فرانسوا بايرو يكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    المغرب يستعد لإطلاق خدمة الجيل الخامس من الانترنت    جلالة الملك يترأس جلسة عمل بشأن مراجعة مدونة الأسرة    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    إسبانيا.. الإطاحة بشبكة متخصصة في تهريب الهواتف المسروقة إلى المغرب    بقيادة جلالة الملك.. تجديد المدونة لحماية الأسرة المغربية وتعزيز تماسك المجتمع    العراق يجدد دعم مغربية الصحراء .. وبوريطة: "قمة بغداد" مرحلة مهمة    إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس    إرجاء محاكمة البرلماني السيمو ومن معه    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    أخبار الساحة    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطرق بالمغرب تقتل أكثر
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 14 - 02 - 2014

حاز الشاب المغربي «منير كويوز « على جائزة أحسن بحث علمي في الملتقى الدولي بماليزيا . و يرتكز البحث الذي شارك به خريج المدرسة العمومية الوطنية، على تقديم حلول جديدة للحد من المشاكل الطرقية داخل المجال الحضري، وذلك بتحويل المشكل إلى معادلات رياضية، وبرمجتها داخل منظومة معلوماتية تساعد المسيرين على اتخاذ القرارات الصائبة في وقت وجيز . ويرى المهتمون بمنظومة السير والجولان ، أن جهود الشاب المغربي إن هي استثمرت على نحو أفضل ، ستساعد حتما على حل إشكالية الاكتظاظ في المعابر والمدارات ليس بفاس وحدها ، وإنما بباقي ربوع المملكة، كما ستعمل على ترسيخ الانسيابية المطلوبة في الطرقات و ستعزز فرص التقليل من حوادث السير . والسؤال اليوم ، أين وزارة النقل والتجهيز من كل هذا الإنجاز العلمي لشاب مغربي من مدينة فاس ؟ بل أين الإعلام المغربي الذي يقوم ولا يقعد حين يتعلق الأمر بتوفير الكرم الزائد لضيوف غير عاديين ؟ وأين الجماعة الحضرية للعاصمة العلمية التي ما فتئت تحتفي بضيوفها من الفنانين القادمين من كل فج عميق وتغدق عليهم الكرم الوفير ، وتقدم لهم الأغلفة ومفاتيح المدينة عربون ود واحترام وتقدير ؟ ألا يستحق «منير كويوز» احتفالا يليق بجده واجتهاده ، ويقدر أبحاثه العلمية في مجال تخصصه الرياضي والتكنولوجي ؟
ينحدر هذا الشاب العشريني من الحي الشعبي سيدي بوجيدة بمدينة فاس، وهو يحتاج اليوم لأكثر من التفاتة ، ليس لكونه تابع دراسته الابتدائية والإعدادية الثانوية والجامعية بالعاصمة العلمية للمملكة ، بل لتشريفه المدرسة المغربية العمومية ، في وقت تتعالى فيه الأصوات بتبخيس المنظومة وبتواضع نتائجها وأهدافها .
منير كويوز بعد حصوله على شهادة الباكالوريا علوم رياضية بثانوية مولاي إدريس ، انتقل لدراسة الرياضيات المعلوماتية بكلية العلوم ظهر المهراز بنفس المدينة ، يعكف حاليا على التحضير لرسالة الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله . وتشير المعطيات الأولية التي استقيناها من زملاء ورفاق منير، إلى أن أطروحته تروم تطوير برنامج معلوماتي يساهم في تدبير الشبكة الطرقية داخل المجال الحضري .
وكانت الأنظار قد توجهت الخميس 24 يناير 2014 بالعاصمة الماليزية كوالالمبور ، لمعرفة الفائز بجائزة أحسن بحث علمي في الملتقى الدولي « تحديات الابتكار في البحوث الميدانية متعددة التخصصات « بمشاركة 200 بحث لمشاركين من 65 دولة من بينهم ممثل المغرب إلى جانب مشاركين قطعوا أشواطا كبيرة في المجال العلمي والتكنولوجي كاليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية حيث توج البحث الذي تقدم به ممثل المغرب كأحسن بحث « .
