تعتبرجامعة ابن زهربأكادير،في السنين الأخيرة من أكثر الجامعات المغربية إثارة للشغب والعنف لكونها أولا تغطي أقاليم أربع جهات جنوبية لحوالي 19 إقليميا مما جعل كلياتها ومدارسها العليا تعرف رقما قياسيا في عدد الطلبة والطالبات بما يزيد عن 66ألف طالب وطالبة،وثانيا لكونها تضم فسيسفاء من الفصائل الطلابية الداعية إلى العنف بداية من الفصيل الثوري الجذري اللينيني والتروستكي إلى الفصيل الإنفصالي ذي النزعة القبلية ووصولا إلى الفصيل الإثني اللغوي وانتهاء بالفصيل العدلي ذي النزوع الديني المتطرف... ونظرا لهذا التشكل الفسيسفائي من الفصائل الطلابية والتكتلات القبلية الصحراوية عرفت كليات الجامعة الثلاث صراعا دمويا استعملت فيه السلاسل والعصي والأسلحة البيضاء بين الطلبة الصحراويين وبين الطلبة الثوريين القاعديين في فترة وبين الصحراويين والأمازيغيين في فترة. وفي السنة الماضية وقع صراع واقتتال عنيف بين تكتلات طلابية صحراوية منحدرة من إقليميالسمارة وأسا الزاكَ،كما وقع هذه السنة اصطدام وعنف بين الطلبة الثوريين المنحدرين من إقليم زاكَورة وبين قوات الأمن،حيث رشق الطلبة قوات الأمن بالحجارة لتتم مطادرتهم ومتابعتهم هنا وهناك بعدما منعتهم السلطات من تنظيم مسيرة خارج رحاب الجامعة على خلفية نزاع عقاري وقع بزاكَورة. أسباب العنف داخل جامعة ابن زهر مرد هذا العنف الذي يتمظهر بشتى الأشكال كل سنة بكليات جامعة ابن زهر،وخاصة بكلية الآداب والعلوم والقانون إلى وجود فصائل طلابية ثورية تدعو في بياناتها وحلقاتها إلى العنف ورفض كل ما هو مؤسساتي مثل فصيل وثيقة 84 المدعو بفصيل»خوجيات»نسبة إلى الطالب خوجا،وفصيل وثيقة 86التابع لتيارالنهج لديمقراطي القاعدي الذي يعتبرنفسه وصيا على الحركة الطلابية. لهذا ينبذ كل عمل مؤسساتي لأنه في نظره يعيق الوصول إلى السعادة الكاملة التي ينشدها،وهناك الفصيل الثوري التروستكي المتأثر بأفكار الشيوعي تروستكي الداعي إلى تصديرالثورة إلى خارج الإتحاد السوفياتي. وينضاف إلى مكونات اليسار الجذري داخل جامعة ابن زهرفصيل طلابي ذي طابع إثني يتمثل في الأمازيغيين بحكم أن جامعة ابن زهر تستقطب طلبة ينتمون إلى تسعة أقاليم بجهة سوس ماسة درعة التي ينطق معظم سكانها بالأمازيغية،حيث أدى احتكاكهم إما بالصحراويين أو العدليين(التيار الطلابي المنتمي إلى العدل والإحسان)إلى نشوء صراع عنيف. فضلا عن وجود تكتلات طلابية قبلية صحراوية لايمكن اعتبارها فصائل طلابية بالمفهوم المتعارف عليه في الوسط الطلابي،بل هي عبارة عن تكتلات إقليمية تجتمع في عدة محطات سنوية لإحياء بعض المناسبات لها علاقة بمشكل الصحراء المغربية،أهمها مناسبة 27فبرايرلإعلان الجمهورية الوهمية،و10 ماي بمناسبة إطلاق أول رصاصة و20 ماي ذكرى تأسيس الجمهورية الوهمية»البوليساريو»،و21 ماي ذكرى الإنتفاضة... ذلك أن هذه المحطات التي تنظم من قبل الطلبة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية وتخليد ذكراها بجامعة ابن زهر،تمول بدعم مالي من قبل جمعيتين ذات نزوع انفصالي»الكوديسا» و»الكوديبسا»التابعتين لإنفصاليي الداخل،حيث يتم من خلال هذه التظاهرات التقاط صور تظهر رفض الشباب الصحراوي للأطروحات المغربية وتشبثهم بتقرير المصيرفي قضية الصحراء