بعد كتابة «عمورة» رحلة في دروب المافيا الصادر في العام 2006 والذي تحول إلى فيلم حقق نجاحا كبيرا سنتين بعد ذلك، يعود الكاتب والصحفي الايطالي روبيرتو سافيانو هذا العام لاصدار كتاب جديد «صفر صفر صفر» والذي خصصه للخوض في دروب تجارة الكوكايين عبر العالم. يعتبر الكاتب الصحفي سافيانو من مواليد 1979 في نابولي جريئا في كتاباته وتحقيقاته حول الجريمة المنظمة. وبمناسبة صدور كتابه الجديد أجرت معه إذاعة «دوتشلاند فونك» حوار نقترح ترجمته على القراء. غالبا ما يهرب الكوكايين في أكياس الموز، لماذا في نظركم؟ وغالبا ما يستخدم الموز لأنه يوفر مساحة كافية. تلجأ العصابات الكولومبية إلى إفراغ الأكياس من الموز، والاحتفاظ بالقشور وتعبئتها بالكوكايين. وهناك سبب آخر: غالبا ما تضم أكياس الموز أنواعا كبيرة من العناكب. وعلى الرغم من أنها غير مؤذية، ولكنها تسبب الفزع، نظرا لحجمها الكبير ولشعرها الكثيف. لذلك تميل السلطات الجمركية إلى عدم فحص أكياس الموز. وهذا يعيه جيدا مهربوا المخدرات. تصف في كتابك الخدمات اللوجستية لهذه التجارة. من هي الجهة المسؤولة عن الشحن؟ يستعمل تجار المخدرات في جميع أنحاء العالم مصطلح «إدارة النظام». إنه جهاز مسؤول عن تنظيم نقل الكوكايين. حيث يتوصل هذا الجهاز من الوسطاء بالطريق الذي يجب أن يسلكه المهربين. كأن يقترح استعمال ميناء هامبورغ مثلا. وبعدها يعمل هذا النظام على البحث عن وسيلة النقل المناسبة: قد يكون مكعبات الرخام، أو جذوع الأشجار، أو مكونات صغيرة كتماثيل القديسين كمريم العذراء التي تعبأ بالكوكايين، أو البشر. يبدو أنه نشاط يتطلب إبداعا كبيرا..... .. في الواقع، إنه العمل أكثر إبداعا في تجارة المخدرات. ما هو الدور الذي يلعبه ميناء روستوك في تجارة الكوكايين؟ هذا الميناء يتوفر على ميزة أساسية بالنسبة لتجار المخدرات، كما بالنسبة للاقتصاد الألماني، ألا وهي السرعة. ففي هذا الميناء تمر البضائع عبر الجمارك بوتيرة قياسية. وهذا ما يعرفه تجار المخدرات، ويستغلون ذلك. فلا أحد يلجأ إلى ميناء تكون فيه مراحل تخليص البضاعة بطيئة بسبب إجراءات السلامة والمراقبة درء للجريمة. كتبتم أيضا أن كل حزمة من الكوكايين تتضمن ميزة خاصة، ضمانة المصدر والجودة. هل أصبح الكوكايين بضاعة طبيعية؟ في الواقع إن الأمر كذلك. منذ سنوات عديدة، تحمل حزم الكوكايين نوعا من الأختام. فعصابات ميدلين تستعمل العقرب، في حين يستعمل الميكسيكيون لحية سيمبسون التي اشتهرت بها إحدى المسلسلات التلفزيونية في المكسيك. وهذه الرموز تظهر وجهة الكرتيل صاحب البضاعة. هناك سبب آخر: إذ أن هناك رواج لأطنان من الكوكايين يوميا. وإذا ما تم ضبط بضاعة ما، لا يمكن للتجار معرفة إن كان الأمر يتعلق ببضاعتهم. غير أن الصور التي تتداولها وسائل الاعلام حول البضاعة المحجوزة وإظهار الأختام هي التي تميز مصدرها. ما هي هياكل الدولة أو المؤسسات البنكية التي تتساهل مع ترويج المخدرات؟ كقيمة على شكل قوانين، بالكاد تتم مكافحة غسيل الأموال في أوروبا. وحتى إيطاليا التي تربطها مع الولاياتالمتحدة اتفاقية صارمة لمكافحة المافيا غسل الأموال ليست رائدة في هذا المجال. في العام 2008 أشار الخبير الأممي كوستا إلى أن المزيد من رأس المال المتحصل من المخدرات يتم ترويجه في البنوك الأوروبية. وأن الحكومات لا فكرة لها بالمرة. إن قوة تجارة المخدرات لا تتجسد في الثروة، ولكن في السيولة والقدرة على ترويج المال باستمرا. وهذا يسمم النظام المالي الأوروبي، من دون أن تكون أية دولة أو حكومة قادرة على تركيز الاهتمام على نحو فعال. لم لا؟ سيكون جيدا الاجابو بقانون الصمت «»omerta المعمول به لدى المافيا. ولكن لا المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي هما فاسدان، ولكن ينظر للأمر على أنه مشكلة أصغر من الحجم التي تعطى لها ويتم تفويض مسؤولين أو أجهزة الشرطة لمكافحتها. إن طريقة التقليل من هذه المشكلة تتقاطع في واقع الأمر مع قانون الصمت «»omerta إلى أي حد تغير الكوكايين حياتنا اليومية؟ أصبح الكوكايين نوعا من المقبلات التي تضمن للناس العيش بقوة هنا والان. فاستعمال الهيروين يمنعك من العمل أو قيادة السيارة، بخلاف الكوكايين الذي يمنحك القوة للقيام بكل شيء. كما أنه يمنحك الشعور بالقيام بذلك بطريقة أفضل. وهذا صحيح إلى حد ما ولفترة قصيرة. وستصبح مدمنا على ذلك على المدى الطويل. حيث يضعف القلب ويصبح الانسان عاجزا جنسيا ويتأثر الجهاز العصبي وتضعف الذاكرة. ويستغرق ذلك الوقت، وفي الاثناء يصبح جزء من حياتك. إنه ليس مخدرا للحمق بل وسيلة للعمل لفترة أطول . وينتشر كثيرا بين عمال البناء، حيث يساعدهم على مواجهة حرارة الطقس وبرودته بطريقة أفضل. وبعتقدون أنه بإمكانهم العمل لورديتن متتالييتن دون الشعور بالتعب. وهو الأمر نفسه بالنسبة لسائقي الشاحنات، حيث يستغنون بفضله عن القيلولة . إنه في غاية الخطورة، لأنه لم يعد يرتبط بضعف الشخصية وبالمشاكل الصحية والعقلية. إانه نوع من المخدر الكوني، كإضافة للحياة اليومية . كيف استطعتم القيام بأبحاثكم من أجل إنجاز هذا الكتاب في ظل حراسة شخصية لصيقة؟ كان الأمر في غاية الصعوبة، نظرا للهوية المزورة التي كنت أتحرك بها في أمريكا الجنوبية مثلا من جهة. وفي تحليل البيانات والوثائق من جهة أخرى. لم يكن الأمر سهلا، وقضيت لإنجاز هذا العمل خمس سنوات. لقد كرست نحو 38000 ساعة لهذا العمل وأنت الآن تعيش تحت حراسة مشددة. هل تعتقد أنه سيأتي يوم وتعيش بدون حراسة شخصية في إيطاليا مثلا؟ آمل ذلك، لأنه فعلا لا أعتقد أنني سأتحمل هذا الضغط. النفسي. إيطاليا ليست بلدا جيدا وهي معقدة للغاية. وأنا سعيد إذا ما تم احتضاني هناك من قبل القراء الذين يمكنني تبادل الآراء والأفكار معهم. ولكن هناك وجه آخر لإيطاليا التي لا تعرف التعقل والاحترام. يشعر الانسان بأنه أصبح محروقا إذا تطرق إلى بعض المكائد، حيث تشعر إيطاليا الأخرى بالإهانة وترد بقوة. لست متفائلا بحياة دون حماية شخصية. ولهذا السبب تفضل حاليا الاقامة خارج إيطاليا؟ نعم بالضبط.