ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحيفة.. تقول أن "السيسي التقى الله مرتين"

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي عقب نشر مقال للكاتب محمد الباز، في جريدة “الفجر” المصرية يحمل عنوان “السيسي يقابل الله مرتين”.
وقد وضعت الجريدة التي نشرت عنوان هذا المقال في صدر صفحتها بالأولى، السيسي في مرتبة أعلى من الأنبياء والرسل، فحتى موسى عليه السلام كلمّه الله عزّ وجل تكليما ولم يقابله.
وأضافت “الفجر” أن السيسي أخفى نسبه إلى قبيلة الأشراف المغازية، أي أنه ينتمي إلى سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه دفن والده فى غرفة تفصل بين رجال ونساء العائلة.
وقد أثار هذا المقال موجة عارمة من الغضب والتهكم بين القراء، وعلّق أحد المصريين في هذا السياق، بقوله “ إن شاء الله يقابله عن قريب.. بجد”، وعلى الجانب الآخر شنت جماعة الإخوان المسلمين على صفحاتها هجومًا عنيفًا على الباز واصفين مقالة بالكفر.
و يحاول اعلام الانقلاب تلميع صورة السيسي المدعوم من رجال المال والأعمال والبيروقراطية عبر افتراءات وأكاذيب و حتى التطاول على الذات الإلهية، هدفها تلميع صورة قائد الانقلاب و تقديمه للشعب في صورة المنقذ المنتظر.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
محمد الباز يكتب : السيسي يقابل الله مرتين
لماذا يخفى نسبه إلى قبيلة الأشراف المغازية؟.. ولماذا يكره الأمريكان؟
لماذا دفن والده بين رجال العائلة ونسائها؟..وهل يخفى شيخه الصوفى الذى أخذ عليه العهد؟
مالم ينشر عن حياته الخاصة وتدينه.. وتأثره بوالده
هل نجح الذين اجتهدوا لتقديم السيسى كمرشح رئاسى إلى الجمهور الذى كان ينتظر إطلالته التليفزيونية؟
هل استطاعوا أن ينحتوا منه شخصية من لحم ودم يمكن أن يتفاعل معها المصريون، وينسجوا حولها حكاياتهم وقصصهم وأحلامهم المؤجلة؟
هل تمكنوا من أن يأخذوا حياة الرجل المجهولة إلى مساحات ضوء يمكن أن تضيف إليه وتنحته نحتا محولة إياه إلى أسطورة حية واضحة المعالم، بعد أن ظلت أسرارها طى الكتمان كثيرا؟
أعتقد أنهم أخفقوا فى ذلك تماما.
ركب السيسى الحوار مع إبراهيم عيسى ولميس، قال ما يريده هو، لا ما يجب أن يقوله، استغلهم ليصل إلى هدفه الأسمى، رسم من خلالهما صورة لرئيس قوى عنيف، لا يتساهل ولا يفوت كلمة لا تعجبه، مدركا أنه بذلك يغازل المصريين البسطاء الذين افتقدوا فى الرئيس المعزول محمد مرسى أى لمحة لرئيس قوى أو على الأقل يستطيع أن يملأ مكانه.
كانت إطلالة السيسى الأولى عبر الشاشات فرصة لنعرف من هو هذا الرجل، كيف نشأ وعلى أى طريقة وقيم تربى، كيف استطاع أن يجمع فى شخصية واحدة بين القدرة على القوة والحسم وربما القسوة أيضا، وبين الصوت الرخيم وعدم التحكم فى الدموع وفيض الحنان الذى يصدره طوال الوقت لمن يسمعونه؟
هل نتحدث عن شخصية ملغزة؟
هو إلى اللغز أقرب.. وأعتقد أن مهمة حل هذا اللغز لن تكون سهلة على الإطلاق.
هنا أطراف من حكايات، بعضها مكتمل، وبعضها لا يزال فى طور التكوين، يمكن أن تدلنا على طريق لهذا الرجل.
الله فى حياة السيسى..
