سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حسن حرمة الله، المشرف العام على فريق الرجاء البيضاوي في حوار مع «الاتحاد الاشتراكي»: غياب إدارة تقنية وإشراف الأجانب على المنتخبات سبب تراجع الكرة الوطنية
في حواره مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، استعرض حسن حرمة الله، المشرف العام على فريق الرجاء البيضاوي، أهم الخطوات التي اختار الانطلاق منها بعد تعاقده مع الفريق، ومن بينها الإشراف على تكوين مدربين في المستوى، ولاعبين متميزين قادرين على تقديم الإضافة للنسور مستقبلا، كما تحدت حرمة الله عن الواقع الذي تعيشه الكرة الوطنية، وحدد الأسباب الرئيسية التي كانت وراء تراجع مستوى الكرة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، حيث لخصها في غياب الإدارة التقنية وتواضع عمل بعض المدربين وخاصة الاجانب. { كيف هي ظروف العمل رفقة الرجاء البيضاوي؟ الحمد لله ظروف العمل مع الرجاء تمر بشكل جيد، قضيت حتى الآن رفقة الفريق سنة و نصف تقريبا، فخلال المرحلة الأولى من العمل ركزت على فهم وضعية الرجاء، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الاهتمام باختيار المؤطرين الجيدين و تحديد الطريقة التي سأعتمدها خلال فترة تواجدي بالنادي، و كانت البداية السنة الماضية بإعطاء دروس نظرية وتطبيقية لمجموعة من المدربين بالفريق، و تم اختيار مجموعة من المدربين الذين يتوفرون على الكفاءة و الطموح و الرغبة في استيعاب الطريقة التي أعمل بها وهم الآن يشرفون على تدريب جميع الفئات العمرية. و أعمل بشكل يومي مع هؤلاء المدربين من خلال دروس نظرية و تطبيقية في الملعب، حيث نحاول من خلال هذا البرنامج تمرير هذه الدروس للاعبين الناشئين، وخاصة الفلسفة الكروية التي تعرف بها الرجاء التي تعتمد على الفرجة والتحكم في الكرة و السيطرة على الخصم. { ما هي أهم الأشياء التي ركزت عليها مند توليك مهمة المشرف العام داخل فريق الرجاء البيضاوي ؟ من أهم الأشياء التي ركزت عليها في عملي داخل الرجاء، أولا تغيير طريقة العمل المعتمدة داخل النادي، واعتماد الشفافية الواضحة مع الآباء و المدربين بالإضافة إلى المسيرين.. فبعد مجيئي إلى الرجاء عملت على تغيير طريقة اختيار اللاعبين، حيث كانت مهمة الاختيار توكل إلى مؤطر واحد، و كان هذا الأخير يتعرض لضغط كبير من طرف بعض الآباء الذين يحاولون رشوة هذا المؤطر أو الدفع بشخص آخر لتأثير عليه من أجل اختيار لاعب ما، مما جعلني اعتمد على استراتيجية خاصة تتمثل في اختيار لاعبين بإشراف 14 مدربا في الوقت نفسه، والشيء الجديد كذلك هو أن مدرب الفئة لا يشرف على الاختيار في الفئة التي يدربهاو و ذلك تجنبا لضغط الآباء على هذا المدرب، و يكون هناك اختبار ثاني للاعبين خلال شهر دجنبر من طرف 14 مدربا تتم فيه مراقبة الجانب البدني و التكتيكي والمهاري لهؤلاء اللاعبين، ثم نحدد ترتيب اللاعبين في كل مركز وأضيف، كذلك، بأن للآباء الحق في حضور هذا الاختبار، واستفساري على التنقيط وترتيب أبنائهم الحقيقي، وقد أراح هذا الأمر كل مكونات البيت الرجاوي. { ما الذي تمكنتم من تحقيقه ضمن البرنامج المتفق عليه مع إدارة النادي ؟ بالإضافة إلى ما قلته سابقا بخصوص الإشراف على اختيار المدربين و اللاعبين، أضيف كذلك ما يسمى بالكرة الترفيهية، أي أن اللاعبين الذين لم يتمكنوا من تجاوز الاختبارات لهم الفرصة في الاستمرار في التدرب رفقة الفريق، شريطة دفع 250 درهما في الشهر، و ذلك من أجل تحسين مستواهم التقني و البدني، ثم تمكينهم من دخول الاختبار شهر دجنبر للالتحاق بالفئات المشاركة في البطولة، و من يفشل في هذا الاختبار فإننا نمنحه فرصة ثانية خلال شهر ماي، والناجحون يتم إعفاؤهم من أداء الواجب الشهري، وانطلاقا من ذلك فلا يمكن للاعب لا يتوفر على الشروط المطلوبة اللعب ضمن الفئات الصغرى و حتى إن كانت له علاقة مثلا بحسن حرمة الله أو الرئيس أو بأي عضو من المكتب . { بالنسبة للمستقبل، ما هي أهم الأوراش التي ستعملون على إنجازها ؟ العقد الذي يربطني بالرجاء يمتد لأربع سنوات، وهي المدة التي نحتاجها لإنجاز البرنامج الذي ذكرته سالفا، بالإضافة إلى تطوير عقلية الفئات الصغرى والرفع من المستوى التقني، و أيضا البدني للاعبي مدرسة الرجاء، و ذلك بتوعيتهم بضرورة الاهتمام بالجانب الصحي و البدني و كسب الكفاءة التي تسمح لهم في المستقبل من ارتداء قميص الفريق الأول، لذلك فالهدف الرئيسي الذي نعمل عليه داخل الرجاء البيضاوي هو عدم اللجوء إلى شراء لاعبين في المستقبل و الاكتفاء باللاعبين الممتازين المكونين بمدرسة الفريق، لأن فريق الرجاء هو الذي عليه بيع اللاعبين لا شراءهم . { هل أنت مكلف فقط بالسياسة الرياضية المتعلقة بتكوين اللاعبين و المدربين، أم لك مهام أخرى داخل الفريق كمساعدة أو متابعة عمل الطاقم التقني للفريق الأول ؟ حاليا جلست مع السيد فوزي البنزرتي، و قدمت له لائحة تضم أسماء اللاعبين في الفريق الرديف (الأمل) و الذين أثاروا إعجابه، و عبر عن ثقته الكبيرة بإمكانياتهم التقنية و البدنية مما جعله يضمهم للتدرب إلى جانب لاعبي الفريق الأول، و هذا يعني أن هناك علاقة مع البنزرتي من خلال تعريفة باللاعبين الجيدين و بفلسفة الرجاء التي اعتمدت في البداية على جلب لاعبين مجربين حينما كان أمحمد فاخر مدربا للرجاء، حيث سنعمل على دمج عناصر الفريق الرديف باللاعبين الذين يتوفرون على التجربة حتى يتسنى لهم الانصهار مع التشكيل الأول مستقبلا. { لنتحدث عن حال الكرة الوطنية، ما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت الكرة الوطنية تعيش هذا التراجع ؟ أعتقد أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو غياب الإدارة التقنية الوطنية، ففي تاريخ الكرة الوطنية لم تعرف الإدارة التقنية استقرارا، فدائما ما تكون هناك إما لجنة فنية مؤقتة أو لجنتين، لكن السبب الحقيقي الذي أدى إلى هذه النكسة كان بسبب غياب التنسيق خلال المرحلة السابقة التي عمل فيها الثلاثي ايريك كيريس الذي له عقلية بلجيكية، والفرنسي جون بيير مورلان المسؤول عن التكوين صاحب العقلية الفرنسية، وأخيرا الهولندي بيم فيربيك الذي لازال يمارس مهامه كمسؤول عن المنتخبات والذي له فلسفة و عقلية هولندية، مما أدى إلى غياب الاتصال بينهم بسبب اختلاف الرؤى والعقلية، و نظرا لغياب المدير التقني الذي يمكنه التنسيق بينهم، حيث اختار كل واحد منهم القيام بعمله بطريقته الخاصة دون رقابة من المدير التقني الذي كان سيعمل على توجيه عمل كل واحد منهم. { هل العيب موجود في طريقة العمل التي نهجها هذا الثلاثي ؟ بالتأكيد ، فمثلا السيد بيم فيربيك يعيش في هولندا و لا يحضر مباريات المنتخبات و البطولة الوطنية، أو حتى مباريات منتخبات الفئات الصغرى، و يكتفي فقط بمشاهدة المباريات عبر شاشة التلفزة أو مشاهدة بعض اللاعبين من أصول مغربية بواسطة الانترنيت ثم يعود للمغرب ليقدم هؤلاء اللاعبين للجامعة، بينما لا يتابع اللاعب المحلي و بالتالي يحرمه من فرصة الانضمام إلى المنتخبات الوطنية، أما بالنسبة للسيد مورلان فلم تكن له علاقة بالمدربين المغاربة، كما أنه لم يكن لوحده مكلفا بالتكوين، بل شاركه في ذلك كل من حسن اللوداري وعبد الحي الميني اللذين أشرفا على تكوين المدربين. { إذا ما هي أهم الأشياء التي لم يتم الاعتماد عليها، والتي كانت ستدفع بالكرة الوطنية إلى الأمام؟ أهم الأشياء التي غابت عن الكرة الوطنية هي عدم الاعتماد على برنامج حقيقي من طرف الإدارة التقنية، التي لم تضبط إدارتها التقنية لجميع المناطق، و لوحظ كذلك غياب بنك للمعلومات يمكن المدربين المكلفين بالمنتخبات من المعلومات الضرورية قبل مواجهة الخصوم، بالإضافة إلى غياب فرع مكلف بالعلم المطبق في كرة القدم الحديثة و الذي يعمل على تبليغ الإدارة التقنية بالمعلومات الفيزيولوجية و البيوميكانيكية التي تسهل عمل المدرب ، إذا فمن المستحيل أن تتطور الكرة الوطنية، و بالتالي التوفر على منتخبات قوية، إن استمر غياب إدارة تقنية، و عدم توحيد الرؤى داخل الجامعة، وعدم اعتماد فلسفة علمية منظمة للعبة. { هل من الممكن أن تشغل منصب المشرف العام على الكرة الوطنية مستقبلا، خاصة أنك أسهمت بشكل كبير في تطور العديد من الأندية و المنتخبات الخليجية ؟ شكرا على هذه الفكرة، لكن أنت تعلم أن مثل هذه الأشياء ليست بيدي بل هي من اختصاص أصحاب القرار و المسؤولين عن الكرة الوطنية. { من خلال تجربتك الطويلة في الخليج و مساهمتك في تطوير العديد من منتخباته و أنديته، في اعتقادك ما هي الحلقة المفقودة في الكرة الوطنية؟ بالإضافة إلى ما قلته سابقا، فالتنسيق و توحيد الرؤى هي أمور مفقودة في الكرة الوطنية، بينما هي موجود ة بشكل واضح و ملموس في الخليج خاصة في قطر و الإمارات و السعودية، فمثلا المستوى الجيد للمنتخب الأول للإمارات حاليا و الذي يشرف عليه المدرب مهدي علي، هو نتيجة البرنامج الذي أشرفت عليه عام 2000، حيث عملت على تكوين لاعبي هذا المنتخب حينما كانت معدلات أعمارهم ما بين 14 و15 سنة، بالإضافة إلى تكوين المدرب مهدي علي حينما كان معي بنادي الأهلي الإماراتي، و أدى الحفاظ على نفس المجموعة و نفس المدرب حتى وصولهم إلى المنتخب الأول إلى تحقيق نتائج إيجابية، كالتأهل لكأس العالم للشباب و الألعاب الاولمبية بلندن وأخيرا الفوز بكأس الخليج ، إذا فالحلقة المفقودة خاصة على مستوى العمل داخل المنتخبات الوطنية هي غياب الاستمرارية و برنامج احترافي على المدى البعيد.