تهديدات شركة النقل الحضري بخنيفرة «كرامة باس» بالتوقف عن تقديم خدماتها بمناطق خارج محيط المدينة، لم تمر كأي تهديدات روتينية وهي تستنفر السلطات الإقليمية والمجلس الإقليمي، نظرا ما لذلك من انعكاسات سلبية على الاستقرار الأمني والاجتماعي من خلال استحضار ما حدث من احتجاجات شعبية سابقة بأجلموس وآيت إسحاق والقباب وغيرها، حيث فاجأت الشركة المذكورة المجلس الإقليمي بمراسلة تمهله فيها 15 يوما كمدة للتفكير في القبول بمطالبها وإلا ستتوقف عن استغلال خطوط النقل الجماعي المخولة لها ضمن دفتر التحملات بدعوى تعرضها لأزمة مالية، الأمر الذي حمل لجان المجلس إلى عقد اجتماع طارئ، يوم الخميس 28 نونبر الماضي، تدارست من خلاله مختلف السبل الممكنة للحيلولة دون سحب الشركة لأسطولها، وأسفر الاجتماع عن عدة مقترحات تم رفعها للمجلس الإقليمي بغاية دراستها في دورة استثنائية، في حين تمت مطالبة مصالح القسم الإقليمي للجماعات المحلية بإعداد مشروع ملحق للاتفاقية المبرمة مع الشركة. وحسب تقرير لجان المجلس الإقليمي، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، قدم نائب رئيس القسم الإقليمي للجماعات المحلية معطيات عامة حول الاتفاقية المبرمة مع الشركة المذكورة والظروف التي طبعت المرحلة الأولى من الاستغلال، بالقول إنها «اتسمت بعدم احترام عدد الرحلات المنصوص عليها في العقد نتيجة ظروف الاحتجاجات التي عاشها قطاع سيارات الأجرة ضد منافستها الجديدة»، حيث تم احتواء الأزمة آنذاك من طرف السلطة الإقليمية عن طريق توقيعها مع الشركة على محضر اتفاق في ظرفية ميزها حراك شعبي واحتقان على الطرقات للمطالبة بتوسيع خطوط الشركة التي نزلت بتعريفة مناسبة لطاقة المواطنين، حيث استفادت الشركة من رحلات وخطوط إضافية، ثم عادت إلى التقدم بطلب الوصول إلى جماعات أخرى، مثل «سيدي يحيى وسعد» و»حد بوحسوسن»، على أساس أن الشركة باتت تعاني عجزا ماليا فادحا، في الوقت الذي لم يتوقف فيه مهنيو النقل وأرباب سيارات الأجرة من التشكي بالضرر الذي لحقهم. وبحثا عن توازن بين جميع المتدخلين في قطاع النقل العمومي، تم الخروج بعدة مقترحات التي من جملتها ضرورة العمل على تفعيل آليات المراقبة والتتبع التي ينص عليها العقد، مع إشراك الجماعات الترابية المستفيدة من خدمات النقل العمومي بالحافلات، ثم دعوة شركة «كرامة باس» لاحترام التزاماتها وأداء المتأخرات المتراكمة عليها، مع استمرار الحوار مع مسؤوليها بهدف تجاوز المشاكل المطروحة، وبحث سبل تأمين النقل بالخطوط التي تستغلها، فضلا عن تدارس البدائل الممكنة مع مختلف المهنيين الآخرين في حال إصرار الشركة المذكورة على التوقف عن استغلال الخطوط المخولة لها، ويتخوف السكان والموظفون والعاملون وغيرهم من من العودة إلى نقطة الصفر، بعد أن ابتهجوا وارتاحوا لدخول «الطوبيسات» إلى طرقات إقليمهم. المجلس الإقليمي حمل ملف الأزمة إلى دورته الاستثنائية المنعقدة بمقر عمالة الإقليم، يوم الخميس 12 دجنبر 2013، حيث تم تشكيل لجنة التتبع المنصوص عليها في عقد تفويض تدبير قطاع النقل