في تطور مفاجئ لحادث الاعتداء على المنسق الأول لاتحاد جمعيات المجتمع المدني بسوق أربعاء الغرب، الأستاذ عبد الفتاح منار، يوم 30 أبريل 2014، من قِبل بلطجية رئيس المجلس البلدي بسوق أربعاء الغرب (ابنه وصهره وابن أخته)، وهو الاعتداء الذي أسفر عن جروح بدنية ونفسية لاتزال آثارها ماثلة إلى الآن، علاوة على الأضرار المادية التي ألحقت بسيّارة الضحيّة، خرج عشرات من المواطنين والمواطنات، وكذا العديد من الفعاليات الجمعوية والثقافية والسياسية بالمدينة في وقفة احتجاجية عفوية تنادى لها العديد من النشطاء والغيورين عبر صفحات الفيس تنديدا بسياسة العنف والترهيب، وأيضا ضد مظاهر التهميش والحكرة التي أصبحت تهدد كرامة ساكنة سوق أربعاء الغرب بشكل عام. احتجاج بطعم المرارة والاستياء أطلق عليه نشطاء المدينة (داخلها وخارجها) «غضبة الكرامة الغرباوية»، وهي الغضبة - كما يرى الداعون إليها - التي سوف توحّد الصفّ رفضا للظلم والفساد والطغيان الذي بلغ أقصاه، وتطالب بالتغيير الحقيقي للأوضاع الكارثية والتراجعات الخطيرة على كافة المستويات ( الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والمدنية والهيكلية والخدماتية). الوقفة الاحتجاجية كانت بساحة الاستقلال يوم الثلاثاء 6 ماي 2014 ، وتصادفت مع وقفتين احتجاجيّتين أخريين في نفس المكان لساكنة دوار الفكارنة (قيادة سيدي محمد لحمر)، وساكنة دوار ولاد يوسف بجماعة بني مالك، الذين يطالبون الجهات المختصة منذ ما يزيد عن السنة بالتدخل الفوري لوقف الترامي على 800 هكتار من أراضي دوار الفكارنة، وأراض سلالية من دوار ولاد يوسف. الوقفة التي خاضها المجتمع المدني ضدّ الظلم والحكرة والدّوس على الكرامة الغرباوية ( كما وصفته بعض المصادر)، وإن كانت قد اتخذت واقعة الاعتداء على منسق اتحاد جمعيات المجتمع المدني بسوق أربعاء الغرب خلفية أساسية لها وشرارة، إلاّ أنّها كانت مناسبة أيضا للتنديد بسوء التسيير والتدبير الذي يتخبّط فيه المسؤول الأول عن المدينة ... الوقفة التي انطلقت بالنشيد الوطني، والاستنجاد بعاهل البلاد من خلال بعض اللافتات، بدت وكأنها توجّه رسالة مفادها أنّ دولة الحق والقانون، وسيادة الدستور، وحرية التعبير، وديموقراطية التشارك والمشاركة، لن تسمح بمثل هاته السلوكات التي تنتمي لقرون بائدة، مهما اجتهد مقترفوها في التحايل على القانون، ومحاولة إخفاء الشمس بالغربال من خلال فبركة قضايا وهمية لتحويل المظلوميّة واختزالها في مجرد صراع سياسي ، وافتعال أحداث هامشية تتوسّل الإغراء حينا، والتهديد أحيانا أخرى. عشرات المواطنين الذين انتفضوا فجأة ضدّ الظلم والحكرة والعنف الذي كان ضحيته مواطن من سوق أربعاء الغرب، كانوا في الواقع يعرّون حال المدينة التي ظلت ردحا من الزمن ملقاة على هامش النسيان والغبن، فقط لأنّ من أوكل لهم أمر تسييرها أرادوها أن تبقى نائمة على جرحها، مطوية في أعطاف الفوضى والتسيب، ونهب الخيرات دون حسيب أو رقيب. هكذا، ارتفعت حناجر المحتجّين ورفعوا لافتات تندّد بالوضع الكارثي الذي أضحت تغرق فيه هذه المدينة الصغيرة على جميع الصُّعُد، سواء تعلق الأمر بالوضعية المزرية لطرقاتها وأحيائها الشعبية، أو مقابرها وحرمة أمواتها،أو رفع يد المسؤولية عن القطاع التجاري والصحّي والتعليمي بها، أو الصفقات المشبوهة (صفقة مرفق النظافة) والمشاريع التنموية التي لم تنجز أو ظلت معلّقة. ولعلّ من مفارقات زمن اللامسؤولية الذي صارت تعيشه هذه المدينة ، أنّ تجمعا تجاريا (قيسارية ساحة الاستقلال) يضمّ 360 دكانا ( كل دكان به على الأقل شخصان) يشتغل بمراحيض موقوفة التنفيذ، إذ أنّها ظلت تفتقر لقنوات الصرف الصحي، وأيضا للربط بقنوات الماء الصالح للشرب، وهو العقاب الذي اختار أن يوقعه رئيس المجلس البلدي على هؤلاء التجار نظير انتماء جمعيتهم لاتحاد جمعيات المجتمع المدني كما صرّح لنا مصدر موثوق. أمّا السوق اليومي المغطى فبه مراحيض، لكنها مقفلة في وجه الباعة، ومستغلّة لفائدة أحد أتباع رئيس المجلس البلدي (كما أفادت للجريدة مصادر مطلعة)، رغم أنّ جمعية الإخلاص للباعة طالبت غير ما مرّة الجهات المسؤولة، في شخص رئيس المجلس أساسا، بالتدخل، لكن لا حياة لمن نادوا. إلى ذلك، فقد طالب المواطنون المحتجّون بفتح تحقيق عاجل فيما يروج بالمدينة من فساد ونهب وتضييق على الحريات، من خلال استنجادهم بصاحب الجلالة لإنقاذ مدينتهم من الأوضاع الكارثية التي تعيشها، كما أكّدوا عزمهم بكل إصرار على خوض كافة الأشكال النضالية السلمية والحضارية، وذلك بشكل تصعيدي حتى إحقاق الحقّ، والحفاظ على كرامة المواطن الغرباوي.