في الحاجة إلى رؤية جديدة
تقليعة « التسابق » استفحلت في الآونة الأخيرة بطرقات فاس وشوارعها ، لدرجة الاحتقان المروري الذي بلغ أشده ، فما تكاد إشارة الضوء الأخضر تتقد ، حتى ترتمي العجلات تباعا ، ولا تتوقف ، غير عابئة بمدة 60 ثانية أو 30 المسموح بها ، ولا بزعيق السيارات والهياكل على الجانب الآخر التي تنتظر حقها في المرور الذي أصبح مشروعا ومهضوما في آن واحد . إذ يكفي أن يغامر أحد المتهورين حتى يتبعه آخرون دونما أي احترام لإشارة المرور ، ولا لأخلاقيات السير والجولان في المدينة ، هؤلاء من السائقين المتهورين بتكريسهم لمثل هذه القواعد السيئة في المرور يساهمون في خلق أجواء مرورية تتسم بالأعصاب والمعدة والضغط بأشكاله ال265 حسب تقديرات المتخصصين . حفر تتلوها حفر، في طرقات تنبت مسامير ونتوءات ، حديد ، حمولات أضعاف المسموح به تعبر الطرق والممرات ، يتم حجزها ثم تعود لحمولة أكثر مما مضى نكاية في المدونة ، عبث في التشوير الكلمتري على الطرقات ولا رقيب ، نقل النفايات الصلبة لا يخضع لضوابط ، صيانة طرقية مغشوشة ، ودراجات ثلاثية ألغام قد تنفجر كل لحظة ....هي ذي طرقنا وواقعنا الذي لا يرتفع..
قبل أكثر من سنة ، نبه التربوي والفاعل المدني عبد الحي الرايس سلطات الوصاية على السلامة الطرقية ببلادنا إلى «الكف عن المراهنة على الحلول الأحادية مثلما دأبت عليه اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير منذ تأسيسها سنة 1977 » . وشكك عبد الحي الرايس غير ما مرة في اعتبار تغيير السلوك وحده سيعالج المعضلة، ويحد من حوادث السير، واعتبر اتخاذ العنصر البشري مشجباً تُعَلَّقُ عليه مسؤولية كل حادثة مجرد لازمة صارت تتكرر ، ليظل الرهان دوماً على انتظار نتائج التحسيس والتربية رهانا خاسرا . و لاحظ المصدر ذاته أن الأمر نفسه تكرر طيلة فترة الدفاع عن المدونة من أن تفعيل الزجر، وتشديد المراقبة كفيلٌ بصنع المعجزة. ومقابل ذلك، شدد رئيس المنتدى الجهوي للمبادرات البيئية بفاس ، على ضرورة الانتقال من الأحادية والظرفية، إلى الشمولية واستدامة التعبئة.
ثمة إجماع من قبل العديد من سائقي العربات والسيارات ان في فاس لا يوجد احترام لقانون السير ، فالأمر مجرد تدبير يومي لتفادي حوادث وصدامات وعمليات احتكاك لا تنتهي ، يقول أحد الطلبة الجامعيين مضيفا «من يصرخ أكثر ، بات في حكم المنتصر حتى ولوكان مدانا في العملية « ويقول زميل له « المرعب في الأمر ، غياب شرطة المرور من المدارات التي تتسم بالفوضى والسيبة ، حيث لا يظهر لها أثر ، لتتحول منظومة السير والجولان بالمدينة أمام هذا الفراغ التدبيري الحاد إلى متاهة وحرب أعصاب شرسة ، ثمة أمر آخر في غاية الخطورة يرى أستاذ اللغة العربية أنه « يتسبب في حوادث مرورية يصعب فتح تحقيق في شأنها وسط احتجاجات وزعيق وضيق رؤية حيث تنطلق سيارة الأجرة الصغيرة قبل إعلام إشارة الضوء الأخضر ب5 ثوان أو أكثر ، بحيث في هذه الأثناء، لاتزال السيارات القادمة أو العابرة من الاتجاهين تتدفق انطلاقا من حقها في العبور ، مما يتسبب في حوادث مرورية ، ضحاياها أبرياء في الغالب».