العمومي عبر الحافلات بين جماعات الإقليم، ومراجعة عقد التدبير المفوض للنقل العمومي الجماعي المبرم مع شركة «كرامة باس»، وقد افتتح الاجتماع بكلمة لرئيس المجلس الاقليمي، م. أحمد الناصري، ذكر فيها بتفاصيل ملف الموضوع ومدى استحضار مجلسه للمصلحة العامة في هذا الشأن، وحفظ التوازنات والحقوق والواجبات في إطار لا ضرر ولا ضرار بين مختلف المعنيين بقطاع النقل العمومي والجماعي، كما لم تفته الإشارة إلى لقاء تواصلي عقدته رئاسة هذا المجلس مع عدد من مراسلي المنابر الإعلامية نظرا ما للصحافة من تأثير على مجريات الأحداث، في حين توقف عند لقاءاته بمسؤولي شركة «كرامة باس» واتصالات عامل الإقليم بهم من أجل استئناف الشركة لخدماتها بالخطوط المخولة لها، كما أشار رئيس المجلس لمضامين اجتماع جمعه برئيس جمعية مستغلي سيارات الأجرة. ونظرا لضم لجنة التتبع والمراقبة لممثلين عن شركة «كرامة باس» والنقل المزدوج، عبَّر الملاحظون عن تخوفهم من فشل هذه اللجنة بسبب الخلافات الحادة القائمة بين الطرفين المتنازعين، ولعل هذه الخلافات برزت من خلال تدخل أحد أرباب النقل المزدوج الذي هاجم فيه الشركة بعدة اتهامات وألفاظ عنيفة، بينما احتج رئيس غرفة التجارة والصناعة على تغييب غرفته من النقاش الدائر ولوَّح بالانسحاب من الاجتماع، في حين جاءت تدخلات أخرى بالدعوة إلى تدبير ناجع للمشكل، وكيف أن خدمة «الطوبيسات» احتوت الكثير من معاناة المواطنين وقلصت المسافات بين الأحياء والجماعات بسعر زهيد. ولم يجد بعض المتدخلين أدنى حرج في مقارنة بعض المدن المغربية التي تطالب بالمزيد من حافلات النقل الحضري بموقف بعض الأطراف بإقليم خنيفرة التي تسعى جاهدة إلى طرد هذا النوع من النقل من طرقات الإقليم، وهو ما زكاه أحد المنتخبين الذي دعا إلى ضرورة تشجيع قطاع «الطوبيسات» الذي ساهم كثيرا في حل مجموعة من المشاكل، وارتاح له المواطنون الذين لن يتخلفوا عن الزحف الاحتجاجي في حال توقف الشركة عن خدماتها، بينما لم يفت أحد المتدخلين مهاجمة سيارات الأجرة وأرباب النقل المزدوج الذين «ينهجون المضاربات ويستغلون الفرص» في ظروف معيشية واجتماعية صعبة. عامل الإقليم، محمد علي وقسو، لم يخالف توجهات غالبية الحاضرين في الدورة الاستثنائية، وبينما ركز على ضرورة الاتصال بالإدارة العامة لشركة «كرامة باس» من أجل استئناف رحلاتها، دعا إلى فتح تحقيق في ما اذا كانت هذه الشركة تشكو من عجز مالي كما تدعي، وعبر عن امتعاضه العميق إزاء مشاهد تلاميذ صغار يرتعشون من شدة البرد ويشيرون ب «الأوطوسطوب» على قارعة الطرق، في الوقت الذي طورت فيه بعض المدن المغربية وسائلها إلى نحو «الترامواي»، كما لم تفته الإشارة إلى الظروف والوقائع التي تشجع على استفحال ظاهرة النقل السري بحكم فراغ المناطق المعزولة من وسائل النقل، وبينما وجه انتقاده الحاد الى أرباب «الطاكسيات» الذين يستغلون المناسبات وأوقات الذروة والليل للتلاعب في أسعار الرحلات، دعا شركة «الطوبيسات» إلى الكف عن استعمال «الشونطاج» وتحريض السكان للاحتجاج بهدف الضغط على الجهات المسؤولة.