لا يخلو حديث للسيسى من قسم بالله، أو ذكر لله بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو أمر ليس جديدا عليه بالمرة، فمن يعرفونه يؤكدون أنه كثيرا ما يستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وإن كان يفعل ذلك فى مساحة دلالتها العميقة بعيدة عن تسطيح المعانى الدينية.
الله حاضر فى حياة السيسى بشكل قوى.. لكنه تواجد بشكل خاص، على طريقة المصريين الذين ينسجون علاقتهم بربهم بطريقتهم الخاصة، فى مظهره متدين مصرى وسطى يصلى ويصوم ويقرأ القرآن باستمرار، لدرجة أن قادته فى القوات المسلحة ومبكرا جدا كانوا يقولون إذا أردتم أن تعثروا على السيسى فهو فى أربعة أماكن لا يغادرها، إما يصلى أو يقرأ القرآن أو يمارس الرياضة… أو يعمل، أما على مستوى الجوهر، فهو غارق فى الصوفية، لكنها صوفية أيضا على طريقته الخاصة.
لقد خدع الإخوان أنفسهم فيه، رأوا إيمانه وتدينه، فظنوه قريبا منهم، خيرت الشاطر كان يقول لزوجته إنه صوام قوام، ولذلك صدمتهم فيه كانت قوية جدا، أفقدتهم توازنهم، جعلتهم يكذبون عليه بعد ذلك، ويقولون إنه كان يتعمد أن يظهر تدينه أمامهم حتى يقربوه منهم.
أحد الإخوان الهاربين إلى قطر قال بسذاجة شديدة إن السيسى عندما كان يجلس بينهم، كان يتعمد أن يتصل بزوجته ويطلب منها أن تجعل الأولاد لا ينسون الصلاة، متجاهلين أن أولاده بالفعل لديهم حياتهم الخاصة وبيوتهم المستقلة، وتجاوزوا السن الذى يجعلهم ينتظرون أحدا يذكرهم بالصلاة.
مبكرا جدا رأيت فى السيسى رجل الأقدار، رجلاً جاء على موعد من أجل تنفيذ إرادة الله فى جماعة تجاوزت حدود الدين والدنيا.
منذ خمسة وثلاثين عاما طلب السيسى – وكما قال هو – أن يعرف الله، وقتها كان عمره 25 عاما، شاب فى مقتبل حياته، يعمل ضمن صفوف القوات المسلحة المصرية، أمامه مستقبل مضمون طبقا لتصورات من ينتمون إلى المؤسسة العسكرية.
فى هذه الفترة وبحسبة أهل الله، فإن السيسى تلقى من الله ما عرف من خلاله أنه يقترب، ليس شرطا أن يكون فى قربه الأتقى أو الأكثر إيمانا، قد يكون المعنى فى أنه يتم إعداده لمهمة كبيرة، فالله الذى يدير كونه على عينه، يرتب أحوال العباد يرفع أقواما ويذل آخرين، ولابد أن يكون له جنود ينفذون إرادته فى خلقه.
لا أستبعد تماما أن يكون السيسى يعيش بهذه الحالة، وليس بعيدا أن يكون الله كشف له عن إرادته مرة ثانية، عندما جعله يقدم على خلع جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم، وهى الجماعة التى لا تكف عن زعم تمثيلها لله فى الأرض، وساقه فى طريق شعب غاضب لكنه عاجز، فأخذ بأيديهم وسعى بهم إلى حيث يريد ويريدون.
لو كان تدين السيسى أرضيًا تغلب عليه الشكليات، يسعى خلف النفاق الدينى يتودد لمن يزعمون أنهم أهل الله، لما أقدم على التصدى لهم، لكنه كان يعرف أن الله فى صفه هو، وليس فى صفهم أبدا، ولذلك كان طبيعيا ومنطقيا جدا، أن يقول إنه سيقف أمام الله يوم القيامة ليحاجج الإخوان المسلمين، فهو لا يخاف من شكواهم إلى الله لأنها باطلة، ولم يخش دعاءهم عليه، وهم الذين صاموا وقاموا وسجدوا ورفعوا أكفهم للدعاء عليه طوال شهر رمضان، لكن لم يستجب الله لهم.. دعا الإخوان المسلمون أن ينصرهم الله عليه، لكن نصره الله هو، وجعلهم نسيا منسيا.
