السعدي يرد على منتقدي الأداء الحكومي ويثمن جهود زميله برادة للنهوض بقطاع التربية الوطنية    التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026.. "هدفنا انتزاع بطاقة التأهل في أقرب وقت ممكن" (وليد الركراكي)    عصبة كرة القدم النسوية تعقد جمعها العام    الجولة 25 من الدوري الاحترافي الأول : نهضة بركان على أعتاب التاريخ وصراع المقاعد الإفريقية يشتعل    توقيف سارق الأسلاك النحاسية الخاصة بشركات الاتصالات بأكادير    بعد فضيحة حزب أخنوش.. تحذير من استخدام سيارات الجماعات لأغراض سياسية    إقليم شفشاون يتصدر مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة الماضية    مندوبية السجون تكشف حقيقة حجز شحنة من مادة "الشباكية" كانت موجهة إلى السجن المركزي مول البركي بآسفي    الملاحة البحرية بين المغرب وإسبانيا تعود بحذر بعد توقف بسبب الطقس    الحسابات الفلكية ترجح حلول عيد الفطر بالمغرب يوم الاثنين 31 مارس    رئيس المحكمة لدفاع الناصيري: "اليوم الجمعة ورمضان.. الإنسان لا يجب أن يكذب"    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    مدرب المنتخب المغربي يوضح "تردد" لاعبين في حمل القميص الوطني    المغرب ‬و ‬إسبانيا :‬ تفاهم ‬تام ‬و ‬تطابق ‬مصالح ‬أساس ‬لشراكة ‬استراتيجية    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    أعمال تخريب ضد تسلا في الولايات المتحدة تتواصل بعد صعود ماسك    وفد درزي سوري يتوجه إلى إسرائيل    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المغرب يستضيف وزراء المالية الأفارقة    الذهب فوق 3000 دولار للمرة الأولى    العشرات من الشبان يحاولون الوصول سباحة إلى سبتة وسط الأمواج العاتية    الطقس يستقر بعد زوال يوم السبت    المؤتمر الوطني للحماية الاجتماعية بالمغرب: استثمار في الإنتاجية والربحية    إصابة 12 شخصا بعد اندلاع النيران في طائرة أمريكية بمطار دنفر    واشنطن تدرس مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب    بلباو ولاتسيو إلى دور الربع وروما وأياكس يغادران الدوري الأوروبي    شبهة تضارب المصالح تطيح بحكومة البرتغال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    المغاربة ‬يبدعون ‬في ‬أشكال ‬التصدي ‬للارتفاعات ‬المهولة ‬في الأسعار    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    منع مشجعي الوداد البيضاوي من التنقل إلى طنجة لمساندة فريقها    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    ندوة نقاشية في العيون تسلط الضوء على رحلة تمكين المرأة من التحرر إلى صنع القرار    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    ماذا قال المدرب البرتغالي بعد الإقصاء … ؟    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية    خبراء: تحديات تواجه استخدام الأحزاب للذكاء الاصطناعي في الانتخابات    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث منطقة التصدير الحرة طنجة طيك    عقار جديد يوقف الخصوبة لدى الرجال ويعيدها بعد التوقف عن تناوله    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيله : سيد درويش : هرم النهضة الموسيقية العربية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 28 - 03 - 2014

يوم 17 مارس حلت الذكرى 91 لوفاة باعث النهضة الموسيقية في العالم العربي سيد درويش، وهي جزء من النهضة الفكرية والأدبية التي شهدتها مصر في القرن 19 منذ أن بدأ تأسيسها رفاعة رفعت الطهطاوي وتكاد توازي عصر الأنوار في فرنسا. خلف سيد درويش أو فنان الشعب كما يطلق عليه، إرثا موسيقيا عظيما. غرفت من ينابيعه جميع الأشكال والاتجاهات الطربية والموسيقية بشتى تبايناتها.
ولد سيد درويش البحر بحي الدكة بالأسكندرية عام 1892، ألحقه والده بالكتاب ليحفظ القرآن. وبعد وفاة الوالد استكمل دراسته بالمعهد الديني، تزوج وهو صغير السن (17 عاما) فاضطرته الظروف القاسية للعمل في الأشغال البسيطة بما فيها البناء بحكم أنه أضبح مسؤولا عن إعالة أسرة. أثناء العمل كان يرفع صوته بالغناء، فيثير إعجاب زملائه بل حتى أرباب عمله. استمع إليه أحد أصحاب الفرق التمثيلية فعرض عليه الانضمام إليه، فسافر إلى الشام مشتغلا مع الفرقة في المرة الأولى، وبعدها عاود السفر ثانية من 1912 إلى 1914 ليدرس الموسيقى، فتتلمذ على يد الشيخ " عثمان الموصلي " وتعلم على يده أصول الموسيقى وكتابة النوثة وأتقن العزف على العود. من هنا ارتبطت الموهبة بالدراسة فكان إنتاجه غزيرا فصارت له لغة نغمية يسحر بجمالها الألباب. بلغ صداه الشيخ " سلامة حجازي " فأبدى إعجابه بالأسلوب الجديد في التلحين.
