أعطى المحلل الاقتصادي العربي الجعايدي نكهة خاصة للندوة التي نظمتها وزارة الداخلية تحت شعار « المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رافعة للتحول الاجتماعي»، بمناسبة الذكرى التاسعة لهذه المبادرة، يوم أمس بفضاء المكتبة الوطنية بالرباط، حيث حاول الجعايدي جاهدا كمسير لهذه الندوة التي شارك فيها عدد من الفاعلين والممثلين للقطاعات الوزارية والمجتمع المدني، ان يتجاوز اسطوانة «العام زين» التي كان العمل جاري بها وتلوكها الألسن كل ما تعلق الأمر لتقييم وتقديم حصيلة والسياسات العمومية بالبلاد. في البداية نبه الجعايدي كل من المتدخلين في هذه الندوة, المتمثلين في سليمان الحجام منسق بالنيابة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وزارة الداخلية، وعبد العزيز الرباح وزير التجهيز والنقل ثم رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية ورئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية ورئيس المجلس الجهوي لواد الذهب لكويرة ورئيسة جمعية الإنصات والتحرر بالرباط والكاتب العام لوزارة الشبيبة والرياضة وآخرون، على أن هذا اللقاء لقاء ليس لجرد الحصيلة والنتائج المتوصل إليها بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بقدر ما هو لقاء يتناول هذه المبادرة برؤية نقدية لتجاوز الإشكالات والمعيقات التي تقف كعناصر معرقلة لتجسد بالفعل المبادرة رافعة للتنمية البشرية على ارض الواقع. ويبدو أن الاتفاق قد كان حاصلا ما بين وزارة الداخلية والساهرين على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من جهة والمحلل الاقتصادي العربي الجعايدي فيما قبل, على أن تشكل هذه الندوة لقاء نقديا يتناول كل الإشكاليات والعوائق التي لا تساعد على أن ترتفع هذه المبادرة إلى رافعة حقيقية للتنمية البشرية، حيث يرى الجعايدي أن المبادرة مساهمة في التنمية البشرية وترقى بعد ذلك لنقول على أنها رافعة للتنمية البشرية. لقد استطاع العربي الجعايدي أن يضع يده على»الجرح»، وذلك بطرح عدد من الإشكاليات التي تعاني منها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كإشكالية الالتقائية لعدد من القطاعات الوزارية، إشكالية التنسيق القطاعي والمركزي والجهوي والمحلي، تداخل السلطة والقطاعات المعنية، القيمة الحقيقية للمجتمع المدني كشريك في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، دور المنتخبين في المبادرة. كما ابرز الجعايدي كذلك أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعاني من اختلال كبير, حيث لم تجتمع اللجنة المركزية التي يترأسها رئيس الحكومة منذ مدة طويلة، وهنا يطرح إشكالية التنسيق المركزي والمحلي. هذه الروح النقدية للقاء المتفق عليه قبليا, أثار انزعاج ياسين الحجام المنسق بالنيابة, مما جعله يذكر بأهداف اللقاء والروح البناءة له لتطوير الأثر الايجابي للمبادرة الوطنية للتنمية، وتكون له ردود مباشرة جازمة على أن المبادرة لا تعاني من أية اختلالات ولا تعرف تداخل للسلطة مع القطاعات الأخرى، وعلى أن التنسيق حاصل في عدد من المشاريع بين عدد من القطاعات الوزارية في المساهمات المالية وبقسط وفير، وعلى أن إشكالية الالتقائية نعيشها يوميا. ومن جهته, وزير التجهيز والنقل عبد العزير الرباح لم يستطع أن يساير أهداف اللقاء المسطر من قبل المنظمين، حيث تمادى هو الآخر في محاولة عرض الحصيلة بالأرقام والحديث عن المشاريع المنجزة, إلا أن الجعايدي كان يقاطعه بطرح أسئلة مباشرة تتعلق بالإشكاليات الكبيرة التي بإمكانها أن تطور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كفلسفة اتخذت من كرامة الإنسان أولا كقيمة وهدف أساسي. أثارت رئيسة جمعية الإنصات التي تشتغل على التربية ومحاربة الهدر المدرسي بالرباط غضب الرباح ,حيث شرعت في تشريح واقع الهدر المدرسي والأمراض والانحرافات المتفشية في اوساط التلاميذ والتلميذات بالمؤسسات التعليمية، مقاطعا إياها أن ليس كل أبناء المغاربة هكذا، وردت عليه بقوة على إنها تتوفر كجمعية على عدد من الإحصائيات الصادمة في هذا الشأن كجمعية وتتحمل مسؤوليتها الكاملة في ما تقول. كما اعتبر رئيس المجلس الجهوي لجهة واد الذهب لكويرة , أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية صناعة محلية وطنية مغربية مائة في المائة لتدعيم الديمقراطية المحلية والتشاركية، وأشار إلى أن هذه المبادرة من خلال تجربته قد ميزت دور المنتخبين في عدد من القضايا المحلية لخدمة مصالح المواطنين واعتماد سياسة القرب.