في بادرة فريدة من نوعها لهيئات المجتمع المدني على الصعيد الوطني، أصدر مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة تقريره السنوي الثاني حول حالة البيئة والمآثر التاريخية بطنجة لسنة 2013، وهو التقرير الذي حاول من خلاله المرصد لفت انتباه الجميع: ساكنة، مسؤولين، منتخبين، باحثين، مهتمين، فعاليات المجتمع المدني، الهيئات السياسية والنقابية والمؤسسات الإعلامية لما يتعرض له المجال البيئي والمآثر التاريخية من تحولات سلبية كانت أو إيجابية . ففي ما يخص المناطق الخضراء اتسمت سنة 2013 بالخصائص ذاتها التي كانت سائدة خلال سنة 2012 ، حيث ظل معدل المساحات الخضراء جد متدن بالنسبة للمعدل الوطني والدولي. كما أن التفاوت في المساحات الخضراء الموزعة بين مقاطعات المدينة يظل السمة الأساسية لتوزيعها الجغرافي، بالإضافة الى ذلك فالمرصد سجل تفاوتا في وعي المصالح المعنية في طرق تعاطيها مع البيئة والمناطق الخضراء خاصة في ظل قطع عشرات الأشجار بالعديد من المناطق والشوارع وكذا محاولة البناء داخل مجاري الأودية وداخل بعض المناطق الخضراء، وكذا محاولة استئصال الغابات الصغرى كغابة الذهاري بمقاطعة بني مكادة، بينما لم تتعد الأشجار المغروسة خلال سنة 2013 3000 شجرة. وبالنسبة للمجال الغابوي تعاني الولاية من الحرائق والتدهور السريع للغابات الحضرية الحرائق التي أتت على 90 هكتارا أي ثلاث مرات أكثر من العام السابق. كما يعرف المجال الغابوي تدهورا سريعا للغابات الحضرية بسبب التوسع العمراني الجائر عليها، سواء التعمير القانوني من خلال مسطرة الاستثناءات سيئة السمعة أو التعمير العشوائي الذي يتم بتواطؤ من بعض العاملين في السلطات المحلية والجماعات المحلية. وخير مثال على ذلك غابة الرهراه التي يمكن أن تنمحي في بضع سنوات، والغابة الدبلوماسية التي فقدت نصف مساحتها حتى الآن بسبب المشاريع السياحية ومشاريع السكن الاجتماعي التي بنيت على أراضيها، وكذا غابة فدان الشابو التي نشأت بها أحياء عشوائية كاملة. وفي ما يتعلق بالنفايات نجد أنه من بين مشاكل تدبير ملف النظافة، نجد عدم احترام توقيت عملية الجمع وتراكم الأزبال وقلة صيانة وغسل الحاويات وتنظيف أماكن وجودها، كما أنه لم يتم استعمال النظام المعلوماتي-الفضائي كما ينص على ذلك دفتر التحملات. وبالرغم من كثرة الشكايات والبيانات الموقعة من فعاليات المجتمع المدني إلا أن الاستجابة غالبا ما تكون محدودة. كما لاتزال طنجة تفتقد لمطرح خاص بالنفايات الصناعية، وذلك رغم أن القانون يلزم توفير مطرح جهوي للنفايات الصناعية، مع ما يمكن أن تتسبب فيه هذه النفايات من مخاطر على البيئة وعلى صحة الإنسان. كما أن هناك مشاكل عديدة مرتبطة بنفايات المجازر وحل معالجة المياه العادمة، والنفايات الطبية ومخلفات البناء والأشغال العمومية. وعلى صعيد المياه العذبة هناك خطر محدق بالمخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية بفرشة شرف العقاب، حيث هناك بداية تمدد عمراني على سطحها متمثل في بعض المشاريع السياحية والعقارية، وما يمكن أن يسببه من تلوث لمياهها. وعلى صعيد البحر