أطلت القناة الثانية خلال السنة الجديدة على المشاهدين ببرنامجها «رشيد شو» لمنشطه رشيد علالي الذي ظل يعمل جنبا إلى جنب مع زميله في المهنة هشام مسرار قبل أن تفرقهما نوعية البرامج المختارة حيث باتا يبحثان عن تقديم تيمات جديدة للمواطنين قد ترضي البعض في حين قد تقلق آخرين. برنامج «رشيد شو»، يروق لزمرة من الناقمين على مثل هذا اللون من الفقرات، أن يضيف له هاء ممدودة بلكنة خليجية تفيد الاستنكار حينا شو، «ها»؟ بمعنى «ما هذا؟» ، وتفيد الفظاعة حينا آخر بهاء مصحوبة بتاء مربوطة برسم دارجي «شوهة» بمعنى القبح الذوقي والفني. فمع توالي الحلقات التي يسبت فيها رشيد مع الشخصيات المقترحة على المشاهدين تزداد ردود الافعال حول نوعية الاسئلة التي يطرحها معد البرنامج «رشيد» على ضيفه خلال «الدردشة» التي يجريها معه بعيدا عن مكونات ومتحكمات المقابلة الصحفية التي من المفروض ان تحضر مدخلاتها ومخرجاتها كدعامة أساسة لنجاح هكذا برنامج. المشاهد ليس ضد الخروج عن المألوف من اسئلة تتكرر وتستنسخ كل مرة في برامج تكاد تتشابه مع نظيراتها خارج الحدود مع تغيير طفيف في الديكور والاكسيسوارات واللغة طبعا لكن بمضمون سبق ان تعرف عليه البعض عبر قنوات أخرى اكثر استهلاكا من المحلية،لكنه أي المشاهد ضد الرداءة والابتذال لانه وبكل بساطة منه العالم والعارف والناقد والمثقف والمدرك والفضولي والمتتبع والأمي الذي لا تنقصه إلا الكتابة والقراءة أما الفهم فقد سلك طريقه إليه عبر السمع والمحادثة حتى اكتسب دربة فنية يميز بها الغث والسمين من الأشياء التي تتراقص أمامه على جهاز تلفازه الصغير. المشاهد ليس أيضا ضد التبخيس أو «الحضيان» بل مع جمالية الاشياء ونقائها وجودتها حتى يستفيد من مرفق عمومي يستجيب لمتطلباته اليومية من حيث تعددية البرامج المقترحة إخبارية كانت أو ثقافية او اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ترفيهية وهي التي يكثر عليها الطلب للتفريغ والنسيان... عبر جرعات من الضحك ولو كان آنيا. المشاهد لا يعادي منتوجه الفني الداخلي بل يحز في نفسه تلك الهوة التي تفصله عنه وتجهله يهاجر نحو محطات أخرى يضمنها له الدش رغم أنه في كثير من الاحيان لا يفهم لغة الخطاب بل يتواصل عبر الصورة والحركة ليتفاعل بالقوة ليس إلا، ورغم ذلك قد يجد ضالته لينتقل الى حكم العادة المسيطرة على الميولات والرغبات التي وقتما وجدت ما يشبعها تمكنت من صاحبها. وفي عودة إلى البرنامج الذي هو طرف المقارنة بدءا بالشخصيات التي يعتمدها «رشيد» ما هي معايير الاختيار هل هي فنية؟ أم مجتمعية؟ أم إشعاعية؟ أم هي صدفة الزمن وجهاز الانتقاء؟ أم هناك اعتبارات أخرى تتحكم في هذا الاختيار...؟ لنعتبر أن هذا المعطى الاول غير ذي بال وان جميع الشخصيات سواسية في الاختيار أمام «سي رشيد»، هل تنوعها من حيث المكان والاهتمام والشهرة مقصود أم غير مقصود؟ بمعنى هل كان من الضروري تسليط الضوء على عينات معروفة كنار على علم للزيادة في الشهرة وهنا تصبح الزيادة من باب الحمق؟ وما عهدنا «رشيدا» إلا عاقلا. أما كان حريا بالمعد والمقدم أن يسبر عوالم شخصيات سحقها الظل وباتت تتوجع من برودة المكان ولازال يطالها النسيان كمثيلاتها التي غادرتنا الى دار البقاء على حين غرة. أما من حيث كون البرنامج برنامجا حواريا من جهة وتعريفيا من جهة أخرى يتساءل المشاهد عن الاسئلة التي يتسلح بها «رشيد» هل يتم التفكير فيها بشكل قبلي؟ أم لها صفة الفجائية وليس الارتجال؟ أم هي أسئلة معدة ل«الشدان» وطرق أبواب ودواخل خاصة جدا بطرق مستفزة ليس للمدعو لكن للمشاهد الذي يحمد الله انه ليس هو الضيف؟ ثم هل الفقرة المسماة ب«الصراحة» هل أعد «رشيد» ضوابطا لها أم انها فقرة تعتمد على «دير النية أُ گول الحق» كما ليس هو الحال في برامج اخرى حيث يشعرك الجهاز الالكتروني بمدى صدقية أقوالك أو كذبها. انتهاءا بفقرة التحدي هل غاب عنك الاجتهاد يا «رشيد» لتفكر في لوحات فنية أكثر جاذبية من تلك المقززة من أفاعي وفئران وغيرها، أم ان «البيض» الذي يشوي ثمنه هذه الأيام الجيوب، استبحت فقسه أمام الاعين كما استبحت علب «البيتزا هوت» و«طرطتها» التي فاحت رائحتها من أبواق شاشتنا البئيسة. التلفزيون مدعو اليوم أكثر من أي وقت آخر الى جعل دراسة البرامج كدراسة المشاريع الكبرى لان القنوات تدخل ضمنيا في تعاقد يومي مع المواطنين ومن حقهم مساءلتها على ما تقدمه من منتوج سمعي بصري كمراقبة بعدية كما هو الحال بالنسبة لعمل ال«هاكا».