إلى زمن قريب كان صيد وبيع سمك الشابل النهري يتيح المئات من فرص العمل للصيادين والباعة على طول نهر أم الربيع ونهر سبو، مع تميز هذا الأخير بنوع آخر من السمك في القنيطرة خاصة ، ويتعلق الأمر بصغار سمك النونl›angulas ، المعروف لدى العامة بأولاد النون. وكان الشابل وأولاد النون من سمك النهر الأكثر تفضيلا لدى زوار الجديدةوالقنيطرة، وبذلك كانت هذه الأسماك من شابل وصغار النون وأصناف أخرى أقل شهرة، تمثل ثروة وطنية هامة، وخصوصية مميزة لمناطقها المذكورة. ومنذ أواخر السبعينيات بدأت كميات هذه الأسماك تتناقص إلى أن أصبحت اليوم قاب قوسين من الانقراض، ربما للتلوث الذي لحق بمياه أم الربيع وسبو، وربما تكون هناك أسباب أخرى إلى جانب التلوث، وفي كل الأحوال فإن بلادنا افتقدت، وقد تفتقد إلى الأبد، موروثا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا أيضا، بوقوف هذه الثروة السمكية على حافة الانقراض، ذلك أن سمك الشابل وصغار النون على امتداد نهري سبو وأم الربيع وخاصة في القنيطرة وأزمور كانت ترتبط بتقاليد وعادات حميدة كانت لها مواعيد ومواسم أصبحت اليوم في خبر كان، أو تكاد، أمام استغراب المواطنين، وخاصة سكان المناطق المشار إليها وعشاق تلك الأسماك والعاملين عليها.. استغراب من الصمت الرهيب الذي يخيم على الموضوع سواء من طرف المسؤولين بوزارة الفلاحة والصيد البحري، أو وزارة السياحة، لعلاقة هذه الثروة بالحركة السياحية الداخلية والخارجية، أو وزارة الثقافة على اعتبار أن الأمر يتعلق بموروث حضاري في الثقافة الشعبية لمجتمعنا المغربي، والأغرب أن يكون الصمت حتى من طرف الإعلام والمثقفين وجمعيات المجتمع المدني وممثلي الأمة في مجلسي البرلمان. إن الجميع مطالب اليوم، إن لم يكن الوقت قد فات، للإجابة عن أسئلة عميقة من قبيل: أين الشابل وصغار النون؟ كيف لنا أن نعيد الحياة لأنهارنا العظيمة؟ كيف لنا أن نسترجع هذه الأسماك ونحيي معها عادات وتقاليد اجتماعية تمثل جزءا من تقاليدنا الاجتماعية الثقافية الحضارية العامة كمكون من مكونات هويتنا المغربية الأصيلة؟