أكد عبد الواحد الراضي رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، أن التنظيم البرلماني للبلدان الإسلامية الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، يشكل إضافة إلى ما ينتظر منه في تفعيل التعاون بين المجالس التشريعية وتبادل الخبرات والتجارب بينها، إطارا فعالا في المنتظم الدولي من خلال توحيد مواقف أعضائه في المنتديات البرلمانية الدولية والجهوية والقارية، وتعميق روابط التعاون مع كل المنظمات والهيئات التي تسعى من أجل تقوية السلم في العالم، وإشاعة قيم العدل والحرية والتسامح واحترام حقوق الانسان في التعبير والتفكير والعيش الكريم. وأكد الراضي في كلمة باسم الاتحاد البرلماني الدولي، أمام مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، حرصه الشخصي وحرص الاتحاد البرلماني الدولي على مواصلة الجهد المشترك في نفس الأفق المبدئي الذي تأسست من أجله هذه المنظمة، مضيفا أنه ومن منطلق المسؤوليات المنوطة بالقيادات السياسية والنخب الفكرية وكمشرعين في البلدان الاسلامية في محاربة مظاهر وأشكال التشويه التي تتعرض لها الهوية الاسلامية، بعمقها الحضاري والروحي والثقافي، وذلك من طرف الأوساط التي تخاصم روح الحوار بين الحضارات والديانات والثقافات في عالمنا المعاصر، وتناقض كل مسعى إلى إعلاء القيم الانسانية النبيلة التي تشكل قاسما مشتركا بين جميع البرلمانيين في العالم. وعبر الراضي عن أمله في أن أن يساعد هذا المؤتمر على تمثل اللحظة العسيرة التي تعيشها أو تجتازها عدة أقطار إسلامية، وأن يشكل موضوع البناء الديمقراطي والاستقرار والسلم وثقافة الحوار، جانبا من اهتمامات المؤتمر وأن يقدم بعض الأجوبة العالقة الحكيمة حول الأسئلة التي تطرحها المرحلة على الإسلام والمسلمين وحول التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية التي لاشك أنها تحتاج إلى رؤية جديدة، وإلى توحيد المواقف والرؤى والاجتهادات. موضحا أنه ثمة صعوبات مركبة في الحراك المجتمعي الذي شهدته أقطار عربية وإسلامية، ولكنه في جوهره حراك شعوب كريمة طامحة إلى غد أفضل، ومن الطبيعي أن تصاحب هذه التحولات حالة مخاض صعب وعنيف أحيانا، لكن الأهم كيف يستوعب العالم وكيف يمكن تقديم العون ودعم الجهود الوطنية النزيهة لإعادة البناء وتحقيق التوافقات المطلوبة. وبخصوص الأزمة السورية بكل أبعادها الانسانية المؤسفة، دعا الراضي الى العمل على مساعدة مختلف الاطراف على الوصول الى حل سياسي هادئ لهذه المعضلة، معتبرا أنه من غير المقبول أن يترك عصرنا وعالمنا بلدا بكل ما يمثله من عمق تاريخي وحضاري وثقافي وإنساني، يصبح مجرد حالة من الانقاض والخراب والدمار، وشعبا راقيا كالشعب السوري يتحمل مختلف أشكال المحنة والعذاب والآلام. مؤكدا أن الحل الممكن لهذه المأساة لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يكون حلا عسكريا، وإنما ينبغي أن يكون نتيجة لحوار صادق نزيه وموضوعي وشجاع بين مكونات الشعب السوري. وفي نفس السياق، حيى رئيس الاتحاد البرلماني الدولي التطور الايجابي الذي عرفته العلاقات الدولية، خصوصا في مجال المفاوضات النووية. حيث جاء الاتفاق الذي تم في جنيف بين إيران ومجموعة 5+1 ليدشن مرحلة هامة جدا. كما شجع إيران ومخاطبيها على مواصلة التفاوض والحوار، وهو ما يندرج ضمن المبادئ والمثل التي تأسس عليها الاتحاد البرلماني الدولي، معبرا عن أمله أن يمضي الاتفاق المؤقت الذي ختم السنة الماضية نحو اتفاق دائم من شأنه أن يمثل بداية عهد جديد في العلاقات الدولية. وأوضح الراضي أننا نعيش اليوم في عالم لا يتوقف عن التحول، وما فتئت فيه أصوات المواطنين ترتفع أكثر فأكثر. هذه الأصوات، الواضحة جدا، التي على الطريق لأن تصبح قوة ملموسة، ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار. وقد شهدنا، يضيف