بعد استمرار سياسات الحكومة الحالية في تجاهل مختلف مطالب الحركة النسائية المغربية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للنساء التي ينص عليها دستور 2011، وفي إطار تعبئة المجتمع على المستوى المدني من أجل حراك قوي وصارم لزعزعة الجمود الحكومي والدفع باستمرار مسلسل الإصلاحات الديمقراطية الضرورية للبلاد، وفي إطار الحملة الوطنية التي أطلقها التحالف المدني لتفعيل الفصل 19، نظم هذا التحالف، يوم الاثنين 7 أبريل 2014، ندوة صحفية بفندق إيدو آنفا بالدار البيضاء، قدمت خلالها فوزية عسولي، منسقة التحالف المدني من أجل تفعيل الفصل 19، البرنامج النضالي للتحالف والذي يتضمن -بالإضافة إلى عريضة لجمع التوقيعات من أجل حث رئيس الحكومة على تفعيل مضامين الدستور وخاصة الفصل 19 منه، ورسالة موجهه إلى رئيس الحكومة موضوعها تفعيل الفصل 19 من الدستور، باسم المنظمات المنضوية تحت لواء التحالف المدني من أجل تفعيل الفصل 19، تذكره بالتزامات وتسجل عدم إشراك المجتمع المدني والحركة النسائية في صياغة السياسات العمومية، مما يؤدي إلى استمرار معاناة المرأة المغربية رغم كل المكتسبات القانونية التي توفرها النصوص التشريعية وعلى رأسها الدستور- هناك كذلك مسيرة حدد لها تاريخ يوم الأحد 13 مارس 2014، والتي كان اللقاء فرصة للتعبئة لنجاحها، خصوصا أنها توسعت لتشمل كل شرائح المجتمع المغربي بكل فئاته العمرية والاجتماعية والثقافية والفنية والسلالية والحقوقية والرياضية والأمازيغية. واستعرضت عسولي مكونات التحالف والأسباب التي أملت القيام بهذه المبادرة والغايات التي يسعى إليها هذا التحالف الذي يضم أكثر من 500 جمعية. وحذر المشاركون والمشاركات في الندوة من التراجع الخطير في الحقوق الذي يشهده المغرب في ظل الحكومة الحالية، وسجلت الحاضرات أنه بعد مرور 10 سنوات من اعتماد مدونة الأسرة، لا زالت هناك العديد من الثغرات التمييزية ضد المرأة في بعض أحكام النص التي لا زالت قائمة مثل: (زواج القاصرات، تعدد الزوجات، الحضانة، النفقة، تقسيم الممتلكات بعد الطلاق أو الوفاة). (الفصل 16 والفصل 19 من المدونة)، وطالبن بضرورة مراجعة نص المدونة والوقوف على الثغرات التمييزية ثم الحرص على تطبيقه. كما سجل الحضور عدم الالتزام الحكومي بكل ما ورد في الدستور بخصوص الفصلين 19 و31 ونهج سياسات حكومية معرقلة تستمر في انتهاك الحقوق الإنسانية للنساء ولاسيما تلك الواردة في الفصل 19 من الدستور. - استمرار الحكومة في تجاهل مطالب الحركة النسائية الخاصة بحماية النساء من العنف والتمييز، وغياب تشريعات مناسبة وفعالة للقضاء على العنف ضد النساء، واستمرار الإفلات من العقاب بأشكاله المتعددة. - تفاقم مظاهر التمييز تجاه النساء. - عدم تفعيل مسطرة قانون 103-13 المتعلق بمناهضة العنف وجمود اللجنة الخاصة به تحت رعاية رئيس الحكومة التي يطالب المجتمع المدني بإشراكه فيها وفي أجرأة اعتماد هذا القانون. - صعوبة الوصول إلى المعلومة والبيانات، منذ وصول الحكومة الجديدة، وحجبها عن المجتمع المدني وتجميد هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز وانغلاقها وعرقلة تفعيلها. وطالب الحضور كمجتمع مدني بالحق في المعلومة والحق في المشاركة في النقاش وتطوير هذه المؤسسة، كما ألح على الحاجة لتفعيلها العاجل كي يتسنى لهذه الآلية مراقبة ومكافحة التمييز وضمان احترام مبادئ المساواة والتكافؤ. وأشار المشاركون والمشاركات إلى أن هذا التأخير التراكمي قد أدى إلى ارتفاع نسب أشكال التمييز تجاه المرأة وتفاقمها، واستعرضت العسولي بعض الأرقام التي تعكس ذلك: أ) 62% من بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18-64 عاما في المغرب هن ضحايا ظاهرة العنف. (كما ورد في إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط). ب) استمرار ارتفاع معدل الأمية لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10 سنوات فما فوق، حيث تصل إلى (50,8%) ج) انخفاض معدل النساء النشيطات من الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 فأكثر إلى 5,25% في عام 