كثر الحديث، في الاوساط الجمعوية والإعلامية، عن العرض الوطني للتخييم ومجالاته ، وهو استراتيجية للعملية التخييمية بصفة عامة ، ومنذ مدة والوزارة والجمعيات الوطنية تبحث وتدرس صيغا كثيرة لتجميع هذه المجالات في عرض واحد انطلاقا من اللجنة الوطنية للتخييم (1983) والهيئة الوطنية للتخييم (2005) ثم الجامعة الوطنية للتخييم (2011)، واستقر الرأي على هذا العرض الذي يجمع التخييم بجميع فروعه ، والجامعات التي تهتم باليافعين والملتقيات الدراسية لدعم قدرات الاطر وتنمية معارفهم ثم مسلسل التكوين في مجال التنشيط والإدارة التربوية ووضع مشاريع تربوية وثقافية وتنموية والمنتديات لنقل المعرفة وتبادل الخبرات والمقامات اللغوية والمخيمات الموضوعاتية. هذه المجالات تم تجميعها في عرض واحد ، تتم دراسته وملؤه من طرف الجمعيات الوطنية وعددها 31 جمعية والجمعيات المتعددة الفروع وعددها 21 جمعية والجمعيات المحلية والمؤسسات الاجتماعية وعددها 245 جمعية والمخيمات الحضرية ب51 جمعية وبعدها يتم الانتقال لفحص العروض وملاءمتها مع المقرر التأطيري للوزارة تبعا لسقف الطلبات المقدمة ، ومع ذلك هناك احتجاجات قوية من طرف بعض الجمعيات حول طريقة الفحص والملاءمة ودور الانتماء والزبونية وهو ما احتج عليه المتدخلون في اجتماع المجلس الاداري المنعقد بالوزارة يوم السبت 21 يونيو 2014 ، وهناك من دعا الى مقاطعة موسم التخييم للاكراهات المادية والبشرية والمسطرية المؤثرة على العرض الوطني، هذا الاجتماع شكل مناسبة لتحليل ومناقشة العرض الوطني ومخصصات الجمعيات وتوزيع الفضاءات، ومحطة لمناقشة الاعمال التي قام بها المكتب الجامعي وتسطير آفاق المستقبل ، لكن للأسف، تبين ان المكتب الجامعي عقد عدة لقاءات سواء مع القطاع الوصي ووزارات التربية الوطنية ، الصحة ، التجهيز والنقل ، العلاقة مع البرلمان ، الداخلية ....بدون تحديد المسؤوليات او المهام المنوطة بكل قطاع . فإلى حدود كتابة هذه السطور ، فالجمعيات التي حصلت على فضاءات بالمدارس مطلوب منها ان تؤدي ثمن استهلاك الماء والكهرباء وبعض الشروط التعجيزية لبعض المدراء كالصباغة وتشذيب الاشجار وتأدية واجبات الحراس وعدم تسليم الفضاء بكامله، هذا يؤثر سلبا على عمل الجمعيات . وإعادة ما كان عليه الامر مع وزارة الصحة منذ بداية التخييم وكذلك وزارة التجهيز والنقل . والغريب ان هناك التزاما من طرف الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان بعقد لقاء مع رئيس الحكومة لطلب الدعم الضروري لهذه العملية الوطنية الكبرى لكن بدون جدوى ، والمرحلة الأولى انطلقت يوم 2 يوليوز 2014 . هذه اللقاءات ارتكزت على الوعود وعدم المعرفة الدقيقة لبرنامج وطني انطلق منذ الاربعينات ، والاستنتاج الوحيد ان الفريق الحكومي يجهل العملية التخييمية التي اتخذت شعارا لها منذ 2005 «أحبك ياوطني « بعد أن عجزت هذه الحكومة عن تطبيقه في برامجها اليومية ، وأهم ما يمكن تسجيله هو البحث عن إصدار مذكرة مشتركة بين وزارة الشباب والرياضة والصحة والداخلية والتعليم والتجهيز والجامعة من أجل مأسسة جميع التدخلات في العملية التخييمية وربطها بالعرض الوطني ومجالاته . كما لا ننسى ان الجامعة ومنذ تأسيسها، وهي ملتزمة بكل ما أنتجته المناظرات الوطنية او الهيئة الوطنية للتخييم بالترافع من أجل توسيع شبكة المخيمات وملاءمتها مع المجال الجغرافي في ظل النظام الجهوي المعتمد وتوفير التجهيزات الاساسية ووسائل العمل البيداغوجي وتأهيل الجمعيات المنخرطة في البرنامج الوطني للتخييم وصولا الى استقلالية الجمعيات في تدبيرها للمخيمات وبقية المجالات ، وهنا لابد من استحضار تجربتين رائدتين لحركة الطفولة الشعبية بمخيم عين خرزوزة اقليمافران، والجامعة الكشفية بالمعمورة، وإذا تمعنا في بعض الشعارات المرتبطة بمصطلح الفضاء، كجعل المخيم فضاء لممارسة وتكريس حقوق الطفل، جعل فضاء التخييم دعامة لمنظومة التربية والتكوين، جعل أنشطة فضاء العطل والترفيه في خدمة التنمية البشرية ، فإن أغلب الفضاءات لا تتيح المجال لتطبيق هذه الشعارات، وذلك لعدم توفرها على الحد الادنى للتخييم ( الحوزية، الغابة الدبلوماسية...) . نموذج من المخيمات التي تستعد لموسم 2014 وحسب الاحصائيات الميدانية، فإن 39 فضاء تابعا للوزارة ، واخرى للمؤسسات الخاصة والتي تشكل هاجسا للجمعيات نظرا للشروط التعجيزية، وللتذكير فإنه تم إغلاق مخيمات لإعادة هيكلتها او غير صالحة او تم تفويتها ، ولابد من استكمال البرنامج الخاص بتأهيل مراكز التخييم الشطر الاول، وهل تم تجاوز التعقيدات المسطرية التي أجلت انطلاق العمل في بعض المخيمات كالحوزية ... ؟ في حين خضعت مخيمات اخرى الى إصلاحات واسعة جزئيا او كليا ، هذه الاصلاحات تنعدم فيها مواصفات الدقة في اختيار طبيعة المرافق وملاءمتها مع الانشطة و التجهيزات والأدوات بالمرافق المنجزة . وللتذكير فإن إعادة بناء وتأهيل فضاءات التخييم ، السعيدية كنموذج، سينطلق فيه التخييم خلال المرحلة الرابعة والخامسة ، يبقى انجازا كبيرا وقيمة مضافة لمجال التخييم، لأن البنية التحتية أسست وفق حاجيات الجمعيات والمنظمات الوطنية المهتمة بالتخييم بطاقة استيعابية 1034 سريرا. وهناك مخيمات مغلقة في الاطلس المتوسط (كتيومليلين، وتكرونت...) والرفع من حمولة مراكز اخرى وهي مؤهلة لذلك ، و يبقى مشكل الفضاءات عائقا حقيقيا للوزارة و الجمعيات الوطنية، وهو ما يؤثر سلبا على الاستفادة من العملية التخييمية، وتبقى طبيعة الخدمات المتوفرة داخل المخيم محورا أساسيا لارتباطها بالبنية التحتية للاستقبال والتنشيط ، وهي مشتركة بين الوزارة والجمعيات و كذلك التدبير الاقتصادي وتأمينه، والوزارة مطالبة اليوم في ظل الظروف الأمنية والصحية الحالية، بتوفير الحراسة والنظافة والتأمين على المشاركين ، وهي خدمات كانت توفرها الجماعات المخيمة، لكن في اطار النقاش المفتوح بين الجامعة و الوزارة تم التوصل الى هذه الخدمات الأساسية بما فيها التعاقد مع الأطباء و شراء أدوية، وللجمعيات خدمات تأطيرية وتعبوية وتواصلية مع الأسر من أجل المشاركة