جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده و جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    المغرب يترقب اللحظة المواتية لخروج الخزينة إلى السوق الدولية    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار        بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    الرباط.. اختتام أشغال مؤتمر دولي حول الزراعة البيولوجية والإيكولوجية    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    "كوباك" تدعم التلاميذ ب "حليب المدرسة"    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    التحاق 707 أساتذة متدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بدرعة-تافيلالت    كيوسك الجمعة | المغرب يسجل 8800 إصابة بسرطان الرئة سنويا    الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب            زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟        النيابة العامة وتطبيق القانون    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بأصوات متعددة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 03 - 2014

هل هي بداية انعطافة معنى، جديدة، في بلاد العرب؟. إنه السؤال الذي يطرحه كل مهتم بالقضايا العربية من علماء التاريخ والإحتماع والعلوم السياسية، أمام ما يتسارع من تطورات في هذه الجغرافية الممتدة من طنجة حتى بغداد، كونها تقدم أشكال حلول متباينة ومتعددة لذات التحدي، الذي هو ترسيم الإنتصار لمعنى الدولة المدنية الحديثة. بدليل أن إعادة تشكل معنى الدولة، عربيا اليوم، من خلال الصراع بين مشروع الدولة الدينية ومشروع الدولة المدنية، إنما يعكس معطى (قليل ما ينتبه إليه) هو جدلية التطور الطبيعية للفرد العربي خلال المئة سنة الأخيرة، التي جعلت المطالب، تنتقل من مطالب نخب إلى مطالب مجتمع. وهذا أمر يحدث طبيعيا مع كل ميلاد لنظام المدينة عند أي مجموعة بشرية توحدها اللغة كوعاء حضاري كما هو حالنا مع اللغة العربية.
ومعنى ميلاد نظام المدينة هنا، يجد تفسيره في تحول بنية المجتمع من اتساع سابق لهرم سكاني قروي بدوي إلى توسع أكبر جديد لهرم سكاني مديني، بما يستتبعه ذلك من مطالب لساكنة المدن من حق الإستفادة من الخدمات العمومية التي تعد بها دوما المدينة. وسيدون في دفتر التاريخ على أن أول القرن 21، مرحلة الصراع الذي دخله الفرد العربي (بهذا القدر أو ذاك من التدافع والعنف المادي والرمزي) من أجل وضع الأسس الممكنة للدولة المدنية. وأنها أكثر من ذلك، هي لحظة التحول التي تكبر فيها طبيعيا، أسئلة القلق المرتبطة بالهوية، التي ليست سوى الترجمان للإنتقال من الرؤية القروية الصادرة عن تجربة ميزتها تشكل الوعي انطلاقا من ما تهبه من معان العلاقات البسيطة لنظم العصبة والدم والقبيلة والعشيرة. إلى الواقع المعقد لعلاقات نظام المدينة المنتصر للفردانية أكثر، المتأسس على أن الإنتماء يكون لسقف جماعي أعلى، إسمه الدولة والوطن. والذي ينبني على علاقة تعاقدية جديدة مع الفرد، فيها سمو لسلطة قانون المجتمع وليس قانون أو عرف القرابة والعصبة والدم.
ولأن لكل تجربة مجتمعية ذاكرة تراكم في دفتر الزمن، فلإن تجربة الجماعة العربية الإسلامية اليوم، هي خلاصة لمقدمات حدثت منذ عقود. بقيت آثارها تعتمل في وعي الفرد العربي، الخارج من الخيمة صوب الطريق السيارة، فأنضجت شكل الوعي السياسي الذي نلمح عناوينه اليوم، والذي يترجم صراعا هائلا من أجل إعادة بنينة جديدة لمعنى الدولة.
إن الرؤية مثلا لحقبة الخمسينات والستينات والسبعينات حتى الثمانينات، يتضمن بعض الجواب لما نعايشه اليوم من تدافع وتحول وعنف. وهنا علينا الإنتباه كيف أن مرحلة الخمسينات كانت مرحلة انتصارات بامتياز من أجل التحرر، وبرزت نخب عربية وصفت بالنخب الوطنية التي حققت منحزات غير مسبوقة مثل تأميم قناة السويس وبناء السد العالي ومواجهة العدوان الثلاثي في مصر، مثل ثورة الملك والشعب بالمغرب، مثل الثورة الجزائرية، مثل استقلال ليبيا، مثل حركة فرحات حشاد وبن صالح بتونس ثن نخبة الشام بقيادة الدكتور الأتاسي. فشكل ذلك العقد عقد انتصارات وانطلاق ووعود ويوتوبيات نخب. بينما شكلت مرحلة الستينات مرحلة هزائم بامتياز وترسخ وصاية النخب الوطنية الحاكمة على الشعوب العربية كمدخل لاستبداد سياسي طال حتى سنة 2011. أليس في الستينات فشلت الوحدة بيت مصر وسورية؟ أليس فيها وقعت حرب اليمن؟ أليس فيها وقعت حرب الرمال بين المغرب والجزائر؟ أليس فيها وقعت نكسة وهزيمة 1967 المذلة أمام إسرائيل وضاعت القدس؟. ليلج الفرد العربي بعدها عقد السبعينات بمنطق جديد ارتكز على ميلاد الطفرة النفطية التي سمحت يميلاد قيم تقليدانية محافظة بدوية، ومعها ولد توحش اقتصادي تجلى في سياسة الإنفتاح الكارثية في مصر وبداية مرحلة الهجرات الكبرى للمواطنين العرب صوب أروبا والخليج، وبرزت توجهات سياسية للنخب العربية الحاكمة توازت مع ميلاد الليبرالية المتوحشة لتاتشر وريغان، وتحول منطق الحكم في العالم من غلبة منطق الدولة إلى غلبة منطق السوق. فأصبح الفرد العربي ضحية انهيار نموذج طوباوي استمر منذ الخمسينات وسيادة توحش سياسي اقتصادي استبدادي إقصائي منذ الثمانينات.
بالتالي، فإن واقع اليوم، هو نتيجة طبيعية (بالمعنى التاريخاني للكلمة) لكل هذا التراكم في حياة الفرد العربي. لكن الجديد هذه المرة، من خلال كل الحراك المتعدد الأوجه الذي نعايشه مع بداية العقد الثاني من القرن الجديد، من عنيف دموي مقزز (ما يحدث في سورية والعراق)، إلى المتصارع بين شرعية الدولة الدينية وشرعية الدولة المدنية (ما يحدث في مصر)، إلى المحقق للتحول بشكل توافقي سياسيا ودستوريا (ما يحدث بإيجابية في المغرب والأمل في تونس)، إلى الرافض للتحول المعزز من أسباب التحكم إلى حين (ما يحدث في كل بلدان الخليج والجزائر والسودان).. الجديد، هذه المرة، هو أن المعركة عربيا ليست معركة نخب، بل هي معركة مجتمعات ومعركة الفرد العربي، من أجل استحقاق نظام المدينة وقيم المواطنة والحداثة. لقد خرج العربي نهائيا في وعيه وفي رؤيته لذاته من منطق القبيلة إلى منطق الدولة. وهذا ما يجعل المرء بحزم أن ما انطلق من حراك منذ 2011، ليس سوى في بدايات بداياته. وأن معركة التحول غير المسبوقة عربيا وإسلاميا (هذه) ستكون مشروع القرن 21 كله. وإن غدا لناظره لقريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.