تميزت الكاتبة المغربية "لطيفة باقا "بالتنوع رغم حضور المرأة في كتاباتها ...كما تميزت باختيارها لقضايا واقعية بلغة سلسة تحمل جمالية وإبداع في السرد ... فهي تحترف في فن ألحكي الجميل الصادق في مجمل كتاباتها... وباستعمالها لضمير المتكلم يظن المتلقي أنها تحكي سيرة ،أبدعت فيها وابتكرت لجذب القارئ للاستمتاع بما سوف ترويه... لطيفة باقا مناضلة التحقت بالحركة النسائية مع مجموعة 8 مارس كما ارتبطت بالمناضلة زهور العلوي و اعتبرتها "الأم الروحية" التي أثرت فيها فكريا وحقوقيا... وقد ساهمت إلى جانبها وبعض المثقفات المغربيات في تأسيس نادي "الربوة " ، هي أيضا عضو اتحاد كتاب المغرب. صدرت لها أول مجموعة قصصية »ما الذي نفعله؟« والتي فازت من خلالها بجائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب 1992 كما صدرت لها مجموعة »منذ تلك الحياة؟«2005 . وخلال هذه الأيام صدرت لها مجموعة قصصية جديدة نظم لها مؤخرا حفل توقيع بالمعهد العالي للصحافة بالرباط اختارت لها عنوان » غرفة فيرجينيا وولف« كما أن لها إسهامات فكرية متنوعة بشكل دائم عبر العديد من وسائل الإعلام وقد ترجمت نصوصها إلى عدد من اللغات ( الفرنسية, الألمانية, الإسبانية, الإنجليزية). التزاماتها المهنية كأستاذة لمادة التواصل بالإضافة إلى التزاماتها الأسرية ساهمت في بطئ إنتاجها الكمي لكنها حافظت على جودة هذا العطاء الفكري الذي ميزها في الساحة الأدبية المغربية والعربية عموما بالرغم من التقصير الإعلامي لحضور المرأة العربية في الشأن الثقافي ... من خلال هذا الحوار حاولنا ملامسة جزء من عالم الكاتبة "لطيفة باقا". o من يقرأ قصص الكاتبة لطيفة باقا يشعر بحضور الراوي هل هي جزء من السيرة؟ n نصوصي في غالبيتها كتبت بضمير المتكلم ربما يدفع هذا الاختيار البعض يشعرون بحضور الراوي وبالتالي بنفحة سير ذاتية في هذه النصوص. الموضوع طبعا يتعلق بنصوص أدبية ولا ينبغي النظر إليها خارج كونها نصوص أدبية أما بالنسبة لضمير المتكلم واقتصاري عليه فإن ذلك يدخل في إطار وعيي بالقوة التي يتوفر عليها هذا الضمير و الذي يجعل الجميع طرفا أساسيا في عملية الكتابة فبمجرد ما تبدأ القراءة تتورط في النص وتصبح جزء منه. o صدرت لك مجموعة قصصية جديدة اخترت لها من الأسماء "غرفة فرجينياوولف"... ما دلالة هذا الاسم ؟ n داخل مجموعتي القصصية الجديدة يوجد نص بعنوان "غرفة فرجينيا وولف" وقد استقر اختياري وأنا أستعد لنشر الكتاب بدار توبقال للنشر على هذا العنوان، طبعا الجميع يعرف دلالة الغرفة الخاصة في كتابات الكاتبة الإنجليزية المعروفة فرجينيا وولف... اختيار العنوان لم يكن اعتباطا بل أعتبره انتصار للكتابة الادبية المنخرطة في صلب الوعي النسائي و الحقوقي عموما. فرجينيا وولف لم تكن فقط كاتبة كبيرة سوف تقدم للإنسانية نصوصا أساسية في تاريخ الادب بل كانت أيضا امرأة لها وعي بشرطها النسائي وهنا أتقاطع معها باعتبار أن تجربتي في الحياة و انخراطي في الحركة النسائية في سن مبكرة ساعدني في بلورة رؤية خاصة بي سوف تنعكس على كتاباتي فيما بعد. o من المعلوم أن المناضلة زهور العلوي كانت قد احتضنت الكاتبة باقا من خلال نادي الربوة ،ممكن أن تحكي لنا عن جزء من تفاصيل تلك العلاقة؟ n هناك شخصان أثرا في مسار حياتي و في قناعاتي كلها إنهما الاستاذ اسعلي أعراب مدير المعهد العالي للإعلام الذي كان أستاذي للغة الفرنسية والذي شجعني على الكتابة لأول مرة خلال حصة الدرس وطبعا المرحومة زهور العلوي أمي الروحية تلك المرأة الاستثنائية التي كانت تجمعني بها صداقة كبيرة وكما قلت خلال حفل تأبينها، هذه المرأة صنعتني كانت تقرأ لي و كانت توجهني وحواراتنا معا لم تكن تنتهي تعلمت منها الكثير و ساعدتني في بلورة مواقفي الاساسية. موضوع الربوة سيأتي فيما بعد وأعتقد أنه كان حلما قديما تحدثنا أنا وزهور عنه كثيرا فقد كنت أرى دائما أن صالونها الجميل بشقتها بمدينة الرباط حيث كانت تستقبل الأصدقاء، مناسبا لإقامة صالون أدبي بالإضافة إلى أن زهور كانت محبوبة من الجميع في كل المجالات السياسية و الثقافية و الحقوقية والنسائية كانت لها جاذبية خاصة لم تكن لغيرها. هي امرأة رائدة وأنا مدينة لها في كل ما حققته. الربوة سوف ترى النور في سنة 2009 بمبادرة من عدد من النساء المناضلات و المثقفات على رأسهن الأستاذة خديجة شكير التي يعود لها الفضل في جمع شمل النساء المناضلات والمثقفات اللواتي حلمن ذات زمن بعيد بمجتمع قائم على المساواة والعدالة. الأفكار الجميلة قد تتأخر لكنها تتحقق في النهاية بالتأكيد ومنها فكرة الصالون التي ستأخذ اسم الربوة. سبق للراحلة زهور العلوي أن ناقشت معك كتابة سيرتها الذاتية لكن شاء القدر ألا يتحقق ذالك، ألا تفكرين في تحقيق هذه الرغبة ؟إكراما لروحها الطيبة أولا ثم حفظا للذاكرة والتاريخ وجب التعريف بسيدة بصمت الحركة النسائية بعطائها الوفير... فعلا كانت زهور مثقفة شفوية لم تترك كتابات بعمق وغزارة حضورها ومشاراكاتها المتعددة في هيئات ومنابر مهمة داخل المغرب و خارجه... زهور العلوي كانت ذاكرة جيل الطليعة، كانت تحكي لي بعض التفاصيل الخاصة بمرحلة الاستقلال ومرحلة تأسيس اليسار ومرحلة انبثاق الحركة الحقوقية و بعدها الحركة النسائية ... كانت دائما حاضرة و قد فكرنا زهور و أنا في كتاب يحافظ على هذه الذاكرة ، لكني سوف انتقل الى أكادير و استقر بها الامر الذي سيجعل المشروع صعبا نوعا ما . بالنسبة للحركة النسائية المغربية هناك كاتبات مغربيات ينتمين للحركة يستطعن التوثيق لها... حاليا لدي مشاريع أدبية ربما لن تترك لي ما يكفي من الوقت للانخراط في مشروع كبير كهذا. o الكاتبة والقاصة لطيفة باقا هي زوجة الشاعر المغربي سعيد الباز من منكم يقوم بدعم الأخر في عملية نجاح القصة أو القصيدة؟ n نحن ندعم بعضنا بمعنى أنني قارئته الأولى وهو قارئي الأول. مثل كل الأزواج تجمعنا أمور كثيرة لكن أظن أن زواج المبدعين يعطي بعدا إضافيا للعلاقة الزوجية ربما يتمثل في تلك الصداقة الأدبية التي تجعل من تواطئنا تواطؤا ممتدا في الحياة وفي الكتابة أيضا. o عرفت السنين الأخيرة بالمغرب مبادرات ايجابية جادة في البحث عن مصالحة بين الكتاب والقارئ، أنتم ككتاب هل أحسستم بأن هناك تجاوب ؟ n ربما تتحدثين عن مبادرة القراءة أو ما يسمى بتنمية القراءة . أرى أنها مبادرات إيجابية جدا لكن أرجو أن تتجاوز صورتها الاستعراضية لتصبح القراءة سلوكا يوميا ومشهدا عاديا لا يثير الاستغراب نصادفه في المقاهي و الحافلات و الارصفة و الحدائق أعتبر أن العمل الذي يقوم به بعض المثقفين المغاربة من أساتذة و كتاب و طلبة و شباب جمعوي عمل نضالي بكل المقاييس فمجتمع غير قارئ مجتمع معرض لكل الاخطار المحتملة ابتداء من الجهل و التطرف و انتهاء بالجريمة و انحصار السلم الإجتماعي...