هذه انطباعاتى على شخصية السيسى من خلاله حواره مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدى. ٭ رجل دولة وطنى مشغول بقضايا الأمن القومى المصرى وبالهاجس الأمنى فى فترة صعبة تمر بها الدولة،وبالتالى سيركز فى السنوات العشر القادمة على تأمين حكمه وحكم من سيأتى بعده من خطر القوى الإسلامية وخاصة الاخوان، ولا تنتظروا منه أكثر من ذلك. ٭ رجل عاطفى يميل إلى استخدام العبارات العاطفية الجياشة وفى نفس الوقت تظهر العاطفة عليه وهو يتحدث، ولكن هذه العاطفة الجياشة لا تنفى جديته وحزمه عندما يتطلب الأمر ذلك . ٭ رجل متدين محافظ، فهو اقرب إلى المحافظين منه إلى المسلم العادى،ولهذا تكررت العبارات الدينية والاشارات الدينية كثيرا خلال حديثه بما فيها تأكيده على أنه مصرى مسلم يحب دينه, رغم أن هذا شئ معروف وبديهى، ونتمنى أن تغير مسؤوليات الحكم وصراعه مع الاخوان توجهاته المحافظة كما حدث مع عبد الناصر. ٭ رجل يحترم المرأة الزوجة والابنة والأم،وقد تحدث أكثر من مرة عن المرأة بتقدير كبير وعن دورها بإعزاز وعن زوجته باحترام بالغ وتقدير كبير، ويعكس هذا تربيته فى أسرة سعيدة وكذلك يعيش حياة زوجية سعيدة،وهذا يختلف كثيرا عن الثقافة العربية التى تبجل الأم فى الوقت الذى تنتقص فيه من قدر الزوجة. ٭ رجل يركز على المدخل الاخلاقى،فهو يرى أن الأخلاق جزء اساسى فى نجاح الأمم وفى نجاح علاقات الحاكم بالمحكومين وعلاقات الناس ببعضها البعض،وهو يرفض أى إساءة توجه له طالما أنه لم يسئ لأحد. ٭ رجل نتاج بيئة أولاد البلد فى حى الجمالية العريق، بما فيها من ثقافة التنوع واحترام الاختلاف الدينى والمذهبى وثراء التقاليد المصرية وعصارة التعايش المصرى ورحيق التاريخ والحضارة المصرية. ٭ رجل يعتز كثيرا بانتمائه العسكرى وتاريخه فى الجيش ويتحدث بتقدير عن دور المؤسسة العسكرية وبتقدير عن رجالها من اصغر رتبة إلى اعلى منصب. ٭ رجل يثق فى المصريين، وهذه نقطة مهمة لم نرها فى السادات ومبارك، ولكنها كانت واضحة أيضا فى شخصية عبد الناصر،وهو يشعر كذلك أن المصريين يثقون فيه، وهذه الثقة المتبادلة ستساعده كثيرا كرئيس. ٭ رجل يخاطب المواطن العادى، على خطى عبد الناصر، باعتباره هو الاساس فى مصر والمعنى بامورها، ويبدو أنه درس أمراض النخبة جيدا ولهذا لا يتوجه بحديثه اليها ولا يثق فيها،بل وجه حديثه إلى المواطن العادي الذي يعيش الأزمة وفى نفس الوقت قام بالثورات وتحمل ضريبة ثقيلة من وراء ذلك. ٭ رجل فوق الحزبية، فهو يرى نفسه رئيسا للمصريين وليس لحزب منهم، ولهذا قرر عدم تكرار خطأ السادات ومبارك فى تأسيس الأحزاب ورئاستها، وتمتد عدم حزبيته أيضا حتى إلى فرق كرة القدم اهلى وزمالك، فهو يرى نفسه معنى بالمصريين كشعب وليس بجزء أو بحزب منهم. ٭ رجل يفهم خصمه جيدا، فهو يعرف أن جماعة الاخوان جماعة عنيفة،ويعلم أنهم يقفون وراء معظم الجماعات الإرهابية ويتخذونها كسواتر،ويعرف أنهم يجيدون المواجهة لا المشاركة، والتخريب وليس البناء،ويعرف أن مصر بنسيجها الاجتماعى والسياسى والدينى لا يصلح لها هذا الفكر،ويعلم نظرتهم للمصريين بأنهم يعيشون فى الجاهلية كما