« إلى ذلك يتطلع الرأي العام الفاسي بشغف كبير إلى الاستثمار الإيجابي للبحث العلمي الذي توج أحد مواطنيه في ماليزيا ضمن البلدان الأكثر تقدما في موضوع علاقة التكنولوجيا بمنظومة السير والجولان ، ويناشد سلطات فاس المسؤولة عن تدبير السير والجولان التفكير الجدي والملموس في إحداث أنفاق مرورية منخفضة ، أو على علو ، مثلما هو الشأن في الطريق السيار .. للتخفيف من أزمة السير الخانقة التي تشهدها شوارع فاس العالمة التي تندم 12 قرنا من تاريخها اليوم ؟ ».
لعنة ثلاثية العجلات
أما الدراجات النارية ثلاثية العجلات فهي وجهة من لا خبرة له في السياقة، إذ أغلبها لايتوفر على تأمينات تامة وأحيانا بلا أوراق ثبوتية ، فقط غليان وركض في الطرقات يسفر عن عشرات الاحتكاكات والصدامات اليومية ، التي غالبا ما يستنفد الجانب المتضرر صبره ويشغل محرك سيارته وينصرف غير عابئ بشيء ، وكأن ما حدث من صدام نتجت عنه أضرار مادية لا علاقة له بمنظومة اسمها السير والجولان ، ولعل ما قام به أحد سائقي الدراجات الثلاثية حين ترك خدشا كبيرا على سيارة بطول متر لا تزال تحمل لوحة معدنية «أرقام الدوبل» . حيث انحنى في وضعية مهينة تدعو إلى الشفقة والدموع تنهمر من عينيه ، فيما ارتمى زميله على قدمي زوجة صاحب السيارة المتضرر وهو يستعطفها « سيدتي ..لا املك درهما واحدا .. لقد بقيت طوال اليوم مشمش ..ولم أقبض ولو درهما واحدا....» .
هذه اللعنة التي حلت بطرقات المغرب تحمل ألف إسم ، ولا معنى ، تجوب شوارع العاصمة العلمية وضواحيها مثل القدر الصادم ، في مناطق ما يعرف بالحزام تكاد تكون الوسيلة الوحيدة لنقل للبضائع والأشخاص في المناسبات الدينية كعيد الاضحى  ، وسردت إحدى السيدات حكايات مأساوية لحوادث راح ضحيتها أحد أقربائها ، وجيرانها الذين فقدوا معيلهم جراء تهور سائق تريبورتور، ورغم المتابعة القضائية وما يرافقها من مصاريف استنزفت دم الأسرة ، لم تجن أسرة الهالك من ورائه شيئا يذكر.
وفي توصيفه للظاهرة اعتبر أحد المواطنين» التريبورتور» يقصد دراجة نارية ثلاثية العجلات كارثة بلا ملامح « مضيفا أنها صنعت لنقل البضائع ، وليس لنقل الركاب وتكديسهم ، ورغم إقرار القانون بأن ذلك وضع سيء، فإن الترخيص والتغاضي والتواطؤات جاري بها العمل دون حسيب أو رقيب ، مخطئ من يعتقد أن الاحتكام إلى القانون في حادثة سير يكون التريبورتور طرفا فيها سينال حقه ، لأن الامر في مثل هذه الحال ، رهان خاسر حتما .
والواقع أن الدراجات النارية ثلاثية العجلات تتجاوز ماهو مرخص لها ، أي شحن حمل البضائع، والسلع، وباتت وسيلة تنافس سيارات الأجرة ويستغلها أصحابها في نقل المواطنين ولمسافات بعيدة ، ورغم اعتبار الحالة غير قانونية ، و خارجة عن إطار القانون الجاري به العمل ، فإن العديد من الأشخاص يغامرون بحياتهم وحياة ذويهم تحت تبريرات واهية أحيانا ، رغم أن القانون صريح في حالة وقوع حوادث . ويقبل الكثير من الشباب على اقتناء هذا النوع من الدراجات ليس لانخفاض ثمنها،فحسب ، وإنما للتسهيلات الكافية التي توزعها الشركات أثناء الدفع وبأقساط مريحة.
الاحتقان الكبير 
وارتباطا بالموضوع ، سبق لمجلس المدينة أن أدرج في جدول أعماله خلال إحدى دوراته السابقة نقطة تتعلق بتنظيم السير والجولان في المدينة ، بل هناك من اقترح وسيلة الترامواي ، لكن مجلس المدينة  ولأسباب مجهولة لم يناقشها ، مع أن هذا المشروع حسب مستشارين اتحاديين بمجلس المدينة، طرح منذ عدة سنوات لكن دون أن يخرج إلى حيز الوجود ، والحقيقة أن الشوارع الرئيسية لمدينة  فاس أصبحت لا تستوعب العدد الضخم من الهياكل السيارة التي يتزايد عددها يوما بعد يوم، خاصة أوقات الذروة ، فيما ظلت خرائط المدينة بشوارعها وأزقتها على حالها ، وإذا أضفنا شراسة احتلال الملك العمومي من طرف بعض ملاك المقاهي و تقاعس السلطات في ردع وتحجيم طموح الباعة المتجولين في احتلالهم الشارع العام محولين إياه إلى ممرات يصعب شقها أمام العابرين ، عجز عناصر الشرطة المكلفة بالمرور عن ضبط العملية خاصة في أوقات الذروة وعند مفترقات الطرق الرئيسية .
معضلة اختناق المرور واندثار علامات التشوير الطرقي وأضواء المرور وانقراض المساحات الخضراء، لا تمس فقط الشوارع الرئيسية ، بل تستفحل بالعديد من الأحياء والمحاور الطرقية الدائرية والهامشية خاصة سيدي بوجيدة الذي احتلت مساحاته مقاهي سطت وتمددت على شوارع من الجانبين، مما جعل سكان هذه الأحياء الآهلة والشعبية يعبرون عن أسفهم الشديد لتباطؤ المسؤولين في الشروع في استعادة الملك العام وزجر أصحاب المقاهي وترصيف الطرق العام ونصب أضواء المرور في النقط الرئيسية ، وهو ما يعرقل في الكثير من الأحيان حركة المرور، ويساهم في حدوث حوادث سير تكون أحيانا قاتلة، الأمر الذي يستدعي تعميم الإشارات الضوئية وعلامات التشوير في العديد من المواقع ومواكبتها بالصيانة الاعتيادية، إضافة إلى تشذيب أغصان الأشجار التي تحجب الرؤية. 
ما جدوى نشر كاميرات للمراقبة
حسب وزير الداخلية السابق امحند العنصر وفي تصريح سابق « فإن اللجوء إلى كاميرات المراقبة في مختلف شوارع مدن المملكة، أصبح ضرورة ملحة يمليها الارتفاع «المهول» في معدل الجريمة ببلادنا، مضيفا أن الأرقام الرسمية ترسم واقعا قاتما بمعدل 19 جريمة لكل 1000 مواطن.  حيث تجمع كل المؤشرات والأخبار اليومية على وجود علاقة سببية بين ارتفاع معدلات الجريمة والاجراءات الأمنية الاحترازية المواكبة أو المستبقة لها، ما دفع الداخلية إلى الاستعانة بكاميرات المراقبة المتحركة والثابتة بحيث أن هذه «الأعين» الإلكترونية ستترصد على مدار الساعة ما يروج في شوارع المدن الكبرى للبلاد مثل  الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش، وهي المدينة الأكثر مراقبة بواسطة هذه الكاميرات، وحسب المديرية العامة للأمن الوطني فإن الأمر يتعلق ب»استراتيجية أمنية استباقية» تروم تعزيز الأمن في شوارع وملتقيات الطرق بالمدن المغربية، وفي محيط الفنادق والمركبات السياحية والتجارية ومحيط المؤسسات العمومية.