استقدمه إلى القاهرة سنة 1914 أول الأمر فقدمه للجمهور بين فصول إحدى المسرحيات كما جرت العادة آنذاك، لكنه فشل بسبب تعود الجمهور على قالب معين من الغناء يعتبر الخروج عنه نشوزا. فعاد مكسورا للأسكندرية في اليوم التالي. سنة 1917 حمل إليه الشيخ " سلامة حجازي " عرضا أقوى يتمثل في إسناده تلحين رواية مسرحية " فيروز شاه " لجورج أبيض، فعاد إلى القاهرة وكانت الحانة المسرحية أرقى من الرواية نفسها. فتهافتت عليه الفرق المسرحية الأخرى مثل فرقة " نجيب الريحاني " و " علي الكسار " وأيضا فرقة " منيرة المهدية " سلطانة الطرب وقتها. دخل المسرح الغنائي وأصبح الملحن الأول في مصر في سنوات معدودة متفوقا حتى على الملحنين المخضرمين " ككامل الخلعي " و " داوود حسني "، لحن أيضا العديد من الأوبيريتات بل أدخل الغناء البوليفوني للأوبيريت لأول مرة كأوبيريت " العشرة الطبية " وأوبريت " شهرزاد " و " الباروكة " . وبلغ إنتاجه في حياته القصيرة (31 سنة) من القوالب المختلفة العشرات من الأدوار وفي مقدمتها الدور الشهير " أنا هويت وانتهيت " و " يا فؤادي ليه بتعشق " وهو أول دور لحنه. ثم الرائعة " في شرع مين " على مقام ابتكره هو نفسه سماه (الزنجران)، والتي يبرع في أدائها الفنان الكبير لطفي بوشناق. بالإضافة إلى الكثير من الموشحات والطقاطيق ك " يا شادي الألحان " ويا " غصن الباب " بالإضافة إلى 30 رواية مسرحية وأوبريت. تجاوب مع ثورة 1919 وقدم لها العديد من الألحان مثل " عشت يا مصر". لم يكتف من الموسيقى بالتطريب بل وظفها في مقاومة الاستعمار الإنجليزي وتأجيج المشاعر الوطنية، وفي هذا الصدد يحسب له أنه هو من وضع النشيد الوطني المصري. [بلادي بلادي لك حبي وفؤادي] هذا النشيد الذي اقتبسه من أقوال إحدى خطابات الزعيم الوطني مصطفى كامل وجعلها منطلقا لصياغته (أي النشيد). كما عالج أيضا المواضيع الاجتماعية المرتبطة بالحرفيين والفئات المحرومة وأنشد لهم ألحانا من روح الأهازيج الشعبية كما هو الشأن في ألحان " الشيالين " و " هيلا، هيلا ". وفي أغان أخرى نقدية مثل : [استعجبوا يا أفندية لتر الغاز بروبية] إنتاجه الغزير وبخاصة أدواره وموشحاته أصبحت المادة الثقافية والفنية لكل فنان. بل إن قياس المعرفة الفنية لهذا المطرب أو ذاك أضحى هو حفظ ألحان سيد درويش. وهذا ما فعله مطرب الأجيال عبد الوهاب بقامته في (أنا هتويت وأنهيت) والسيدة فيروز في " يا شادي الألحان " و " زروني كل سنة مرة حرام " و " طلعت يا محلا نورها " وما قامت به أيضا المطربة العالمية الفرنسية ذات الأصول المصرية " داليدا " في " سالمة يا سلامة " و " حلوة يا بلدي " وكذلك ما ردده مارسيل خليفة عن سيد درويش في " الحلوة ذي قامت في البدرية يا الله بنا على باب الله يا صنايعية ". كما كان تأثيره واضحا على الثاني الثوري الشيخ إمام وفؤاد نجم اللذين استلهما روح درويش في اللحن والغناء وطوروها إلى فضاء الأغاني الملتزمة التي لقيت تجاوبا كبيرا في الشارع المصري في السبعينات. حتى الفكاهي " اسماعيل ياسين " استلهم " المونولوغ " في الكثير من أفلامه الكوميدية.
هكذا كان أثره على الجميع بلا استثناء من مطربين وملحنين أيضا، بل إن محمد عبد الوهاب يأسف على عدم تطوير المسرح الغنائي الذي كان درويش أحد رواده. أنه بالفعل كان فريد عصره وفنان الشعب بامتياز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.