الراضي، أمثلة حية على ذلك في عدة جهات من العالم، بل مازلنا نلمس رد الفعل العنيف للحركات الاجتماعية الكبرى. وصدمة الصور التي تطالعنا على شاشات التلفزيون والتي تحرك فينا مختلف أنواع المشاعر، الى الحد الذي لا يمكن القبول إزاءه بأي شكل من أشكال اللامبالاة. وقد بات المواطنون يطالبون أكثر فأكثر. نحن الذين نعتبر ممثليهم المنتخبين، ويطالبون أكثر المؤسسات التي نجسدها، بالمزيد من الشفافية والانفتاح والمشاركة. كما يطالبون أيضا بالمحاسبة، وعلى هذه التطلعات المشروعة تحديدا ينبغي تقديم الجواب. كما أن عدة مكونات مجتمعية، كالنساء والشباب، تشعر بأنها أقل تمثيلا إن لم تكن مهمشة على المستوى السياسي. وأضاف الراضي أن الشباب هم قادة الغد، وسيكون من المفيد جدا إشراكهم بفعالية في الحياة السياسية وفي القرارات التي تمسهم مباشرة. مشيرا إلى أن الاتحاد البرلماني الدولي يرصد ويجمع المعطيات الخاصة بالنساء في واجهة العمل السياسي. ومرة كل سنتين ينتج الاتحاد البرلماني الدولي ومنظمة الأممالمتحدة بطاقة حول النساء في السياسة. وأن الاتحاد على أهبة نشر تحليل إحصائي عالمي حول هذا الموضوع. وبهذا الخصوص أشار الراضي الى أن النسبة العالمية لحضور النساء في البرلمان لا تتجاوز حاليا % 21,7 وقد سجل تطورا طفيفا في جهات مختلفة في العالم. ولكن هذه الأرقام لاتزال منخفضة جدا. فإذا كانت النساء تمثلن نصف سكان العالم، فأحرى وأولى أن تكون ممثلات بنفس القدر مثل الرجال في البرلمانات والمحافل الأخرى لاتخاذ القرار. مسجلا في بعض البلدان العربية، على سبيل المثال، أن هناك تطورا مشرفا يتحقق أكثر فأكثر، خصوصا في تونس والجزائر والمغرب والعربية السعودية. وأشار الراضي الى أن الدستور التونسي الجديد الذي تمت المصادقة عليه في يناير 2014 جاء ليكرس مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في البرلمان وفي المؤسسات المنتخبة الأخرى. كما أن الدستور المغربي الذي صودق عليه في يوليوز 2011 ينهج نفس القصد. وسجل في المملكة العربية السعودية، أن جلالة الملك عبد الله أقر في مرسوم سنة 2011 هذا المبدأ، وقام بتعيين نسبة 20% من النساء في مجلس الشورى، أو في المجلس الاستشاري الوطني الذي يضم 150 عضوا. ويمثل هذا انفتاحا هاما، إذ بفضل تأثير النساء البرلمانيات، يمكن لإصلاحات أخرى أن تحقق في هذا البلد. وأكد الراضي أن على البرلمانيين واجب الدفاع عن القيم الكونية التي انتفضت من أجلها الشعوب، عدة مرات، كما قامت بثورات أسالت الكثير من الدماء عبر القرون، قيم الحرية والمساواة والديمقراطية - كيفما كانت خصوصية الشكل المتبع في هذه البلدان، داعيا إلى بذل أقصى الجهود من أجل السلام، والحوار، والتعاون بين الشعوب فبالرلمانيون انتخبهم المواطنون ، قبل كل شيء، لكي يخدموا مصالحهم، وللعمل على تحسين حياتهم اليومية والتعبير عن انشغالاتهم في البرلمان، حيث تتخذ القرارات الصعبة التي تمسهم في وجودهم اليومي. و في كل مرة، يصادق فيها على الميزانية المالية أو على نص قانون، عليهم ألا ينسوا أنهم يقومون بذلك باسم الشعب. كما أن الولاية التي يقضونها، ينبغي أن يكون الشعب فيها موجها كما ينبغي أن تكون مصلحة الشعب أولوية في كل ما يتخذ من قرارات. وفي الأخير أعلن الراضي عن أن الاتحاد البرلماني الدولي سينظم الدورة الرابعة لمؤتمر رؤساء البرلمانات في السنة المقبلة 2015. ولذا دعا رسميا جميع رؤساء البرلمانات الحاضرين، الى المشاركة والمساهمة بفعالية في هذه التظاهرة التي تعبر، هي أيضا، عن مرحلة هامة. وقد سبق أن انعقدت ثلاث دورات سابقة في سنوات 2000، 2005 و2010، ويتوقع أن تكون الدورة المقبلة لافتة أكثر مقارنة مع سابقاتها، للأوساط البرلمانية. إذ ستطرح للنقاش قضايا أساسية كالديمقراطية، والتعاون البرلماني، والعلاقات بين البرلمانات ومنظمة الأممالمتحدة.