كتب منظرهم سيد قطب، ويعلم أنهم من كانوا وراء محاولات اغتياله مرتين،ولهذا كرر بحسم بأنه لا مكان لهذا الفكر فى عهده، لا جماعة الاخوان ولا مكتب الإرشاد ولا هذا الفكر التكفيرى الإستعلائى العنصرى. ٭ رجل يعرف قوة خصمه جيدا، يعرف أن جماعة الاخوان متواجدة فى 70 دولة وفى ركائز بعض الدول، ولديها استثمارات متشعبة ودول تدعمها ولكنه فى نفس الوقت واثق من انتصاره عليها. ٭ رجل يعرف خطورة الخطاب الدينى السائد، وحسب قوله أن الخطاب الدينى فى العالم الإسلامى بالكامل افقد الإسلام إنسانيته. قدمنا ربنا بشكل لا يليق بمقامه العظيم. وهو يرى أن ياخذ الدين مكانه الطبيعى بالراحة، وهو يفرق بين التدين الصحيح والتدين المرفوض، ويعرف الفرق بين إسلام الدولة وإسلام الفرد، ويعرف خطورة الفكر الدينى السائد، لأن هذا الفكر الدينى لا يصلح مع طبيعة المصريين. ٭ رجل يعلم مدى خطورة الأحزاب الدينية وعدم دستوريتها، ولهذا كرر أنه ليس مدينا لأحد فى إشارة إلى السلفيين وحزب النور، فمصر لا تتحمل مثل هذه الأحزاب، وقد اصبحت هذه الاحزاب الدينية حفريات تاريخية من بقايا عصور مظلمة. ٭ رجل يحمل منظومة قيم الستينات مع تأثر واضح بموجة ما تسمى بالصحوة الإسلامية وقد مزج ذلك بقيم الستينات فأصبحت خلطته الدينية مقبولة وليست متشنجة. ٭رجل يعتز بذاته وبتاريخه وبأسرته وبالحى الذى نشأ فيه وبالمؤسسة التى عمل فيها جل عمره وبدينه وبوطنه وبمصريته وبالمصريين شركاءه فى الوطن. ٭ رجل يعرف تقدير من ساعدوا مصر، فتكلم باعتزاز وإكبار عن السعودية وعن ملكها وعن الامارات ومؤسسها المرحوم الشيخ زايد وعن الكويت وعن كل الذين ساعدوا مصر فى أزمتها. ٭ رجل ليس صداميا، فهو لا يريد تدمير علاقة مصر بأى دولة لصالح دولة أخرى وانما الاستفادة من كافة العلاقات بإيجابية لصالح الدولة. ٭ رجل غير محمل بفواتير لأحد فى الداخل والخارج كما قال، ولهذا يتحدث بوضوح عن ما يراه صوابا،وينسب الفضل كله فيما وصل اليه إلى الله وإلى المصريين، ويعتبرهم ظهيره الشعبى وسنده فى معركته وشركاءه فى مرحلة البناء. ٭ رجل يعرف خطورة وأهمية دور المواطن فى الاختيار، فهو لا يشعر بشرف لو زورت الأنتخابات، وهو كذلك يرى أهمية قصوى لدور المواطن فى اختيار البرلمان القادم، ويعلم وجود برلمان محترم سوف يساعده كثيرا فى مهمته ولهذا نصح المصريين بأن ينتبهوا ويتفحصوا ويدققوا قبل الإدلاء بأصواتهم. ٭ رجل يملك تصورا طموحا لتنمية مصر ونقلها نقلة نوعية، وهذا الطموح للأسف لا تدعمه دراسة حقيقية عميقة للموقف وللوضع, بل أنه صدق البعض عن رؤيتهم لمشروعات عملاقة رغم كل الدلائل تقول أن هذه المشروعات ليست مدروسة جيدا ولا توجد موارد مائية لتنفيذها ولا فؤائض مالية للبدء فيها, كما أن جدواها مشكوك فيه ،وكنت أتمنى أن تكون هذه المشروعات مدروسة دراسة متأنية ومن أكثر من جهة ومن بيوت خبرة عالمية حتى لا نقع فى فخ مشروعات كبيرة فشلت مثل فوسفات ابو طرطور وموضوع توشكا وغيرها من المشاريع الفاشلة. هذه انطباعات شخصية كما قلت عن السيسى،ولا ادعى أننى على صواب وإنما وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ.