفة وقصيرة ومتقطعة لهذا القسم. الكثيرون اعتقدوا ان الصعود سيكون ظرفيا وأن العودة محتومة، لكن تدبيره ووضعه في يد آمنة جعله يستمر، من يقف وراء هذا الإنجاز، ما هي اسرار السنوات العشر من التدبير، الحاج عبد المالك أبرون رئيس الفريق تحت مجهر «الإتحاد الإشتراكي» في عشر سنوات من التدبير الإحترافي لفريق المغرب التطواني. الحاج عبد المالك أبرون، هذا الإسم الذي لمع في مجال الإلكتروميناجير بالمغرب، لم يكتفي بتلك الشهرة وبنجاح أعماله، لينكمش في مكتبه ويكتفي بالتوقيع وتتبع المبيعات والمشتريات.. بل خرج من قوقعة رجل الأعمال التقليدي ليكون رجل مجتمع بامتياز، فاختار أن يتحمل مسؤولية أبى الكثيرون تحملها، ولم يقدر آخرون عليها فنصحوه مبكرا بالإبتعاد، لكنه مع ذلك أصر على ركوب المغامرة، وتدبير فريق من طينة المغرب التطواني وان يصل معه لما وصل إليه حاليا.. عشر سنوات من التدبير المحترف لفريق بدأ صغيرا فأصبح من أكبر الفرق المغربية، تدبيرا، آداءا ونتائج.. انتهت فصول ومؤامرات الجمع العام، وتم تشكيل مكتب جديد/قديم تبين منذ الوهلة الأولى أنه خرج من الخيمة «مايل» كما يقول المثل المغربي، بل حتى ظروف انعقاد الجمع العام لم تكن عادية، فصفق البعض واحتج آخرون وهم يرون غياب الحاج أبرون، لكن في الأخير فرض الأمر الواقع وتم تشكيل مكتب سيعهد له بتدبير الفريق لموسم آخر في ظل غياب دعم قار، وبخزينة شبه فارغة وملايين من الديون، وبمجموعة لا يمكنها أن توفر ولو ما يمكن أن يبتدء به الموسم. موسم جديد .. وبداية متعثرة جماهير كثيرة ومعهم حتى اللاعبون لم يعجبهم ما حدث، وهم الذين كانوا يريدون ان يكون ضمن مكتب فريقهم من يدعمهم ويوفر لهم الدعم بعلاقاته ويده الطولى في مجال الإشهار وغيره. ومع اولى مباريات الموسم سيظهر جليا أن جانب مهم من الجماهير لا تريد لفريقها العودة مجددا للقسم الثاني، فرفعت شعارات ضد اعضاء المكتب وطالبهم البعض بالرحيل. بل وصل الأمر ببعض المشجعين للولوج لمقصورة الصحافة، من أجل شرح الأمور وتوضيحها مطالبين بتغيير المكتب. الفريق يعود تقريبا بنفس تشكلته الأصلية، شبان ولاعبين في بداية مشوارهم، بدون تجربة في قسم الكبار، وبدون دعم ولا تحفيزات، استمرار مع المدرب المريني الذي لم يعد يستطيع تدبر أمور الفريق بالشكل المطلوب، خاصة وأنه لا يجد لاعبين يعتمد عليهم ولا مكتبا يدعمه في مشاريعه ومطامحه. مباراة تلو المباراة، أسبوعا يتلو أسبوعا ولا نتائج إيجابية في سبورة نتائج الفريق التطواني. الجماهير الغفير تحج لملعب سانية الرمل على أمل مشاهدة الفرق الكبرى، ودعم فريقها ليحقق نتيجة إيجابية، لكن الأمور بدا منذ الوهلة الأولى أنها ليست على ما يرام، وبدأت الشعارات ترفع في المدرجات ضد المسيرين والمدرب. وتحول الملعب لحلبة للصراع بين المكتب المسير والجماهير التطوانية، التي بدأت متخوفة فعلا من مصير فريقها والدورة الخريفية تكاد تنتهي. النتائج المتواضعة وغياب الآداء المقنع سيقلق الكثيرين، في حين بقي الحاج أبرون وسط كل هذا شبه غائب، وإن قدم دعما باسم شركته للفريق وهو دعم كبير مكن المكتب المسير من تدبر أمور بضعة أسابيع قبيل متم السنة الميلادية، أي حوالي شهرين او ثلاث من انطلاق البطولة. لكن الخطورة ستدفع بعض الأعيان وبعض المسؤولين بالمدينة، وحتى الجماهير واللاعبين، للضغط على الحاج أبرون للعودة مجددا والتدخل لإنقاذ الفريق من النزول، لكون ملامح ذلك النزول بدت واضحة جدا متم شهر نونبر 2005 . بعد هذا التاريخ ستبدء مرحلة جديدة في مسار الفريق التطواني، فمع بداية شهر دجنبر 2005 ستتغير الأمور، وستطرأ مستجدات مهمة ساهم في ظهورها مجموعة أشخاص ومجموعة عوامل، الهدف الأساسي منها هو إنقاذ الفريق من العودة كما العادة للقسم للثاني. هنا سيعود الحاج عبد المالك أبرون بقوة، وسيفرض شروطه هو إن أرادوا فعلا أن يمسك بزمام الأمور.. فكانت البداية في الأسبوع الأول من آخر شهور 2005 حينما بدأ الإعداد لتأسيس لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الفريق، سبقتها ندوة صحفية للمكتب المسير، تم خلالها تقديم الرئيس السابق لاستقالته نهائيا.. الأمور بدأت تسوء فعلا، حوالي ثلاثة أشهر من بداية البطولة والفريق يعيش ظروفا مالية جد خانقة، ووضع غير مريح في سبورة الترتيب، الجماهير التي فرحت بالأمس لصعود فريقها لقسم الكبار بدأت تعيش كابوس العودة مجددا للقسم الثاني.. الأمور لم تعد واضحة والضغط يزداد على المسيرين الذين فشلوا في احتواء الوضع، كل ذلك سيدفع في اتجاه البحث عن مخرج قد يكون مريحا لكل الأطراف.. وها هو رئيس الفريق آنذاك يخرج عن صمته ويدعو لندوة صحفية ذات مساء، لم يفصح عن سبب الندوة لكن أكد أنها تحمل أمورا جديدة ومهمة.. استقالة المكتب السابق جاء الصحفيون والمراسلون من كل حدب وصوب، لمعرفة ما سيتم الإعلان عنه في تلك الندوة الصحفية. كلمة طويلة بعض الشيء ألقاها الرئيس الذي كان برفقة كاتبه العام على المنصة، قبل أن يعلن رسميا استقالته من رئاسة الفريق، معلنا أنه سيتم تدبير الأمور مؤقتا في انتظار تشكيل مكتب مسير للفريق، وتمنى التوفيق للجميع قبل ان يعلن رسميا أنه لن يستمر في أي مسؤولية لا بمكتب الفريق ولا خارجه، لانه لم يعد يستطيع الإستمرار في ظل تلك الظروف التي انطلق فيها الموسم والتي بدأ أنها تتطلب رجلا حقيقيا للمرحلة. لم يمضي وقت طويل حتى بدأ يتردد إسم الحاج عبد المالك أبرون كرجل للمرحلة، وانه الوحيد القادر على تدبير الامور لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. اجتماعات ماراطونية في الكواليس والعلن ستدفع نحو الإعلان الرسمي عن بدء مشاورات لتشكيل لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الفريق، في انتظار عقد الجمع العام السنوي نهاية الموسم. لم يكن الوقت كافيا لعقد جمع عام استثنائي والبطولة تسير نحو نهاية شطرها الأول، وحال الفريق لا يسر أحد يعيش تخبطا إداريا وتقنيا، وقد فقد كل حظوظ البقاء ضمن مجموعة الكبار في حال تأخرت الامور أكثر ولم يتم التعجيل بانطلاق القاطرة. الفكرة واضحة الآن، سيتم تشكيل لجنة مؤقتة يترأسها الحاج عبد المالك أبرون، وسيترك له أمر وضع لائحة لاعضاء اللجنة المؤقتة الذين سيدبرون المرحلة معه قبل الجمع العام العادي. لم يكن عدد المنخرطين كبيرا حيث سهل تجميعهم، لأجل تشكيل اللجنة المؤقتة والمصادقة عليها في أحد فنادق المدينة. من هناك سيدخل مسار الفريق منعطفا جديدا ومختلفا كليا عن السابق، وسيعود بعض الآمال لبقائه في قسم الكبار، خاصة وأن البرنامج «الإستعجالي» الذي وعد به الحاج أبرون كان كبيرا ومهما، اعتقد الكثيرون أنه سيكون من الصعب عليه تنفيذه. في ظرف أقل من ثمانية واربعون ساعة، كانت لائحة اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون الفريق معدة، ودعوة لندوة صحفية أخرى دعى لها الحاج عبد المالك أبرون لتقديم لائحته وكذلك تقديم برنامجه الإستعجالي والإستراتيجي في تدبير شؤون الفريق. والتي كان على رأسها التنظيم الإداري للفريق، من خلال وضع إدارة احترافية حقيقية وإنشاء مقر للفريق بدلا عن شقة صغيرة كانت مكتراة بشارع يعقوب المنصور، إضافة للإهتمام بجلب لاعبين في مستوى عالي لتطعيم الفريق خلال الموسم الجاري، وهو ما يتطلب مبالغ مالية كبيرة، لم تكن في خزينة الفريق منها أي شيء. الوعد ببنيات تحتية مهمة والبحث عن مداخيل قارة للفريق، وتنمية وسائل عمله والتواصل مع محيطه، كل تلك المطامح رسمها الحاج عبد المالك أبرون في برنامجه الذي قدمه خلال ندوة صحفية عقدت في شهر رمضان متم سنة 2005 . بعض منها له بعد استراتيجي يتطلب وقتا طويلا وبعض منها كان استعجاليا بشكل كبير، وهو إنقاذ الفريق من النزول، وتوفير الإمكانيات المادية لتدبير المرحلة وانتداب لاعبين جدد لتطعيم الفريق الشاب. الفريق يحافظ على مكانته مع تشكيل اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون الفريق في دجنبر 2005، سيعرف الفريق انطلاقة جديدة، ولحسن الحظ فقد تزامنت هاته الفترة مع فتح مرحلة الإنتدابات الخريفية، حيث كان أول اهتمامات الحاج أبرون تقوية الفريق وتمكينه من لاعبين جدد، يمكنهم أن يشكلوا دعامته الأساسية ويضمنوا له الإستقرار في النتائج والخروج من منطقة الخطر التي بدأ يدخلها، بسبب النتائج السلبية المتتالية وغياب التواصل مع اللاعبين والطاقم التقني. خزينة الفريق تقريبا فارغة والديون كبيرة جدا، ومع ذلك لم يكن ذلك عائقا أمام الرجل الذي اعتاد التحديات التجارية، واعتاد الأسواق الكبرى ومعادلات الخسارة والربح، لم يكن كل ذلك ليجعله يطرح أسئلة كبيرة، من أين سيأتي بكل ما هو مطلوب للقيام بواجباته. مغامرة حقيقية تلك التي بدأ مشواره بها مع الفريق، حينما وضع رهن إشارته قرضا كبيرا جدا مفتوحا، فلم يكن من الممكن اعتماد ما يحصل عليه الفريق من مداخيل وبعض الدعم، ومن تم كان عليه أن يبدأ من نفسه أولا فلم يكن بخيلا مع الفريق. الإعتماد الأول والكبير الذي كان على الحاج أبرون تحمله بمفرده هو مبلغ الإنتدابات الجديدة، كان الطموح كبير واليد قصيرة لكن مع ذلك كان التحدي، فبدأت الإنتدابات مع بعض اللاعبين المعروفين بالمنطقة، قبل أن ينتقل الأمر لنجوم سطروا بأرجلهم تاريخ بعض الفرق. بدأ الفريق يخط بعض ملامح الهوية الجديدة، من خلال تلك الإنتدابات الكبيرة لأسماء لم يعهدها الجمهور ضمن تشكلته، حيث بلغت الإنتدابات في منتصف موسم 2005 2006 ما يقارب 600 مليون سنتم، وهو رقم كبير جدا لم يكن في حسبان أي متتبع أو مسير حتى. الرقم الكبير الذي خصص للإنتدابات الجديدة كله كان على شكل قرض من شركة يديرها الحاج أبرون، قد يستعيده وقد لا يستعيده في قترة كان الفريق في بداية مشواره بالقسم الوطني الأول. كما لم تكن مصادر الدعم كافية فكان ما تقدمه الجماعة الحضرية آنذاك بسيط جدا، وحتى المستشهرين كان عددهم قليل ودعمهم أقل. فيما مداخيل الملعب لم تكن واضحة ومضبوطة كما أنها لم تكن بدورها كافية لأي شيء، يمكن ان يدبر شؤون فريق يلعب في بطولة الكبار ويطمح للبقاء طويلا ضمنه. جزء آخر من المشاكل المستعجلة التي طرحت، قضية الملعب والإدارة وانعدام البنيات التحتية، فملعب سانية الرمل كان قد وصل لأسوء حالاته إن على مستوى الأرضية او المدرجات، إضافة لعدم وجود إدارة جيدة للفريق كبناية أو كهيكلة، فيما لم يكن هناك أي ملعب للتداريب قد يساهم في تقليل الضغط على ملعب سانية الرمل، الذي كان الملعب الوحيد الذي يستقبل مباريات فريق المغرب التطواني، وغيره من الفرق المتواجدة بالمنطقة. ما العمل إذن؟ لابد من البحث عن حلول سريعة وإلا سيكون وضع الفريق وحتى مسيريه كمن يصب ماءا على رمل، لكن ما كان الهم الأول والأخير هو الإبقاء على الفريق في القسم الأول، وهو الحلم الذي تحقق رغم صعوبته واستمر الفريق في قسم الكبار لموسم آخر، وبدأ الإعداد للجمع العام الأول الذي سيكون ثمرة مجهود ينتظر أن يثمر لاحقا.