وانجاح البرنامج الوطني للتخييم . ان الاجراءات اللاشعبية التي مست الحقوق ومكتسبات كافة الفئات الشعبية و الهجوم المتواصل على القدرة الشرائية و ارتفاع أثمنة جل المواد الغذائية، جعل الحكومة تصر على الاستمرار في حل عجزها المالي على حساب جيوب المواطنين الذين يكتوون حاليا بنيران الزيادات المتوالية في الاسعار. و إذا كان شعار« المخيم حق و ليس امتيازا» ، فمن حق الطفل أن يستفيد من هذا الحق بكل مكوناته، بما فيها جانب التغذية ، لكن امام هذا الوضع و عدم الزيادة في المنحة، سيعرف موسم التخييم توترات كبيرة نظرا لطبيعة المرحلة وشهر رمضان ، لأن نظام التغذية عنصر اساسي ومكمل للبرنامج الوطني للتخييم ، وراهنت الجامعة و معها الجمعيات الوطنية على دعم منحة التغذية بالرفع منها تدريجيا لمواجهة الزيادة في الاسعار و تقلباتها و كبح جماح الصفقات التي غالبا ما تضعف قيمة المنحة، و قد التزم الوزير السابق منصف بلخياط بالزيادة في منحة التغذية تدريجيا بمعدل 2.5 كل سنة من 2011 الى 2014 لتصل الى 30 درهما وتم احترام هده الزيادة خلال 2011 ،و تم ضرب هذا الاتفاق عرض الحائط في عهد الوزير الحالي وسيكون له تأثير سلبي و خطير على التغذية، كما أن المتعهدين أبانوا عن فشلهم و لا يجب تكرار هذه التجربة لأنها ستحدث فوارق بين أطفال يتغذون ب 25 درهما وأطفال ب 40 درهما، وسنرجع الى مقولة المرحوم «الطاهر بورحى» خبير المخيمات المغربية : «حذار من مخيمات بورية وسقوية». وهذا النظام يقتل التطوع و خصوصيات التخييم والمشاركة في تدبير الحياة اليومية و ابتلاع مبلغ المنحة. وقد عبرت الجامعة عن معارضتها لتحويل المخيمات المؤهلة الى فضاءات مخوصصة بتسميات تجارية غريبة في مجال التخييم، ويجب التنبيه والتتبع للنظام المحكوم بإجراءات تنظيمية وتقنية تتمثل في إعداد الصفقات والتقويمات و موازاتها مع الاعتمادات المرصودة لتدبير التغذية بالمخيمات أو الملتقيات . وقد حددت المادة الحادية عشرة من مقرر وزير الشباب و الرياضة بشأن البرنامج الوطني للتخييم ومجالاته أن مراحل التخييم تم تحديدها في 5 مراحل من 12 يوما بمنحة يومية للتغذية في 25 درهما للمخيمات القارة (أطفال) و15 درهما لمخيمات القرب الحضرية، و35 درهما لليافعين و40 درهما للتداريب واللقاءات ومخيمات الشباب. لكن السؤال المطروح: لماذا حددت الوزارة ومعها الجامعة المرحلة الخامسة في 10 أيام بدل 12 يوما حسب مقرر الوزير؟ وللتذكير فإن مراحل التخييم تقلصت من 21 يوما الى 15 يوما الى 12 يوما ثم الى 10 أيام خلال المرحلة الخامسة، فمن المسؤول؟ وكخلاصة تطالب الجامعة ومعها الجمعيات الوطنية، بمواصلة تأهيل الفضاءات التي تمت برمجتها سنة 2011، واستكمال البرنامج المعد لذلك، خاصة فضاء طماريس والحوزية، والرفع من حمولة مراكز سيدي الطيبي والحاجب واموزار وأصيلة والبدوزة، وبرمجة هيكلة الهرهورة والغابة الدبلوماسية والعرائش والقصيبة، مع إيجاد حل استعجالي لفضاء رمي الحمام بالقنيطرة البديل لمخيم المهدية الذي تحول الى مشروع عقاري، والرفع من منحة التغذية والدعم المالي للجمعيات المهتمة بالتخييم وإعادة النظر في نوعية الخدمات لمراكز الاستقبال وإخراج النصوص القانونية للتخييم والتكوين. ويبقى الجانب الاهم في العملية التخييمية بذل جهد عقلاني و موضوعي للاستثمار والتركيز على القيمة المضافة في التأطير والتأهيل، بدل المشاركة والأرقام، مع الانفتاح على العمل الجمعوي الجاد ووليس المستهلك وفرض قيود ملزمة على الجانب الاخلاقي والمادي وإعادة تنظيم مجال التخييم على قاعدة الاستحقاق والاهلية للمستفيدين، والحرص على استرجاع هوية التخييم كمدرسة لإنتاج القيم والتربية على المواطنة و تكوين الأطر، وقاعدة لترسيخ قيم التطوع. بيان للجامعة الوطنية للتخييم بالمغرب «عقدت الجامعة الوطنية للتخييم مجلسها الاداري يوم السبت 21 يونيو بالرباط، بحضور الجمعيات الوطنية العضو بالجامعة البالغ عددها 46 تنظيما . الاجتماع شكل مناسبة لتحليل ومناقشة العرض الوطني ومخصصات الجمعيات وتوزيع الفضاءات واعمال اللجنة المشتركة. كما بحث الاعضاء نتائج الاجتماعات التي عقدتها الجامعة تباعا مع وزارة الشباب والرياضة والتربية الوطنية والصحة والتجهيز والنقل والعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني والداخلية ، وستستكمل لاحقا مع بقية القطاعات تختتم بالإجماع مع السيد رئيس الحكومة ، كما وعد بذلك الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني. وبعد الاستماع الى عروض تقنية ومناقشة مضامينها ، فتح حوار مسؤول وجدي مع المسؤولين الجمعويين بالجامعة ، انتهى الى رفع المطالب التالية : { الإشادة بعمل المكتب الجامعي ودعوته الى تقوية مرافعته ، وصولا الى استقلالية الجمعيات في تدبيرها للمخيمات وبقية المجالات ، ومأسسة التخييم في جهاز مستقل. { التأكيد على تسريع وتيرة تأهيل الفضاءات وتوسيع الخريطة وتأمين التجهيز والتأطير . { الإلحاح على الزيادة في منحة التغذية بالمخيمات بالنظر الى الارتفاع في الأسعار وشهر رمضان. { مراجعة الدعم المالي المقدم ومضاعفته وتوزيعه على قاعدة الاستحقاق والحضور. { إطلاق برنامج وطني لتأهيل الجمعيات وفتح مدرسة لتكوين أطر التنشيط. { مطالبة الجمعيات العضو بالجامعة بتحسين العرض التربوي داخل مكونات المشروع البيداغوجي والالتزام بالحكامة التدبيرية { الحاجة الى مقاربة تشاركية بين وزارات الداخلية والتعليم والشباب والجامعة الوطنية لضمان تخييم أبناء الاقاليم الجنوبية الصحراوية في ظروف جيدة / النقل ، الفضاءات، الإعداد، التأطير. { الحرص على إشعاع الثقافة الامازيغية والحسانية داخل التخييم ومجالاته. { دعوة وزارة الداخلية والجماعات الترابية الى الاهتمام بجمعيات التخييم والانفتاح عليها وتمكينها من النقل والدعم المالي والشراكات اعتبارا للأنشطة التي تقوم بها طيلة العام. { تفعيل اللجن الاقليمية للمخيمات برئاسة السادة الولاة والعمال ومشاركة القطاعات المتدخلة والجمعيات المعنية. { التشبث بكتابة الذاكرة الجمعوية وتكريم الرواد وتوسيمهم».