حضور كمي وكيفي ونوعي ومتعدد ذلك الذي عرفته أربعينية المناضل إدريس العراقي المنظمة من قبل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس أكدال الرباط بتعاون مع مجموعة التأمين للتعليم العالي يوم السبت الماضي بمدرج 2 بنفس الكلية. في مقدمة هذا الحضور كان عبد الرحمان اليوسفي، قائد حكومة التناوب التوافقي، فتح الله ولعلو، عبد اللطيف المنوني، محمد درويش، وفاء حجي، أمينة الطالبي أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ثم زوجة المرحوم المناضلة فاطمة بلامين وإخوانه وأخواته ثم أبناءه الثلاثة حاتم، المهدي وبثينة. فقد كان لافتا للانتباه امتلاء المدرج عن آخره بفعل الحضور الكبير الذي توزع ما بين أصدقاء الراحل وزملائه الأساتذة في جامعة محمد الخامس، فضلا عن مجايليه في قيادة النقابة الوطنية للتعليم العالي، ورفاقه في قيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فضلا عن عدد كبير من الفعاليات السياسية والثقافية والجمعوية والنقابية. كل هؤلاء أتوا ليقولوا كلمة واحدة «نم يا إدريس قرير العين فنحن على العهد باقون ، سنناضل من أجل العدالة الاجتماعية وإقرار الديمقراطية والحرية، والكرامة، والتنمية الشاملة للبلاد هذه المبادئ والقسم التي كرست حياتك كلها من أجل تحقيقيها لكي تنعم بها الأجيال القادمة في هذا الوطن العزيز. وتأتي هذه الأربعينية للفقيد إدريس العراقي بعد أن رزئت الجامعة المغربية في الآونة الأخيرة في فقدان أساتذة جامعيين كبار آخرين هم، أب السوسيولوجيا بالمغرب محمد كسوس والمناضلة الاتحادية خديجة البكدوري، وكل هؤلاء الثلاثة تجمعهم صفة الانتماء إلى جامعة محمد الخامس أكدال وصفة الانتماء إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وعرف حفل الأربعينية الذي قدم فقراته فتح الله ولعلو في البداية عرض شريط حول الراحل بعنوان «المناضل إدريس العراقي الإنسان « الذي تضمن مساره منذ ولادته بفاس ودراسته بثانوىة مولاي يوسف والتقاءه بفاطمة بلامين زوجته قيد حياته، كطالبة بنفس الثانوية ليتم اعتقالهما اثر إضراب تضامني، كما عرض الشريط عدة شهادات في حق الراحل من طرف أصدقاء له، حيث قال عنه ولعلو «عاش مناضلا وافتقدناه مناضلا»، اعتبر حفيظ جوطي بوطالب الرئيس السابق لجامعة محمد الخامس أكدال الرباط، أن الفقيد كان رمزا في التفاني والإخلاص في العمل النقابي ورجلا ديناميكيا وتقدميا بما تحمله الكلمة من معنى. وشدد بوطالب في نفس الشهادة على أنه قد اشتغل إلى جانب الفقيد في النقابة الوطنية للتعليم العالي، حيث عملا على جعل النقابة تنتقل من النقابة الخبزية، كما يقول المرحوم كسوس محمد، الى النقابة الفكرية المساهمة في تطوير الجامعة لتؤدي وظائفها المتعددة. أما عبد العزيز عدنان، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاحتياطي الاجتماعي، أبرز في نفس الشريط على أن المرحوم كان حاضرا بقوة في الواجهة الاجتماعية حينما كان يشتغل كمستشار بديوان وزير المالية والاقتصاد فتح الله ولعلو، بحكم الاشتغال على عدة ملفات لها ارتباط وثيق بمجال تخصصه كملف إصلاح أنظمة التقاعد والتغطية الصحية التي عملت على إقرارها حكومة التناوب التوافقي. وفي كلمة باسم أصدقاء الفقيد، ألقى عبد القادر باينة كلمة خلال هذه الأربعينية تحدث فيها عن مسار الفقيد على مستوى النقابة الوطنية للتعليم العالي التي يعتبر أحد مؤسسيها وقادتها، حيث تولى الكتابة العامة بها، واشتغاله على العديد من الملفات التي تهم وضع الأساتذة والجامعة المغربية، وكذا مسيرته الاجتماعية التي اشتغل فيها على الملفات الاجتماعية أثناء تواجده بديوان وزير الاقتصاد والمالية، إذ ساهم بشكل كبير في إبراز المشاريع الاجتماعية وعلى رأسها مشروع التغطية الصحية وإصلاح أنظمة التقاعد، كما تطرق إلى مسيرته النضالية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث كان مناضلا قياديا فاعلا وحاضرا ومؤثرا في عدد من المحطات، متشبعا بالاختيارات التقدمية والاشتراكية واليسارية لبناء دولة الحق والقانون وللدفاع عن حرية الرأي والتعبير، كما أن بصماته حاضرة في التنظيم الحزبي، وكان حاضرا في التحضير للمؤتمر الوطني التاسع وكذلك بلورة البرنامج الاقتصادي الذي خرج به المؤتمر، حيث كان مقررا لجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية. وبالنسبة لنجلته بثينة العراقي التي ألقت كلمة باسم العائلة، أكدت فيها والدمع يغالبها، على أن العراقي الوالد علم أبناءه القيم النبيلة التي كان يناضل من أجلها وغرسها فيهم، وفي مقدمة هذه القيم والمبادئ، الكرم لذلك أطلق اسم حاتم على أحد أبنائه، ثم قيمة الحوار كوسيلة للتواصل وحل كل الخلافات المحتملة، فضلا عن فضيلة الاحترام للآخر وإعطائه حقه في كل شيء يستحقه، ثم التعايش والتسامح. وأضافت بثينة أن المرحوم قد علمهم كيف يفكرون بعقولهم وقلوبهم. كما تحدثت كيف كان المرحوم وأمهم يكونان عائلة منسجمة يسودها الحب والمودة والرحمة، وكيف كان الوالد شغوفا فرحا لجمع عائلات الشنتوف وبرني وبلامين وأيت قدور في أجواء عائلية ممتازة، ناهيك عن أن بيت العائلة كان مفتوحا في وجه المناضلين الاتحاديين. كما قدم كلمة رثاء الدكتور محمد عياد عنونها ب»إدريس أو الدرس الذي يكتب بعرق الممارس ويرع المبادئ» ، حيث قال بثأر كبير أرثي نفسي أو أخ كما يقول المثل رب أخ لم تلده لك أمك، لقد وهبت حياتك وكبدك قربانا للقوات الشعبية وما تأخرت أو ترددت أو قصرت في المسير، لقد كنت اتحاديا حتى النخاع، مكافحا في اللجنة التقدمية لطلبة المغرب وفي كلية الحقوق ، ونعم المثقف العضوي. وفي شهادة لعبد الكريم مدون الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، تطرق فيها للمسار النقابي للفقيد منذ أن انفصلت النقابة عن الاتحاد المغربي للشغل تم بعد تأسيس النقابة والانخراط فيها كمؤسس وقيادي في مكتبها التنفيذي إلى أن تحمل مسؤولية الكتابة العامة وطريقة الحكامة التي أدار بها عدد من الملفات النقابية والعمل على تطوير النقابة واستقلالية الجامعة وتطويرها وانفتاحها على محيطها الاقتصادي والاجتماعي. وفي آخر هذه الأربعينية تقدم عبد الكريم مدون بهدية تذكارية إلى زوجة الفقيد فاطمة بلامين باسم النقابة الوطنية للتعليم العالي.