تشير تقارير متعددة إلى أن فيسبوك يفقد مستخدميه، وأن المراهقين في الولاياتالمتحدة يجدونه مملا، حتى أن أحد التقارير قارن الموقع بالمرض المعدي. ومثل هذه الاستطلاعات التي غالبا ما تكون مصحوبة بصورة لمدير شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ، وهو يبدو حزينا، تلتقطها الصحف على نطاق واسع، لكن فيسبوك يدحض ذلك بشدة. ولذا، عندما استخدم الباحثون في جامعة برينستون بيانات البحث الخاصة بشركة غوغل للتنبؤ بأن فيسبوك سوف يفقد 80 في المئة من مستخدميه في غضون ثلاث سنوات، ردت الشركة على ذلك بقوة. وقال محللو البيانات في شركة فيسبوك إنهم استخدموا نفس منهجية البحث للتنبؤ بأن تلك الجامعة سوف تفقد كل طلابها بحلول عام 2021، وأن العالم سوف يفقد كل ما فيه من هواء بحلول عام 2060 . وأضافوا: «كعلماء في مجال البيانات، نريد أن نقدم تذكرة مرحة بأن كل البحوث لا تُجرى بنفس المنهجية، وأن بعض طرق التحليل تؤدي إلى نتائج غير منطقية». ويعتقد نيت إليوت، المحلل التقني في مؤسسة فوريستر للبحوث إن المقارنة التي أجراها تقرير جامعة برنستون بين موقع فيسبوك والمرض المعدي أخطأت الهدف. وأضاف إليوت في تعليق نشره على مدونته: «إن أحد أعظم مواطن القوة لدى فيسبوك هو ممارسته الخاصة بإضافة خصائص ووظائف جديدة لموقعه الإلكتروني بانتظام، وهذا يضمن أنه يصيب بالعدوى مستخدمين جدد، ويتأكد من أن المستخدمين الموجودين لا يصبحون محصنين ضد مميزاته الساحرة». وأشار إليوت إلى البيانات الخاصة بشركة كومسكور لتكنولوجيا المعلومات، التي أظهرت أن 89 في المئة من الشباب الأمريكي الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 24 عاما استخدموا فيسبوك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013 . وأضاف: «تزعم شركة فيسبوك أن لديها مزيدا من المستخدمين الشباب أكثر من أي شبكة تواصل اجتماعي أخرى، وربما أكثر من أي مؤسسة إعلامية أخرى على وجه الأرض». جمهور أكبر سنا الحقيقة التي لن تثير الدهشة لدى أحد هي أن المراهقين لا يريدون أن يحصروا أنفسهم في نفس الفضاء الرقمي مع آبائهم. لكن هناك استطلاعات سيجد فيسبوك صعوبة في مواجهتها. إذ تقول المؤسسة الرقمية «آيستراتيجي لابس» إنها استخدمت بيانات فيسبوك الخاصة بالدعاية للتوصل إلى أن ثلاثة ملايين من المراهقين في الولاياتالمتحدة غادروا موقع فيسبوك في السنوات الثلاث الماضية. وهو الأمر الذي يجد صدى أيضا في البحث الذي أجراه مركز بيو لأبحاث الإنترنت، والذي ذكر أن المراهقين في الولاياتالمتحدة يتركون موقع فيسبوك بسبب آبائهم. والحقيقة التي لن تثير الدهشة لدى أحد هي أن المراهقين لا يريدون أن يحصروا أنفسهم في نفس الفضاء الرقمي مع آبائهم. فقد يسبب الآباء الإحراج للأبناء على صفحات الفيسبوك، فهم ينشرون صور أبنائهم ويجدون الأمر مبهجا، لكن الأبناء لا ينظرون إلى الأمر كذلك. كما أن الوالدين يضيفون نصائح غير مناسبة على صفحات أبنائهم، وغالبا ما يفشلون في فهم قواعد الذوق الأساسية للخطاب مع أبنائهم عبر الإنترنت. لكن في الوقت الذي انتهى فيه تقرير مركز بيو إلى أن عدد المراهقين الأمريكيين على موقع فيسبوك تراجع بنسبة 25 في المئة، أشار التقرير إلى أن هناك زيادة في عدد المستخدمين الذين تبلغ أعمارهم 55 عاما فأكثر بنسبة 80 في المئة. فهل معنى ذلك أنه كلما تقدم العمر بموقع فيسبوك، زاد عمر الجمهور الأساسي الذي يستخدمه؟ وقالت إدين زولر من مؤسسة أوفيوم لمعلومات الإنترنت: «لقد تغيرت التركيبة الديموغرافية، وهذا شيء إيجابي عندما يتعلق الأمر بإيرادات الإعلانات. فهؤلاء المستخدمون من كبار السن لديهم قدرة شرائية أكثر من الشباب الصغير». لكنها أضافت أيضا أن فيسبوك لا يستطيع أن يظل يشعر بالرضا بشأن وضع أعضائه من الشباب، لأنهم لو أمكن اقناعهم بالبقاء على شبكة التواصل الاجتماعي تلك، فإنهم سيصبحون هم من ينفق أمواله غدا. هدية عيد الميلاد أصبح موقع فيسبوك الرواية الرقمية لحياة الناس. لكن ليس من المحتمل أن تحرم التكهنات بشأن استطاعة فيسبوك الحفاظ على جمهوره وجاذبيته زوكربيرغ من النوم في الفترة القريبة القادمة، وخاصة بعد أن تلقى الرجل هدية عيد ميلاده المبكرة الأسبوع الماضي في شكل نتائج قياسية جديدة حصل عليها موقع فيسبوك. فقد أصبح لدى موقعه الآن، الذي بدأه في غرفته الدراسية بجامعة هارفارد، 1.23 مليار مستخدم نشط. وقفزت إيرادات الشركة بنسبة 55 في المئة لتصل قيمتها إلى سبعة مليارات و87 مليون دولار في عام 2013، وذلك في الوقت الذي تضاعفت فيه الأرباح إلى سبعة أضعاف، ليصل الربح السنوي الإجمالي للشركة إلى 1.5 مليار جنيه استرليني. وفي الوقت الذي يخطط فيه فيسبوك للمزيد من الدعاية عبر الهواتف المحمولة، تحتاج الشركة إلى تحسين عملها في ذلك المجال إذا أرادت أن تحقق نتائج جيدة، كما تقول زولر. وأضافت زولر: «إعلانات الهواتف المحمولة يمكن أن تعد تطفلا بشكل لا يصدق، إلا إذا كانت موجهة بطريقة فعالة جدا». الفضول البشري ومن بين كل الاستطلاعات التي تتكهن بشأن مستقبل فيسبوك، لا توجد تحليلات كافية بشأن السبب الذي يدعو الناس لمواصلة استخدامه. لكن مدير التواصل بشركة فيسبوك، ومحرر قسم التكنولوجيا سابقا في بي بي سي إيان ماكينزي لخص في رسالة حديثة على صفحته على فيسبوك، ما يعتقد أنه سبب مواصلة الناس استخدام الموقع. إذ يقول ماكينزي: «الناس اليوم يشاركون الآخرين ميلاد أول طفل لهم، وأخبار زفافهم، وارتباطهم، وانفصالهم، وحدادهم، ويقولون شيئا سخيفا في بعض الأحيان، ويقولون شيئا عميقا في أحيان أخرى، ويقرون أحيانا أن الحياة أصبحت صعبة جدا بالنسبة لهم، أو أنهم أعيدوا للحياة من على حافة الهاوية عن طريق أحد الأصدقاء، أو شخص غريب، وأنهم وجدوا وظيفة جديدة، أو أنهم خسروا وظيفتهم بسبب رسالة نشرت على فيسبوك، وأنهم تعلموا شيئا يمكن أن ينقذ حياتهم يوما ما، وأنهم عثروا على أغنيتهم المفضلة، وضغطوا على زر الإعجاب على صورة قطة ما، كل ذلك على فيسبوك». وسواء أحببنا ذلك أم لا، أصبح موقع فيسبوك الرواية الرقمية لحياة الناس، وسيظل من الضروري قراءتها بالنسبة لكثيرين.