2011 بعدما كانت تبلغ في سنة 2000 ما يقارب 30%. د) محدودية نسبة وصول المرأة إلى مواقع القرار في الوظيفة العمومية والمناصب العليا في الإدارة والتي لا تتعدى 6% من الكتابات العامة في 2013 فقط و11% مديرات و16% سفيرات... في حين أنهن يشكلن 4,31% من الأطر العليا والمهن الحرة و9,41% من الأطر المتوسطة. ه) ارتفاع الهشاشة والفقر لدى النساء، إذ ازدادت نسبة النساء المشتغلات في إطار الدعم الأسري (المهمة الرئيسية)، حيث بلغت 3,57% سنة 2011 على المستوى الوطني، بينما انخفض معدل تأنيث العمل المأجور، والذي كان يبلغ في سنة 2000 نسبة 7,21%، إلى 5,19% في عام 2012. و) تفاقمت نسبة البطالة بين النساء إلى 29,1% في عام 2012، بعدما كانت نسبتها,6 25% في سنة 2000. كما ارتفعت نسبة البطالة بين الشابات المتخرجات من الجامعة إلى قرابة 5,28% في عام 2011. ز) استمرار تردّي وضع النساء السلاليات، حيث لا تزال المرأة تعاني من التمييز في الحق في التعويض الذي تقصى منه تماما لفائدة الرجال وحدهم، ولاسيما أن دورية وزارة الداخلية لمارس 2012 لا تزال غير معممة في تطبيقها. ح) ارتفاع نسبة زواج القاصرات من 18000 سنة 2004 إلى 39031 سنة 2011، حيث تشكل النسبة 99,11%، ناهيك عن تلك الزيجات التي تجري خارج المحاكم ويتم ترسيمها بعد الرشد. كل هذه الوقائع السلبية تجعل المغرب مرتبا في الصف 129 من بين 136 دولة مصنفة في سلم قياس تطور المساواة بين الجنسين اعتمادا على أربع مجالات للمقارنة: "المشاركة في الحياة الاقتصادية وتكافئ الفرص"، "النجاح في التربية"، "الصحة والعيش" و"التمثيلية السياسية". وإلى جانب هذه الوقائع السلبية، يسجل كذلك التحالف المدني لتفعيل الفصل 19، عدم إشراك المجتمع المدني والحركة النسائية في صياغة السياسات العمومية، ويطالب الحكومة المغربية بتحمل مسؤولياتها من أجل وقف هذا التدهور والتنفيذ الفوري لأحكام المادة 19 من الدستور التي تعترف بالحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين، وترفض كل أشكال التمييز. ومن أجل تفعيل وأجرأة الفصل 19 من الدستور المغربي الحالي، طالب المشاركون والمشاركات في الندوة لتفعيل الفصل 19 ب: - الإخراج الفوري لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. - الوضع الفوري لقانون إطار شامل للقضاء على العنف المبني على النوع. - المراجعة الشاملة للقانون الجنائي ومراجعة كل التشريعات الوطنية (قانون الأسرة، قانون الجنسية، قانون الشغل، القانون المدني) لضمان وحماية الحقوق الإنسانية للنساء. - وضع سياسات عمومية جديدة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء وضمان تمثيلية أحسن لهن في مواقع السلطة: المجالس الإدارية، مجالس المراقبة والمراكز المالية. كما أكد الحاضرون والحاضرات على ضرورة المشاركة القوية والمكثفة في مسيرة يوم الأحد 13 مارس 2014 التي ستنطلق من ساحة باب الأحد بالرباط على الساعة العاشرة صباحا، والتي تعتبر أحد الأساليب الاحتجاجية السلمية في إطار القانون للتعبير عن استياء المجتمع المدني من الأداء السلبي للحكومة، ومن عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه النساء، كما تؤكد المشاركة في هذه المسيرة رغبة الشعب المغربي ومجتمعه المدني في تفعيل مضامين الدستور خاصة الفصل 19 منه، ورفضه فكرة خرق أو التراجع عن مضامين هذا الدستور، الذي يعد أول دستور حظي بدعم تلقائي لشريحة واسعة من الشعب المغربي، وكذا رفضه ضرب بإرادة الشعب المغربي عرض الحائط وتهديد استقراره وتقدمه ورقيه. وقد شارك في أشغال هذه الندوة، التي ترأستها رئيسة التحالف المدني لتفعيل الفصل 19، فوزية عسولي، كل من السعدية السعدي (جمعية أمل من أجل حياة أفضل)، صباح الشرايبي (فضاء نقطة انطلاق)، أمل داود (شبكة النساء الصحفيات بالمغرب)، مريم الدمناتي (المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات)، نجوى كوكوش (بيت الحكمة) ولكبيرة حليم (حمعية سلاليات لفقيه بنصالح). كما شارك فيها كل من فاطنة سرحان وأحمد عصير وممثلات عن المجتمع المدني وممثلو وممثلات وسائل الإعلام الوطنية.