الصوفى الذى لا يكشف عن شيخه
قبل شهور قليلة من رحيل محمد مرسى حاول أن يستخرج شهادة من نقابة الأشراف تشير إلى أن نسبه ينتهى إلى نسب النبى محمد صلى الله عليه وسلم، اعتقادا منه أن نسبه الشريف وحده يمكن أن يقربه من المصريين، الذين يذوب هواهم فى هوى آل بيت النبى الأطهار المطهرين.. فشلت المحاولة لأننى كنت أحد من وقفوا فى طريقها وكشفت أطرافها قبل أن تتبلور لمؤامرة كاملة.
فى ملفات عبد الفتاح السيسى التى لا يقترب منها أحد معلومة عابرة لم يتوقف أمامها الكثيرون، فأسرة السيسى يرجع نسبها إلى قبيلة الأشراف المغازية، أحفاد قبيلة بنى سليم الذين قدموا من المدينة المنورة، هو من الأشراف إذن، لكنه لا يلح أبدا على هذه المعلومة ولا يستخدمها، فالأشراف الحقيقيون هم من يعتبرون النسب حجة عليهم، ولا يمنحون أنفسهم حق أن يكونوا هم حجة على النسب.
صحيح أن السيسى لم يتوقف طويلا عند نسبه، لكنه توقف عند حالة الصوفية النادرة التى يعيشها، وهنا يلفت انتباهى ثلاثة شيوخ فى حياته، الأول هو الشيخ إسماعيل صادق العدوى الذى ظل لسنوات طويلة خطيبا للجامع الأزهر، ويبدو أن السيسى ابن الجمالية تربى ليس على خطبه فقط، ولكن على طريقته الصوفية، فالرجل رغم أزهريته المعتدلة ووسطيته الرائعة إلا أنه كان واحدا من أقطاب الصوفية فى مصر، أما الثانى فهو الشيخ الشعراوى الذى كان يسكن بجوار مسجد الحسين، والذى سجل معظم حلقات برنامجه «خواطرى حول القرآن الكريم» فى رحابه، ولم تكن تفصل السيسى عن الشعراوى إلا خطوات، أما الشيخ الثالث فهو الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وشيخ الطريقة، الذى ساند السيسى فى حربه ضد الإخوان، وكان له عونا، زلت قدم الشيخ قليلا، تراجع بعض الشىء، فأنقذه السيسى من تردده.
هل يخفى السيسى شيئا فى هذه المساحة؟ أعتقد ذلك، لا أستطيع أن أجزم أن عبد الفتاح السيسى أخذ العهد على شيخ بعينه، أو أنه يتبع طريقة صوفية بعينها، لكن أداءه يؤكد أنه فعلها، من حقه وحده أن يفصح عن طريقته، ومن حقه أيضا أن يقول لنا إنه ليس مريدا لأحد، فهو فى طريق وحده.. ومن مشاهد كثيرة تبدت أمامنا لن نستطيع أن نكذبه.
لقد ألقى السيسى على محاوريه فى حواره التليفزيونى الأول كلمتين لم يلتفت لهما أحد، وهما إسلام الدولة وإسلام الفرد، أعتقد أن لميس الحديدى لم تفهم ما يريده، ولم يأخذ فرصته لشرح مقصده، رغم أنه تحدث فى هذا الأمر من قبل.
فهو يعتبر إسلام المواطن العادى غير إسلام الجماعة غير إسلام الدولة كلها، هناك أشياء يمكن أن يتقبلها الفرد ويتعايش معها فى ظل معتقداته، ولا أحد يستطيع أن يجادله فيها، لكن فى إسلام الجماعة نحن أمام مجموعة التقت على أفكار هم أحرار فيها، لكن لا تستطيع أن تسحب إجماعها على أمر ما وتجبر الناس عليه، وهذه هى الإشكالية الموجودة فى إسلام الجماعة، لأنه لا يمتد إلى إسلام الدولة الذى هو أكثر اتساعا ومرونة، لأن حجم الاجتهاد فى كل الأحوال لن يضر لأننا لو أصبنا فى هذا الاجتهاد فسنحصل على أجرين.