والساحل يظل هاجس الوقاية من التلوث والحفاظ على الثروة السمكية الهاجسين الأساسيين في هذا المضمار. أما على صعيد الشواطئ فقد سجلت سنة 2013 أن 7 شواطئ غير صالحة للسباحة بعمالة طنجةأصيلة في مقدمتها الشواطئ الثلاثة: الشاطئ البلدي لطنجة وشاطئ مرقالة وشاطئ الجبيلات. وفي المقابل تميزت سنة 2013 بمنح اللواء الأزرق البيئي لفائدة ثلاثة شواطئ هي: أشقار وصول وباقاسم. وفي ما يتعلق بالنفايات السائلة فلا تزال جل القرى والمناطق القروية بولاية طنجة لا تتوفر على شبكة للتطهير مما يتسبب في تلوث الفرشات المائية والأودية. كما أن عددا من الأحياء العشوائية والدواوير التي أدخلت في المدار الحضري للجماعات الحضرية الثلاث لا تزال غير مرتبطة بشبكات التطهير. كما أن هناك مشكلة غياب الشبكة المخصصة لتصريف مياه الأمطار في أجزاء كبيرة من مدينة طنجة الشيء الذي يتسبب في طفوح المياه العادمة عند تساقط الأمطار بكميات كبيرة، هذا بالإضافة إلى استمرارية استعمال بعض الأودية كقنوات للصرف الصحي. كما أن محطة بوقنادل بطنجة لا تعمل في الكثير من الأحيان مما يؤدي إلى تلوث الهواء بالروائح الكريهة، إضافة إلى تلوث مياه البحر والشاطئ البلدي، ومحطة المنطقة الصناعية الحرة للمطار لم تعمل منذ بنيت وهذا ما تسبب في تلوث بحيرة سيدي قاسم ووادي بوخالف ثم شاطئ الجبيلات وسيدي قاسم. وفي مجال مواجهة الفيضانات، يظهر بأن الإجراءات التي تم القيام بها لحماية مدينة طنجة من الفيضانات قد قللت فعلا من أثر الفيضانات في موسم الأمطار، هذه الإجراءات المتمثلة في بناء سد عين مشلاوة وتوسيع مجرى وادي امغوغة وتغطية الأودية. لكن هذا لم يمنع من تكرار ظاهرة اختناق قنوات الصرف الصحي عند تهاطل الأمطار بقوة. كما أن هناك أسئلة كبرى تطرح عن استمرار منح تراخيص البناء في مناطق محرمة للبناء لأنها توجد على ضفاف مجرى الأودية كوادي اليهود (مشروع بناء مركب تجاري تم الترخيص له في إطار لجنة الاستثناءات) رغم ما يشكله ذلك من تعريض السكان وممتلكاتهم لخطر الفيضانات. أما على صعيد مظاهر تدهور البيئة الحضرية بمدينة طنجة فهي كثيرة، فيسجل مشكل التعمير العشوائي الذي يطوق المدينة من مختلف الجهات ومشكل التشوه العمراني بسبب الإقامات الضخمة للسكن الاجتماعي خصوصا تلك الواقعة على مداخل المدينة، وكذا القضاء على المناظر البانورامية الجميلة للمدينة، ومشكل المقابر التي أضحت بؤرا سوداء، ناهيك عن انعدام المراحيض العمومية داخل المدينة. وبالنسبة لتلوث الهواء، ونظرا لغياب الأرقام الرسمية، تبقى الملاحظة المباشرة الأداة المتوفرة لرصد تلوث الهواء. ولعل أهم المناطق التي تعرف تلوثا هوائيا نجد الأحياء الشرقية للمدينة بسبب المطرح العمومي العشوائي، وبعض الشوارع كشارع فاس وشارع مولاي سليمان بسبب الاختناقات المرورية، والمناطق المحاذية للمناطق الصناعية والمجاورة للمحاور الطرقية الرئيسية. كما أن التلوث الهوائي المصاحب بروائح كريهة من جملة المشاكل التي تعرفها بعض المناطق، كحالة معمل تصنيع أعلاف الحيوانات بطريق تطوان بجماعة الجوامعة والذي كان محل احتجاج وشكوى الساكنة المجاورة.