خلفت تصريحات النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية و«فقيه» حركة التوحيد والإصلاح ،المقرئ أبو زيد الإدريسي ، عن أمازيغ سوس في محاضرة له بالسعودية، موجة من ردود الأفعال على المواقع التواصل الاجتماعية، متهمة إياه ب «الحقد والعنصرية» تجاه المكون الأمازيغي بالمغرب. هذه المحاضرة، التي أدرجها أبوزيد على صفحته بالفيس بوك، كما أن موقع العدالة والتنمية أدرج نفس المحاضرة تحت اسم «« كلمة ابو زيد المقرئ الادريسي مسؤول قسم التكوين بحزب العدالة والتنمية خلال انعقاد الملتقى العاشر للإبداع الاسري» «ونقلتها قناة «الرسالة» الفضائية، اعتبرها أحمد عصيد،الباحث في الثقافة الامازيغية، «ظاهرة أصبحت تستفحل وتتمثل في قيام بعض وجوه الاسلام السياسي بالمغرب، بإصدار تصريحات لا مسؤولة لدى دول الخليج عوض أن يقدموا عن بلدهم صورة مشرفة أو على الاقل قريبة الى الواقع. فما قام به أبوزيد هو سلوك يفتقد الى الحكمة لأن قصده هو أن يقدم نفسه لعرب الخليج، كما لو أنه واحد منهم وأن يتنصل من مغربيته، وهو يتحدث عن عرق معين، كما لو أنه متأكد من عرقه ، وأنه من أولئك الذين يؤمنون بالشجرات الوهمية التي يعتقد بموجبها بأنه أفضل من غيره من المغاربة . وما ينبغي التذكير به في هذا الشأن، أمران اثنان: الأول، أن الحديث عن الأعراق والأصول بالمغرب، أمر يفتقد الى أية مصداقية لأنه لايطابق تاريخ بلدنا، حيث المغاربة شعب موحد، اندمجت مختلف عناصره وتمازجت، فرغم دفاعنا عن الامازيغية لغة وثقافة لم يسبق لنا أن تحدثنا عن عرق خالص، والمسألة التي ينبغي توضيحها ، هي أن هذا الشخص الذي تحدث مثل شخص غير متعلم ، يجعل صورة البقال السوسي في الوجدان الجماعي ، إنما منشأها سياق تاريخي معين يرجع الى سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث كان هذا البقال يهاجر بمفرده من البادية ويعيش بمفرده في الوسط الحضري ومهمته إعالة أسرته الموجودة بعيدا عنه، فهو ليس بخيلا لكنه يجمع المال لإنفاقه في موطنه الاصلي، والدليل على ذلك أن هذه الصورة تغيرت وانقلبت رأسا على عقب في الجيل الثاني والثالث من التجار، والذين سيستقرون بالوسط الحضري مع عائلاتهم، حيث ينفقون كل مالهم على هذه العائلات، مما أدى الى اختفاء صورة البقال البخيل. وهذا يدل على أن هذه الصورة في الحقيقة لم تكن مطابقة للواقع . وختاما، أذكر بأنه قبل المقرئ أبوزيد ، سبق لأحمد الريسوني، أن صرح بدولة قطر ، بأن الحركة الامازيغية ستحدث بالمغرب مثلما حدث بين «التوتسي والهوتو» برواندا ، دون أن يرف له جفن ، وهو يعاين المذابح البشعة التي ترتكب باسم الجهاد والاسلام في عدد كبير من البلدان، فهو يتحدث عن فتنة افتراضية متناسيا الفتنة الواقعية. وأدعو هؤلاء الى العودة الى رشدهم، وإعطاء الاولوية للانتماء الى بلدهم المغرب ، كما أذكرهم بأن من يبيع وطنيته بالمال الخليجي والبترودولار ، ينتهي إلى فقدان كرامته». في حين صرح محمد ظريف ، الباحث في الحركات الاسلامية، «أن يصدر مثل هذا القول عن شخص يعتبر نفسه من قيادات الحركة الاسلامية بالمغرب، حتى ولو كان الامر تلميحا، يستدعي نوعا من الاستغراب لأنه لو كان الامر يتعلق بشخص شوفيني، لايلعب على التناقضات الإثنية لفُهِِم الامر، لكن أن يصدر عن شخص ينتمي الى الحركة الاسلامية، ومعلوم أن هذه الحركة ظلت باستمرار تقزم نفسها باعتبارها تتجاوز الاثنيات والاعراق.