إنه يضع فهمه الخاص للإسلام، يسير خلف ما يعتقده أنه صواب، حتى لو خالفه فى ذلك الجميع.
ما تركه خلفه الحاج خليل السيسى
الحضور الأكبر فى حياة عبد الفتاح السيسى للسيدة والدته، عندما ألقى بيان 3 يوليو خرج من وزارة الدفاع إليها مباشرة، يطلب مباركتها ودعاءها، فرغم أنها لا تدرك كثيرا من الأحداث التى تحيط بها إلا أنها تدرك أيضا أن ولدها لا يقدم على خطأ، حتى لو أجمع الناس جميعا على ذلك.
الأم صاحبة كلمة سر لدى ابنها، فهو بار بها، تعيش حالة صحية صعبة، ورغم أعبائه وانشغالاته الكثيرة، فإنه رفض أن تقيم عند أحد من أشقائه، تقيم معه هو، ومن طقوسه معها أنه لا ينام أبدا إلا بعد أن يمر عليها، يجلس إلى جوار سريرها، وبعد أن يطمئن على حالتها الصحية، يظل يقرأ القرآن إلى جوارها، ولا ينهى القراءة إلا بعد أن يتأكد أنها راحت فى النوم.
السيدة سعاد هى سر تحضر ورقى السيسى فى تعامله مع المرأة، فالأم هى البداية لكل شىء، منها يمكن أن تكون راقيا ومتحضرا، ومنها يمكن أن تكون همجيا محتقرا للمرأة.
لكن هناك شخصية أعتقد أنه لا يمكن تجاهلها فى حياة عبد الفتاح السيسى، هى شخصية والده، الحاج سعيد خليل السيسى.
إذا أردتم أن تبحثوا عن الحالة المزاجية التى يتحدث بها السيسى تحديدا عن فكرة العدل وتحقيق العدالة، فلابد أن ترجعوا إلى والده، كان صاحب بازار فى خان الخليلى، ومن نوادر ما يتردد عن السيسى أنه وفى طفولته، وعندما كان يتردد على محل والده، كان أصدقاء والده يلقبونه بالجنرال، فقد كانوا يرونه قائدا منذ صغره.
لقد تزوج والد عبد الفتاح السيسى مرتين، الأولى من والدة المشير الحاجة سعاد وأنجب منها كلا من أحمد وعبد الفتاح ورضا وفريدة وحسين وأسماء ومنى وزينب وجيهان ومحمد وبوسى، أما الثانية فكانت السيدة حسنية وأنجب منها إيمان وسحر وعبد الله وعلاء.. هو واحد من خمسة عشر ابنا وابنة إذن.
لن أشير إلى حالة العدالة التى مارسها والد السيسى بين زوجتيه، فهذا أمر طبيعى، لا يدخل ضمن حالة الدرامية التى ختم بها الرجل حياته.
توفى الحاج سعيد خليل السيسى تقريبا فى العام 2002، عانى كثيرا قبل أن يموت، لكنه فعل ما لا يمكن أن يتخيله أحد، بنى مقبرة العائلة غرفة للنساء وغرفة للرجال، وبنى بينهما غرفة صغيرة أوصى أن يدفن فيها، قالوا لأبنائه، لقد كنت حكما بينكم فى الدنيا، فادفنونى بينكم لأكون بينكم حكما فى الآخرة.
هنا معنى قد لا يستوعبه الكثيرون، فهو إلى الرمز أقرب، لا يعلم خليل السيسى ما الذى سيجرى عليه، لا يدرى هل سيملك من أمره شيئا بعد موته أم لا، لكنه فى النهاية أراد أن يرسل لأبنائه برسالة واضحة وقوية وهى العدل هو ما يقيم الحياة ويمنحها قيمتها.