وترى مصادر أمنية، أن الاعتماد على كاميرات المراقبة بمفردها غير كاف لتقليص نسب الجرائم المسجلة في عدد من المدن المغربية، ورصد حوادث السير في العشرات من المدارات والملتقيات بالمدينة ، لكنها ، يضيف المصدر ذاته تبقى عاملا مساعدا بإمكانه الحد من تفشي الإجرام في المناطق التي تنصب فيها هذه الكاميرات ولو نسبيا، معتبرا أن الاعتماد على المراقبة التقنية في عدد من الشوارع، يعد استراتيجية استباقية لكنها غير فعالة ».
« لنغير سلوكنا » مجرد شعار
ويعتبر المغرب يوم 18 مارس كل سنة يوما وطنيا للسلامة الطرقية ، وقد خلد هذه السنة كسابقتها تحت شعار « لنغير سلوكنا « ، ورغم تنظيم مجموعة من التظاهرات وتنشيط عمليات حول السلامة الطرقية ، ورغم النداءات الموجهة إلى السلطات العمومية والمحلية ووسائل الإعلام وفعاليات المجتمع المدني قصد التعبئة والمساهمة في المجهودات المبذولة من اجل تكريس الوعي الجماعي بضرورة إحداث تغيير في سلوك السائقين ومستعملي الطرق ، ورغم إصدار توجيهات للمسؤولين المعنيين مباشرة من أجل فرض احترام قانون السير من طرف مختلف فئات مستعملي الطريق ، يمكن القول إننا مازلنا بعيدين كل البعد عن وقف النزيف على الطرق الذي يتسبب في عدد كبير من القتلى والجرحى و تشريد عدد من الأسر، ما يعني أن كل واحد منا أصبح معرضا لحوادث السير، فطرقنا أضحت مستنقعا للدماء وعائقا أمام تحقيق تطلعاتنا التنموية في المجالات الاقتصادية والسياحية .
المراهنة على الحلول الأحادية
في كل مرة ، فواجع بحافلات متقادمة ومتهالكة، وحمولات زائدة، وضحاياها بالمئات ، وجرحاها فاقوا الآلاف ، حتى أن الأمر هنا لا يرتبط بدق ناقوس الخطر فحسب، ولكن يشْعِلُ الضوءَ الأحمر. ويقترح رئيس المنتدى الجهوي للمبادرات البيئية مبادرات عديدة «لدينا خطة جاهزة منذ سنة 2004 جاءت نتيجة بَحْثٍ وتَقَصٍّ ودراسةٍ مُعَمَّقة، هي المتمثلة في الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية  التي رهنت الحل بتفعيل محاور سبعة في تكامل وتعبئة،هي:التنسيق التشريع التجهيز التكوين المراقبة التحسيس الإسعاف. كما يقترح لأجْرَأة الإستراتيجية وتفعيل محاورها السبعة التنصيص على إحداث لجنةٍ دائمة يرأسها من يرأس الحكومة، ولجنةٍ تقنية يرأسها وزير التجهيز والنقل، ولجانٍ جهوية يرأسها الولاة، تُعْنَى بالسهر على إعداد وتفعيل مخططات استعجالية مندمجة، إضافة إلى لجان السير المحلية.
فما الذي حدث؟ للأسف ، يضيف الرايس «دارت العجلة قليلا ثم تعثرت إن لم نقل توقفت، طغت الظرفية وسادت النظرة الأحادية ، ولم يبق من كل ذلك غيرُ اليوم الوطني الذي تتكرر فيه لاَزِمَةُ إلقاء التبعة على العنصر البشري والمراهنة على التربية والتحسيس تارةً، والمراقبة والزجر تارة أخرى. لكن ، للأسف لا اللجان الجهوية تجتمع، ولا لجان السير المحلية تحظى بالعناية اللازمة، فيُسْنَدُ تأطيرُها إلى كفاءاتٍ متخصصة، ويتم إمدادُها بالموارد البشرية والمادية لتضطلع بمسؤوليتها على النحو المنشود. يَنْضَافُ إلى ذلك غيابُ التنسيق بين الجماعات في مجال تنظيم السير والوقوف، والنقل والتنقل، وكأننا في أوطان، لا في وطن واحد، تتكاملُ فيه الجهود، و تُتَبَادَلُ فيه الخبرة.