، فهذا أمر يثير الاستغراب. مصدر الاستغراب أيضا، أن هذا الشخص الذي ينتمي الى الحركة الاسلامية، التي ظلت باستمرار تدعو الى تجاوز الموروث خاصة في جوانبه السلبية، وهو الآن بمثل هذا القول، وإن كان تلميحا، يعيد انتاج نظرة سلبية كرسها الاستعمار الفرنسي في التمييز بين العرب والأمازيغ. وكان بالأحرى أن ينظر الى المسألة من زاويتها الايجابية، باعتبار أن ماكان يقال عن الامازيغ لا علاقة له بالبخل ، وإنما كان يرمز الى حسن التدبير. وأكيد أن أصواتا إسلامية ستعلق على الامر بكون ماقاله هذا الشخص لايعبر عن موقف الحركة الاسلامية، وإنما عن رأي شخصي. ولو أن السؤال سيظل مطروحا: أين تلتقي المواقف الشخصية لشخص من الحركة الاسلامية يعتبر نفسه من قياداتها». أما منعم أوحتي، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، «أحيانا حين تغادر أقدام البعض تراب الوطن يغادرهم الشعور بالوطن، خصوصا إذا كان الدفء الخارجي من طينة البترودولار. إن أحد مكامن غنى الفسيفساء التكويني للمجتمع المغربي، هو هذا التنوع الحضاري الذي امتزج فيه الامازيغي بالعربي والافريقي بالاروبي..، ويجب أن لانسمح لأي كان وتحت أي لبوس ديني كان، أن يستصغر أي عمق ثقافي من مكونات الشعب المغربي، فبالاحرى التطاول على العمق الامازيغي الأصيل والكريم جدا جدا. إن التبجج بامتلاك هوية إنسانية هلامية، لا وطن لها، يسقط البعض في تبخيس المكونات الحضارية للوطن». وفي سياق آخر، قررت مجموعة من الجمعيات الامازيغية متابعة المقرئ ابو زيد الادريسي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بتهمة القذف وممارسة العنصرية ضد الامازيغ، وذلك على خلفية ما تفوه به خلال محاضرته حول «هويتنا وأثر منطلقها على الواقع».. كما قرر المشتكون رفع دعوى قضائية أخرى ضد حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه المقرئ ابو زيد، وذلك بعد قيامه بنشر فيديو المحاضرة على موقع الحزب الالكتروني.. وقد صدرت عن ابو زيد الادريسي، عبارات حاطة ومهينة في حق المغاربة ابناء سوس حيث وصفهم بالبخل، ومضى في التندر بهم.. وجاء في كلام ابو زيد أن في المغرب «تجارا معروفين بنوع من البخل وينتمون إلى عرق معين، لن أقوله حتى لا أتهم بالعنصرية في المغرب» . وقد استنكر المئات من الفايسبوكيين تصرف المقرئ أبو زيد الإدريسي، معتبرينه سخرية من الهوية الأمازيغية المغربية، مؤكدين على أن هذا يشوه صورة المغرب في الخارج، كما اتهم بعضهم السياسي الإسلامي عن الحزب الحاكم بالعنصرية تجاه السكان الأصليين للمغرب، معربين عن أسفهم مما صدر عن ممثل للأمة من المفروض أن يكون أول من يدافع عن عاداتها وتقاليدها. سعد الدين العثماني يستنكر تصريحات المقرئ أبو زيد توصل الزميل لحسن العسبي برسالة جوابية من الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس حزب العدالة والتنمية، يخبره فيها بموقفه الرافض لكلام المقرئ أبوزيد، كما نشره على موقعه على تويتر. تقول رسالته الجوابية: «سعدت برسالتك وقد كتبت على التويتر ما يلي: كاتبني الصديق الحسن العسبي حول ماقاله الأستاذ أبو زيد حول الأمازيغ، لا يمكنني إلا أن أعبر عن رفضي صراحة لكلامه وخصوصا أني معتز بأمازيغيتي وسوسيتي».