هل يكره السيسى الأمريكان ؟
بعد ثورة يونيو نشرت مجلة “فورين بوليسى” الأمريكية أنه ورغم علاقة السيسى الوثيقة بجنرالات الجيش الأمريكى، ورغم تلقيه تعليما عسكريا فى كلية الحرب العليا بأمريكا، إلا أنه لا توجد مؤشرات على أن هذه الدراسة أو هذه العلاقات منحت واشنطن أى نفوذ يذكر على أقوى رجل فى مصر، فقد تجاهل تحذيرات وزير الدفاع الأمريكى ” تشاك هيجل” المتكررة بعدم الإطاحة بمرسى، ولم يستمع لنصائح المسئولين الأمريكيين بعدم ملاحقة قيادات الإخوان.. والأكثر من ذلك أن السيسى شن هجوما ووجه انتقادات حادة إلى واشنطن هى الأقوى من وزير دفاع مصرى منذ عقود.
ربما تشير الفورين بوليسى إلى رسالة السيسى القوية التى وجهها إلى أوباما، عندما قال إن الرئيس الأمريكى لا يعرف الشعب المصرى ولذلك تجاهل إرادته ولم يقدم له الدعم فى فترة حرجة من تاريخه تعرض فيها لخطر الحرب الأهلية، وهى إدانة كاملة للرئيس الأمريكى بأنه يقف فى معسكر الإخوان المسلمين ضد الشعب المصرى كله.
لكن ما الذى جعل عبد الفتاح السيسى يأخذ هذا الموقف الحاد من الأمريكان؟
لقد أقسم أنه لم يخبر أحدا بأى شىء قام به، وكان يقصد الأمريكان تحديدا، لأنه لم يتصور أحد أن يفعل كل ما فعله دون أن يضع الأمريكان فى الصورة، لكنه لم يفعل ذلك لأنه كان يعرف موقف الأمريكان، ويرصد تحركات السفيرة الأمريكية التى لم تكن تنصح مرسى فقط، ولكنها كانت تسانده من أجل وأد ثورة 30 يونيو التى كانت تعرف جيدا أنها ثورة شعب غاضب على رئيس أخل بكل وعوده.
لسنا فى حاجة إلى التأكيد على أن هوى السيسى مصرى خالص، علمته العسكرية المصرية قيمة الوطنية الكاملة، فهو لا يأخذ مواقفه طبقا لمواقف دول أخرى، ولا يضبط إيقاعه على إيقاع مصالح دول أخرى، بل يرى موضع المصلحة الوطنية فيتجه إليه.
لكن اعتقد أن هناك ما يمكن اعتباره عاملا نفسيا يشكل جزءا كبيرا من أجزاء علاقة السيسى بالأمريكان، لقد ذهب إلى هناك والتحق بكلية الحرب الأمريكية فيما بين عامى 2005 و2006، أى أنه حل على الأمريكان بعد غزو العراق واحتلاله فى 2003، وهناك كانت المناقشات حادة وحامية بين السيسى وبين عدد من القادة الأمريكان حول ما فعلوه فى العراق، كانوا يقولون إنهم خلصوا العراقيين من ديكتاتورية صدام حسين، وأنهم أدخلوا هذا الشعب المسكين إلى واحة وجنة الديمقراطية، لكنه كان يحتج على هذا المنطق فنشر الديمقراطية لا يكون أبدا بهدم الأوطان ولا قتل المواطنين ولا تشريد الصغار، كانوا يعتبرون حربهم مقدسة، وكان السيسى يعتبرها حربا مدنسة.
وربما لهذا تحديدا أدرك السيسى أن أمريكا لا تساعد إلا من يقف فى صفها، وقد يكون دعمها لمحمد مرسى لأنه قدم نفسه ووطنه على طبق من ذهب للأمريكان، ووعدهم بتنفيذ كل ما يريدون، ولذلك عندما قرر مساندة الشعب المصرى فى ثورته والوقوف إلى جانبه ضد الإخوان المسلمين لم يفكر فى وضع الأمر أمام الأمريكان، لأنه كان يعرف أن البيت الأبيض لا يحب الأحرار، ولا يريد حكاما مستقلين لمصر ولا للدول العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.