انتظارات لا تقبل مزيداً من الانتظار
ويرى المتتبعون للشأن الطرقي بفاس في توصيات سابقة أن تصحيح وضعية سيارة الأجرة بتحيين القانون المنظم لها، لترقى إلى مستوى يتجاوز استعمال السيارات المتقادمة، ويتجاوب مع الحاجة المتزايدة إلى النقل المريح والتنقل المشترك مع المضي في اتجاه تعميم إحلال المراقبة الآلية محل المراقبة البشرية. وعلى صعيد آخر ، لا بد من تسريع الانتقال بالإسعاف إلى مستوى الإغاثة الفورية المجهزة بالمعدات والكفاءات الطبية (الإحصائيات تفيد بأن حوالي 40 % من ضحايا حوادث السير يمكن إنقاذهم إذا توفر التدخل الفوري والإغاثة السريعة) ثم إخضاع الفضاء الطرقي لإعادة تهيئة تستحضر المستجدات والاجتهادات الدولية، وتحتكم بالأساس لمعايير السلامة الطرقية.
كما أن إحداث مسالك خاصة للدراجات الهوائية والتحفيز على استعمالها ، وبرمجة الإكثار منها وإحداث خلية يقظة على مستوى كل لجنة جهوية أو محلية تُمَثَّلُ فيها الأطرافُ المعنية مباشرة بإشكالية السير ومعضلة الحوادث، تقارب خرجات المعاينة، ولقاءات التباحث، من شأنه أن يقوي هاجس رصد النقط السوداء ونقط التوتر، والتحري في أسباب الحوادث واقتراح الحلول والبدائل.
ومن الإيجابي جدا استلهام أنجح التجارب في تدبير النقل والتنقل بما يحقق الوقاية البيئية، ويضمن السلامة الطرقية، ويليق بالكرامة الإنسانية ، لأن الاقتناع الفعلي بجدوى التشاور والشراكة في تحقيق الحكامة الجيدة، وتعبيد المسار نحو جعلها واقعاً مَعِيشاً وممارسةً بنّاءة، ليس مُجَرَّدَ شعارٍ لِلاِستهلاك.
ويخلص المنتدى الجهوي للمبادرات في توصياته إلى أن مواجهة فواجع السير، والحد من مخلفاتها لا تتم بالمعالجة الظرفية ولا بالنظرة الأحادية، وإنما تقتضي الصدورَ عن رؤيةٍ شمولية، وتعبئةٍ متواصلة، وأن رهانَ السلامة الطرقية بمثابة جسر النجاة الذي يقوم على أعمدةٍ سبعة، إذا اختل واحدٌ منها أو أهمل تداعى الجسر وتهاوى.
فمتى نكف عن المراهنة على التربية لوحدها، وانتظار جيلها؟ والزجر لوحده وانتظار مفعوله؟ يتساءل المنتدى الجهوي للمبادرات بفاس ، داعيا إلى التعاطي مع الامور بالجدية اللازمة، حتى نحرر لتأمين السلامة الطرقية خالص الإرادات، ونُطْلِقُ لتحقيقها رائد المبادرات، وقاية من الكوارث، ودَرْءاً للمخاطر؟ »
لذلك، لا يسعنا اليوم ، إلا أن نردد مع الشاعر العربي أحمد مطر :
لمن نشكو مآسينا ؟ ومن يُصغي لشكوانا ويُجدينا ؟ أنشكو موتنا ذلاً لوالينا ؟ وهل موتٌ سيحيينا ؟!
قطيعٌ نحنُ .. والجزار راعينا ومنفيون ...... نمشي في أراضينا ونحملُ نعشنا قسرًا ... بأيدينا
ونُعربُ عن تعازينا ...... لنا .. فينا !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.