لم تهدأ بعد أرجاء مريرت وعوام وما جاورهما من هول فاجعة مناجم عوام المتمثلة في مصرع عاملين (الحسين أوناصر وحميد فتوحي)، وإصابة 11 عاملا بمناجم عوام إثر سقوط مصعد أرضي، حتى استيقظت ذات المناطق، صباح الاثنين 24 مارس 2014، على وقع حادث جديد، ويتعلق الأمر هذه المرة بعامل يدعى احمد شابو، والذي أصيب على مستوى الظهر خلال استعماله آلية «سكوب» في شحن المعادن من «منجم إغرم أوسار»، وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن المصاب نقل على الفور صوب مستشفى مريرت لتلقي العلاجات الضرورية. وبينما ذهبت بعض المصادر إلى أن إصابته متوسطة الخطورة في محاولة للتطمين، تخوفت أخرى من أن تكون للإصابة مضاعفات مؤثرة لكون المعني بالأمر يعاني أساسا من إصابة سبق أن تعرض لها في وقت سابق. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الحادث الجديد وقع في الساعات الأولى لاستئناف العمال عملهم بالمناجم، بعد أيام من الحداد جراء الفاجعة التي هزت الرأي العام الإقليمي والوطني، ولم يمر الحادث الجديد دون أن يثير انقساما وسط الفوج الثاني من العمال، حيث التحق البعض منهم بالعمل بينما أضرب آخرون وجلهم من المياومين، على حد مصادرنا من المنطقة التي وجدت نفسها تحصي من جديد ما سجلته المناجم المذكورة من وفيات وإعاقات وعاهات مستديمة، وما تعانيه من أوضاع مأساوية وحوادث مميتة، واشتغال عمالها في ظروف تفتقر لشروط الصحة والسلامة. ومن جهة أخرى، فوجئ الرأي العام المحلي بخبر اعتقال شخصين (الهاشمي مستقل ومحمد مستقل)، على خلفية أحداث سيدي احمد واحمد التي اندلعت يوم الجمعة 26 غشت من عام 2011، وتعرض حينها عدد من النساء والشباب والمسنين من قرية سيدي أحمد واحمد للضرب والتنكيل، في هجوم عنيف شنه حشد من القوات العمومية بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، حيث كان الضحايا يعتصمون في تجمع سلمي للمطالبة بتشغيل أبناء المنطقة في مناجم عوام، وترسيم العمال منهم، وتفعيل برنامج القرى المنجمية النموذجية، وبينما بلغ عدد المعتقلين آنذاك نحو ستة أشخاص تشتت الكثيرون بين الجبال هربا من العنف وموجة الاعتقالات العشوائية، لتظل المنطقة معسكرة ومشتعلة بالمسيرات والوقفات تضامنا مع الضحايا والمطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وبمساءلة المتورطين في الهجوم القمعي. ولم يكن أحد يعتقد أن السلطات الأمنية ستعود، خلال الساعات القليلة الماضية، إلى «النبش» في هذا الملف، وفي هذا الظرف بالذات الذي يشهد غليانا واسعا بسبب ما جرى بمناجم عوام، إذ أفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الشخصين تم اعتقالهما بدعوى أنهما من المبحوث عنهم منذ تلك الاحداث، حيث تم توقيف أحدهما (الهاشمي مستقل) من طرف شرطي مرور، وهو يمتطي دراجة نارية، على أساس أنه لم يستعمل الخوذة، وعند عرض هويته على الناظمة الآلية تبين أنه مبحوث عنه من طرف المصالح الأمنية، على حد قول هذه الأخيرة، بينما اعتقل الثاني (محمد مستقل) فور تقدمه لزيارة المعني بالأمر بمخفر الشرطة، وتمت إحالتهما معا على استئنافية مكناس قبل وضعهما بسجن تولال بمكناس، علما بأن كل الذين كان مبحوثا عنهم في «أحداث غشت 2011» قد تم الإفراج عمن اعتقل منهم. وكان بإمكان المسؤولين آنذاك معالجة الملف المطلبي للمتظاهرين بعيدا عن خيار «الهاجس الأمني»، مع التحقيق المحايد والشفاف في أسباب ودواعي «الانتفاضة»، عوض الانحياز لجهة دون أخرى، أو لما تحمله التقارير المغلوطة التي تطلقها إدارة الإنتاج بالشركة المنجمية تويسيت المستفيدة من مناجم عوام منذ عام 1996 وتستغل ثلاثة مواقع إنتاجية ( جبل عوام، إغرم أوسار وسيدي احمد واحمد)، حيث يتم استخراج الأطنان من المعادن ولا نصيب منها لأهالي المنطقة سوى الغبار، وهم الذين ما فتئوا يطالبون بالتفكير في مبادرات مسؤولة تعمل على خلق امتيازات ومشاريع تنموية لأبناء المنطقة الغنية بثرواتها المعدنية، وإنهاء معاناتهم مع العطش والتلوث وجفاف الآبار والعيون، والأضرار الصحية والبيئية، بسبب أعمال حفر الأنفاق المنجمية، والمواد المتفجرة التي تستعمل في حفر هذه الأنفاق، والمواد الكيماوية التي يتم بها غسل المعادن، وتأثير ذلك على الغطاء النباتي والمساحات الزراعية والدواب والمواشي التي تعتبر من المصادر الأساسية والاقتصادية لحياة السكان.