إسوة بما يقوم به انفصاليوالداخل،ويتم نشر هذه الصورفي المواقع الإلكترونية التابعة للإنفصاليين مقابل مبالغ مالية يتقاضاها أصحابها عن ذلك. أما عن العنف الذي يتولد عن هذه المناسبات, فمن حين لآخر ينشأ صراع يتلوه اشتباك دموي خارج وداخل الجامعة لأتفه الأسباب إما مع الأمازيغيين كما حدث منذ ثلاث سنوات أو فيما بينهم بين الطلبة الصحراويين أنفسهم المنتمين لإقليمالسمارة(الركَيبات)وبين آخرين منتمين إلى إقليم أسا الزاكَ(قبيلة تكنة وأيت أوسى) كما وقع في نهاية السنة الماضية،كما وقع الإصطدام والعنف بين الطلبة الصحراويين والثورين القاعديين في أكثرمن مرة. وهناك فصيل طلابي ذو نزوع ديني متطرف نعني به الفصيل العدلي الذي يدعو هو الآخر إلى العنف إذا تطلب منه ذلك للدفاع عن نفسه عندما تمس حرمته أويتم الإعتداء على أروقته داخل الجامعة أوالتهجم على حلقاته،أوعندما يتم الإعتداء على أحد أفراده داخل الجامعات المغربية من قبل خصومه من الفصائل الطلابية،حيث تنقل عدوى العنف والصراع إلى كليات وجامعات أخرى. ولهذه الأسباب تكثرحالات العنف بشتى أنواعه بالجامعة،حيث يؤدي في كثيرمن الأحيان إلى تعطيل الدراسة وإخراج الطلبة من قاعاتهم ومدرجاتهم ومنع الأساتذة من إلقاء دروسهم وتخريب ممتلكات الجامعة،بل يكثرالعنف سواء بمناسبة إجراء الإمتحانات،عندما يتم ضبط حالات الغش،أوبمناسبة أيام العطل حيث تشهد المحطة الطرقية بأكادير فوضى وشغبا وعنفا أحيانا من طرف الطلبة المنحدرين من الأقاليم الصحراوية مما تضطرمعه المحطة إلى الإستعانة بقوات الأمن لتنظيم سيرها العادي وحماية الحافلات والسائقين والممتلكات من كل تخريب محتمل. وفي المقابل, نجد فصائل طلابية أخرى تنبذ العنف منها على الخصوص فصيل التيارالثقافي الأمازيغي،فهو تيار مسالم،نظم هذه السنة حلقات طلابية يدعوفيها أنصاره إلى نبذ العنف ،بالرغم من وجود داخل التيارالثقافي الأمازيغي بعض الطلبة المتشددين المنتمين إلى مجموعة تمزروفت التي تضم طلبة أمازيغين منحدرين من تزنيت وأيت باعمران. كيف يمكن القضاء على العنف داخل الجامعة؟ لابد من تحصين جامعة ابن زهر من العنف كقدرمحتوم سُلط عليها عن طريق برمجة وإدخال مواد تعليمية في جميع الكليات والتخصصات والشعب تستهدف تحسيس وتوعية الطلبة وتكوينهم عبر»التكوينات الأفقية»حتى تتكرس لديهم ثقافة التضامن والتسامح ونبذ العنف،وقيم المواطنة وتدبير الإختلاف بالنقاش الفكري،خاصة أن الإقتتال والتطاحن بين الفصائل الطلابية حاليا كان نتيجة عدم قدرتهم على تدبير الإختلاف وعدم امتلاكهم لآليات فكرية تمكنهم من النقاش الهادئ والرصين بعيدا عن العنف. ولهذا ينبغي أن يكون الصراع داخل الجامعة فكريا بمقارعة الحجة بالحجة وبالمناظرات الفكرية والتصورات والمفاهيم لتجنب السلوكات المشينة المؤدية إلى العنف والإقتتال بينهم بالسكاكين والسيوف والعصي وبتشكيل مجموعات تطارد أخرى داخل الجامعة والشارع العام على شكل عصابات إجرامية،في الوقت الذي كان على الجامعة أن تبادر إلى استعمال وسائل ردع تربوية تكون عبارة عن عقاب تربوي قبل أن تستدعي قوات الأمن لإخماد فتيل التوتر والعنف بين الفصائل الطلابية بالرغم من كونها نظمت عدة أنشطة ثقافية ورياضية لتكريس التسامح ونبذ العنف بين الطلبة.