يوما واحدا بعد وضعه لرسالة على مكتب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، يستعرض فيها بالأرقام تردي أوضاع النساء بالمغرب على مختلف الواجهات، ويطالبه فيها بالإخراج الفوري لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز إلى حيز الوجود، ملوحا بخطوات تصعيدية، أضاف التحالف المدني من أجل تفعيل الفصل 19 من الدستور، لحملته الترافعية، آلية للضغط، تمثلت في عريضة إلكترونية على الموقع العالمي الشهير "آفاز"، وقع عليها، إلى حدود زوال أمس الأربعاء، حوالي 300 فرد وهيأة، يؤيدون فيها مطالب التحالف المضمنة في رسالته المذكورة. ووفقا لنسخة من الرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة، من طرف التحالف، فهذا الأخير يعتبر أن "التماطل الحكومي في تنفيذ مقتضيات القانون الأسمى للبلاد"، خصوصا الفصل 19 الذي ينص على أن "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية"، وأن "الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز"، هو ما "جعل وضعية المرأة تزداد سوءا في العديد من المجالات كما تدلّ على ذلك الإحصائيات المتوفرة". وفي الوقت الذي أبدى فيه التحالف في رسالته نيته في "التظاهر واعتماد كل الأساليب الاحتجاجية السلمية في إطار القانون للتعبير" عن استيائه من الأداء السلبي للحكومة، ومن عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه النساء، فإنه طالب عبد الإله بنكيران، ب"الوضع الفوري لقانون إطار شامل للقضاء على العنف المبني على النوع"، و"المراجعة الشاملة للقانون الجنائي ومراجعة كل التشريعات الوطنية (قانون الأسرة، قانون الجنسية، قانون الشغل، القانون المدني)، لضمان وحماية الحقوق الإنسانية للنساء"، ثم "وضع سياسات عمومية جديدة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء وضمان تمثيلية أفضل لهن في مواقع السلطة: المجالس الإدارية، ومجالس المراقبة والمراكز المالية". وبالعودة إلى مؤشرات تدهور أوضاع المرأة المغربية، على مختلف الأصعدة، التي استعرضتها رسالة التحالف المدني من أجل تفعيل الفصل 19 من الدستور إلى رئيس الحكومة، فهي نفسها التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط، مؤخرا، وفيها أن 62 ٪ من بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و 64 عاما في المغرب، هنّ ضحايا للعنف، واستمرار ارتفاع معدل الأمية لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10 سنوات فما فوق حيث تصل النسبة إلى ( 50.8 ٪)، مقابل انخفاض معدل النساء النشيطات من الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 سنة فأكثر إلى 25.5 ٪ في عام 2011 بعدما كانت هذه النسبة تبلغ في سنة 2000 ما يقارب 30 %. على مستوى المناصب السامية، ذكّر التحالف في رسالته، رئيس الحكومة، بكون نسبة وصول المرأة إلى مواقع القرار في الوظيفة العمومية والمناصب العليا في الإدارة تظل محدودة للغاية، حينما لم تتجاوز النسبة 6% من الكتابات العامة في 2013 فقط و11 في المائة مديرات و 16٪ سفيرات في حين أنهن يشكلن حوالي 32% من الأطر العليا والمهن الحرة وحوالي 42% من الأطر المتوسطة. فيما يهم الفقر والبطالة وسط النساء، استعرضت الرسالة أمام بنكيران مؤشرات تبرز ارتفاع الهشاشة والفقر لدى النساء حيث ازدادت نسبة النساء المشتغلات في إطار الدعم الأسري لتصل إلى 57.3 ٪ سنة 2011 على المستوى الوطني، بينما انخفض معدل تأنيث العمل المأجور، والذي كان يبلغ في سنة 2000 نسبة 21.7 ٪ إلى 5 ،19 ٪ في عام 2012، في حين تفاقمت نسبة البطالة بين النساء إلى29,1 ٪ في عام 2012، بعدما كانت نسبتها,6% 25 في سنة 2000، أما البطالة بين الشابات المتخرجات من الجامعة فنسبتها وصلت إلى قرابة٪ 28.5 في عام 2011 . أرقام الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، التي استعرضتها الرسالة من أجل إحراج عبد الإله بنكيران، أبرزت أيضا استمرار تردّي وضع النساء السلاليات حيث لا تزال المرأة تعاني من التمييز في الحق في التعويض الذي تقصى منه تماما لفائدة الرجال وحدهم ، ولا سيما أن دورية وزارة الداخلية لمارس 2012 لا تزال غير معممة في تطبيقها، أما نسبة زواج القاصرات فهي انتقلت من 18000 سنة 2004 إلى 39031 سنة 2011، "ناهيك عن تلك الزيجات التي تجري خارج المحاكم ويتم ترسيمها في نهاية المطاف بعد الرشد" يقول التحالف المدني، الذي قال، إنه إلى جانب هذه المؤشرات السلبية، "نسجل كذلك عدم إشراك المجتمع المدني والحركة النسائية في صياغة السياسات العمومية"، مما يدلّ على "استمرار معاناة المرأة في بلادنا رغم كل المكتسبات القانونية التي توفرها النصوص التشريعية وعلى رأسها الدستور".